"الربا" .. علته وتحريمه على المسلم وأقوال العلماء عنه
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
ترجع علة الربا وتحريمه على المسلمين، إلى الأموال الربوية المُتَّفق عليها هي الأصناف الستّة، وهي: الذهب، والفضة، والبُرّ، والشعير، والتمر، والملح، وقد ورد عن جمهور العلماء أنّ الربا لا ينحصر في هذه الأصناف، واستدلّوا على ذلك بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال :(نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ، أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إنْ كَانَتْ نَخْلًا بتَمْرٍ كَيْلًا، وإنْ كانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بزَبِيبٍ كَيْلًا، وإنْ كانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بكَيْلِ طَعَامٍ، نَهَى عن ذلكَ كُلِّهِ.
أما الوجه الثاني: أنّ علة الربا فيهما الثمنية، وهذا مذهب الشافعي، ومذهب مالك، ومذهب أحمد في رواية ثانية عنه، وقال بذلك ايضاً ابن القيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله -، وهذه هي العلة المُتَّفق عليها، وعلى هذا فإنّ الربا يقع في الأوراق النقدية التي نتعامل بها في عصرنا الحالي.
وحول أقوال العلماء في علة الربا في الأصناف الأربعة، ما يلي: القول الأول: قول أبي حنيفة، والمشهور في المذهب الحنبلي، والذي يتلخّص في أنّ العلة في المكيل بشرط توافق الجنس؛ أي من نوع واحد، وعدم اشتراط أن يكون ممّا يُؤكل؛ فالربا يكون في كلّ ما يُكال؛ سواءً يُؤكَل، أم لا، مثل: الحبوب، والأرز، والقطن، والصوف، والحناء، والحديد، والنحاس، ولا يكون الربا في الطعام الذي لا يُوزَن.
القول الثاني: قول الشافعي، ورأي من مذهب الحنبلي، وهو أنّ العلة في الطعام، فهي في كلّ مأكول من جنس واحد؛ سواء كِيلَ، أو وُزِنَ، مثل: الحبوب، والحلوى، والفواكه، والتوابل. القول الثالث: قول المالكية، وهو أنّ العلة في القوت المُدَّخر؛ فهي في الطعام الذي يُدَّخر، والقوت المُدَّخر هو: الطعام الذي يُخزَّن، ويبقى مدّة طويلة مُدَّخراً دون أن يتعرّض لضرر، مثل: الملح، والتوابل. أثر الاختلاف في علة الربا ما يترتّب على الاختلاف في علة الربا يختلف باختلاف المذهب، والعلّة التي تُحرّم الربا؛ فمثلاً لا يجوز إقراض البيض بالبيض، والتفاح بالتفاح؛ وذلك لأنّه مطعوم بالنسبة إلى الشافعية، ومتماثل الجنس بالنسبة إلى الحنفية، ولا يجوز إقراض ثوب بثوب من الجنس نفسه، ومن قال بهذا القول علّل عدم الجواز أنّه بسبب تماثُل الجنس. بينما يتلخّص القول الآخر في أنّه يجوز؛ لأنّ الجنس لا يُحرّم الربا وحده، كالشافعية، ويجوز أن يُباع ثوب بثوب من جنس آخر، ولا يُحرم هذا البيع؛ لأنّه ليس من الجنس نفسه، وليس طعاماً، ولا يجوز تسليم مال بمال؛ بسبب علة الجنس عند الحنفية، والثمنيّة عند الشافعية، وهكذا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشافعية جمهور العلماء فی الطعام
إقرأ أيضاً:
المخللات في وجه تغير المناخ.. كيف تقلل من هدر الطعام؟
يعد هدر الطعام واحدا من أكبر التحديات البيئية التي نواجهها. فمع تزايد الإنتاج الغذائي العالمي، يُهدر نحو ثلث الطعام المنتج في العالم، مما يتسبب في ضياع موارد طبيعية هائلة ويزيد من الضغوط على البيئة، لا سيما وأن هدر الطعام أحد الأسباب الرئيسية لتغير المناخ. لكن قد تساهم عملية "التخليل" في تقليل الأزمة.
ويمثل هدر الطعام نحو 8-10% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. فعملية التخلص من الطعام في المكبات تؤدي إلى انبعاث غاز الميثان، الذي يعد من أقوى غازات الدفيئة، مما يزيد من ظاهرة الاحترار العالمي.
كذلك يتطلب إنتاج الطعام كميات هائلة من المياه والطاقة والأراضي. عندما يُهدر الطعام، تُهدَر جميع هذه الموارد، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الأنظمة البيئية والموارد الطبيعية المحدودة في كوكب الأرض.
