انخفاض حاد في هطول الأمطار بإيران.. هل تسرقها إسرائيل وأميركا؟
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
طهران- في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والهجمات الأميركية المتكررة ضد أهداف تابعة لحركات المقاومة المتحالفة مع طهران، أثار موضوع "سرقة السحب المتجهة إلى الجمهورية الإسلامية، أو جعلها غير ممطرة" جدلا كبيرا في الأوساط الإيرانية، مما أعاد الاتهامات الرسمية السابقة لإسرائيل بسرقة السحب والتسبب بتغيير المناخ في إيران.
فبعد أن تنبأت الأنواء الجوية الإيرانية نهاية الصيف الماضي بخريف وشتاء غنيين بالأمطار والثلوج، فوجئ الرأي العام الإيراني بانخفاض متوسط هطول الأمطار على مستوى البلاد خلال العام المائي الحالي، بنسبة 40% مقارنة بمتوسط الإحصاءات طوال 55 عاما مضت.
وفي ضوء انخفاض هطول الأمطار في العاصمة طهران بنسبة 56% مقارنة بمتوسطها على المدى البعيد، ذهبت شريحة من الإيرانيين إلى إثارة إمكانية تلاعب بعض الجهات الأجنبية بالسحب لأغراض خبيثة.
وعلى الرغم من أن طرح "نظرية المؤامرة التي تتهم دولا أجنبية باستخدام التقنيات الحديثة للتلاعب بالطقس ونقل الغيوم الممطرة من سماء إيران إلى مناطق أخرى" ليست جديدة على سلطات طهران، فإن تناول العديد من المقاطع المصورة التي تظهر تباين الأحوال الجوية على طرفي الحدود الإيرانية التركية المشتركة قد زاد تشكيك الإيرانيين وتوجيه أصابع الاتهام إلى ما يعرف في طهران بالمحور "الصهيو-أميركي".
كان الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، قد اتهم في عام 2012 "الأعداء" بتحويل حصة إيران من السحب الممطرة، وجعلها عقيمة عند مرورها بسماء إيران للتسبب في الجفاف داخل بلاده، وذلك عقب تصريحات رسمية مماثلة دأبت على وصف ظاهرة الجفاف بالأمر المشبوه.
وبعد مرور 6 أعوام على اتهامات أحمدي نجاد، كشف رئيس منظمة الدفاع المدني في إيران، العميد غلام رضا جلالي، في عام 2018 عن "خيوط للتدخلات الأجنبية الرامية إلى تغيير الظروف المناخية" في بلاده، متهما "الكيان الصهيوني ودولة إقليمية أخرى –دون تسميتها- بالتعاون لجعل السحب الإيرانية لا تمطر".
اعتمد الجنرال الإيراني في اتهامه على "أبحاث علمية أجرتها مراكز إيرانية توصلت إلى أطراف خيوط بوجود فرق مشتركة من بعض الدول قامت بتدخلات في الظروف المناخية الإيرانية لجعل الغيوم عقيمة أو سرقة الثلوج"، على حد قوله.
ورغم تواصل الجزيرة نت بمكتب رئيس منظمة الدفاع المدني في إيران، العميد غلام رضا جلالي، أكثر من مرة، إلا إنه رفض التعليق على الجدل الدائر في بلاده هذه الأيام حول سرقة الغيوم، وموقف المنظمة مما يشاع عن التدخلات الأجنبية في تغيير المناخ.
من ناحيته، يطرح مسعود تجريشي، المساعد السابق لرئيس منظمة البيئة الإيرانية، فرضية "تعقيم السحب وتبديدها" في سماء بلاده، مؤكدا أن الأبحاث العلمية قد توصلت إلى تقنيات تمنع هطول الأمطار في رقعة جغرافية، أو تحرف السحب إلى مناطق أخرى، كما أن البشر أصبحوا قادرين على استمطار الغيوم وبذر السحاب.
ويستشهد تجريشي –في حديثه للجزيرة نت- بتجربته حول التدخل البشري في المناخ حيث سبق وحضر استعراضا عسكريا في روسيا قبل أعوام، وكانت سماء موسكو غائمة حينها، فتمكن الروس من حرف مسار السحب باستخدام الأطياف الكهرومغناطيسية، ومنع تساقط الأمطار لفترة محددة.
