السودانيون اللاجئون إلى مصر أمام خيار العيش من دون مأوى أو العودة إلى الحرب في بلدهم
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
القاهرة - مع مرور عشرة أشهر على اندلاع الحرب في السودان، يقوم الكثير من السودانيين اللاجئين إلى مصر بخيار صعب بتمثل بالعودة الى بلادهم مع علمهم أنهم سيعيشون في الخرطوم تحت تهديد القصف فيما لا مأوى لهم في القاهرة.
وصلت رحاب إلى مصر مع أولادها قبل سبعة أشهر وكانت حاملا، بينما بقي زوجها في السودان حيث تدور منذ نيسان/أبريل الماضي حرب بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو.
وتقول لوكالة فرانس برس "ابنتي ولدت هنا ولا استطيع اطعامها".
وأوقعت الحرب آلاف القتلى بينهم 10 آلاف إلى 15 الفا في مدينة واحدة في دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كذلك تسبب النزاع بنزوح أكثر من ثمانية ملايين سوداني، حسب الأمم المتحدة، من بينهم 1,6 مليون يعيشون حاليا خارج السودان.
ويقول ابرام كير البالغ 28 عاما لوكالة فرانس برس إن غالبية السودانيين الذين لجأوا الى مصر "كانوا يظنون أن الحياة في مصر ستكون أفضل".
ويتابع كير الذي لجأ قبل خمس سنوات إلى مصر ويساعد راهنا اللاجئين الجدد "لقد اكتشفوا الحقيقة المرة، فليس لديهم مال ولا مسكن ولا ملابس شتوية لمواجهة البرد ولذلك يفضلون العودة".
تشير الأرقام الرسمية الى عبور 450 الف سوداني الى مصر منذ اندلاع الحرب. وتمكن آخرون من الدخول بشكل غير رسمي عبر الصحراء.
أراد هؤلاء الفرار من القصف. لكن بعد عدة أشهر بلا عمل ولا مسكن ولا مساعدة في بلد يعاني من تضخم يزيد عن 35%، تبخر ما كان يحملونه من مال.
ويضطر كثيرون للاقامة في شقق ضيقة تضم عائلتين أو ثلاث عائلات يعتمدون على دخل واحد فقط دون الحد الأدنى للأجور بكثير.
على سبيل المثال، يحاول دان مهيك أكوم الصمود من خلال العمل في تنظيف المنازل لكن صديقا له "لم يعد يستطيع توفير الطعام لعائلته وقرر العودة الى السودان".
"الموت أفضل"
تروي رندة حسين البالغة 33 عاما أن ابنة خالتها عادت في تشرين الأول/اكتوبر الى ضاحية الخرطوم، أحد أكثر الأماكن خطورة في السودان.
وتحكي هذه المدرسة التي لم تعد لديها أي أخبار عن ابنة خالتها، "قالت لنا الموت هناك أفضل من البقاء هنا".
بعد ذلك قررت رندة حسين استضافة سودانية أخرى هي شابة في العشرين أم لطفلين كانت تقيم لفترة من الوقت عند جدتها.
وتوضح أنها قررت استضافتها بعدما هدد أصحاب المنزل الذي تستأجره جدتها العجوز بالطرد إذا لم تغادر حفيدتها وطفلاها.
وتقول حسين "هذه الأم مصرة الآن على العودة الى السودان. تقول إنها لن تستطيع البقاء فلا تستطيع العمل بينما طفلها الأصغر عمره سنة واحدة. لكنها لا تعرف كيف تعود والى أين ستذهب".
فمن غير المؤكد أن يجد العائدون سقفا يؤويهم في بلدهم. فبيوتهم إما دمرت أو احتلها مسلحون فيما مخيمات النازحين تعاني من نقص حاد على كل الأصعدة، خصوصا في الأماكن.
وتقول الباحثة رجا مكاوي لوكالة فرانس برس "الناس مرغمون على الاختيار بين العيش بلا مأوى أو في خطر، ويفضلون العودة إلى السودان والتفاوض مع الأطراف المسلحة لضمان أمنهم على العيش في أوضاع بائسة تماما".
فالسودانيون في مصر يشكون من أن وضعهم بالغ السوء.
تعيش حواء تلفون في مصر مع زوجها منذ عشرين عاما لكنها طردت أخيرا من شقة كانت تستأجرها منذ خمس سنوات.
