وزير المالية يناقش مع رئيس صندوق النقد العربى سبل تعزيز التعاون المشترك
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
قال الدكتور محمد معيط وزير المالية ، إننا نتطلع إلى زيادة حجم التجارة البينية بين الدول العربية؛ على نحو يسهم فى تعميق مسارات التعاون؛ لتجنب حدة الصدمات الداخلية والخارجية، لافتًا إلى المسيرة التنموية فى مصر، وأبرز النجاحات التى تحققت سواءً على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، أو تطوير البنية التحتية للدولة فى مختلف القطاعات، التى تتيح فرصًا واعدة للاستثمار فى مصر.
أكد الوزير، أننا كباقى الدول نواجه تحديات تتعلق بالأزمات العالمية المتتالية إلا أننا نتبنى استراتيجيات وسياسات وتدابير متوازنة لاحتواء هذه الصدمات الداخلية والخارجية.
جاء ذلك خلال لقاءً ثنائيًا عقده الدكتور محمد معيط وزير المالية مع الدكتور فهد بن محمد التركى المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربى، على هامش مشاركتهما فى القمة العالمية للحكومات بدبى؛ لمناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك، خاصة فى ظل التحديات العالمية الراهنة؛ على نحو يسهم فى تبادل التجارب والخبرات خاصة حول تحديات السياسات المالية؛ بما يساعد على تحقيق المستهدفات التنموية، حيث استعرض الجانبان التطورات الاقتصادية فى المنطقة العربية؛ اتصالًا بتأثيرات الأزمات المتلاحقة بما فى ذلك التوترات الجيوسياسية الإقليمية.
تناول اللقاء السياسات العامة للصندوق فى الفترة المقبلة، والأنشطة التى يقوم بها، والتحديات التى تواجهها فى المرحلة الحالية وسبل التعامل معها، وقد أعرب الوزير عن شكره لمدير عام الصندوق، على الدعم الذي يقدمه الصندوق لمصر.
كما تناول اللقاء بحث الاستعدادات لانعقاد الدورة الخامسة عشرة لاجتماعات وزراء المالية العرب بمصر بالعاصمة الادارية الجديدة خلال مايو المقبل.
من جانبه أعرب الدكتور فهد بن محمد التركى عن استعداد الصندوق لتقديم الخبرة الفنية وتدريب الكوادر ورفع القدرات البشرية؛ على نحو يسهم فى تعزيز التعاون بين الصندوق ومصر.
وأشار إلى أننا نعمل على تقديم المشورة والدعم لشركائنا لتعزيز سياسات مالية أكثر كفاءة فى معالجة التحديات الراهنة، لافتًا إلى أن تعزيز المرونة فى الوقت الحالى مهم للغاية لتشجيع الاستقرار المالى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: صندوق النقد العربي القمة العالمية للحكومات وزارة المالية وزير المالية محمد معيط
إقرأ أيضاً:
عنقاء الحداثة
د. عصام عبدالفتاح
ثمة كتب ثورية حينما يقرؤها الإنسان فإنه لابد أن يخرج منها بحصيلة فكرية عميقة تزوّده بإضاءات لامعة فى تفكيك الإشكاليات الحضارية التى تعانى منها المجتمعات المتخلفة، أى التى لم تطرق بعد باب الحداثة رغم أنها تغترف من ثمارها بل ـ وهنا تبدو المفارقة ـ تتباهى بكونها جمعت بين الأصالة والحداثة!.
