الزيادة تجاوزت 100% في سنة.. شعبة العطارة: أسعار التوابل في الأسواق «نار»
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
لا تزال أسعار العطارة في تزايد مستمر وبشكل لافت في فوضى غير مسبوقة، حيث دقت زيادة الأسعار ناقوسَ الخطر على المواطنين البسطاء ومحدودي الدخل مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك.
سوق العطارة انتابته حالة من الغضب الشديد لما شهدته البهارات من ارتفاعات لا مثيل لها في الآونة الأخيرة، وهو ما أثار الذعر والقلق لدى الناس.
وفي أعقاب ذلك تساءل العديد من المواطنين عن السبب وراء زيادة أسعار العطارة في الأسواق بالتزامن مع خفض أسعار الدولار في السوق الموازي خلال الفترة الماضية.. فهل السبب قلة المعروض مع زيادة الطلب؟ أم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والهجمات الحوثية على السفن التي تمر بالبحر الأحمر؟ أم السر يرجع إلى جشع التجار؟
وللإجابة على هذه التساؤلات تواصلتِ «الأسبوع» مع محمد رجب العطار (سكرتير شعبة تجار العطارة بالغرفة التجارية بالقاهرة) ومجدي توفيق (نائب رئيس شعبة العطارة الأسبق)، إلى جانب عدد من التجار للوقوف على أسباب تلك الارتفاعات في الأسعار بسوق التوابل وأيضًا لمعرفة الحلول المقترحة لحل تلك الأزمة.
قال محمد رجب العطار إن ارتفاع الأسعار سببه نقص المحاصيل الزراعية في الخارج، مما أدى إلى زيادة أسعارها، يأتي هذا بالتزامن مع زيادة الجمارك والدولار.. مشيرًا إلى أن هذه الزيادة لم تحدث نتيجة زيادة العملة فقط ولكن الزيادة كانت في الخارج أولًا.
وأضاف «العطار»: هناك أصناف من العطارة قلَّ المعروض منها في الأسواق نتيجة العوامل السالف ذكرها مما أدى إلى زيادة سعرها مع زيادة الطلب وأيضًا لزيادة الأسعار عالميًّا.. إلا أن السعر محليًّا فاق معدل الزيادة الذي زادت به في الخارج.
وواصل سكرتير شعبة تجار العطارة بالغرفة التجارية بالقاهرة: نستورد جميع الأنواع من الخارج، فنحن لا نمتلك سوى القليل من «اليانسون والكمون والكركديه» بنسبة لا تتخطى الـ30%، وتحديدًا بنسبة تتراوح من 20-29%، لذا نقوم باستيراد باقي الكمية وباقي أصناف التوابل من الخارج لتلبية احتياجاتنا ومستلزماتنا.
وبالحديث عن نسب زيادة أسعار العطارة مقارنة بالثلاثة أشهر الماضية، قال «العطار» إنها تصل إلى 70% أو أكثر.
وعن توقعاته للأسعار الفترة المقبلة أكد أن بعض المحاصيل من المتوقع أن تشهد انخفاضات.. مشيرًا إلى أن محصول الفلفل يتم حصده في شهر مارس، وبالتالي فمن المرجح أن يتراجع سعره خلال شهر أبريل المقبل.
وتابع سكرتير شعبة تجار العطارة بالغرفة التجارية بالقاهرة: بالنسبة لمحصول الكمون الذي يتم استيراده من بلدان «الهند أو سوريا» فلا أتوقع أن ينخفض سعره، ويرجع السبب إلى أن محصول الكمون في الخارج قليل ومحصولنا لا يكفي لسد الاحتياجات.. أما باقي الأصناف فمن المتوقع أن تستقر أسعارها.
وبسؤاله عن الحلول المقترحة لحل أزمة غلاء الأسعار، نوه محمد العطار بأن الحل هو تشجيع المزارعين من خلال توفير هامش ربح أفضل لهم من المحاصيل الزراعية حتى لا نضطر إلى الاستيراد من الخارج.
ولفت إلى أن المستهلك لن يشعر بوجود أي نقص في أصناف العطارة، ولكن التجار الكبار هم فقط مَن يشعرون بهذه الأزمة لأنهم يحرصون على توفيرها ولكن بسعر باهظ.
وتحدث «العطار» عن أسعار العطارة في الأسواق بالوقت الجاري، حيث تراوح سعر كيلو الكمون ما بين 480-600 جنيه.. فيما جاء سعر الفلفل الأسود ما بين 400 و500 جنيه للكيلو.. أما بالنسبة لليانسون فتفاوت سعره من 140 حتى 180 جنيهًا للكيلو.
