انطلاق المرحلة الثانية للحوار الوطني بآليات وأفكار جديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
انطلقت أمس الأحد أولى جلسات الحوار الوطني في مرحلته الثانية برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وبمشاركة القوى الوطنية والشعبية والهيئات والنقابات، التي تمثل جموع الشعب المصري لمناقشة المحور الاقتصادي.. فيما سبق الجلسة اجتماع لمجلس الأمناء بحث فيه المجتمعون الترتيبات الخاصة بجلسات الحوار في مرحلته الثانية، والتي جاءت استجابةً لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي باستئنافه لمناقشة مجمل القضايا ذات الشق الاقتصادي.
وعلى الرغم من المخاطر التي تحيط بالأمن القومي المصري ومجريات الأحداث على الحدود الفلسطينية والتهديدات، فإن القضايا ذات الاهتمام الاقتصادي احتلت موقع الصدارة في أولى جلسات الحوار المتوقع أن ينتهي في غضون أسابيع معدودة ليدخل حيز التنفيذ بوضعها أمام القيادة السياسية وتحويلها إلى مجلس النواب لإصدار التشريعات اللازمة لمجمل المحاور والقضايا بما يتلاءم وتطورات المرحلة الحالية. ياتي هذا بالتزامن مع انطلاق المرحلة الثانية للحوار، التي شهدت مراجعة تنفيذ توصيات المرحلة الأولى والجدول الزمني لهذا التنفيذ، مع التوازي في تناول المحورين السياسي والمجتمعي، بجانب المحور الاقتصادي، وكلها تهدف لوضع خارطة طريق وصولًا لإعداد مشروعات قوانين، مع تحديد الخطوات المقبلة وآليات العمل، وصولًا لرؤى تحمل حلولًا قابلة للتنفيذ. وإن كانت مناقشة القضايا السياسية والمجتمعية سبقتها مناقشة المحور الاقتصادي، لما يمثله من أهمية للخروج من الأزمة التي ألقت بظلالها على مجمل المحاور الأخرى.
الدكتور كرم سلام الخبير الاقتصادي، أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية قال لـ الأسبوع إن الاضطرابات الچيوسياسية والحروب المندلعة في فلسطين وعند مضيق باب المندب مع الحوثيين أثرت على إيرادات قناة السويس وإيرادات السياحة المصرية، والتي في محصلتها أثرت بشكل مباشر في حصيلة الموارد الدولارية للاقتصاد المصري. ومطلوب أن ينتهي الحوار الاقتصادي بتقديم حلول للأزمة، بتنويع محفظة أدوات الاستثمار غير المباشر من خلال: طرح أداة الصكوك التي تحظى بقبول كبير في الأسواق الدولية، وجذب استثمارات مباشرة دولارية في القطاعات الجاذبة للاستثمار كالطاقة النظيفة والمشروعات الصديقة للبيئة والسياحة، وتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب في ظل انخفاض التصنيف الائتماني، والذي يزيد المخاطر بالنسبة للمستثمر وتكلفة إصدار أدوات الدين.. مطالبًا بتفعيل الرقابة الشاملة لتسعير السلع والمنتجات من لحظة الإفراج عنها بالموانئ حتى وصولها إلى المواطن للحدِّ من الزيادات السعرية في السلع وعلى وجه الخصوص الأساسية، مع تحجيم الاستيراد واقتصاره على السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، ودفع ملفَّي الصناعة والزراعة بشكل أساسي، والتخلي عن البيروقراطية التي تعوق دخول المستثمر في شرايين الاقتصاد المصري من حيث تنويع مصادر استخراج التراخيص وتعدد الضرائب.. مع الإسراع في عمليات التحول الرقمي للاقتصاد المصري وزيادة معدلات الشمول المالي التي اقتربت من ٧٠% للحد من الاقتصاد الموازي والبيروقراطية وتحسين الأداء الضريبي.
