انتفاضة 1924 والخيانة المصرية (4)
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
الظابط المصري حسين صبري ذو الفقار عاش في السودان وعلى رآس الجيش المصري ، كان متواجدا في السودان في سنة 1952 بعد الثورة ضد الملك فاروق . حاول ان يمد الجسور مع السودانيين ، الا انه اصطدم برفض من اغلبية السودانيين .
حسين صبري ذو الفقار مصري امين وشريف . كتب كتابين الول تحت اسم سيادة السودان وقد تمت ترجمة الكتابين الى اللغة الانجليزية بواسطة ،، ايثاكا بريس لندن،، في 1982.
حسين صبري عاش في امريكا وحاول ان يكسب رزقه بعرق جبينه مارس عدة مهن منها الملاكمة كمحترف . عاد لمصر وانضم الى سلاح الجو وصار قائد جناح . شقيقه على صبري و شعراوي جمعة وآخرون من اهل اليسار انقلب عليهم السادات تحت اوامر كيسنجر الامريكي اليهودي وتمت خيانتهم . قال السادات .... انا حافرمهم .... خرج الكثير من المصريين وهم يحملون فرامات اللحمة هو يرقصون ويغنون ..... افرم.... افرم .... ياسادات . من العادة ان الفرعون الجديد يتخلص من كل ما يمثل الفرعون القديم ، يزيل اسمه من التماثيل والمباني .
بخصوص الخيان المصرية للسودانيين في انتفاضة 1924 ، انفقل لكم من كتاب سيادة السودان للكاتب الظابط الاعلى على الجيش المصري في السودان والمكلف من رجال الثورة المصرية في لمد الايدي الى السودانيين 1952
اقتباس
فى كتابه سياده السودان ذكر حسين ذو الفقار انه بعد ثوره 52 كان على اتصال بكل الزعماء السودانيين ولكن كان هنالك شيئاً ما فى الجو ، ولم يكن الجميع صريحين . وكان الامر كله عباره عن تدوير زوايا . وعندما حاول الاتصال بابراهيم بدرى لانه السياسى الوحيد الذى كان يفكر على مستوى السودان ككل , شماله وجنوبه . رفض ابراهيم بدرىعدة مرات مقابلته فذهب الى منزل ابراهيم بدرى فى امدرمان فى المساء بدون دعوه فارضا نفسه .
وقال انه يتكلم باسم مجلس قياده الثوره . وان مصر لن تسمح للسودان جارها المباشر والذى يمر به شريان الحياه لمصر لكى يكون تحت السيطره البريطانيه .( ونحن الآن نمد يدنا لكم وان اى انسان يدير ظهره لنا سيساعد الانجليز , وسيجر على نفسه لعنه الاجيال القادمه . فسأله ابراهيم بدرى مباشرةً ( اتريد ان تقول لى انه اذا وصل السودانيون الى اتفاق معكم , هل ستحفظون كلمتكم . ؟ ماذا اذا لم يخضع الانجليز ؟ ماذا اذا تغيرت الامور ؟ وماذا سيحدث اذا تغيرت الظروف ووجدتم نفسكم فى موقف يحتم عليكم ان تتعاونوا مع الانجليز لمصلحتكم ؟. وهل اذا كان الامر ضد مصلحتكم ستحافظون على وحدة السودان ومصلحته .؟ وعندما اكد حسين قائلا نعم نعم طبعا انتصب ابراهيم بدرى واقفا وقبض حسين من اكتافه وهزه قائلا ( اذا لماذا خذلتونا فى 1924 . لقد حزمتم اغراضكم وذهبتم . هل تعرف بانك المصرى الاول الذى يدخل منزلى , يتخطى عتبه دارى منذ عهد طويل , انت اول مصرى يدخل دارى منذ 1924 . ) .
وكتب حسين بعد ذلك ( كان رجلاً بسيطا لا خدم عنده ولا حشم يعيش حياه بسيطه ) . وبدأ حسين يتردد على ابراهيم بدرى بانتظام وكنا نشاهد الظابط المصري في منزلنا في الملازمين الذي كنا نستأجره من الياس دفع الله الياس شقيق رئيس جامعة الخرطوم البروفسر النذير دفع الله . ل ابراهيم بدري باع منزله الفاخر على شارع العرضة لتمويل الحزب الجهموري الاشتراكي وجريدة الحزب . الغرض كان الوقوف ضد الاتحاد مع مصر المحافظة على الديمقراطية والمكاسب الاشتراكية التي غطت السودان من علاج مجاني تعليم مجاني وامتلاك الحكومة لاغلب وسائل الانتاج . ارادوا الانضمام الى الكومون ويلز الذي يضم اكثر من 50 دولة الكثير منها من الدول الافريقية.
لقد ذكر لى الدكتور محمد محجوب عثمان انهم عندما كانوا فى بدايه شبابهم كاعضاء فى الحزب الشيوعى السودانى ان الاستاذ مكى فوزى اخذهم لزياره كل رؤساء الاحزاب السياسيه وكبار الساسه . وعندما أتوا لزياره ابراهيم بدرى وجدوا معه حسين صبرى ذو الفقار فى احدى العصريات . بعد المقابله مع ابراهيم بدرى قال ان الدرس الذى اعطاه له ابراهيم بدرى كان عظيما وبدا وكأنه وجد الحلقه المفقوده . وكتب . ان الجيش المصرى تخلى عن السودانيين وبينما المعركه دائره والسودانيون يموتون , كان المصريون فى السوق يشترون الاناتيك ويحزمون اسلحتهم وذخيرتهم التى كان من المفروض ان يدخلوا بها المعركه بجانب السودانيين .