وتوضح أن مالك الشقة منحها "مهلة اسبوعين" للمغادرة لأنها تؤوي الكثير من اللاجئين على حد قوله.
وتؤكد أن شقيقها واسرته كانوا قد وصلوا للتو من السودان وتساءل باستياء "هل كان ينبغي علي أن أطردهم؟".
"عبء"
وتتزايد في القاهرة الشكاوى من طرد سودانيين من الشقق المستأجرة بحجة "اساءة استخدام المفروشات" أو "تضاعف عدد القاطنين في الشقة".
جاء ياسر علي البالغ أربعين عاما الى القاهرة في العام 2002 للدراسة. يقول لوكالة فرانس برس "في الشهور الأخيرة، كل شيء تغير حتى طريقة تعامل الناس أصبحت أكثر حدة"، فيما تتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي الشكاوى من "عبء" المهاجرين.
أعلنت القاهرة أخيرا أنها ستقوم بدراسة حول "كلفة" المهاجرين الذين أتوا من السودان وسوريا واليمن ودول إفريقية عدة.
ولا يحصل هؤلاء على أي مساعدات ولا يسمح للأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية بإقامة مخيمات لايوائهم، بل يتحملون كلفة إقامتهم وتعليم ابنائهم بالكامل.
في المقابل، تؤكد السلطات المصرية أنه بوسع المهاجرين التنقل والعمل بحرية.
غير أنه مع توافد اللاجئين السودانيين بدأ أصحاب الشقق في رفع سعر الإيجار، وفق ناشطين وخبراء.
يقول كير "إما أن تدفع ما يطلبونه أو يجدون شخصا آخر لاستئجار المكان".
ويضيف ياسر علي الذي يدير رابطة للتكافل بين السودانيين "نحن الآن لا نستطيع العودة إلى السودان ولا نستطيع الخروج الى مكان آخر وحتى لا نستطيع توفير سبل الاقامة في مصر".
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: لوکالة فرانس برس إلى مصر فی مصر
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان .. خسائر بمليارات الدولارات
بعد عامين من الحرب في السودان، تبرز الخسائر البشرية والمادية التي ضربت مجالات الحياة وألقت بظلالها على الشعب ودفعت ملايين للنزوح من منطقة لأخرى أو مغادرة بلادهم. وتداعيات الحرب المستمرة التي اندلعت في منتصف أبريل 2023، في العاصمة الخرطوم تمددت في ولايات الجزيرة وسنار وشمال النيل الأبيض وجنوب النيل الأزرق، ثم تراجعت نحو ولايات شمال كردفان وغربها وجنوبها وإقليم دارفور. وتشير لجنة الإنقاذ الدولية إن عدد الضحايا جراء الحرب وصل إلى 150 ألف شخص، وهو رقم أعلى من الحصيلة المعلنة للأمم المتحدة التي تتراوح حول 20 ألف قتيل. وأصدرت كلية لندن للصحة العامة في نوفمبر الماضي تقرير عن وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها منذ بداية الصراع في السودان وحتى يونيو الماضي بزيادة بلغت نحو 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب. ومن هؤلاء 26 ألف حالة وفاة نتيجة عنف مباشر متعلق بالحرب.
ووثّقت وزارة الصحة مقتل 12 ألف مدني وصلوا إلى مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية إن عدد الضحايا جراء الحرب وصل إلى 150 ألف شخص، وهو رقم أعلى من الحصيلة المعلنة للأمم المتحدة التي تتراوح حول 20 ألف قتيل، وفي السياق قد اصدزت كلية لندن للصحة العامة في نوفمبر الماضي تقريرا كشف من خلالة عن وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها منذ بداية الصراع في السودان وحتى شهر يونيو الماضي بزيادة بلغت نحو 50% عن معدل الوفيات قبل الحرب. ومن هؤلاء 26 ألف حالة وفاة نتيجة عنف مباشر متعلق بالحرب.
وتذهب المنظمة الدولية للهجرة في تقرير لها، إن النزاع المسلح في البلاد أدى إلى نزوح أكثر من 11.3 مليون شخص، مؤكده تضاعف حالات النزوح داخليًا حيث أضطر 8.6 ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم داخل السودان، في حين فر 3.9 ملايين آخرين غالبيتهم عبر الحدود إلى الدول المجاورة آخرهم بولايات إقليم دارفور.