وأضاف: على المواطن المصري تحقيق الرشد المالي، وخفض أوجه الإنفاق، والتركيز على الاحتياجات والضروريات خلال العامين 2024 و2025 والبعد عن الكماليات، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تؤثر بشكل رئيسي في أداء الأسواق، والتركيز على زيادة الدخل من خلال البحث عن أوجه عمل إضافية لزيادته في ظل انتشار أدوات ومواقع التسويق الإلكتروني، مع زيادة الكمية المنتجة من القمح المصرى، وتطبيق منظومة الدعم النقدي المشروط، واستخدام السياسية النقدية لمكافحة التضخم والتقليل من معدلاته. وعلى الشركات المنتجة للمواد الغذائية طرح منتجات جديدة بأسعار تستوعب زيادة تكلفة الإنتاج، وبما يمكِّن هذه الشركات من الحفاظ على حصصها السوقية الحالية وامتصاص زيادة التكلفة الإجمالية للمنتج.. مؤكدًا على ضرورة تفعيل وتشديد دور الدولة في الرقابة الداخلية على الأسواق وأسعار السلع وفرض أشد العقوبات على التجار الجشعين وزيادة الدعم وفرض الضوابط السعرية من جانب الدولة لكبح الآثار التضخمية الناجمة عن ارتفاع الأسعار العالمية، وتعزيز وتفعيل الدولة لشبكات الأمان الاجتماعي مثل مشروع «تكافل وكرامة» لحماية الأسر الفقيرة وتوفير التحويلات الموجهة لهم في إطارٍ من الشفافية.
وطالب سلام الأسر بخفض أوجه الإنفاق غير الضرورية والاكتفاء بالمتطلبات الأساسية في الوقت الراهن، مع ضرورة تفعيل العدالة الضريبية من جانب الدولة وتفعيل نظام الشرائح الضريبية، واستمرار الدولة في إجراءات الإصلاحات الهيكلية لتجاوز الصدمات الاقتصادية الكلية، وضرورة التنسيق بين السياسات المالية والنقدية وارتكازها على الأطر المتوسطة الأجل في المرحلة الراهنة للأزمة العالمية، وتغيير السياسات المالية والنقدية لإصلاح سوق العمل في مصر، وتغيير وتطوير سياسات التعليم لتتناسب مع سوق العمل، وخلق فرص عمل جديدة، وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال الاقتراض لتمويل البرامج التنموية، ودعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتأمين استقرار العملة، وتغطية العجز في المدفوعات الخارجية مع تمويل إضافي لتحفيز النمو الاقتصادي وتطوير الصناعات المختلفة.. مع إعادة النظر في هياكل الإنتاج المحلية خصوصًا، وتوفير التمويل من القطاع غير الحكومي لتغطية احتياجات اقتراض الحكومة.. وسد الفجوة التمويلية واستخدام السياسة المالية بالتحكم في معدلات الدَين الخارجي والداخلي وترشيد الإنفاق الحكومي، والحرص على ألا تتجاوز الديون العامة نسبة معينة من الدخل القومي، والتوقف عن الاقتراض من الخارج ومن الداخل، وإدارة النقد الأجنبي في البنوك المحلية المصرية، وفي البنك المركزي.. والدخول في عملية تفاوضية مع الدائنين، خصوصًا لتلك الديون التي شابها الفساد، من أجل إلغاء بعض هذه الديون، أو تحويلها إلى تمويل مشروعات في الاقتصاد المصري، أسوة بما جرى في تجارب سابقة.. واستبدال الدين الأجنبي لبعض الدول الأوروبية بمشروعات داخل مصر بهدف تقليص الضغط على الاحتياطي النقدي المصري من ناحية وزيادة فرص التشغيل من ناحية أخرى، وإدارة جادة لمعركة استرداد الأموال المنهوبة والمهرّبة من مصر.. مع خفض النفقات الحكومية غير الضرورية وتحسين كفاءة الإنفاق العام.. مع التركيز على القطاعات ذات الأولويات العالية مثل الصحة والتعليم.. وتعزيز القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية من خلال تحسين بيئة الأعمال وتقديم حوافز للشركات.. وتحسين كفاءة القطاع العام، وتقليل الفساد من خلال إصلاحات إدارية وتشريعات أكثر فعالية، مما يقلل من التكاليف الإدارية ويعزز الشفافية والنزاهة.. وتعزيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية من خلال تيسير الإجراءات الإدارية وتقديم حوافز للمستثمرين، مما يسهم في زيادة النشاط الاقتصادي وتوليد مزيد من الوظائف.. مع ضبط النفقات العامة وترشيدها في مصر واستكمال الإصلاحات الهيكلية التي تجعل الاقتصاد المصري قادرًا على مواجهة أي صدمات عنيفة.