وأنهى العطار حديثه قائلًا: «الزيادة الحاصلة في سعر الكمون مبالَغ فيها وليست طبيعية، لأنه سابقًا كان يتم تسعير الفلفل ثم يتم تسعير الكمون عليه، ولكن الآن أصبح يحدث العكس، حيث إن الكمون أصبح أغلى من الفلفل».. مستنكرًا هذا الأمر ومعتبرًا إياه «وضعًا غيرَ طبيعي».
ومن جانبه، قال مجدي توفيق (نائب رئيس شعبة العطارة الأسبق) إن أسعار العطارة في الفترة الحالية مرتفعة بشكل مبالَغ فيها، سواء البلدي أو المصري أو المستورد منها.. مشيرًا إلى أن نسب الزيادة مرعبة مقارنة بالعام الماضي، ويمكن القول إن نسبة الزيادة تجاوزت الـ100%.
وأوضح «توفيق» أن السبب في زيادة الأسعار هو قلة المعروض من السلع، حيث إننا كنا نعتمد بشكل كبير على الاستيراد وعلى سبيل المثال الإنتاج المحلي من الكمون لا يكفي احتياجاتنا وبالتالي نعتمد على استيراده من الخارج من «الهند وسوريا».. مشيرًا إلى أن الهند أصبح لا يوجد لديها كمية كافية من الكمون لتصديرها، بينما سوريا لديها الكمون بسعر مرتفع جدًّا.
وأضاف نائب رئيس شعبة العطارة الأسبق أن الكُسبرة واليانسون أسعارهما في زيادة أيضًا.. مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي يكمن في الاستيراد، لأن ما يتحكم بالأسواق هو عملية العرض والطلب.. مضيفًا أن محصول الفلفل الأسود غير موجود في مصر ونعتمد على استيراده من الدول التي تقوم بزراعته مثل: «البرازيل وفيتنام وسنغافوره».
وحول توقعاته للأسعار الفترة المقبلة قال «توفيق» إن بعض المحاصيل من المفترض أن تصبح متوفرة مثل الكمون البلدي وسيبدأ موسمه في شهر أبريل ما سيسهم في خفض أسعار الكمون قريبًا.
وبدوره قال محمود عبد الرازق (صاحب أحد محال العطارة) إن زيادة أسعار التوابل سببها الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر «الهجمات الحوثية ردًّا على العدوان الإسرائيلي»، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة النقل بالسفن بالإضافة إلى قلة استيراد المحاصيل لنقصها في دول العالم، فضلًا عن أن نسبة زراعة المحاصيل في مصر لا تغطي الاحتياجات بنسب كبيرة.
وعن نسب ارتفاع أسعار العطارة مقارنة بآخر 3 أشهر، أشار عبد الرازق إلى أن الزيادة كبيرة بشكل مبالَغ فيها بنسب تتراوح ما بين 30-50% تقريبًا.. لافتًا إلى أنه يتوقع استمرار زيادة الأسعار في الفترة القادمة وخاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، الذي يكثر فيه الإقبال والطلب على الأسواق.
وتابع: الربح تآكل بسبب زيادة الأسعار بشكل يومي.. مشيرًا إلى أن هناك مصاريف لابد من تغطيتها شهريًّا خارج مستلزمات المحل مثل «دفع مرتبات عماله، فواتير كهرباء، إيجار المحل».
وأردف «عبد الرازق» أن الحل في مشكلة زيادة الأسعار يتمثل في عدة عوامل، منها: التشجيع على الإنتاج المحلي من المحاصيل لتوفير اكتفاء ذاتي، وأيضًا زيادة الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى وجود آلية للتعاون مع الدول المصدِّرة.
