طهران- في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والهجمات الأميركية المتكررة ضد أهداف تابعة لحركات المقاومة المتحالفة مع طهران، أثار موضوع "سرقة السحب المتجهة إلى الجمهورية الإسلامية، أو جعلها غير ممطرة" جدلا كبيرا في الأوساط الإيرانية، مما أعاد الاتهامات الرسمية السابقة لإسرائيل بسرقة السحب والتسبب بتغيير المناخ في إيران.

فبعد أن تنبأت الأنواء الجوية الإيرانية نهاية الصيف الماضي بخريف وشتاء غنيين بالأمطار والثلوج، فوجئ الرأي العام الإيراني بانخفاض متوسط هطول الأمطار على مستوى البلاد خلال العام المائي الحالي، بنسبة 40% مقارنة بمتوسط الإحصاءات طوال 55 عاما مضت.

وفي ضوء انخفاض هطول الأمطار في العاصمة طهران بنسبة 56% مقارنة بمتوسطها على المدى البعيد، ذهبت شريحة من الإيرانيين إلى إثارة إمكانية تلاعب بعض الجهات الأجنبية بالسحب لأغراض خبيثة.

الثلوج كانت تغطي شوارع طهران في الأعوام السابقة (الصحافة الإيرانية) نظرية المؤامرة

وعلى الرغم من أن طرح "نظرية المؤامرة التي تتهم دولا أجنبية باستخدام التقنيات الحديثة للتلاعب بالطقس ونقل الغيوم الممطرة من سماء إيران إلى مناطق أخرى" ليست جديدة على سلطات طهران، فإن تناول العديد من المقاطع المصورة التي تظهر تباين الأحوال الجوية على طرفي الحدود الإيرانية التركية المشتركة قد زاد تشكيك الإيرانيين وتوجيه أصابع الاتهام إلى ما يعرف في طهران بالمحور "الصهيو-أميركي".

كان الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، قد اتهم في عام 2012 "الأعداء" بتحويل حصة إيران من السحب الممطرة، وجعلها عقيمة عند مرورها بسماء إيران للتسبب في الجفاف داخل بلاده، وذلك عقب تصريحات رسمية مماثلة دأبت على وصف ظاهرة الجفاف بالأمر المشبوه.

وبعد مرور 6 أعوام على اتهامات أحمدي نجاد، كشف رئيس منظمة الدفاع المدني في إيران، العميد غلام رضا جلالي، في عام 2018 عن "خيوط للتدخلات الأجنبية الرامية إلى تغيير الظروف المناخية" في بلاده، متهما "الكيان الصهيوني ودولة إقليمية أخرى –دون تسميتها- بالتعاون لجعل السحب الإيرانية لا تمطر".

اعتمد الجنرال الإيراني في اتهامه على "أبحاث علمية أجرتها مراكز إيرانية توصلت إلى أطراف خيوط بوجود فرق مشتركة من بعض الدول قامت بتدخلات في الظروف المناخية الإيرانية لجعل الغيوم عقيمة أو سرقة الثلوج"، على حد قوله.

إيران تتهم دولا أجنبية بسرقة الغيوم وتسببها في حدوث الجفاف (غيتي) تدخل بشري

ورغم تواصل الجزيرة نت بمكتب رئيس منظمة الدفاع المدني في إيران، العميد غلام رضا جلالي، أكثر من مرة، إلا إنه رفض التعليق على الجدل الدائر في بلاده هذه الأيام حول سرقة الغيوم، وموقف المنظمة مما يشاع عن التدخلات الأجنبية في تغيير المناخ.

من ناحيته، يطرح مسعود تجريشي، المساعد السابق لرئيس منظمة البيئة الإيرانية، فرضية "تعقيم السحب وتبديدها" في سماء بلاده، مؤكدا أن الأبحاث العلمية قد توصلت إلى تقنيات تمنع هطول الأمطار في رقعة جغرافية، أو تحرف السحب إلى مناطق أخرى، كما أن البشر أصبحوا قادرين على استمطار الغيوم وبذر السحاب.

ويستشهد تجريشي –في حديثه للجزيرة نت- بتجربته حول التدخل البشري في المناخ حيث سبق وحضر استعراضا عسكريا في روسيا قبل أعوام، وكانت سماء موسكو غائمة حينها، فتمكن الروس من حرف مسار السحب باستخدام الأطياف الكهرومغناطيسية، ومنع تساقط الأمطار لفترة محددة.

وخلص إلى أن التقنيات البشرية أصبحت قادرة اليوم على حرف مسار السحب في بقع جغرافية محددة ومنعها من تساقط الأمطار، وكذلك تفريغها أو استمطارها بشكل صناعي، لكن "على نطاق محدود".

ظاهرة هارب

ولطالما شكل برنامج الشفق النشط عالي التردد (مشروع هارب) الأميركي مصدر قلق للأوساط الإيرانية خلال السنوات الماضية، سارعت بعض الأوساط الإيرانية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى القائمين على هذا المشروع، مما دفع معهد دراسات البيئة وتغير المناخ في إيران إلى أن يعقد مؤتمره العلمي الأول تحت عنوان "دور التدخلات الإقليمية المحتملة في تغير هطول الأمطار" والذي نفى قدرة المشروع على تبديد السحب في السماء أو تعقيمها.