إن مؤلفات عالم النفس الاجتماعى مصطفى حجازى هى من هذا الطراز الفريد الذى يغير من فكر قارئه ويمتعه بتحليلاته للمجتمع العربى وإشكالياته الكأداء. فمثلا كتابه الشهير «التخلف الاجتماعى: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» يعد من أهم الدراسات التحليلية فى علم النفس الاجتماعى «سيكولوجية الإنسان العربى المهدور». ففيه يتناول حجازى، بمنهجيته الاستقرائية الدقيقة، ظاهرة «العنف العربى» التى لم تتمكن المجتمعات العربية حتى يومنا هذا من الخلاص منها. لماذا؟ يجيبك حجازى بكلمة السر التى تتنوع مترادفاتها فى القاموس الدينى والسياسى والاجتماعى، بدءا من الطائفية والعصبية، مرورا بالتحزبية، وانتهاء بالأصولية والدوجمائية، فمثلا دولة كالسودان، منذ أبريل ٢٠٢٣، يعانى شعبها من حرب ضارية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أدت إلى تفاقم الأزمات الطاحنة فى بلاده وأطاحت بكل استقرار سياسى فيها وأدخلتها فى دوامة لا نهاية لها من النوازل الاقتصادية والإنسانية. إن السودان يشكو حاليا من أزمة نزوح لا نظير له. فثلث سكانه نازحون مشردون فى العراء بلا غذاء ولا ماء ولا مأوى ولا رعاية طبية. امتدت عواقب هذا الصراع المروع بين المتحاربين إلى ما وراء حدود السودان. وحسب تقارير الأمم المتحدة سيرتفع عدد ضحايا الصراع العبثى إلى أكثر من مليون شخص فى عام ٢٠٢٥.
أطراف الصراع هم سودانيون!، إن تحليل حجازى لظاهرة العنف فى المجتمعات العربية ينطبق برمته على الحالة السودانية عندما يقول: «يعود العنف السياسى الاجتماعى فى المجتمعات العربية إلى تفشى العصبيات وترسخها جذريا فيه. فالأنظمة العربية الاستبدادية لم تبنِ مجتمعا مدنيا، إنما راهنت القيادات على العصبيات، والعصبيات فى طبيعتها تحتوى على مكوِّن العنف، وهذا العنف يتفجر من العصبيات التى تنمو فى أزمنة الصراع ولا تستطيع العيش من دون عدو. كما ليس بإمكان الأنظمة العرقية الاستمرار خارج نطاق الصراع وصناعة العدو المتخيل أو الفعلى، لكى تتمكن من الحفاظ على ثباتها الداخلى بقوة الجمهور». ولئن تركز تحليل حجازى على لبنان بوصفه عينة خصبة للطائفية وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربى فقد أراد به الكشف عن الداء العضال الذى لم يبرأ منه هذا المجتمع منذ قرون خلت فأعجزه تماما عن بلوغ الحداثة، إن هذا الداء هو نفسه «جرثومة التخلف» التى تحدث عنها د. مراد وهبة فى كتابه الشهير تحت هذا العنوان.
وفى مؤلفه الأخير «النقلات الحضارية الكبرى. أين نحن منها؟» يرى حجازى أن قوى التخلف أو حسب تعبيره «قوى العطالة فى مجتمعاتنا العربية» لا تتمثل فقط فى العصبيات وحدها وإنما هى تتجسد فى تحالف ثلاثى: العصبيات والفقه السلفى والاستبداد الظاهر منه والخفى. هذا التحالف يستخدم سلاحا خطيرا فى الإجهاز على أى محاولة تسعى إلى إيقاظ العقل العربى من سباته، آلية هذا السلاح هى: التأثيم والتحريم والتجريم. تكمن فاعليته فى أنه يشل طاقات الإنسان العقلية تماما ويدخله فى حالة من الانقياد والتبعية والجبرية وفقدان السيطرة على الذات والمصير!.
إن الحداثة التى يحلم بها المجتمع العربى أشبه بطائر العنقاء الذى لا وجود له فى الواقع، لأن متطلباتها لم تتوافر فيه بعد. وتتجلى ازدواجية المجتمع العربى، كما يقول حجازى، فى أنه يستورد كل منتجات الحداثة المادية والفكرية من الأمم المبدعة، لكنه لا يملك مشروعا إنتاجيا وطنيا خليقا بأن يحدث فيه نقلة نوعية تتحرر فيها طاقات العقل المبدع وينضج فيها وعيه السياسى. فتحت غطاء الدستور فى لبنان مثلا وحكم المؤسسات المقتبس من الغرب تتسم العملية السياسية فيه بالمحاصصة واقتسام النفوذ والغنائم على حساب البلد وكأننا بصدد شركة تجارية بين أطراف مؤسسين يسعى كل منهم إلى زيادة حصته من النفوذ والغنيمة وتحولت النيابة فيه إلى نوع من الوجاهة أكثر مما هى عملية تمثيل بالتفويض من قبل الشعب، فتحول الانتخاب فيه إلى نوع من المبايعة!.
نقلا عن المصري اليوم