وبسؤاله عن أسعار بعض السلع قبل دخول شهر رمضان أوضح أن الحبهان بلغت قيمته 1600 جنيه للكيلو، بينما وصل سعر كيلو القرنفل إلى 1200 جنيه، أما سعر الكُسبرة الناعمة فقد وصل إلى 120 جنيهًا للكيلو.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: العطارة زیادة الأسعار مشیر ا إلى أن زیادة أسعار فی الأسواق فی الخارج من الخارج
إقرأ أيضاً:
غياب السياسات الحمائية على السلع الأساسية تؤثر سلباً على صمود المواطنين
يعاني الفلسطينيون من ارتفاع كبير في الأسعار، بسبب الإجراءات التي اتبعتها قوات الاحتلال في عدم السماح بدخول السلع، واستمرارها بإغلاق المعابر منذ بداية جريمة الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال في السابع من أكتوبر من العام ٢٠٢٣على قطاع غزة ، حيث بات يتعين على التجار دفع رسوم باهضة للحصول على تصاريح لدخول البضائع، وتأمين الشاحنات.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بهذه الإجراءات، بل تعدت ذلك باتباعها سياسة التجويع، كسلاح آخر يتنافى مع كافة القوانين الدولية، وتعريض حياة وصحة السكان للخطر، مما ترتب عليه احتكار بعض السلع من قبل التجار، وبيعها للمستهلك بأسعار كبيرة.
المواطن (أبو محمد) 40 عاما من مخيم البريج، من وسط قطاع غزة، لم يتمكن من شراء الدجاج ليطعم أفراد أسرته التي لم تتذوق طعم اللحوم منذ مدة. بدا التعب والإرهاق على وجه (أبو محمد) من كثرة البحث على المحلات التي تبيع اللحوم بأسعار معقولة، ولكنه عاد إلى ما تبقى من بيته المدمّر حزينا كمن يرجع بخفّي حُنَيْن، وطلب من زوجته أن تعد مائدة الإفطار من المعلبات التي استلمها من وكالة الغوث أو المؤسسات المحلية.
عزا المواطن (أبو محمد) الذي تعرض منزله إلى أضرار جسيمة خلال حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال على غزة إلى عدم مقدرته على الشراء، بسبب الارتفاع الفاحش في أسعار اللحوم بكافة أنواعها، بسبب جشع التجار وإغلاق المعابر من الجانب الإسرائيلي، وعدم ممارسة الجهات المعنية دورها في المراقبة والتفتيش.
عدم توفر السيولة
إن عدم توفر السيولة النقدية في الأسواق، فاقم من مشكلة القدرة على الشراء، وهو ما دفع عددا كبيرا من التجار إلى استحداث أسلوب الدفع الإلكتروني. وأضاف: "تصور أن راتبي لا يتعدى 1500 شيكل، وسأدفع عليه عمولة ٢٢% لمكاتب الصرافة، لكي أتمكن من الحصول على سيولة، متسائلاً عمّا إذا كان باستطاعته شراء دجاجة، قد يصل ثمنها 120شيكل؟ والأخطر من ذلك أن بعضا من أصحاب المحلات التجارية، يستغلون عدم توفر السيولة، ما يضطره للتعامل من خلال تطبيق "الدفع الالكتروني"، وبزيادة في السعر عن المتداول في الأسواق.
لا يختلف حال المواطن (أبو محمد) عن بقية المواطنين الذين يشكون من الارتفاع الفاحش في الأسعار، وعدم متابعة الأسعار ومراقبتها بالشكل المطلوب من جهات الاختصاص.
إغلاق المعابر
يؤيد (أبو محمد) في الرأي المواطن أحمد أبو السعود (56 عاما)، والذي يسكن في زاوية من بيته المهدوم قائلا منذ إعلان وقف إطلاق النار قبل أكثر من شهر ونصف، توسمنا خيرا أن تنخفض الأسعار، ليصبح بمقدورنا شراء السلع واللحوم التي كنا محرومين منها طيلة فترة الإبادة التي امتدت لأكثر من 15 شهرا، لكن هذا الأمر لم يستمر طويلا، مع إعلان الاحتلال إغلاق المعابر ورفع التجار أسعار البضائع وتخزينها وبيعها بأسعار فلكية، ومن ثم استئناف الإبادة".
(أبو السعود) الذي فقد زوجته وابنته في الحرب، أكد أنه طالما لم يحاسب التجار، فإن الارتفاع في الأسعار سيزداد ولن يتمكن كثير من المواطنين من الشراء وتلبية احتياجات أسرهم.
اختفاء السلع
وقال موظف في السلطة الفلسطينية من تفريغات 2005: "أنه بالكاد يستطيع توفير متطلبات أسرته الأساسية بسبب الارتفاع الفاحش، مشيرا إلى أن بعضا من التجار المستغلين الجشعين يستغلون حاجة الناس في ظل شح السلع، محملاً المسؤولية الكاملة للجهات المختصة.