كما كتب ( لو ان المصريين دخلوا المعركه كما هو متفق عليه لارتبط الاخاء بين الشعبين برباط من الدم لن ينفصل لاجيال والايام الحاسمه فى نوفمبر 1924 ومعركه الحياه او الموت فى شوارع الخرطوم كانت نقطه انطلاق للقوميه السودانيه والشخصيه السودانيه ) هذه كلمات حسين صبرى ذو الفقار .
نهاية اقتباس
احساس المرارة التي احس بها السودانيين بسبب خيانة الجيش المصري ،،العملاق،، كان كبيرا ، لان السودانيون لم يتعودوا على الهرب من القتال . الجيش المصري كان يحتل الكثير من المواقع منها اشلاق عباس في الخرطوم حيث سكن ناصر ورفيق حياته عبد الحكيم عامر وللاثنين ابن يحمل اسم الآخر .بالرغم من الصداقة تخلى ناصر عن رفيق عمره ليتحمل عبد الحكيم كل الغضب الشعبي وفضيحة الهزيمة. في الاجتماع الاخير في منزل ناصر ، خان ناصر رفيق دربه . انتقل ناصر الى الطابق الثاني . وترك عبد الحكيم عامر يتعرض للشتم والاهانة من اعضاء مجلس الثورة . وعندما تطاول السادات قال له عبد الحكيم .....حتى انت يا بربري يا ابن الاحبا .اخيرا خان رجال الثورة بعضهم البعض. ناصر لم يشارك في ،، الثورة ،، لانه وعبد الحكيم كانا في العريش ولم يكن عندهما جنود في القاهرة . اول خيانة من ناصر كانت لخالد محي الدين الظابط في سلاح الفرسان وصاحب كتاب والآن انا اتكلم ....خالد محي الدين جند ناصر في الحزب الشيوعي . انضم ناصر للاخوان المسلمين فيما بعد وعندم وصل الى السلطة قام بسحق الاخوان المسلمين ووضع الشيوعيين في السجون وتعرضوا للتعذيب .وتمتع ناصر بالسلطة لثلاثة عقود.
خرج الشعب المصري مناشدا ناصر لسحب استقالته التي كانت عبارة عن مسرحية فقد كان الشارع قد تمت تعبئته بانصار ناصر والاتحادي الاشتراكي .
هنالك وصف لهروب الجيش المصري الذي كان السودانيون يعولون عليه في دخول المعركة كمساعدة لمصر الجارة العزيزة التي بطش بها البريطانيون . عندنا مثل يغطي الذي حصل .... ساعدوه في قبر ابوه دسا المحافير ..... والاكثر بلاغة هى الاغنية التي نظمها ود الرضي وغناها سرور، والاثنان كانا من المناصرين لمصر والجيش المصري .
يا حليل الجيش الرحل .... لو قريب في زحل .
الكبار قد عرفوا المصريين الذين كانوا ازرع البطش النهب للاتراك في السودان . عرفوهم في الحروب وكيف خانوا عبد الرحمن النجومي الذي كان يحسب ان المصريين سيدخلون الحرب بجانبهم للتخلص من الانجليز . المصريون حاربوا بجانب البريطانيين . قتلوا السودانيين وقاموا بتعذيبهم والفتك بهم حتى وهم اسرى . لهذا لم يقف الكبار مع الشباب السوداني في مساندة مصر وقتال الانجليز .الجنود المصريون هم من استباح العاصمة نهبوا كل شئ لثلاثة ايام في 1898. ولو لا ان الانجليز قد حرموا الاعتداء على النساء فمن المؤكد ان المصريين لما توقفوا . لقد تعرض بعض السودانيات للاغتصاب بعد هزيمة عبد الرحمن النجومي في جنوب مصر .
مصر لم تقيم ابدا وقوف السودانيين معها في احلك ظروفها . لقد استضاف السودان الكلية الحربية المصرية ووضعوا كل امكانيتات السودان تحت تصرف سلاح الجو المصري في جبل اولياء ووادي سيدنا حيث احتفظوا بالطائرات الحربية بعيدا عن اسرائيل . قام الظباط والجنود المصريين بافراغ السوق من المنتجات الاوربية خاصة الدواءالتي كان السودان يشتريها بالعملة الصعبة وكان الظباط والجنود المصريون يمارسون المتاجرة بها في مصر ، عندما كانت روسيا تحاول اعادة تأهيل الجيش المصري بعد الهزيمة سقطت طائرة في روسيا مليئة بالجنود والظباط المصريين . الجميع كانوا يحملون الحلى المصرية الذهبية لأن اسعار الذهب كانت جد غالية لان حيازة الذهب لم تكن مسموح بها في الاتحاد السوفيتي . وقتها مصركانت محاربة تجاريا من العالم وتفتفر للعملة الصعبة .بعد بيع الذهب كان المصريون يشترون البضائح الروسية المدعومة للمتاجرة بها في مصر .
الغضب دفع االكبار الى الخروج عن طورهم وخرجوا عن المعقولية ووصفوا من شارك في انتفاضة 1924 باسوأ الاوصاف
اقتباس ..... من تصريح زعماء الطائفية الادارة الاهلية كبار التجار الخ . .
” أهينت البلاد عندما تظاهر أصغر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم مركز فى المجتمع بأنهم المتصدون والمعبرون عن راى الامة……..ان الشعب السودانى ينقسم الى قبائل وبطون وعشائر، ولكل منها رئيس او زعيم او شيخ ، وهؤلاء هم أصحاب الحق فى الحديث عن البلاد……من هو على عبد اللطيف الذى أصبح مشهوراً حديثاً والى أى قبيلة ينتمى؟
نهاية اقتباس
خرج طلاب الكلية الحربية متظاهرين وهم يحملون اسلحتهم لمناصرة مصر . تم اعتقال الطلاب الحربيين وضاع مستقبلهم كظباط . وظيفة الظابط كانت ما يحلم به اغلب الشباب . طردوا من الكلية بعضهم حكم عليه بالسجن لخمسة سنوات . قام الانجليز بقفل الكلية الحربية السودانية ، لانها خرجت من قام بقتل الانجليز دفاعا عن الجيش المصري الذي ذهب الى زحل .اعتبروا الامر جزاء سنمار.
