موقع النيلين:
2024-07-07@05:38:54 GMT

خواطر في ليل الغربة

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT


كنت أظن ان السُهاد حكرٌ للعاشقين ..سهرٌ ملؤه الوجد والمُنىً !!
ثم اكتشفت منذ زمن ان السُهْد رفيقٌ ثقيل في ليل الغربة الطويل ..الطويل ..ووجدته لا يحتمل ..
فأنا سمكة ٌ ..تموت ان بعُدت عن النيل ..
ثم ذقت طعم ليل المنفى ! الغربة القسرية
الحرمان من مدينتي التي احب وبلدي الذي أعشق ..
فعلمت حينها معنى أن يصاحبك السُهاد .

.
ويجالسك القلق ..
قلق لا ينتهي على وطنك ..
على أهله ..
على الأبرياء ،
على النساء
على المرضى ..
على اصحاب الحاجات .
ليل تسمع فيه أنين الأسرى والأسيرات
ووجيب قلوب الخائفين والخائفات
الهاربين والهاربات
المختطفين والمختطفات
يا الهي هل عرفوا نهاراً قط
منذ ان ساقهم قدرهم إلى يد وحوش بلا أخلاق ولا ذمة !
ليل الغربة القسريّة ملئ بالمخاوف والتوتر والأرق ..
لم يعد النوم فيه راحة !!
لأنك عندما تغلق عينك تجد نفسك تحدِّق في عيون قلقة من ” بكرة ” ، قلقة من المستقبل
مستقبلهمً..مستقبل آبائهم ؟ مستقبل أبنائهم ..اخوتهم ..اصدقائهم ؟
تسمع الاسئلة الحيرى في عقولهم وصدورهم ..
الجميع كورد النيل يطفو بلا جذور
نحن جميعا نقف في منطقة اللاوزن ..ونمضي للمجهول
بيوت منهوبة
مدخرات مسروقة ..
مدينة محطمة ..
جيران لا تعرف مصيرهم
أقارب مفقودين ..
ترى الشوق للعودة …والخوف من لحظة العودة
فقد تغيرت المدن ..والأحياء ..والناس للابد .
نحتاج جميعاً لنقطة بداية ..
وهي ان نقف على ارضنا .. بأمان ..
حينها هناك فرصة كي نستعيد ثقتنا في انفسنا..
حينها سنتحسس البدايات الجديدة .
نريد ان نرى الشمس
فإن ليل الغربة القسرية ليلٌ بلا نهاية
حتى ولو أشرقت الشمس ..

