دمشق - منذ عام، تتردّد ماجدة بانتظام الى مقهى في وسط دمشق بات أشبه بمكتبها حيث تنجز عملها وتعقد اجتماعاتها وتستوحي أفكارها في مجال تصميم الإعلانات، مستفيدة من توفر الكهرباء بشكل متواصل.

وتقول ماجدة(42 عاماً)، متحفظة عن ذكر شهرتها، لوكالة فرانس برس "أحتاج للكهرباء طيلة الوقت وأستوحي أفكاراً كثيرة من الناس الحاضرين هنا".

على أريكة ملوّنة وسط المقهى، تضع ماجدة عدّة العمل وأغراضها. تتوقف حيناً عن الرسم على جهاز بحوزتها، لتلاعب ليلي، الكلبة البيضاء التي لا تفارق المكان. ويحدث أحياناً أن تتبرع لنقل أكواب القهوة أو ترتيب الأرائك بعدما باتت علاقة ودّ تجمعها مع العاملين في المقهى.

وتضيف "لولا وجود المقاهي لكنت توقفت عن العمل، على وقع انقطاع الكهرباء في المنزل لساعات طويلة".

وماجدة واحدة من سوريين كثر يجدون في المقاهي مساحة لإنجاز أعمالهم، خصوصاً الطلاب والعاملين بدوام حرّ، على وقع تقنين طويل في ساعات التغذية بالتيار يصل الى عشرين ساعة.

ومنذ اندلاعها قبل نحو 13 عاماً، استنزفت الحرب قطاعي الطاقة والكهرباء مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة الحكومة من جهة، وتضرّر محطات توليد وأنابيب في المعارك من جهة أخرى. وتحول العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على دمشق دون وصول بواخر النفط بشكل منتظم إلى سوريا.

مع الإقبال المتزايد من رواد يرغبون بالعمل أو الدراسة، اضطر إحسان العظمة إلى إعادة ترتيب المقهى. فأصبحت الطاولات أشبه بمقاعد دراسية، وضاعف عدد مقابس الكهرباء لشحن الهواتف والحواسيب وكذلك البطاريات التي يستخدمها لتوليد الطاقة.

ويقول العظمة (38 عاماً) إنه منذ تأسيسه المقهى قبل ثلاث سنوات، أراده أن يكون مساحة للشباب الباحثين عن مكان للعمل والدراسة، بعدما واجه الصعوبة ذاتها.

في يمين المقهى، تتصدّر طاولة مستطيلة كبيرة المشهد، تبدو أشبه بطاولة داخل قاعة اجتماعات رسمية. وعلى الطرف الآخر، تتوزّع طاولات صغيرة دائرية مع مقاعد مريحة على غرار مقاعد الدراسة. وتسود حالة من الهدوء داخل المقهى الذي يدخله الكثير من الضوء بينما بعض الرواد غارقون بين كتبهم وأوراقهم، وآخرون يتسمّرون أمام شاشات الحواسيب أو يتصفحون هواتفهم.

"ليس خياراً"

على وقع أزمة الكهرباء وشحّ الوقود، وجد العظمة نفسه يواظب حتى على النوم في المقهى.

ويوضح "أعاني كجميع الشباب من مشاكل في الكهرباء والمواصلات والتنقل، فأجد نفسي في كثير من الأيام أفضل النوم داخل المقهى بدلاً من التوجه إلى المنزل".

ويتابع "تختصر المقاهي عموماً في دمشق هذه الأيام ثلاث أزمات على الأقل، الكهرباء والانترنت والدفء".

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة منذ سنوات ساعات تقنين طويلة وشحّاً في الوقود والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد والمستخدمين في النقل والتدفئة.

وفي العام 2021، قالت السلطات إن خسائر قطاعي الطاقة والمحروقات تجاوزت مئة مليار دولار، جراء المعارك وفقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى فضلاً عن العقوبات الاقتصادية المشدّدة عليها.

في منطقة باب توما المعروفة بحاناتها ومقاهيها في شرق دمشق، تحوّل مقهى إلى قاعة دراسة يسودها الهدوء. 

حول طاولة صغيرة، يجلس ثلاثة طلاب ينهمكون في تصفّح كتبهم تحضيراً لامتحاناتهم الفصلية.

ويقول أحدهم جورج كسارى (18 عاماً) وهو طالب في كلية المعلوماتية في جامعة دمشق لفرانس برس إن ارتياد المقهى "ليس خياراً بالنسبة إليّ بل ضرورة. هنا يتوفر الانترنت والكهرباء".

ويضيف "فور وصولي، أخرج الأجهزة كافة لأعيد شحنها، وأحضر أحياناً أجهزة شقيقتي وهي تقوم بالمثل حين تخرج إلى أي مقهى، لتبقى كافة البطاريات لدينا مشحونة".

 "الحل الوحيد"

على طاولة أخرى، يستعد محمّد صباهي (22 عاماً) لبدء اجتماع عمل عبر الكومبيوتر. ويقول لفرانس برس "أنا موظف عن بُعد مع شركة خليجية، وأداوم يومياً من المقهى".

ويضع الشاب قربه حقيبة كبيرة تحوي كلّ ما يمكن أن يحتاجه خلال النهار، من وصلات كهربائية وشاحن وسواه.