قائد الجيش المصري احمد بك , كان يقول على رؤوس الاشهاد بأنه اذا صدرت الأوامر برحيل الجيش المصري , فأنه سيقوم بدك معسكرات الانجليز . لأنه هو الذي يسيطر على المدفعية . و صدق الجنود السودانيون . و كان أغلبية الجيش السوداني من ظباط و جنود يتكون من قبائل غير قبائل وسط السودان . و كانت الاغلبية من النوبا و الجنوبيين .
عندما أتت الأوامر برحيل الجيش المصري تحرك الظباط و الجنود السودانييون من معسكر المقرن . و هذا في الصباح الباكر . و كانت تتبعهم الذخيرة على عربة كارو . و ل كل هذا مدون في كتاب مؤرخ السودان الاستاذ محمد عبد الرحيم عن انتفاضة 1924. و يا حبذا لو استطاع هاشم بدر الدين محمد عبد الرحيم من اعادة طباعة كتب جده . تلك المجموعة تقول بالمفتوح انهم ذاهبون ( لدواس الانجليز ) . و كانوا يهتفون و يهزون اسلحتهم كعادة السودانيين في الحرب. و أسرعت بعض الأسر الأوربية لأخذ اطفالهم من مدرسة اليونتي . و هذا ما دفع بمديرة المدرسة للاتصال بالمسئولين . و سارع الجيش الانجليزي بقفل كبري بحري . الذي كان يمرر القطار . و كبري النيل الازرق لم يكتمل الى في سنة 1927 . و بدأت المعركة . و لم يتحرك المصريون . فذهب الظابط سيد فرح المحسي الذي كان يجيد السباحة , سباحةً الى بحري . و اصيب برصاصتين الى انه واصل . و طالب المصريين بالتحرك كما وعدوا ، و ردهم كان ( ما جاتناش اوامر ) . و كما أورد قائد الجيش المصري في السودان فيما بعد , قائد السرب حسين صبري ذو الفقار , و كما اورد في كتابة سيادة السودان , فأنه قد عرف لأول مرة من ابراهيم بدري في اجتماع 1952 , أنه بينما كانت المعركة دائرة , كان الظباط المصريون في السوق يشترون الاناتيك و البضائع , و يحزمون الاسلحة و الذخائر التي كان من المفروض ان يخوضوا بها الحرب بجانب السودانيين .
و حارب الابطال السودانيون بالرغم من قلة عددهم الى ان نفذت ذخيرتهم . فأتجه عبد الفضيل الماظ الى المستشفى العسكري لوجود ذخيرة هنالك . و بينما هو يقوم بكسر باب المخزن انقض عليه ظابط بريطاني . و تبدأ عملية مصارعة . يحسمها اثنين من الاطباء السوريين الذين يتدخلا لصالح البريطاني و يقوما بالأمساك بالبطل عبد الفضيل الماظ . و هنا يتدخل البطل الجندي الغير معروف كودي . و كودي هذا اسم نوباوي مائة في المئة . و يقتل كودي البريطاني و الطبيبين الشاميين . و يتحصل عبد الفضيل على الذخيرة . و تستمر المعركة . و يموت كل من يحاول الاقتراب من المستشفى . و اخيراً يضطر الانجليز لهدم المستشفى على رأس الابطال عبد الفضيل و الجندي كودي . و في الصباح يجد الانجليز جثمان البطل عبد الفضيل . و البطل كودي كان مصاباً و لكن كان لا يزال فيه عرق ينبض . و هنا تنتهي سيرة البطل كودي . و لا نعرف هل تعالج و أعدم مع الآخرين ام انه قضى نحبه . فمن يهتم ؟ و لم يعرف اي انسان من أي جبل اتى كودي؟ و من هو والده و اخوتة ؟ . بالرغم من انه دفع حياته لمصروألسودان .
بعد نفاذ الذخيرة و التأكد من الخيانة المصرية تراجع السودانييون . و تركوا احد الجنود عند المقرن . و هذا ما عرف بعسكري الماسورة . و النوبة كانوا رائعيين في اصابة الهدف . و قام عسكري الماسورة بأصطياد البريطانيين من داخل ماسورة تصريف مياه الامطار . فأوعز الانجليز لبعض الجنود التعايشة بأن الثوار يريدون ارجاع التركية . فقاموا بأشعال النيران من جانبي الماسورة و مات عسكري الماسورة بالأختناق و بالأيدي السودانية .