سناء حمد

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

في رحيْـلِ نُـور العَـيــْن :رسـالة عَـزاءٍ لأحلام إسـماعيل حسن

السفير جمال محمد ابراهيم

أعزّيك أيّـتـهـا الإبنـة المكلومة في رحيلِ أمِّـكِ فـتحـيــة . . .
ولكن يكون عزائي لك منقوصاً إنْ لم يكتمل بعزاءٍ أرفعـه لأجيــالٍ عــرفـتْ الراحــلة فـتحـيـة ابراهيم، رمـزاً لامرأة نـبيـلة جليـلة وجميـلة، إسمها "نـور العيــن"، ولكن لـم يُتـح لأكثرهم معــرفة إسمها كاملاً كما أكتبه الآن وَعيني تدمع على "نور العيـن". عرفها الناس أغـنية تركـتْ أثراً طاغياً، وبصمة راسـخة في وجدانهم، إذ لم تكن محضَ إســمٍ لأغـنيةٍ طـروبة شـــغف بها السودانيون، بل كانت الوسام الذي حمله صوت فـنان أفريقــيا الأوّل، وشفرة فتحتْ صفحـات لتغييرٍ كاسحٍ في الذائقـة الاجتماعية والجمالية لفن الغـناء. إنداحتْ تلكم الصفحات من شِـعـرٍ غنائي، صـدر مِـن قلــبِ شــاعرٍ إســمه اسماعيل حسن "ود حد الزين"، مـوسَــقـهُ عبقــريُّ الأغنية السّــودانية الرَّاحل محمّـد عـثمان وردي، بإيقـاعـات تشـرَّبتها روحـه من نهـرٍ خالـدٍ هو نهـر النيل.
نظمَ الشاعر إسماعيل حسن "ود حد الزين"، رحمه الـلهُ ، قصائده الأولى مصنوعة لتوافق بحور الشعر العربي الفصيح وقواعــده، غير أن العاطفة الجيّاشة الصادقة، لا ولن تحكـمـها الضوابط والقواعد والقيود الخليلية . جاء نظم شـعره بعد ذلك بعامـيـة دارجــة حُـراً سـلساً من عاطفةٍ طلـيـقة لعاشــقٍ رقَّ قـلـبه انقطاعاً ومَحـبـّةً لمـن جمعـته الحياة بها، رفـيقـة وزوجــة وصــديقة وأمّـاً لأولاده وبنـاته. لم تكن الراحلة فتحيـة مُلهِـمة يُنظـم فيها الشِّــعـر وكـفى. لم تكن معشوقة التقاها عاشق مُدنف وكفى. انفتح قلـب "نور العيـن" على قلبِ شـاعرٍ صـادق المشاعر، كصـدق النيل المُتحـدّر عبر سـهولِ ووديان بلاده مـِن جنــوب المنابع إلـى شــمال المصبّــات، فكان ســلـسـاً في مســيره، صخَّاباً في انحداره، قوياً في مجـراه. لقد شـهد جيلُ الخمسينات وما بعدها من سنوات أواسـط القرن العشــرين، غِـناءاً من الفنان محمد وردي وشعراً من إسماعيل، أحــدث ما قـد يُعـدَّ – بلا أدنى مبالغــة- ثورة في وجــدان تلكم الأجـيـال . انفـتحت أبوابٌ على مصاريعها لتغييرٍ طالَ مشـاعر شــباب تلكم الأجيال، فشكّل فـتحـاً مُباغـتاً لمجتمع تلك السّـنوات في السّودان، فوقف أكثر عــرّابو فـنــون الشعر والغناء في ذلك الزّمان، مواقف حَـذرة مُسـتريبة. لكن لســطوة قـدرات الفنان المُغـنّي وردي وموهبته الأصيلة، ما هدم جـدران ذلك الحذر وتلك الإســـترابة.
لم يكن في حُسبان تلـك الفتاة الجميلة ، ولا في حُسبان شـــاعرها المُحــبّ إســماعيل ود حدّ الزين، ولا في حساب فـنان عـذب الصـوتِ ، جاء من شمال مصبّات النيل باتجـاهٍ مُعاكـسٍ لمسـار منابعه، أن ثلاثتهم سـيجترأون على الذائقة الجمالية لمجتمعٍ ألِـفَ الانغلاقَ لا الانفــتاح، والاســتغفار قبلَ الضحـك، فـيتهـيّأ على تردُدٍ لفـتـوحــاتٍ كاســحةٍ قـادمـةٍ إلى ســاحات الغــناء واللحـــن والموسيقى. وإنّ الإستجابة لذلـك الإجتـراء الجميل لم تكن بعيدة الوقوع، إذ السّـاحات الإقليمية والعالمية، وبعد طيّ سنوات الحرب العالمية الثانية، شهدت ثوراتٍ فـنـيـة في الغناء والموسيقى والإطراب. عرفنا في تلكم السنوات بيئة تسـيَّدها الفيس بريسلي وفـرانك سيناترا والخنافس وأضرابهم .
نعرف للنيل الخالد مساراته السلسة ، كما نعرف عنه مساراته الصّـاخبة التي تصارع أمواجها الحاينة صخـور شلالاتها المرّقمة، فيتجاوزاها الواحد تلو الآخر. ترى هَـل كان النيل الخالد مرآة لذلك الإبداع الثلاثي الذي جمع فتحية بإسماعيل ووردي. .؟
