مقاهي دمشق.. أماكن للعمل والدراسة بظل أزمة الكهرباء
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
في ظل معاناة الشعب السوري من أزمة انقطاع الكهرباء المتفاقمة نتيجة الحرب المستمرة منذ عام 2011، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وانهيار كبير في قيمة العملة، يلجأ الكثير من السوريين إلى المقاهي، التي باتت تشكل مساحات للعمل والدراسة، لقضاء حاجاتهم وتيسير أمورهم.
ومنذ عام، تتردد "ماجدة" بانتظام إلى مقهى في وسط دمشق بات أشبه بمكتبها حيث تنجز عملها وتعقد اجتماعاتها وتستوحي أفكارها في مجال تصميم الإعلانات، مستفيدة من توفر الكهرباء بشكل متواصل.
وتقول ماجدة (42 عاما)، متحفظة عن ذكر شهرتها، لوكالة فرانس برس "أحتاج للكهرباء طيلة الوقت وأستوحي أفكارا كثيرة من الناس الحاضرين هنا".
على أريكة ملونة وسط المقهى، تضع ماجدة عدة العمل وأغراضها. تتوقف حينا عن الرسم على جهاز بحوزتها، لتلاعب ليلي، الكلبة البيضاء التي لا تفارق المكان. ويحدث أحيانا أن تتبرع لنقل أكواب القهوة أو ترتيب الأرائك بعدما باتت علاقة ود تجمعها مع العاملين في المقهى.
وتضيف "لولا وجود المقاهي لكنت توقفت عن العمل، على وقع انقطاع الكهرباء في المنزل لساعات طويلة".
وماجدة واحدة من سوريين كثر يجدون في المقاهي مساحة لإنجاز أعمالهم، خصوصا الطلاب والعاملين بدوام حر، على وقع تقنين طويل في ساعات التغذية بالتيار يصل إلى عشرين ساعة.
ومنذ اندلاعها قبل نحو 13 عاما، استنزفت الحرب قطاعي الطاقة والكهرباء مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة النظام السوري من جهة، وتضرر محطات توليد وأنابيب في المعارك من جهة أخرى. وتحول العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على النظام دون وصول بواخر النفط بشكل منتظم إلى سوريا.
ومع الإقبال المتزايد من رواد يرغبون بالعمل أو الدراسة، اضطر، إحسان العظمة، إلى إعادة ترتيب المقهى. فأصبحت الطاولات أشبه بمقاعد دراسية، وضاعف عدد مقابس الكهرباء لشحن الهواتف والحواسيب وكذلك البطاريات التي يستخدمها لتوليد الطاقة.
يقول العظمة (38 عاما) إنه منذ تأسيسه المقهى قبل ثلاث سنوات، أراده أن يكون مساحة للشباب الباحثين عن مكان للعمل والدراسةويقول العظمة (38 عاما) إنه منذ تأسيسه المقهى قبل ثلاث سنوات، أراده أن يكون مساحة للشباب الباحثين عن مكان للعمل والدراسة، بعدما واجه الصعوبة ذاتها.
في يمين المقهى، تتصدر طاولة مستطيلة كبيرة المشهد، تبدو أشبه بطاولة داخل قاعة اجتماعات رسمية. وعلى الطرف الآخر، تتوزع طاولات صغيرة دائرية مع مقاعد مريحة على غرار مقاعد الدراسة. وتسود حالة من الهدوء داخل المقهى الذي يدخله الكثير من الضوء بينما بعض الرواد غارقون بين كتبهم وأوراقهم، وآخرون يتسمرون أمام شاشات الحواسيب أو يتصفحون هواتفهم.
"ليس خيارا"على وقع أزمة الكهرباء وشح الوقود، وجد العظمة نفسه يواظب حتى على النوم في المقهى.
ويوضح "أعاني كجميع الشباب من مشاكل في الكهرباء والمواصلات والتنقل، فأجد نفسي في كثير من الأيام أفضل النوم داخل المقهى بدلا من التوجه إلى المنزل".
ويتابع "تختصر المقاهي عموما في دمشق هذه الأيام ثلاث أزمات على الأقل، الكهرباء والإنترنت والدفء".
وتشهد مناطق سيطرة النظام منذ سنوات ساعات تقنين طويلة وشحا في الوقود والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد والمستخدمين في النقل والتدفئة.
وفي عام 2021، قال النظام السوري إن خسائر قطاعي الطاقة والمحروقات تجاوزت مئة مليار دولار، جراء المعارك وفقدان السيطرة على حقول كبرى فضلا عن العقوبات الاقتصادية المشددة.
وفي منطقة باب توما المعروفة بحاناتها ومقاهيها في شرق دمشق، تحول مقهى إلى قاعة دراسة يسودها الهدوء.