ترك المنسحبون الى امدرمان اثنين في الجزيرة التي تحت اقدام كبري الحديد الآن . و تمركز احدهم في وسط الجزيرة . و تصادف مرور الباخرة التي أرجعت الجنود البريطانيين و و كانت في طريقها الى الدويم . و من الباخرة قتلوا السوداني المتمركز في وسط الجزيرة لتغطية انسحاب البقية , مخاطراً بحياته . و نزل تسعة من الجنود البريطانيون لحمل جثة الجندي السوداني و استعادة سلاحه . و لكنهم لم يعودوا لانه كان هنالك سوداني اخر و ما عرف بعسكري العشرة , فقلد اصطاد التسعة و اذكر انني قلت في قصيدة : ( يا عسكري العشرة براك بأبعشرة جدعتهم عشرة ) و اب عشرة طبعاً هي البندقية التي كان كانت معروفة وقتها . و لكني ارجح ان الجندي كان يحمل ماكسيم و إلا لما استطاع ان يصطاد تسعة من الجنود . و المكسيم كان سلاح الظباط . و كنت اسمع في امدرمان بان ما قتلهم هو الكابتن قسم السيد خلف الله والد الظابط خلف الله قسم السيد و الاخوة عبد الرحمن و علي و محمود و حليم و أحمد . و لم تثبت إدانته , إلا انه طرد من الخدمة . و أجبر مع آخرين على مشاهدة شنق زملائه . و هذا البطل عمنا قسم السيد خلف الله هو الذي تبرع بمنزله الفاخر في أكبر شارع في السودان , شارع الموردة , ليكون نادياً للظباط السودانيين لأن البريطانيون لم يكملواوعدهم ببناء نادي للظباط السودانيين . و لقد ارتحل الى منزل من الجالوص في فريق السروجية بالقرب من قبة الشيخ البدوي بالعباسية . و من يعرف الآن العم قسم السيد ؟ . و أبنه خلف الله قسم السيد كان من أول الظباط الذين طردتهم المخابرات المصرية من الخدمة عندما استلم عميل مصرنميري السلطة في مايو 1969. قال السادات بأن الروس قد طلبوا منه التدخل لأنقاذ عبد الخالق إلا انه طلب من نميري ان يقضي عليه . و عبد الخالق قد سماه والده على الصاغول المصري و مأمور امدرمان ، و التي كانت جنازته في امدرمان الشرارة التي اشعلت انتفاضة 1924 .
المصريون كان يشتكون كل الوقت بأن الانجليز كانوا يعاملونهم بأحتقار , و عدم احترام . و كان القائد المصري يقول لهم أن السبب هو أن الجندي أو الظابط السوداني لا يتقبل الأهانة . و كما ورد في كتاب دفع الافتراء للأستاذ محمد عبد الرحيم , فلقد استشهد أحمد بك القائد المصري بأن المفتش الانجليزي قد اطلق النار على بغل كان يأكل في جنينته , و هذا في كادقلي . فأتت المفتش الانجليزي رسالة من الظابط السوداني , بأن البغل يساوي 12 جنيهاً سودانياً و هذه ثروة وقتها , و اذا لم يدفع الانجليزي المبلغ الى نهاية اليوم , فسيلحق بالبغل . و اضطر البريطاني على دفع المبلغ صاغراً . و مبلغ 12 جنيهاً كان مبلغاً كبيراً وقتها. و لا بد أن الانجليزي قد استدانه أو تحصل عليه بصعوبة . هذا الظابط يرجح انه حسن فضل المولى الذي كان أحد الاربعة الذين حكم عليهم بالأعدام لقتلهم الانجليز في حوادث 1924 . و هؤلاء الابطال هم ثابت عبد الرحيم , حسن فضل المولى , سليمان محمد , و علي البنا . و استبدل حكم الاعدام على علي البنا الى السجن . و مشى الآخرون بثبات نحو الأعدام , و لقد اشاد بشجاعتهم الانجليز . و هؤلاء كانوا يحملون دماء من يتعرضون الى القتل و التقتيل الآن . لأنهم ليسوا من ابناء الوسط .
في الستينات كانت مجموعتنا في الموردة تتكون من شقيقي الشنقيطي و حسن اميقو و عبد المنعم عبد الله حسن عقباوي و عثمان ناصر بلال و تؤام الروح بله . كانت الزعامة الى من هم أكبر منا سناً مثل الجاك الماظ و حسن مسار رحمة الله على من ذهب . و الجاك الماظ كان لاعب كرة في فريق الموردة قديماً و هو عم لاعب فريق الموردة السني الماظ الذي لعب كذلك في الموردة عندما كانت الموردة ( بتلعب ) . و السني و شقيقه عبد الرحمن يشاركونا السكن في كوبنهاجن .
و يبقى عبد الفضيل الماظ اعظم الابطال السودانيين , و الآن يهاجم اهله و اهل البطل كودي الذي كذلك حارب الى آخر رمق . بالنسبة لجيلنا و كما تعلمنا في امدرمان , فهؤلاء أهلنا و ابطالنا و قدوتنا و لم يكن هنالك تفرقة بين الناس . و الآن في الانقاذ يجرم الناس أو يكرمون بسبب شكلهم و سحنتهم . و سيظل عبد الفضيل الماظ و الذي يحمل دماء المورو أعظم ابطال السودان . و التحية لأسرة الماظ
من وقف بصلابة امام التغول المصري على السودان هم الرجال الذين في بداية شبابهم ضحوا بمستفبلهم راحتهم حريتهم وشاهدوا رفاقهم يموتون دفاعا عن مصر في انتفاضة 1924 . على رأس الجميع البيه عبد الله خليل الذي شاهد زملاءه الظباط يموتون او يعدمون . عبد الله خليل اكثر من انتاشته سهام المخابرات المصرية ووصف بابشع الصفات اقلها العمالة للمستعمر . السب الاكبر هو ان عبد الله خليل هو من اعطى الاوامر الى الجنود السودانيين بالضرب في المليان عندما حاول ناصر احتلال حلايب في 1958. تراجع ناصر . عبد الله خليل هو من اسس حزب الامة ورفع شعار السودان للسودانيين كان معه القائم مقام حسن الطيب وثالث نسيته . هذا الحزب قام عبد الرحمن المهدي بسرقته بمساعدة بعض المتعلمين من خدم الطائفية والدجل الديني على رأسهم عبد الرحمن على طه اول وزير للتعليم في زمن الانجليز .