كانت للرّاحل إسماعيل وللرّاحلة فتحية، مسيرة حيـاتيـة حفـلـتْ بسلاسـةٍ حانية في آن، وبصـخـبٍ حـميـمٍ في آن . لكأنّهـما اســـتلهما في مسيرتهما تلـك- وهُـمـا في خضــم قصّـــة رباطهما العاطفي في دنيـا الناس، ســلاسـة ذلـك الـنّـهـر الخـالد في حميميـتـه وفـي عنفوان تصخـــابه. ولأنَّ الإبداع أجمـله ما يخرج من رحِـم المعاناة ، وأنبـله ما تفصّـدت من عثراته ومكابداته، أكباد العشاق، فـإنَّ الأقدار أتاحـتْ للعاشقين شــاهداً مُبـدعـاً رافـقـهـما وارتبطتْ مشاعره بمـا عاشـاه في مسيرتهما تلك ، فكانت فتحيـة هيَ "نور العين"، والشاعر هو "ود حدّ الزين" والمفنان المطرب هـو محمد عثمان وردي، فاكتمل مثلث الجمال والشعر والغناء لثورة المشاعر تلـك، وفتحتْ صفحات للغنـاء في السودان جـــذّابة زاهــية . أوحـَـتْ ثورة المشاعر تلك لكلِّ مُحـبِّ بعدها، أن يقف أمام حبيبته ليقول لها بعبارات إعتذارية حميمة : "أوعك يا حبيبي أوعك تاني تزعل". ذلك فـتحٌ ليس في لغة الغناء فحَسب ، بل في الشعر الذي كانت تتخفّى حميميـته خجــلاً وراء توريات تقـول للعصـافير في غصــونها أنّـها تذكّـر العاشق بالـدُّرِّ المصوْن. .
صرنا ننادي محـبـوباتنا : "يا حبـيـبــة" ولا من أحد يرى في العبارة انكساراً أو ميـوعــة . ثُمّ جـاء محجـوب شريف ينادي محبوبته ، شريكة رحلة حياته : " أحِبّـك أحبِّـك أنا مجــنونك". رحم الـله مبدعين فتحوا أبواب الإبداع على مصــاريعها ، بلغــةٍ صـــرنا نتنـفســـها برئـاتنـا، وبموسيقى تلامس وجداننا، وبغـناءٍ مثل ذلك الغناء الذي جاء من حنجرة عـبــقـــري الغـــناء السوداني، فارتقى بإبداعـه ليـتـبـوأ الموقع الأول للإطراب في أفريقــيــا.
لا أعزّيك يا أحـلام وَحـدك، أو أعـزّي إخـوتك وأخـوانك، وأنتِ التي وَثَّقـتِ وَرَســمْتِ وَأنجَـزتِ لوحاتٍ، بقلمٍ باذخِ الرّويّ لتضـيفـيـنَ كلّ ألـوان قُـزحٍ إلى تجـــربةٍ إبداعــيـةٍ وفـنـيـةٍ وجمالـيةٍ، أحـدثتْ نقـلة بل حــراكاً وثورة رسَــخت في قـبـول مشــاعـر الناس لــها . لم تكن الرَّاحلة فتحـيـة مُلهمة فحسب، إذ ملهمات الشعراء يبقـيـن مُلهمات في قلبِ كلِّ شاعرٍ عاشـق، لكنَّ الرّاحـلة فـتحــيــة ألهـمَـتْ انـبـثاقِ تجــربـةٍ كاملة غـيـر مســبوقة ، بل ألهـبـتـهـا عاطفةً وشعراً وإطرابا ، فصــارت بذلك ومع شـاعرٍ عاشـقٍ ومطربٍ صدّاح ، رمزاً زاهـياً لتلك التجربة الفـريدة. .
عزيزتي أحلام. . عَـزائي لأجيــالٍ رافـقـت تلك التجـربة وعاشـتْ لهيـبها وحميميــتـها ، اعتذاراتها ومسامحاتها ، هدوء عواصفها وصخب توادُدِها . ما كتبتُ هُنا إلا بقلمٍ باكٍ لأمسح دمعات تحدّرت من عينيَّ، ودمعات أكاد أراها تتحـدّر من عينيك على راحــلةٍ عــزيزة. .
ألا رحم الله الثلاثي الذي أثرى حياتنا ومشاعرنا ونظرتنا للحياة من حولنا، وتبقى ذكرَى "نور العيـن" وإسماعيل ووردي، حيّـة دائـمـة في وجــــداننا. . .

القاهــرة 6 يوليو 2024

jamalim@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • السنغال تُلغي صفقة مع «أكوا باور» السعودية
  • التحقيقات تكشف عدم وجود شبهة جنائية بغرق طفل بنهر النيل في الصف
  • في رحيْـلِ نُـور العَـيــْن :رسـالة عَـزاءٍ لأحلام إسـماعيل حسن
  • الجمعية الأردنية لمتقاعدي الضمان الإجتماعي… (مكانك سر)
  • انتشال جثة غريق من داخل نهر النيل فى المنيب
  • يجب أن نعمل لغربتنا كأنها ستكون سنينا ونعمل لعودتنا كأنها ستكون غدا
  • السودان يطالب بتسهيل مسارات الهجرة الشرعية عبر منح تأشيرات الدخول وإعادة تفعيل الاتفاقيات ذات الصلة وعدم الإعادة القسرية
  • السودان الذى كان
  • تفاصيل مصرع شاب تعرض للغرق بنهر النيل في الصف
  • تتويج الطالبة لانا الطويل من حلب بطلة لتحدي القراءة العربي في سورية بالموسم الثامن