ويشرح "لولا هذا المقهى لرسبت في جامعتي في السابق، ولفقدت عملي اليوم (..) هذا هو الحل الوحيد بالنسبة إليّ ولكثير من أصدقائي".

رغم أنّه يفضّل الدراسة في منزله الواقع في شرق دمشق، لكن مع ساعات التقنين الطويلة ومغيب الشمس باكراً، يجد الطالب في اختصاص الطب شادي الياس (18 سنة) نفسه يطارد بمصباح أوراقه وكتبه من غرفة إلى أخرى.

وما أن ينتهي شحن المصباح، حتى يهمّ بالتوجّه إلى أقرب مقهى لمتابعة دراسته.

ويقول "لا شيء يصمد أمام انقطاع الكهرباء الطويل".

اعتاد شادي على الوضع مذ كان طالباً في المدرسة، وحفظ منذ سنوات المقاهي الملائمة للدراسة.

ويضيف الشاب "تزدحمُ المقاهي خلال فترة الامتحانات، لذا أحرص على المجيء باكراً".

ويتابع مبتسماً "يتحول المكان إلى قاعة دراسية كبيرة، نستعير من بعضنا الأقلام والأوراق والمراجع، وأحياناً شواحن الهواتف".

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

وزير التربية يلتقي الكوادر التعليمية اليابانية المرشحة للعمل في مصر

التقى محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، خلال زيارته إلى اليابان، بعدد من الكوادر التعليمية اليابانية المرشحة للعمل في مصر كمشرفي منظومة المدارس المصرية اليابانية، بالإضافة إلى عدد من المرشحين للتعاون مع مركز ريادة المصري الدولي لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة العاشر من رمضان.

المرشحون الجدد سيشكلون إضافة مهمة لدعم العملية التعليمية

وأكد الوزير خلال اللقاء أن المدارس المصرية اليابانية تعد من أقرب النماذج التعليمية إلى النموذج الياباني، حيث تعتمد على بناء الشخصية المصرية وفق أسس علمية حديثة، مع التركيز على ترسيخ القيم والانضباط وتنمية المهارات الحياتية لدى الطلاب.

كما أشار إلى أن استقدام المشرفين اليابانيين للعمل ضمن هذه المنظومة يعكس التزام الدولة بتوفير تعليم عالي المستوى يواكب المدارس باليابان.

وأوضح أن الدفعة الأولى من الخبراء اليابانيين قد التحقت بالفعل بالعمل في مصر، وأن هؤلاء المرشحين الجدد سيشكلون إضافة مهمة لدعم العملية التعليمية داخل المدارس المصرية اليابانية، وكذلك في تطوير برامج التعليم والتأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة بالتعاون مع مركز ريادة المصري الدولي لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة العاشر من رمضان.

مركز ريادة المصري الدولي لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة

كما أشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرص الوزارة على الاستفادة من الخبرات اليابانية في تطوير التعليم المصري، خاصة في مجال تنمية الشخصية الطلابية وتعزيز مهاراتهم الحياتية والاجتماعية، مضيفًا أن هؤلاء المشرفين سيتم إيفادهم إلى مصر خلال الفترة القريبة.

وخلال اللقاء، رحّب الوزير بالمرشحين، وقدّم لهم شرحًا تفصيليًا عن مشروع المدارس المصرية اليابانية ومركز ريادة المصري الدولي لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة، وأهمية دور المشرفين والخبراء اليابانيين في ضمان استدامة المشروع والحفاظ على أقرب وأفضل نموذج للتعليم الياباني.

كما أكد أن بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته الحياتية هو أحد الأهداف الرئيسية للمدارس المصرية اليابانية، وأن وجود الخبراء اليابانيين يُسهم بشكل أساسي في تحقيق هذه الرؤية.

وأشار الوزير إلى أن هؤلاء المرشحين سيتم إلحاقهم بالدفعة الأولى من المشرفين اليابانيين الذين يعملون بالفعل في المدارس المصرية اليابانية، لافتا إلى أن عدد الخبراء اليابانيين الموجودين حاليًا في مصر وصل إلى 12 خبيرًا ضمن الدفعة الأولى.

كما شدد الوزير على أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرص الوزارة على الاستفادة من الخبرات اليابانية في تطوير التعليم المصري، خاصة في مجال تنمية شخصية الطلاب وتعزيز مهاراتهم الحياتية.

مقالات مشابهة

  • منح المرونة للعمل عن بعد يوم الجمعة للجهات الاتحادية خلال شهر رمضان
  • بسبب فاتورة المشروبات.. الأمن يكشف حقيقة مشاجرة مقهى الدقي
  • بسبب ثمن المشاريب .. مشاجرة داخل مقهى بالدقى
  • كثافات مرورية بسبب حادث انقلاب سيارة نقل فى منطقة حلوان
  • القبض على عاطل نصب على 6 أشخاص وأوهمهم باستخراج تأشيرة للعمل في الكويت
  • داليا مصطفى من أمام مقهى الشهداء في العراق
  • الروائي خليل صويلح يوقع روايته الجديدة في مقهى الروضة
  • وزير العمل يعلن تسليم 36 عقد عمل لمدربين مصريين للعمل في "نادي إمارتي"
  • وزير التربية يلتقي الكوادر التعليمية اليابانية المرشحة للعمل في مصر
  • مستشفى كمال عدوان بغزة يعود للعمل بإمكانيات شحيحة