عبد الله خليل مولود في دراو في جنوب مصر سمعته يتحدث بلهجة مصرية.... حسين صبري ذو الفقار. العبابدة والبشاريون تواجدوا في جنوب مصر . مات رئيس الوزراء عبدالله الخليل والمخابرات المصرية الى اليوم وعملاء مصر يصفونه بعميل الاستعمار . كل من وقف امام تغول مصر يحارب اليوم ويصف بالعمالة .
فلنقرأ لمصري امين وهو من كان على رأس الجيش المصري في السودان .
اقتباس
لحسين صبرى ذو الفقار كتاب رائع اسمه سياده السودان وكتاب آخر (ثورة يوليو واتفاقية السودان) (ثورة يوليو واتفاقية السودان) حسين ذو الفقار صبري اخر قائد للجيش المصري في السودان وعضو لجنة الحاكم العام واحد صناع اتفاقية السودان عام 1952 , وكانت المعضلة في بقاء الحاكم العام بعد الاتفاقية بسلطاته المطلقة 0 وقصد حسين ذو الفقار السيد ابراهيم بدري في منزله بامدرمان ليستمع اليه فيما كان يجريه من مشاورات مع زعماء الاحزاب السياسية , فأشار عليه بتكوين لجنة للحاكم العام تحد من سلطاته المطلقة . يقول حسين ذو الفقار في كتابه (صفحة75) ولكني مسلح بتفويض من ابراهيم بدري رئيس الحزب الجمهوري الاشتراكي – ذاك الذي اتهم زورا بانه عميل للانجليز – بأن ينص علي تكوين لجنة دولية ذات اختصاصات تحد من سلطات الحاكم العام 0 اقتراح حملته عنه امانة في عنقي , فقد عاقته ظروفه الصحية عن الحضور بنفسه , ولكنه اوفد بعضا من اقرب المقربين اليه من اعضاء حزبه المؤسسين)) واخذت الحكومتان البريطانية والمصرية باقتراح هذا الرجل العظيم وتكونت لجنة الحاكم العام من خمسة اعضاء : بريطاني ومصري وثلاثة سودانيين هم سرسيو ايرو والدرديري محمد عثمان وعبد الفتاح المغربي 0
وتنبع اهمية وصدقية هذا الكتاب من ان كاتبه اول مصري – صاحب مكانة عالية – يشخص العلاقة بين مصر والسودان بصدق وامانة لانها كانت علاقة استعمارية , والسيد بالمستعبد , وبالاستغلال والاحتقار وذلك منذ عهد محمد علي باشا والي استقلال السودان 0
نهاية اقتباس
ابراهيم بدرى هو الذى سحب البساط من تحت اقدام الحاكم العام . فهو الذى خلق اللجنه التى ادارت البلاد . ووضع هذا الوضع سلطه كبيره فى يد الازهرى . لم يحسن استخدامها . والنتيجه كانت ثلاثه غلطات هى اول مارس , حوادث جوده ومشكله جنوب السودان فى 55 .
لقد ضم الحزب الجمهورى الاشتراكى اسود السودان واقوى رجاله . النوع الذى ،،لا يوضع تحت ،، الاباط ،،. منهم المفكر مكى عباس اول رئيس سودانى لمشروع الجزيره . ابراهيم موسى مادبو ، منعم منصور والزعيم القبلى يوسف العجب .,سرور رملي ,. ابو سن ., الدرديرى نقد ., مالك ابراهيم مالك المحامى ., زين العابدين صالح . وكان يعمل في تحرير جريده الحزب ،، الرائد الشاب محمد خير البدوى وآخرين . اورد حسين صبرى ذو الفقار ان الحزب الجمهورى الاشتراكى كان الحزب الوحيد الذى اهتم بمشكله الجنوب والشمال . وعارض الحزب السيطره المصريه بشراسه . وكما عارض بشراسه اكبر تطلعات السيد عبد الرحمن المهدى لان يكون ملكاً على السودان .
نهاية اقتباس
لقد اثبتت الايام ان فكرة انتفاضة1924 كان فكرة شجاعة قادها اشجع الشباب ، الا انها كانت خاطئة . الدليل هو ان من دعوا اليها قد صاروا اكبر اعداء الانحاد مع مصر . ما تقوم به مصر من تخريب السودان ومحاولة تحطيمه لدرجة انه لن يصلح الى لانتاج المواد الخام التي تحتاجها مصر .
ما قام به ابراهيم بدري القانوني من تكوين لجنة تطيح بسلطة الحاكم العام كانت فكرة نبيلة الا انها متسرعة وضعت السلطة في ايادي غير خبيرة وهى تحت السيطرة المصرية التي لا تهمها رفاهية السودان ويخافون ديمقراطية السودان لانها قد تكون معدية !!!.
كركاسة
الامريكان لا يحسون بالخجل لمناصرتهم اسرائيل في القضاء على سكان غزة والضفة الغربية . اسرائيل تعلمت من ما قام به البيض مع الهنود الحمر . لقد افنوهم بالحرب ، الجوع والامراض . آخر معركة دارت بين الجيش الامريكي والهنود الحمر كان معركة ،، ووندد ني ،، وقتل فيها زعيم الهنود الحمر ،، بيق فوت ،، . الفلسطينيون يموتون وبقية العرب بين شامت ومتفرج . جنوب افريقيا تحارب من اجل فلسطين !!
شوقي.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
في ذكرى انتفاضة الحركة الطلابية.. نساء على خط المواجهة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد الدكتورة لطيفة الزيات من أبرز الرموز النسائية التي حملت راية التحرر الوطني، حيث ولدت في أغسطس 1923، بعد سنوات قليلة من ثورة 1919 التي كانت الشرارة الأولى للانتفاضة النسائية في مصر.