وبعد الإعلان عن التهدئة، وسماح الاحتلال ب فتح المعابر ودخول البضائع والسلع المختلفة للقطاع الخاص، وبالرغم من الانخفاض الطفيف في بعض السلع حينئذ، إلا أن التجار قد استغلوا الظرف وقاموا برفع الأسعار من جديد، دون أي رادع وتحت تأثير احتياج المواطنين الذين حرموا منها لفترات طويلة، إلا أن أغلقت المعابر من جديد وعدم السماخ بدخول المساعدات مرة أخرى، واستأنفت الإبادة التي لم تتوقف أصلاً في القطاع، الأمر الذي فاقم من حدة الوضع تعقيدا وصعوبة، فعاد ارتفاع الأسعار بزيادة كبيرة، إلى جانب اختفاء الكثير منها في الأسواق، وعدم مقدرة المواطنين على شرائها.
التنسيقات وتأمين الشاحنات
وضح صاحب أحد المحال الكبيرة في مدينة دير البلح: "أن الارتفاع الفاحش في الأسعار، لا يتحمله التجار فقط، وإنما يعود إلى جبي الضرائب والجمارك، وتأمين السيارات والتنسيقات الباهظة، وكذلك إغلاق المعابر، حيث يضطر الباعة لرفع الأسعار تجنبًا للخسارة".
وتابع قائلاً: "أن هناك بعض الأصناف التي استغنى عنها المواطنون، نظرًا لسعرها الباهظ، كالأجبان والمواد التموينية والقهوة والنسكافيه وغيرها".
فيما صّح أحد التجار الموزعين، والذي يعمل في مدينة غزة، قائلاً: "أنه اضطر للتماشي مع السوق وحاجة الناس للسلع خلال فترة العدوان، وذلك بقيامه شراء تصاريح الاستيراد واستئجار فرق لتأمين الشاحنات، ودفع تنسيقات لجهات أخرى لم يفصح عنها من أجل السماح بدخولها".
تكلفة باهظة
وقد أشار تاجر- رفض الكشف عن اسمه- أن تكلفة استيراد شاحنة واحدة من المحافظات الشمالية إلى غزة، كانت لا تتجاوز حوالي 400 دولار أمريكي قبل الحرب، بينما تصل تكاليفها في الوقت الحالي إلى أكثر من خمسة آلاف دولار أمريكي، وذلك حسب قيمة وكمية البضائع، بالإضافة إلى ما يقارب 2500 دولار أمريكي للحماية، وحوالي 4000 دولار أمريكي كحد أدنى لرسوم النقل.
وأضاف: "انخفضت بعض الأرقام العالية في الأيام الماضية، في ظل وقف إطلاق النار، وتدفق السلع سواء للقطاع الخاص أو وكالة الغوث والمؤسسات الدولية، إلا أن هذه الانفراجة كما يوضح التاجر لم تدم طويلا، بعد قرار قوات الاحتلال العودة إلى سياسة إغلاق المعابر، وعودة أسعار السلع إلى الارتفاع مرة أخرى".
وذكر التاجر أن الجهات الرقابية وفرق المتابعة، بدأت تأخذ دورها في مراقبة ومتابعة الأسواق ومصادرة بعض البضائع وبيعها بالسعر الطبيعي.
وعن اللحوم المجمدة، أقر أحد التجار من مدينة خانيونس أن سبب الغلاء الحقيقي، يعود إلى الاحتلال وسياساته، بالإضافة إلى التجار الكبار الذين يتلاعبون في البيع والشراء حسب المزاج، منوها إلى وجود جهات متنفذة أخرى لم يأت على ذكرها.
أصحاب البسطات
واستأنف حديثه قائلاً: "إن أصحاب البسطات الصغيرة يشترون اللحوم المجمدة بأسعار مرتفعة من التجار الكبار، ويضطرون إلى بيعها إلى المواطنين بأسعار مرتفعة، حتى يكون لهم هامش من الربح، وفي بعض الأحيان يتعرضون للخسارة".
وتابع: كانت البضائع تدخل إلى غزة بشكل يومي من المعابر، وعند اغلاقها يسارع التجار إلى تخزين وإخفاء البضائع، مؤكداً أن الباعة الجدد الصغار (أصحاب البسطات) لهم دور كبير في غلاء الأسعار, مشيرا إلى عدم وجود رقابة ومتابعة، الأمر الذي ساهم في رفع الأسعار أيضا.
التجار مرة أخرى!