ووفق أحدث إحصائيات الأمم المتحدة، أهدرت الأسر في جميع القارات أكثر من مليار وجبة يوميا عام 2022، في حين تضرر 783 مليون شخص من الجوع، وواجه ثلث البشرية انعدام الأمن الغذائي، في وقت لا يزال هدر الأغذية يضر بالاقتصاد العالمي، ويؤدي إلى تغير المناخ وفقدان الطبيعة والتلوث.
وفي العالم العربي، يفيد تقرير "مؤشر هدر الطعام" لعام 2024، أن الدول الأعلى دخلا هي الأقل هدرا للطعام. فكمية الطعام المهدور في قطر والسعودية تقارب 100 كيلوغرام للشخص الواحد سنويا، وهي في حدود 130 كيلوغراما في العراق ولبنان، بينما تتجاوز 170 كيلوغراما في سوريا وتونس ومصر.
ولعل ذلك ناشئ عن توافر الإنتاج الغذائي المحلي في معظم الدول العربية الأقل دخلا، وما يرافق ذلك من انخفاض الأسعار وصعوبات تصريف المنتجات ومشكلات النقل والتخزين، وفق مجلة "آفاق البيئة والتنمية".
إعلانوتعتبر الولايات المتحدة واحدة من أكبر الدول المنتجة لهدر الطعام. ووفقا للإحصائيات، يُعتبر الطعام المهدور من أكثر المواد التي تُرسل إلى مكبات النفايات، إذ يشكل نحو 24% من إجمالي النفايات الصلبة في البلاد.
كما تشهد الدول النامية، وخاصة في أفريقيا وآسيا، هدرا في الغذاء يحدث في مراحل الإنتاج والتوزيع بسبب ضعف البنية التحتية، بما فيها نقص التخزين والتبريد.
حل قديم لمشكلة جديدةوقد بدأت عملية التخليل، التي كانت تستخدم عبر التاريخ لحفظ الطعام، تكتسب شهرة جديدة كحل فعال لمكافحة هدر الطعام.
والتخليل هو عملية تحويل المواد الغذائية باستخدام الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والخمائر لتحويل الطعام إلى منتجات محفوظة ذات مدة صلاحية أطول.
ويقدم تخليل الطعام حلا مستداما يحول بقايا الطعام إلى منتجات غذائية ذات قيمة عالية وفوائد صحية. إذ يمكن تحويل الخضروات أو الفواكه المتضررة من النضوج إلى مخللات لذيذة، بينما يمكن تحويل بقايا الخبز إلى خميرة لإعداد أطعمة جديدة.
كذلك فإن قدرة التخليل على الحفاظ على الطعام فترات أطول دون الحاجة إلى استخدام الثلاجات أو المواد الحافظة الكيميائية تجعله حلا مناسبا لخفض الانبعاثات.
وأثناء عملية التخمير، تتحول المركبات المعقدة في الطعام إلى مركبات أبسط، مما يعزز قيمته الغذائية.
فالأطعمة المختمرة غنية بـ"البروبيوتيك"، وهي بكتيريا مفيدة تدعم صحة الأمعاء، مما يجعلها خيارًا صحيًا لأولئك الذين يسعون إلى تحسين نوعية غذائهم.
وفي المطبخ العربي، تُعتبر المخللات جزءا أساسيا من الوجبات اليومية، وتُستخدم للحفاظ على الخضروات والفواكه الزائدة بطريقة طبيعية وصحية. ومن أبرزها مخللات اللفت والثوم والفلفل الحار والزيتون وغيرها.
وفي المطبخ الآسيوي، تستخدم تقنيات مختلفة لحفظ الطعام وتعزيز نكهته. ومن أشهرها الكيِمشي الكوري، وهو مزيج من الملفوف والخضروات. إضافة إلى مخلل الزنجبيل الياباني الذي يقدم عادة مع السوشي.
إعلانكما يمكن تخليل أنواع من اللحوم. ففي الصين، يعتبر اللحم المخلل من الأطباق التقليدية في بعض المناطق، حيث يُحفظ في محلول من الملح والخل فترات طويلة.
ولا يقتصر التخليل فقط على تقليل الهدر البيئي، بل يمكن أن يلعب دورا مهما في تعزيز الأمن الغذائي.
ففي العديد من الدول التي يعاني الناس فيها من نقص في الوصول إلى غذاء آمن، يمكن أن يوفر التخليل وسيلة لحفظ المحاصيل المحلية وتحويل الفائض إلى منتجات غذائية يمكن تخزينها فترات أطول.
ويعد التخليل ممارسة مستدامة لمكافحة تغير المناخ بالمحافظة على الموارد الغذائية وتغيير عادات استهلاك الطعام.