نشأت لطيفة لأسرة من الطبقة الوسطى، وكان والدها موظفًا يتنقل بين عدد من المدن بحكم طبيعة عمله في مجالس المديريات، وتنقلت في تعليمها بالعديد من المدارس بين دمياط والمنصورة، إلى أن توفى والدها وهى فى الثانية عشرة من عمرها، وانتقلت مع أسرتها إلى القاهرة.
شغلت لطيفة الزيات رئاسة قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية البنات جامعة عين شمس لدورات متعددة، ظلت تمارس مهامها في التدريس والإشراف العلمي بالكلية حتى وفاتها عام ١٩٩٦، رأست قسم النقد بمعهد الفنون المسرحية، وعملت مديراً لأكاديمية الفنون، كانت عضو مجلس السلام العالمي، وعضو شرف اتحاد الكتاب الفلسطيني، وعضو بالمجلس الأعلى للآداب والفنون، وعضو لجان جوائز الدولة التشجيعية في مجال القصة، ولجنة القصة القصيرة والرواية، كما انتخبت عضوًا في أول مجلس لاتحاد الكتاب المصريين، ورئيس للجنة الدفاع عن القضايا القومية 1979، ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات العالمية، كما أشرفت على إصدار وتحرير الملحق الأدبي لمجلة (الطليعة)، وتابعت الإنتاج الأدبي بالنقد الأدبي، في برنامج إذاعي من 1960 إلى 1972.
نشر لها العديد من المؤلفات الأكاديمية، والترجمات، كما صدر لها مؤلفات إبداعية إضافة إلى العديد من الأبحاث، في النقد الأدبي الإنجليزي والأمريكي، ونشرت أول عمل روائي لها في عام 1960 بعنوان "الباب المفتوح"، وتوفيت لطيفة في 11 سبتمبر عام 1996 إثر صراع طويل مع مرض السرطان.
عاشت لطيفة العديد من الأحداث التي مرت على مصر، حيث شاهدت وهي في المرحلة الثانوية حصار قصر عابدين، والمظاهرات ضد إسماعيل صدقي باشا، وهو ما ترك داخلها نزعة قومية كانت بداية طريقها إلى الأحداث التي شاركت فيها بعد ذلك، والتحقت بقسم اللغة الإنجليزية، بكلية الآداب، جامعة فؤاد الأول "القاهرة" وحصلت على الليسانس عام 1946، وكان اهتمامها ومشاركتها بالعمل الوطني الديمقراطي بدأ من أوائل الأربعينيات من القرن الماضي.
شكل الطلاب الشيوعيون مجموعة سميت منظمة «أيسكرا» أو الشرارة، انضمت لطيفة الزيات إلى هذه المنظمة ونشطت تعمل فى إطارها، وانتخبت وهي في الفرقة الرابعة في سكرتارية اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال، التى شاركت في العديد من التظاهرات الطلابية التي جاءت فيما بعد.
وعن هذه الفترة كتبت لطيفة في مذكراتها الشخصية التي كتبتها بعد سنوات بعنوان: "أوراق شخصية": أنه يصعب على الإنسان تصديق التطور الذى حدث لهذه الفتاة بعد سنتين من بداية دراستها الجامعية، والحركة الوطنية تتصاعد فى مد ثورى فى الجامعة، وهى تتقدم لتلقى الخطب الرنانة على سلالم إدارة الجامعة، وعلى عتبة كلية الحقوق، وعلى منبر قاعة الاحتفالات، وعند نصب الشهيد عبد الحكم الجراحى، وهى تعقد الاجتماعات وتقود المظاهرات وتتصدى للرفض الذى يشكله طلبة «الإخوان المسلمين»، لم يعد جسدها يربكها ، لم تشعر أن لها جسدًا، نسيت والناس تعيد صياغتها، تمدها بقوة لم تكن لها أبدًا، وبثقة لا حدود لها، ترفعها الأكف كالراية، تنصبها مفكرة وزعيمة وتحيلها إلى أسطورة، نسيت أنها أنثى على الإطلاق، عندما التحقت بالجامعة جاءت ومعها كل شعور البنت بالنقص، وكل هذا الإصرار على التحدى والرغبة فى إثبات مساواة المرأة بالرجل، لم تستشعر النقص والطلبة والطالبات يرفعونها بالانتخاب الحر من مرحلة إلى مرحلة حتى ينصبوها واثنين من زملائها كممثلين للسكرتارية العامة للجنة الوطنية للطلبة والعمال، من عباءة الوصل الجماهيرى ولدت، ومن الدفء والإقرار الجماهيرى تحولت من بنت تحمل جسدها الأنثوى وكأنما هو خطية، إلى هذه الفتاة المنطلقة الصلبة القوية الحجة، التى تعرف كيف تأنس للجماهير، لن تلبث عزلتها أن تنكسر، تواتيها القدرة على الإقناع، تتلفع بالدفء والقوة من جديد، رأست ضمن من رأسوا اللجنة الوطنية للطلبة والعمال، ودخلت سجن الحضرة بالإسكندرية قضت فيه ستة أشهر كاملة من الحبس الانفرادى، وقد اختارت أن تتزوج من زميل لها دون الرجل الذى أحبته فى بداية دراستها الجامعية، حتى لا تبتعد عن العمل السياسى الذى آمنت بضرورته".
هكذا شرحت لطيفة الزيات تحول شخصيتها ومشاركتها في العمل السياسي، والذي قادها إلى تصدر صفوف الحركة الطلابية.
ارتبط اسم لطيفة الزيات باللجنة الوطنية للعمال والطلبة، و بمظاهرة يوم الجلاء ٢١ فبراير ١٩٤٦، وهو يوم له أهمية بين أحداث النضال الوطني في التاريخ الحديث حسبما وصفه الدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة السابق خلال حديثه عن لطيفة، كما أنه يوم فاصل في تاريخ الحركة الطلابية.