ويرى المحاضر في كلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس، د. بسام بن سعيد، أن ️جشع التجار في كل زاوية، بين أكوام الخضار وأكياس الطحين، حيث تتبدل الأسعار كل يوم، بينما يقف المواطن البسيط عاجزًا أمام هذا الجشع المتوحش. وتساءل كيف لإنسان أن يستغل معاناة أخيه؟ كيف لمن ذاق طعم القهر أن يزيد من قهر الآخرين؟
وأضاف: "في وقتٍ تشتد فيه الأزمات، ويرتفع أنين الفقراء، نجد بعض التجار وقد تحولوا إلى ذئاب، يرفعون الأسعار بلا رحمة، ويخفون السلع انتظارًا للحظة المناسبة، لبيعها بأضعاف ثمنها، وكأن الحرب لم تكن كافية، وكأن الجوع وحده لا يكفي ليزيدوا من وطأته على كاهل البسطاء".
وأكد بن سعيد أن جشع التجار هو وجع يومي يعيشه كل بيت، وكل طفل يسأل عن رغيف الخبز، وأم تتحسر على غلاء الدواء، وأب يقف عاجزًا أمام متطلبات الحياة، متسائلا مرة أخرى هل آن الأوان لنكسر هذا الجشع، ونحارب هذا الاحتكار؟ أم سنبقى نغرق في بحر من الطمع لا ساحل له؟
الأدوية
أما على الصعيد الصحي، فقد طالت الأزمة المرضى والمصابين، حيث ارتفعت أسعار الأدوية، وأصبح جزءاً منها يدخل كمساعدات، حدث وأن سُرِقَ بعضها أو بيعت في الصيدليات بأسعار خيالية، خاصة أدوية أصحاب الأمراض المزمنة.
وأفاد مريض جاء للحصول على علاجه مجانا من عيادة حكومية، بأن دخله الشهري أقل من مصاريف أدويته، موضحا أنه لا يستطيع شراء أدويته من الصيدليات بسبب ارتفاع أسعارها، وأعرب عن أسفه لتراجع دور الجمعيات الخيرية الصحية وغيرها في تقديم الدعم اللازم للمرضى ومساعدتهم في صرف أدويتهم.
وفي هذا الإطار، أوضحت طبيبة تعمل في عيادة حكومية، بأن الكثير من المرضى اضطروا للجوء إلى العيادات الحكومية، للحصول على الأدوية بشكل مجاني، بسبب عدم مقدرتهم على شرائها من الصيدليات، ومنهم من اضطروا للبحث عن بدائل لأدويتهم نظرًا لسعرها الخيالي. كما أضافت أن عملية توريد الأدوية متوقفة تمامًا، وعليه، يرتفع سعرها.
وفي هذا السياق أوضح مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة، د. زكري أبو قمر، أن سكان قطاع غزة يعانون خلال حرب الإبادة على قطاع غزة من العديد من الأزمات، من بينها النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، والذي كان له تداعيات خطيرة على حياة المرضى والجرحى، وقد فاقم من معاناتهم، لا سيما بعد تدمير الاحتلال لأكثر من نصف الصيدليات المرخصة سواء جزئيا أو كليا، وأغلقت الصيدليات المتبقية أبوابها بسبب نفاذ الأدوية ومنع الاحتلال إدخالها وإغلاق المعابر، مما تسبب بالعجز غير المسبوق في أدوية القطاع الحكومي والخاص، ووقف إمدادات الأدوية لمراكز وكالة الغوث.
وأشار د. أبو قمر إلى أن إغلاق العيادات الصحية التابعة للوكالة، أدى إلى مضاعفة العبء الصحي على مرافق القطاع الحكومي، وزيادة الطلب على العديد من الأصناف بشكل غير مسبوق، الأمر الذي أدى إلى نفاذها، مما جعل المواطن يبحث عن طرق أخرى للحصول على الأدوية.
ونوّه د. أبو قمر إلى أن القصف والاجتياحات المتكررة من قبل الاحتلال على مراكز تقديم الخدمة، سواء الصيدليات الخاصة والمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، أدى إلى سرقة العديد من الأصناف وبيعها بأسعار غير معتمدة من قبل وزارة الصحة، كما كان هناك انتشاراً لبعض نقاط غير قانونية لبيع الأدوية، سواء في الأسواق أو على جوانب الطرقات، رفعت من أسعار الدواء.