وإثر تزايد تفاعل الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الفارسي حول أسباب تراجع النزولات السماوية وإمكانية التلاعب البشري في تغيير المناخ، أوعز علي سلاجقة رئيس "منطقة حماية البيئة الإيرانية"، إلى معهد البيئة والمركز الوطني للتغيير المناخي في بلاده بدارسة تلك الاتهامات، لكنهما لم يتوصلا إلى برهان علمي مقنع بشأن إمكانية سرقة الغيوم أو تبديدها باستخدام ظاهرة هارب.

من جانبه، أكد تجريشي أن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد فشل مشروع هارب الأميركي في التحكم بالمناخ.

سلاجقة: لم تتوصل الأبحاث إلى دليل علمي يثبت إمكانية سرقة الغيوم أو تبديدها باستخدام ظاهرة هارب (الصحافة الإيرانية) هندسة المناخ

من ناحيته، يؤكد المساعد السابق لرئاسة منظمة حماية البيئة الإيرانية ورئيس لجنة حماية البيئة في كرسي اليونسكو للصحة الاجتماعية، محمد درويش الذي سبق وأشرف على عدد من المشاريع البحثية حول البيئة وتغيير المناخ، أن بعض القوى الشرقية والغربية قد بدأت بالفعل برامج عملاقة للتحكم بالمناخ.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول درويش إن "الولايات المتحدة والصين والكيان الإسرائيلي قد أنفقت كثيرا طوال العقدين الماضيين من أجل "هندسة المناخ" والتحكم به، لكنها لم تتوصل إلى النتائج المرجوة" وأضاف أن البشر اليوم لا يستطيع التحكم أكثر من 20% باستمطار الغيوم أو منعها من المطر.

وأشار إلى أن بعض القوى المتطورة تواجه حرائق كبيرة جدا في غاباتها، لكنها عاجزة عن التحكم بالمناخ واستمطار السماء لإطفاء تلك الحرائق، عازيا سبب انخفاض معدل الأمطار في بلاده إلى تلوث الجو والإسراف في بناء السدود والحرارة المرتفعة حيث تسهم في تبديد الغيوم لدى وصولها سماء إيران.

وأضاف درويش أن بلاده بدأت منذ زهاء نصف قرن برامج حول استمطار الغيوم وبذر السحاب، إلا إنها لم تؤثر بشكل ملحوظ على معدل النزولات السماوية بعد.

درويش: القوى الغربية والشرقية أنفقت كثيرا من أجل هندسة المناخ (الجزيرة) أهم التحديات

تقليل أهمية قدرة العامل البشري على التحكم بالمناخ لم يستطع بعد من تبريد الجدل الساخن في إيران حول أسباب انخفاض نسبة هطول الأمطار في بلد "تعاني أكثر من 61% من مساحته بموجات جفاف شديدة وشديدة جدا" وفق رئيس مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني بابك نكاهداري.

ويعد نكاهداري "ظاهرة التغير المناخي بأنها أهم التحديات" الماثلة أمام بلاده خلال العقود المقبلة، محذرا من تداعياتها السلبية على البيئة والأمن الغذائي والطاقة والبنى التحتية والإدارة الحضرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هطول الأمطار الأمطار فی فی إیران فی بلاده

إقرأ أيضاً:

خبير استراتيجي: إسرائيل تحاول نقل ما جرى في غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا

قال العميد خالد حمادة، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يحاول نقل ما جرى في قطاع غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا، موضحا أنّ العدو الإسرائيلي يستهدف المدن، ومنها طولكرم وجنين، التي تعتبر المدينة الأكبر، فضلا عن استهداف مدينة رام الله.      

إسرائيل تحاول تدمير وتهجير أكبر قدر من سكان الضفة

وأضاف «حمادة»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، أنّ العدو الإسرائيلي يهدف إلى تدمير الحالة المدنية الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية، بمعنى تعطيل الحياة الاقتصادية، وتهجير أكبر عدد ممكن من السكان، وإحداث أكبر قدر من التدمير، مشيرا إلى أن إسرائيل تحاول بذلك ابتزاز المناخ العربي.

المناخ العربي متمسك بحل الدولتين ومنع التهجير

وتابع: «المناخ العربي متمسك بحل الدولتين، ومحاولة الوقوف بوجه أي محاولة لتهجير الفلسطينيين»، لافتا إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يراهن على مطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين، بالرغم من الرفض العربي له.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الجزائري يكشف شرط بلاده للتطبيع مع إسرائيل
  • الرئيس الجزائري : سنكون مضطرين للإعتراف بدولة إسرائيل مستقبلاً
  • خبير: إسرائيل تحاول نقل الحرب من غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا
  • شرطة دبي تدعو السائقين للحذر خلال هطول الأمطار
  • هطول أمطار وانخفاض في درجات الحرارة مع تأثر أجواء السلطنة بأخدود من منخفض جوي
  • هطول أمطار وانخفاض في درجات الحرارة.. تأثر أجواء السلطنة بإخدود من منخفض جوي.. عاجل
  • خبير استراتيجي: إسرائيل تحاول نقل ما جرى في غزة إلى الضفة الغربية تدريجيا
  • الأنواء الجوية: استمرار فرص الأمطار في العراق وانخفاض درجات الحرارة
  • موسم جمع الكمأة شرق سكاكا يجذب الباحثين عن ذهب الصحراء .. فيديو
  • البيئة تبحث مع البنك الدولي تنفيذ مشروعات الاقتصاد الأزرق وتغير المناخ