وخلص إلى أن التقنيات البشرية أصبحت قادرة اليوم على حرف مسار السحب في بقع جغرافية محددة ومنعها من تساقط الأمطار، وكذلك تفريغها أو استمطارها بشكل صناعي، لكن "على نطاق محدود".
ظاهرة هاربولطالما شكل برنامج الشفق النشط عالي التردد (مشروع هارب) الأميركي مصدر قلق للأوساط الإيرانية خلال السنوات الماضية، سارعت بعض الأوساط الإيرانية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى القائمين على هذا المشروع، مما دفع معهد دراسات البيئة وتغير المناخ في إيران إلى أن يعقد مؤتمره العلمي الأول تحت عنوان "دور التدخلات الإقليمية المحتملة في تغير هطول الأمطار" والذي نفى قدرة المشروع على تبديد السحب في السماء أو تعقيمها.
وإثر تزايد تفاعل الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الفارسي حول أسباب تراجع النزولات السماوية وإمكانية التلاعب البشري في تغيير المناخ، أوعز علي سلاجقة رئيس "منطقة حماية البيئة الإيرانية"، إلى معهد البيئة والمركز الوطني للتغيير المناخي في بلاده بدارسة تلك الاتهامات، لكنهما لم يتوصلا إلى برهان علمي مقنع بشأن إمكانية سرقة الغيوم أو تبديدها باستخدام ظاهرة هارب.
من جانبه، أكد تجريشي أن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد فشل مشروع هارب الأميركي في التحكم بالمناخ.
من ناحيته، يؤكد المساعد السابق لرئاسة منظمة حماية البيئة الإيرانية ورئيس لجنة حماية البيئة في كرسي اليونسكو للصحة الاجتماعية، محمد درويش الذي سبق وأشرف على عدد من المشاريع البحثية حول البيئة وتغيير المناخ، أن بعض القوى الشرقية والغربية قد بدأت بالفعل برامج عملاقة للتحكم بالمناخ.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول درويش إن "الولايات المتحدة والصين والكيان الإسرائيلي قد أنفقت كثيرا طوال العقدين الماضيين من أجل "هندسة المناخ" والتحكم به، لكنها لم تتوصل إلى النتائج المرجوة" وأضاف أن البشر اليوم لا يستطيع التحكم أكثر من 20% باستمطار الغيوم أو منعها من المطر.
وأشار إلى أن بعض القوى المتطورة تواجه حرائق كبيرة جدا في غاباتها، لكنها عاجزة عن التحكم بالمناخ واستمطار السماء لإطفاء تلك الحرائق، عازيا سبب انخفاض معدل الأمطار في بلاده إلى تلوث الجو والإسراف في بناء السدود والحرارة المرتفعة حيث تسهم في تبديد الغيوم لدى وصولها سماء إيران.
وأضاف درويش أن بلاده بدأت منذ زهاء نصف قرن برامج حول استمطار الغيوم وبذر السحاب، إلا إنها لم تؤثر بشكل ملحوظ على معدل النزولات السماوية بعد.
تقليل أهمية قدرة العامل البشري على التحكم بالمناخ لم يستطع بعد من تبريد الجدل الساخن في إيران حول أسباب انخفاض نسبة هطول الأمطار في بلد "تعاني أكثر من 61% من مساحته بموجات جفاف شديدة وشديدة جدا" وفق رئيس مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني بابك نكاهداري.
ويعد نكاهداري "ظاهرة التغير المناخي بأنها أهم التحديات" الماثلة أمام بلاده خلال العقود المقبلة، محذرا من تداعياتها السلبية على البيئة والأمن الغذائي والطاقة والبنى التحتية والإدارة الحضرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هطول الأمطار الأمطار فی فی إیران فی بلاده
إقرأ أيضاً:
إيران وأميركا تتفقان على محادثات جديدة وتصدران توضيحات
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن المحادثات مع إيران في العاصمة العمانية مسقط بشأن برنامجها النووي تمضي على نحو جيد، في حين أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف عن جولة تفاوض جديدة السبت المقبل.