وأكمل قائلاً: "إن فصل الجنوب عن الشمال، سبّب نقصاً في الكوادر للقيام بالدور الرقابي، وفرض عقوبات على المخالفين ورافعي الأسعار، بالإضافة إلى استهداف سيارات و موظفي وزارة الصحة والكوادر الطبية من قبل الاحتلال، ما ساهم في صعوبة الحركة الميدانية لفرق التفتيش. ونوّه أيضاً أن وزارة الصحة قد قامت بتفعيل تسعير أصناف الأدوية الواردة إلى القطاع الخاص، بالتنسيق مع نقابة الصيادلة من أجل وضع التسعيرة المعتمدة، مؤكداً أن عدم قدرة المواطنين على شراء الأدوية الضرورية، سيؤدي إلى مضاعفات على صحة المرضى، و زيادة العبء على القطاع الصحي.
والجدير ذكره، اتهام منظمات إغاثية وحقوقية دولية قوات الاحتلال بممارسة سياسة التجويع المتعمد للسكان الفلسطينيين، كأسلوب عقاب جماعي.
البنك الدولي: التضخم وصل في القطاع إلى 250%!
بدوره، حذر الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، من تعقيد المشهد الاقتصادي للعائلات الفلسطينية، وتآكل قدرتها المالية وتلبية احتياجاتها، مؤكدا أن الوضع الراهن ينذر بكارثة إنسانية ومالية. وأكمل: "إن التسيب وغياب الرقابة على الأسعار يعني مزيدًا من الإنهاك للفلسطينيين، وتآكل قدرتهم المالية، وعدم مقدرتهم على تأمين متطلباتهم.
يشار إلى أن الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، قد تسبب بارتفاع التضخم إلى مستوى هائل، وذلك وفق تقرير أصدره البنك الدولي في أيلول /سيبتمبر الماضي، أكد فيه أن مستوى التضخم في قطاع غزة وصل إلى 250%، بسبب استمرار حرب الإبادة الجماعية.
التجار الجدد
وبدوره، أرجع الخبير والمحلل الاقتصادي ماهر الطباع السبب الحقيقي وراء الغلاء الفاحش هو الاحتلال، وكذلك التجار الجدد الذين أفرزتهم الحرب. وأضاف: "السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار هو شح البضائع المتوفرة في الأسواق، نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي من دخول احتياجات قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة، بعد أن أغلقت إسرائيل كافة المعابر، وأصبحت تفتحها بشكل محدود".
وأكمل بعدها: "إن غياب حماية المستهلك وغياب الدور الحكومي، أثرا بشكل كبير على غلاء الأسعار، وكذلك المبالغ الباهظة التي مازالت تدفع للتنسيقات، والتي لها دور كبير في ارتفاع الأسعار، حيث يتم تحميل مبلغ التنسيق على البضائع".
المجتمع المدني
للمجتمع المدني واللجان الشعبية دورهما أيضا في مجال حماية المستهلك وتعزيز السياسات الحمائية المعمول بها على السلع الأساسية، لكي يستفيد منها الجميع وبأسعار معقولة، تراعي ظروف المواطنين الفلسطينيين.
وصرّح الدكتور فوزي عوض، رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم البريج أن "حالة الفوضى التي تشهدها الأسواق سببها عدم وجود جهات رقابية"، وأوصى د. عوض بضرورة تعزيز صمود المواطن الغزي عن طريق توفير المواد الأساسية والتواصل مع وكالة الغوث والبلديات من أجل ضبط الأسعار، كما طالب المواطنين بمساعدة الجهات المعنية والشرطية في محاربة الغلاء الفاحش، والجهات المختصة بالتشجيع على إقامة أسواق شعبية لتعزيز المنتج الوطني، كخطوة مهمة لتحفيز الاعتماد الذاتي للأسر ذات الدخل المحدود.
دور البلديات
وقد أرجع رئيس بلدية غزة المهندس يحيى السراج ، الغلاء للاحتلال في المقام الأول، لعدم التزامه ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، وتنصله من بعض البنود، ومنع دخول المساعدات والسلع الغذائية عبر المعابر بصورة مستمرة دون معوقات، قائلاً: "إن هذه الإجراءات من طرف الاحتلال أدت إلى خلق حالة من القلق لدى المواطنين من المستقبل المجهول، ولهذا فهم يلجأون لشراء السلع وتخزينها، ما يدفع التجار إلى رفع السلع واستغلال حاجة الناس دون مراعاة لظروفهم الصعبة".