فيما يرى الخبير الاقتصادي الدكتور السيد خضر أن أهم أولويات الحوار لمواجهة أزمة ارتفاع الأسعار والتضخم تبني استراتيچيات شاملة حتى تساهم في تحقيق التوازن في مستوى الأسعار مع استحداث سياسة نقدية متينة، حيث يمكن للبنك المركزي تبني سياسة نقدية متينة للحدِّ من التضخم تشمل زيادة أسعار الفائدة للحد من الإنفاق وتقليل الإقراض وبالتالي تقليل الطلب والتضخم مع زيادة الإنتاجية من خلال التخفيف من الضغط على الأسعار.
كما تشمل الإجراءات المحتملة: زيادة الاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز البحث والتطوير وتحسين كفاءة الإنتاج، والسيطرة على الطلب، ويمكن اتخاذ إجراءات للحد من الطلب الزائد على السلع والخدمات بتقليل الإنفاق الحكومي غير الضروري، وفرض رسوم وضرائب على السلع الفاخرة، وتشجيع الادخار بدلًا من الاستهلاك، مع مراقبة الأسعار ومكافحة الاحتكار، وتنفيذ سياسات رقابية للتحقق من أن الأسعار مستدامة ومنافسة، ومكافحة الأنشطة المشتبه فيها التي تزيد من الأسعار بصورة غير مبررة، وتعزيز الأمن الغذائي، وتطبيق قانون الطوارئ للحفاظ على السلع الغذائية والاستراتيچية في هذا التوقيت الحرج للغاية.
أضاف خضر: يجب تعزيز الأمن الغذائي من خلال تشجيع الإنتاج المحلي للغذاء، وتعزيز الزراعة المستدامة، وتوعية المستهلكين. وبالتالي فإن تنفيذ هذه الإجراءات يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني مع مراعاة التوازن بين اتخاذ إجراءات فورية للحد من التضخم والحفاظ على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، والتخطيط الجيد والتنسيق الفعال بين الجهات المعنية لتحقيق نتائج إيجابية، وتقليل البيروقراطية المرتبطة بالتجارة الدولية، وتشجيع التصدير، وتوفير الدعم والتمويل لتوسيع إمكانيات الإنتاج وتحسين جودة المنتجات، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر مع التعاون الدولي في مجال التجارة لمكافحة ارتفاع الأسعار.. لافتًا إلى إمكانية تبادل المعلومات والخبرات والتجارب الناجحة بين الدول للتعامل مع التحديات الاقتصادية المشتركة، والأهم القضاء على السوق السوداء للدولار من خلال تعزيز شفافية النظام المالي ومكافحة الفساد وغسيل الأموال، مع الإجراءات المصرفية وتعزيز الرقابة على العمليات المالية لمنع تدفق الأموال غير المشروعة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزمة الاقتصادية الحوار الوطني جلسات الحوار الوطني مكافحة الفساد على السلع للحد من من خلال
إقرأ أيضاً:
"شعبة السيارات": من الوارد زيادة الأسعار بسبب تحريك سعر الدولار
أكد منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء أكد على سرعة الإفراج عن سيارات ذوي الهمم بالموانئ، مشددًا على أنه ليس هناك مبرر للتعطيل حتى الآن؛ لأن السيارات موجودة بالجمارك منذ فترة طويلة والسيارات الموجودة ليس من بينهم مخالفين، منوهًا بأن نسب المخالف بالسيارات ضعيفة جدًا ولن تظهر إلا بعد الإفراج عليها.
وشدد "زيتون"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، على أن ليس هناك مستفيد إلا شركات تحصيل الأرضيات في الموانئ ولابد من تدخل رئيس مجلس الوزراء بتخفيف أسعار الأرضيات في الموانئ، منوهًا بأن البعض يدفع جمارك وأرضيات بالموانئ أكثر من سعر السيارة نفسها.
وتابع: "وارد زيارة السيارات مع تحرك الدولار بنسب بسيطة"، مؤكدًا أن الاستيراد أصبح محدد بكميات قليلة جدًا واستيراد سيارات وتعطله بالموانئ هو ما يزيد من الأسعار، ومن المتوقع أن يكون هناك تراجع في الإقبال على شراء السيارات، مشددًا على أن الإفراج عن السيارات من الموانئ سيحدث زيادة في المعروض بسوق السيارات.