د. لطيفة الزياتفي ديسمبر ١٩٤٥ طالبت الحكومة المصرية، بريطانيا، بالدخول في مفاوضات لتعديل اتفاقية ١٩٣٦، وردت بريطانيا بالرفض في أواخر يناير ١٩٤٦، كان وهو ما فجر الغضب الشعبي ضد الوجود البريطاني في مصر والسودان، وجاءت الشرارة من الجامعة، فتصاعدت الأحداث بسرعة ووصلت ذروتها في فبراير ١٩٤٦، انتفاضة طلابية يقودها طلاب الوفد والطلاب المنتمين إلى الحركة الشيوعية، وكانت في مقدمتهم لطيفة الزيات، وتصاعدت حركة الاحتجاج وسط طلاب الجامعة، ووصلت الأمور إلى ذروتها يوم السبت ٩ فبراير ١٩٤٦ عندما خرج الطلاب في مظاهرات حاشدة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) قاصدين قصر عابدين مقر الملك وهم يهتفون للجلاء، وعند كوبري عباس تصدت قوات الأمن للمظاهرة لمنعها من العبور إلى القاهرة، وفتحت قوات الأمن الكوبري لمنع المظاهرة من العبور إلى القاهرة، وتواصلت المظاهرات في اليوم التالي في القاهرة وفي عدد من المدن المصرية، وسقط فيها شهداء وجرحى فاضطر رئيس الوزراء للاستقالة.
سُجنت لطيفة الزيات مرتين، المرة الأولى عام 1949، في قضية الانضمام لتنظيم شيوعي، وكان عمرها 26 عامًا، وذلك بعد زواجها من أحمد شكري سالم، الذي انفصلت عنه بعد الحكم عليه في نفس القضية بسبع سنوات، بينما خرجت هي من الحبس لتعلن انفصالها.
سجنت لطيفة في المرة الثانية، في عام 1981، ضمن حملة الاعتقالات الواسعة التي جرت بحق كتّاب وصحفيين ومعارضين لحكم الرئيس السادات، وكان عمرها وقتها 58 عامًا.
بعد خروجها من السجن في المرة الأولى، حصلت لطيفة على دبلوم معهد الصحافة في 1952، وعلى درجة الدكتوراة من قسم التحرير والترجمة والصحافة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، عن بحث بعنوان "حركة الترجمة الأدبية من الإنجليزية إلى العربية في مصر في الفترة ما بين 1882- 1925 ومدى ارتباطها بصحافة هذه الفترة".
وكان من ضمن مؤلفاتها كتاب "الباب المفتوح" الذي وصفه البعض بأنه التجربة الشخصية التي مرت بها لطيفة، ومثلتها ليلى في فيلم الباب المفتوح، كما كتبت سيرتها الذاتية في 1992 بعنوان "حملة تفتيش - أوراق شخصية"، لتحكي تجربتها ومعاناة تلك الفتاة التي دخلت عالم السياسة وتحولت حياتها رأسًا على عقب، لتكون علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، كما ألفت رواية صاحب البيت، ومسرحية بيع وشرا، والعديد من المقالات في النقد الأدبي.
إنجي أفلاطون.. أرستقراطية تركت القصور من أجل النضال
رحلة فن وعطاء وكفاح ضد المستعمر ومن أجل حقوق المرأة
لوحاتها صورت مقاومة المصريين ضد قوات الاحتلال البريطاني
رائدة الفن التشكيلي تطوع ريشتها لخدمة المجتمع وانحازت للبسطاء
ولدت إنجي أفلاطون ، في 16 أبريل 1924، في قصر بالقاهرة، لأسرة من الطبقة الأرستقراطية، حيث كان جدها الأكبر وزيرًا في عهد الخديوي إسماعيل.
تلقت إنجي تعليمها في مدرسة الليسيه الفرنسية حيث حصلت على شهادة البكالوريا، وفي بداية الأربعينيات كانت من أوائل الطالبات اللاتي التحقن بكلية الفنون الجميلة في جامعة القاهرة.
إنجىبدأت إنجي طريق الإبداع الفني قبل أن تدرس فن الرسم دراسة أكاديمية، إذ استقدم لها والدها معلمًا حين لمس شغفها بالرسم، لكنها رفضت الأسلوب الإملائي في الفن، فعاد والدها وألحقها باستوديو "جاتروس أمبير" بالقاهرة، الذي أصبح بمثابة أكاديمية خاصة عام 1941، لكنها تركته بعد شهر واحد بحثا عن الحرية في التعبير.
عبرت إنجي عن نفسها في العديد من اللوحات التي رسمتها منها لوحات "الوحش الطائر" 1941، و"الحديقة السوداء" 1942، و"انتقام شجرة" 1943، وفي نفس الوقت تقريبًا بدأت إنجي مشوارها الفني مع جماعة "الفن والحرية"، التي ضمت بين أعضائها محمود سعيد، وفؤاد كامل، ورمسيس يونان، وغيرهم، إلى أن أصبحت إحدى رائدات الفن التشكيلي في مصر.
في عام 1951 قدمت معرضها الخاص الأول، الذي غلب عليه الطابع الواقعي الاجتماعي، سواء في اللوحات التي عبرت فيها عن هيمنة الرجل على المرأة، أو اللوحات التي صورت الكفاح المسلح للمصريين ضد قوات الاحتلال البريطاني.
رغم انتماء إنجي للطبقة الأرستقراطية، إلا أنها قررت أن تترك كل ذلك خلفها واختارت طريق النضال من أجل الوطن وحرية المرأة، تبنت الفكر الماركسي اليساري، والتحقت بإحدى المنظمات الشيوعية في بداية عملها السياسي.