وحول السياسات الحمائية وأثرها على السلع، أوضح المهندس السراج، أن الظروف الصعبة والعدوان والاحتلال وعدم الاستقرار وتدمير المباني، يجعل الحياه المعيشية أكثر تعقيدا وصعوبة.
قيود ومعوقات
ويعتقد السراج أن الحل لخفض الأسعار, هو تطبيق بنود وقف اطلاق النار بشكل كامل, حتى يتم السماح بدخول المساعدات بحرية كاملة دون وضع قيود ومعوقات.
واعترف المهندس السراج أن البلدية لم تقم بدورها المناط بشكل كافي، بسبب تدمير الأسواق الشعبية واستبدال المواطنين الأسواق ب (البسطات) ،مما أدى إلى نشوء حالة ازدحام وعرقلة لحركة سير المواطنين والمركبات، والذي أدى بدوره لظهور باعة جدد غير ملتزمين استغلوا حاجة المواطنين.
وينص اتفاق التهدئة على سماح إسرائيل بإدخال نحو 600 شاحنة مساعدات ووقود يوميا، الا ان قوات الاحتلال لم تلتزم بالتعهدات، بل تعدى ذلك في خرق واضح للاتفاق والذي وقع بضمانات أمريكية ومصرية وقطرية إلى إغلاق المعابر وعدم السماح لأي شاحنة بالدخول، مما فاقم من الوضع، وأدى إلى حالة من عدم الاستقرار في الأسواق.
وزارة الاقتصاد
وقد أكد مصدر مطلع في وزارة الاقتصاد، أن السبب الرئيس لغلاء الأسعار هو الاحتلال، الذي منع إدخال السلع كما الاتفاق وانما بشكل ضئيل جدا، إضافة لدفع التكاليف الباهظة من أجل التنسيق لإدخال البضائع من تاجر أساسي إلى تاجر فرعي، الأمر الذي يزيد من تكلفة السلعة. ويتعلق السبب الآخر بالتجار الذين لا يخشون الله واستغلالهم للمواطنين، وعدم مراعاة ظروف الناس، متجاهلين الحالة الكارثية التي خلفتها حرب الإبادة، وقلة ذات اليد.
ولفت المصدر ذاته إلى ضرورة وجود السياسات الحمائية لدعم المواطنين ذوي الدخل المحدود، والذين ليس لهم مصدر آخر، قائلاً: "أما بالنسبة للاستيراد فالمتحكم الوحيد هو الاحتلال، ولا دور لوزارة الاقتصاد، مؤكدا أن المجمدات لم تدخل الى قطاع غزة منذ تاريخ 27/9/2024، موضحا أن الاحتلال سمح بدخول المجمدات، بعد توقيع اتفاق الهدنة من خلال تنسيقات خاصة، لكنه أوقف اذلك بعدها ببرهو قصيرة.
وأضاف: "قبل سيطرة الاحتلال على المعبر، وضعت وزارة الاقتصاد قائمة بالسلع الاساسية، مقابل عدم دخول مواد غير أساسية، إلا أن قوات الاحتلال وبعد احتلالها للمعبر، أصبحت المتحكم الوحيد في دخول البضائع، وأن إدخالها يتم عبر المساعدات وبتنسيقات خاصة ومبالغ ضخمة، مما يساهم في رفع الأسعار".
وعن دور وزارة الاقتصاد في حماية المستهلك قال: "على الرغم من مضايقات الاحتلال في دخول السلع، وحالة الفوضى القائمة بالأسواق، إلا لأنه كان هناك تدخل من الوزارة بتسعير البضائع والسلع".
محاولات ضبط الأسعار
وأشار المصدر إلى أنه من 1 آذار/ مارس -6 آذار/مارس 2025، تم تسعير البضائع ووضع حد لحالة التسيب والفوضى.
وعبر المصدر عن عدم رضاه من الأوضاع التي شهدتها الأسواق المحلية قبل إعلان التهدئة، موضحا أن قوات الاحتلال استهدفت كل موظف له علاقة بتنظيم الأسواق حتى تزيد المشهد إرباكا، ومع ذلك، كانت الإجراءات صعبة التطبيق، رغم المحاولات الحثيثة، الأمر الذي أثر سلبًا على ردع التجار.
وحول نقاط البيع والبسطات المنتشرة في كل مكان ولا تخضع لأية إجراءات فقال: "إن هذه البسطات كانت قبل إغلاق المعابر، تحت سيطرة الوزارة ،أما أثناء الحرب فالمعابر والبضائع أصبحت تحت تصرف الاحتلال". ونوّه إلى أنه في الوقت الحالي، توجد قائمة سعرية أقرتها الغرفة التجارية، ويتم متابعتها من قبل مباحث التموين ووزارة الاقتصاد".