وأضاف ترامب، في تصريحات للصحفيين على متن طائرة الرئاسة، أنه لا يرغب في الحديث عن المفاوضات حتى الانتهاء منها، لكنها تمضي على نحو جيد.
وقد نقلت شبكة إن بي سي عن مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قوله إن المحادثات مع الجانب الإيراني في العاصمة العمانية مسقط كانت إيجابية وبناءة للغاية.
وأكد ويتكوف في تصريحاته للشبكة الأميركية أن المحادثات مع إيران ستتواصل في 19 أبريل/نيسان الجاري.
كما قال البيت الأبيض إن المحادثات كانت إيجابية وبناءة جدا، وأضاف أن المبعوث الأميركي أكد لعراقجي أنه تلقى تعليمات من الرئيس ترامب بحل خلافات البلدين عبر الحوار والدبلوماسية إن أمكن.
وأشار في بيان إلى أن الحديث المباشر الذي جرى بين ويتكوف وعراقجي "كان خطوة إلى الأمام من أجل تحقيق نتيجة مفيدة للطرفين"، وأن الجانبين اتفقا على الاجتماع مرة أخرى يوم السبت المقبل، مؤكدا وجود قضايا بالغة التعقيد مع إيران.
موقف طهران
في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين الأميركي والإيراني كانت بناءة وفي محيط هادئ ومحترم، وإن الطرفين اتفقا على استمرار هذه المحادثات في الأسبوع المقبل".
وأضاف عراقجي، في تصريح للتلفزيون الإيراني، أن الوفدين تبادلا الحديث لعدة دقائق عند ترك مقر المحادثات. وكان الأميركيون دعوا إلى أن تكون الاجتماعات مباشرة وجها لوجه.
وأشار الوزير الإيراني إلى أن الطرفين أظهرا التزامهما بدفع المحادثات نحو اتفاق يرضي الطرفين وعلى أساس متكافئ، حسب وصفه.
وأكد عراقجي أن الجانب الأميركي يرغب في التوصل إلى اتفاق "في أقرب وقت ممكن، لكن ذلك لن يكون سهلا وسيتطلب استعدادا من الجانبين".
ولاحقا لكلام عراقجي، قالت الخارجية الإيرانية إن المحادثات مع الجانب الأميركي تشمل فقط الملف النووي ورفع العقوبات وأن الطرف الإيراني التزم بذلك في مسقط.
وأضافت الخارجية في بيان أنه لا أساس لما يقال عن تحول المحادثات غير المباشرة مع واشنطن إلى مباشرة إذا شهدت تقدما، وأشارت إلى أنه في الظروف التي تتسم بتهديدات وترهيب وضغوط لن تؤدي أي مفاوضات مباشرة إلى تحقيق نتيجة.
ولفت البيان إلى أن "مكان المحادثات قد يتغير لكن سلطنة عمان ما زالت تقوم بدور الوسيط في هذه المحادثات".
بدوره، قال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن بلاده توسطت لبدء مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بهدف مشترك يتمثل في التوصل إلى اتفاق عادل وملزم.
وأضاف في تغريدة على حسابه في منصة "إكس" أن المفاوضات جرت بشكل ودي ساعد على تقريب وجهات النظر بما يحقق السلام والاستقرار في نهاية المطاف.
وتعد هذه المحادثات هي الأعلى مستوى منذ أن انسحب ترامب خلال ولايته الأولى في 2018 من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم في عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى مقابل رفع العقوبات عنها.
وتسعى إيران إلى تخفيف وطأة العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات طويلة والتي تخنق اقتصادها.
ووافقت طهران على هذا الاجتماع رغم معارضتها سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها إدارة ترامب حيالها والتهديدات العسكرية المتكررة.
في المقابل، تسعى الولايات المتحدة، ومعها حليفتها إسرائيل عدوة طهران اللدودة، إلى الحؤول دون اقتراب إيران من امتلاك السلاح النووي.