حول طاولة صغيرة، يجلس ثلاثة طلاب ينهمكون في تصفح كتبهم تحضيرا لامتحاناتهم الفصلية.
ويقول أحدهم، جورج كسارى (18 عاما)، وهو طالب في كلية المعلوماتية في جامعة دمشق لفرانس برس إن ارتياد المقهى "ليس خيارا بالنسبة إلي بل ضرورة. هنا يتوفر الإنترنت والكهرباء".
ويضيف "فور وصولي، أخرج الأجهزة كافة لأعيد شحنها، وأحضر أحيانا أجهزة شقيقتي وهي تقوم بالمثل حين تخرج إلى أي مقهى، لتبقى كافة البطاريات لدينا مشحونة".
"الحل الوحيد"على طاولة أخرى، يستعد، محمد صباهي (22 عاما)، لبدء اجتماع عمل عبر الكومبيوتر. ويقول لفرانس برس "أنا موظف عن بعد مع شركة خليجية، وأداوم يوميا من المقهى".
محمد صباهي (22 عاما)، يقول "أنا موظف عن بعد مع شركة خليجية، وأداوم يوميا من المقهى"ويضيف "صار لدي مقعد ثابت هنا والموظفون حفظوا مشروبي المفضل إذ يبدأون بتحضيره فور وصولي".
ويضع الشاب قربه حقيبة كبيرة تحوي كل ما يمكن أن يحتاجه خلال النهار، من وصلات كهربائية وشاحن وسواه.
ويشرح "لولا هذا المقهى لرسبت في جامعتي في السابق، ولفقدت عملي اليوم (..) هذا هو الحل الوحيد بالنسبة إلي ولكثير من أصدقائي".
ورغم أنه يفضل الدراسة في منزله الواقع في شرق دمشق، لكن مع ساعات التقنين الطويلة ومغيب الشمس باكرا، يجد الطالب في اختصاص الطب، شادي الياس (18 سنة)، نفسه يطارد بمصباح أوراقه وكتبه من غرفة إلى أخرى.
وما أن ينتهي شحن المصباح، حتى يهم بالتوجه إلى أقرب مقهى لمتابعة دراسته.
ويقول "لا شيء يصمد أمام انقطاع الكهرباء الطويل".
اعتاد شادي على الوضع مذ كان طالبا في المدرسة، وحفظ منذ سنوات المقاهي الملائمة للدراسة.
ويضيف الشاب "تزدحم المقاهي خلال فترة الامتحانات، لذا أحرص على المجيء باكرا".
ويتابع مبتسما "يتحول المكان إلى قاعة دراسية كبيرة، نستعير من بعضنا الأقلام والأوراق والمراجع، وأحيانا شواحن الهواتف".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
“رفض قصف حماة”.. طيار سوري يعود لأهله بعد فترة اعتقال دامت 43 عاما في سجون النظام (صور+ فيديو)
#سواليف
حررت قوات #المعارضة_السورية عشرات الآلاف من #المعتقلين بالسجون السورية قبل وبعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في الـ 8 من ديسمبر 2024.
ومنذ تاريخ سقوط النظام، طفت وظهرت إلى العلن صور فيديوهات وقصص صادمة عن المعتقلين المحررين.
ومن أبرز الفيديوهات التي تداولها الناشطون ما يعود للطيار السوري السابق #رغيد_الططري الذي أطلق سراحه من سجن #طرطوس غرب البلاد.
مقالات ذات صلة 75 ألف جثة على الأقل.. اكتشاف مقابر جماعية أخرى في دمشق ومحيطها (فيديو) 2024/12/15ولد رغيد الططري في دمشق عام 1955 وأصبح طيارا في القوات الجوية السورية عندما كان في العشرينات من عمره.
اعتقل #الطيار الططري حين كان شابا عمره 27 عاما سنة 1982 عقب رفضه قصف #حماة عندما أطبقت القوات المسلحة السورية حصارا على المدينة بناء على أوامر #حافظ_الأسد ولمدة 27 يوما للقضاء على المعارضة.
واليوم، عاد الططري بعد معاناة طويلة ومريرة إلى شوارع سوريا، ونشر ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي صورة حديثة للططري وقد بدا عليه التقدم في السن وصورة أخرى له عندما كانا شابا في الخدمة العسكرية، ووصفوه بـ”عميد المعتقلين في سوريا”.
كما انتشرت مقاطع مصورة للسبعيني وهو يعانق الحرية بعد أكثر من 43 سنة في السجن ويعود لأحضان من بقي من أهله وأقربائه.
Syrian Pilot Ragheed Ahmed Al-Tatari, arrested at 27 for refusing to bomb Hama in the 1980s, reunites with his family. https://t.co/UgciGyxBzR pic.twitter.com/UcHhPPWv1K
— Clash Report (@clashreport) December 14, 2024