مباحث التموين
استنفرت مباحث التموين والمراكز الشرطية والدوريات المركزية وقوات التدخل وطواقم وزارة الاقتصاد مؤخرا، لمتابعة الأسواق ومخازن التجار، في خطوة جدية منها لمتابعة الأسعار ومنع الاحتكار.
وقال مصدر شرطي في مباحث التموين:"أنهم بعد إعلان وقف إطلاق النار، ينفذون بشكل دوري حملات تفتيش لمتابعة الالتزام بأسعار السلع الغذائية، وفق ما أقرته الجهات المعنية، لكي يحصل المواطنين على السلع بأسعار معقولة، وحمايتهم من السلع الضارة أو منتهية الصلاحية"، مضيفاً "أن مباحث التموين تشرك جميع الجهات المعنية ذات العلاقة في حماية المستهلك من الاحتكار والغلاء".
وفي هذا السياق، أقر مصدر في وزارة الاقتصاد أن الإجراءات المستجدة من قبل مباحث التموين، اختلفت آلية التعامل من قبل وزارة الاقتصاد في ضبط ومتابعة الأسواق والتجار، منذ كانون الثاني/ يناير 2025، مؤكداً أنه تم تنفيذ جولات تفتيشية من قبل مباحث التموين ووزارة الاقتصاد، من شأنها متابعة الأسواق ومخازن التجار، لضمان الالتزام بالقائمة السعرية التي أقرتها وزارة الاقتصاد الوطني، وجرى التحفظ على بعض السلع الأساسية في مخازن التجار وبيعها بالسعر الرسمي للمواطنين.
التوصيات
وبدوره، أوصى وائل بعلوشة، مدير مكتب ائتلاف أمان في غزة، إلى مجموعة الاجراءات التي يجب الأخذ بها لضبط الأسواق، والمتمثلة في الاستمرار بالضغط على الاحتلال من قبل الجهات المعنية، لضمان تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في إعادة الاستقرار للسوق المحلي بشكل تدريجي، وكذلك العمل على تعزيز وتحفيز الطواقم العاملة في دائرة حماية المستهلك التابعة لوزارة والاقتصاد للقيام بدورها الرقابي، وتطوير منصات الشكاوى الخاصة بحماية المستهلك.
وشدد بعلوشة بدوره إلى أهمية التعامل مع الشكاوي الواردة من المواطنين بجدية، وتفعيل دور الأجسام التمثيلية للقطاع الخاص، للقيام بدورها التوعوي للمواطنين والتجار على حد سواء، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة اتخاذ ما يلزم من اجراءات رادعة ضد ظاهرة الاحتكار، واتخاذ ما يلزم من اجراءات لضبط الأسعار في الاسواق، بما يحقق مصالح المواطنين ويعزز صمودهم.
وبخصوص العمولة التي تفرض من قبل محلات الصرافة، أوصى بعلوشة، ضرورة تعزيز التعاون بين الجهات المختصة والغرف التجارية، لاتخاذ اجراءات تمنع تقاضي التجار عمولات طائلة عند بيع السيولة، والعمل على تمكين سلطة النقد من القيام بدورها الرقابي في قطاع غزة، ودعم اتخاذها لقرارات تحمي مصالح المواطنين.
بقي أن نقول أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الأولى لما يعانيه المواطن من أزمات خلال الحرب، رغم التبريرات ومحاولات إلقاء المسؤولية على الجهات المحلية التي تشارك أيضا في زيادة وتعميق الأزمة بقصد أو بدون قصد.
المصدر : وكالة سوا - عبد الهادي مسلم اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية غزة الآن - 12 شهيدا في غارات إسرائيلية فصائل العمل الوطني والإسلامي: ندعم التحركات الشعبية في غزة الإعلام الحكومي في غزة: إغلاق المعابر يدفع نحو كارثة غير مسبوقة الأكثر قراءة تفاصيل اجتماع وفد حماس مع وزير خارجية تركيا في أنقرة وزارة الصحة: غزة والضفة تواجهان كارثة صحية غير مسبوقة تفاصيل اجتماع حسين الشيخ مع وزير خارجية تركيا حماس تعقب على إغلاق الجيش الإسرائيلي طريق صلاح الدين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025