وتوقع محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، في حديثه للصحفيين عودة نحو 2.1 مليون شخص إلى الخرطوم في الأشهر الستة المقبلة، ويمثل النازحون من الخرطوم 31% من الذين غادروا مناطقهم في ولايات البلاد. فيما أعلنت وزارة الصحة أن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار، فقد خرجت مايقارب نحو 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، ونهب أجهزتها ومعداتها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية، حيث أكد تقرير رسمي أن هناك 70% من المستشفيات والمراكز الصحية في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان، خرجت عن الخدمة، كما أدى القتال إلى خروج أكثر من 60% من الصيدليات والمخازن عن الخدمة، إما بالنهب أو التلف.
وفي مجال التعليم العالي، كشف تقرير رسمي أن نحو 120 جامعة وكلية حكومية وخاصة خصوصا في ولاية الخرطوم ينتسب إليها نحو نصف مليون طالب، خسرت بنيتها التحتية بصورة شبه كاملة. كما تعرضت 6 جامعات في الولايات للتخريب والتدمير منها 4 جامعات في دارفور.
أما في قطاع التعليم العام، فإن الحرب أخرجت أكثر من 17 مليون طفل من المدارس، وألقت بهم في مناطق النزوح واللجوء، ليضافوا إلى 6.9 ملايين طفل غادروا صفوف الدراسة قبل الحرب. قبل أن تستأنف المدارس نشاطها في الولايات الآمنة والتي أعاد الجيش السيطرة عليها في الخرطوم والجزيرة وسنار ومحليات في شمال كردفان والنيل الأبيض.
ويؤكد هنا خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر في مقال سابق له إن الإحصائيات الدقيقة حول أعداد المفقودين في السودان لا تزال غير متوفرة، لتباين الأرقام بين المصادر المختلفة، بينما تقدّر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو 50 ألف مفقود، وثّقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3177 حالة، بينهم أكثر من 500 امرأة و300 طفل.
وبشأن العنف الجنسي، فقد كشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة وهي جهة حكومية- عن تسجيل 1138 حالة اغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب وحتى فبراير الماضي من بينها 193 حالة بحق طفلات قاصرات، كذلك في شهر مارس الماضي أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” بأنها وثقت 221 حالة اغتصاب ضد الأطفال منذ مطلع العام الماضي، منهم 4 أطفال يبلغون عامًا واحدًا.
ووفق لدراسة حديثة أعدتها الحكومة، فإن الدمار والخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوداني جراء الحرب يُقدر بنحو 108 مليارات دولار، في وقت قدرت وزارة الزراعة والغابات خسائر القطاع الزراعي خلال عامي الحرب، بأكثر من 10 مليارات دولار. وتم تدمير ونهب الأصول الرأسمالية من معدات ميكانيكية وحركية وتخريب كل محطات البحوث الزراعية.
ويوضح تقرير رسمي أن الدمار بسبب الحرب، والتدمير الممنهج والنهب من قوات الدعم السريع طال 90% من القطاع الصناعي؛ إذ تضررت 3493 منشأة صناعية موزعة ما بين منشآت متوسطة وكبيرة بولاية الخرطوم، بجانب ولايتي جنوب كردفان والجزيرة، ويعمل بالقطاع أكثر من 250 ألف عامل، وتقدر خسائر القطاع بحوالي 30 مليار دولار.
كما تم تقدير خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الطيران المدني التي تشمل الأضرار الجسيمة في المطارات والطائرات الرابضة، وتدمير آليات الإسناد الأرضي، وأبراج المراقبة، وصالات الركاب، ومخازن البضائع، بحوالي 3 مليارات دولار.
أما في قطاع الكهرباء والمياه، فقد تم تدمير ونهب محطات المياه في العاصمة والولايات، وتدمير عدد كبير من محطات توليد الكهرباء ومنشآت التحويل وأبراج الضغط العالي والمنخفض. وتقدر خسائر قطاع الكهرباء والمياه بنحو 10 مليارات دولار.
وبخصوص خسائر البنى التحتية العامة في قطاع الوزارات والمؤسسات تشمل إحراق وتدمير الوزارات والمصالح والمرافق الحكومية، والجسور والطرق فتقدر هذه الخسائر بنحو 10 مليارات دولار أيضًا.
أمدرمان: الهضيبي يس
الوان
إنضم لقناة النيلين على واتساب