وتلقت العديد من دروس اللغة العربية، إذ أنها لم تكن تتقن التحدث باللغة العربية وذلك لكي تتصل بعامة الناس، كما أسست مع زميلاتها أول حركة نسائية بمصر "رابطة فتيات الجامعة والمعاهد" في عام 1945.
وفي العام نفسه سافرت إلى باريس لحضور أول مؤتمر نسائي بعد الحرب العالمية الثانية، وقد ربطت في كلمتها بين وضعية المرأة والاستعمار والرجعية، ويعد هذا المؤتمر من أهم العلامات في تاريخ الحركة النسائية العالمية، حيث اختارت هيئة الأمم المتحدة عام 1975، كعام عالمي للمرأة بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على انعقاد هذا المؤتمر، ولم تعش الرابطة طويلاً بسبب معاهدة إسماعيل صدقي بك التي أوقفت نشاط الجمعيات الوطنية.
كافحت إنجي بجوار لطيفة الزيات، وشاركت في مظاهرات الطلبة من خلال لجنة الطلبة والعمال، وكانت ضمن 12 فتاة في اللجنة التنفيذية العليا، كما شاركت عام 1946 م، في المؤتمر التأسيسي لاتحاد الطلبة العالمي في براغ وفي عام 1947 شاركت في مهرجان الشباب العالمي.
تم اعتقال إنجي في 1959، وكان أول قرار جمهوري يصدر لاعتقال بحق "امرأة" لنشاطها السياسي وقضت في سجن النساء بمدينة القناطر الخيرية أربع سنوات ونصف، وفي نفس العام الذي سجنت فيه فازت بالجائزة الأولى وقيمتها 500 جنيه في مسابقة المنظر الطبيعي، وهذه الجائزة كانت مقدمة من وزارة الثقافة والإعلام.
تقول إنجي في مذكراته الشخصية "من الطفولة إلى السجن" التي كتبتها بالفرنسية وتُرجِمت إلى العربية: "في ذلك الوقت أيضاً – الأربعينيات - تأسس أكثر من تنظيم شيوعي سري. وكنت أبحث تائهة عن أي انتماء. ذلك ما يتفق مع اقتناعي بالاشتراكية العلمية، وهو سبيل جهادي في تحقيق مبادئي، وأخذت قراري بالعمل السري والعمل السري ليس هو الطريق المختار للأحزاب الشيوعية إنما هو الطريق الذي تفرضه عليها البرجوازية إذ تمنع أي مظهر من مظاهر النشاط الشيوعي الديمقراطي".
إنجى أفلاطونوتضيف: "لم يكن المجتمع الذي نزلت إليه يقبل بالاختلاط بين الجنسين إلا في حدود ضيقة للغاية. وكان عملنا السياسي سرياً فكيف إذاً يضم تنظيم سري فتيات وسيدات جنباً إلى جنب مع الرجال؟ هناك عقد الزملاء أنفسهم وهناك عيون المجتمع المرتبطة بنا وأبواق الرجعية التي تروِّج لشائعات كاذبة ومشينة عن الفتيات الماركسيات بهدف تشويه سمعتهن وكفاحهن أمام الرأي العام".
وتكمل: "في تلك الظروف صار من الضروري اتخاذ خطوة جريئة للتغلب على هذه المشكلة التي كانت تهدد التنظيم بالتنويع وتحويل أنظاره عن المشاكل السياسية الرئيسة إلى مشاكل جزئية وعاطفية فلجأنا إلى خلق "قسم نسائي" داخل التنظيم يفصل بين الجنسين من القاعدة حتى مستوى القسم ثم يعود الأمر طبيعياً في المستويات الأعلى، كان ذلك قراراً حكيماً وسليماً لأنه ساهم كثيراً في التغلب على مشاكل التخلف الموروثة والعقد الناتجة عنها كما أنه شجع كثيراً من المتزوجات على الانضمام إلى التنظيم حيث لم يعد هناك مبرر لاعتراض الأزواج".
وعن فترة السجن تقول إنجي: “كنت أريد أن أرسم السجن لولا تحذير مدير السجن لي. وقد حدث ذات مرة أن جاء ضابط كبير منهم لا أتذكر اسمه ليفتش على السجن وطلب مقابلتي وسألني عما أرسمه وهل أرسم السجن أم لا؟ فقلت له إن مدير سجن النساء يمنعني من رسم السجن فقال له: عندك إنجي أفلاطون هذه فرصة العمر، دعها ترسم كل شيء بحرية كاملة، هذا أمر ومن يومها انطلقت بلا قيود أو تردد أرسم وأسجل كل ما أريد داخل السجن، ومن أهم ما صورت داخل السجن انشراح وكان محكوماً عليها بالإعدام وتأجل تنفيذ الحكم عامًا حتى يبلغ طفلها الفطام، وطبعاً المحكوم عليهم بالإعدام يوضعون في زنزانة بحراسة خاصة لكي لا ينتحرون ويرتدون ملابس حمراء، وطوال فترة انتظار تنفيذ الإعدام على انشراح كنت أشعر بالمأساة الكبرى وراء قصتها فقد قتلت وسرقت تحت ضغط الظروف القاسية والبؤس الفاحش، ولما طلبت رسمها قال لي المدير حسن الكردي إن هذا شيء كئيب، وفعلاً رسمتها هي وابنها، وكانت هذه الصورة من ضمن الصور التي صادرتها المباحث".
توفيت إنجي أفلاطون في 17 أبريل 1989، بعد رحلة طويلة من الكفاح والعطاء والفن والنضال ضد المستعمر ومن أجل حقوق المرأة.