هل تملك واشنطن منع إسرائيل من اقتحام رفح؟
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
واشنطن– بينما تستعد إسرائيل لشن هجوم بري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أشار بيان البيت الأبيض حول مهاتفة الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، إلى أن بايدن "أعاد تأكيد رأيه بضرورة ألا تجري العملية العسكرية في رفح دون خطة موثوقة وقابلة للتطبيق، تضمن أمن ودعم أكثر من مليون شخص يحتمون هناك".
وخلا البيان من أي إشارة إلى رفض واشنطن اقتحام رفح، آخر المناطق التي لجأ إليها نحو مليون ونصف مليون فلسطيني، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
من ناحية أخرى، لم يأت توبيخ بايدن لإسرائيل في كلمته بالبيت الأبيض ليلة الخميس بأي مؤشر إلى أنه سيخفض الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي لإسرائيل، إذا استمرت في مسارها الحالي.
وعبّرت سارة هاريسون، الخبيرة في مؤسسة راند، والمسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأميركية عن شكوكها في جدوى الضغوط الأميركية.
وقالت في تغريدة على موقع "إكس" إن "ما يغذي شكوكي هو قرار الإدارة غير المحسوب بتعليق التمويل لمنظمة الأونروا، ودعم حزمة أسلحة بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل، ورفض اشتراط المساعدات العسكرية في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الإسرائيلي لبدء العمليات في رفح. وكل ذلك يتناقض مع أهداف السياسة المزعومة في مذكرة الأمن القومي".
معلقون يتحدثون عن إحباط متزايد في البيت الأبيض من رفض نتنياهو للعديد من الطلبات الأميركية (الأناضول) رأي عام يهم إسرائيلواستهل نتنياهو هذا الأسبوع ظهوره ضيفا على برنامج التوك شو الرئيس لشبكة إيه بي سي (ABC News) صباح أمس الأحد، وكرر تأكيد أن "النصر في متناول اليد"، وأضاف "سنقضي على ما تبقى من كتائب حماس الإرهابية في رفح، المعقل الأخير، سنفعل ذلك".
ووعد نتنياهو بتوفير "ممر آمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة"، وعندما سُئل عن المكان الذي من المفترض أن يذهب إليه الفلسطينيون، قال نتنياهو إنهم "يعملون على وضع خطة مفصلة".
ومع تزايد دعوات عدد من أعضاء الكونغرس بضرورة تجنب اقتحام رفح، الذي يتزامن مع تعبير الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى عن قلقها بشأن المكان الذي سيذهب إليه المدنيون مع بدء الاقتحام الإسرائيلي، رد نتنياهو بالقول إن "أولئك الذين يقولون إنه لا ينبغي لنا تحت أي ظرف من الظروف دخول رفح، يقولون لنا اخسروا الحرب. أبقوا حماس هناك".
ويشير المعلقون في واشنطن إلى إحباط متزايد في البيت الأبيض من رفض نتنياهو والحكومة الإسرائيلية للعديد من الطلبات الأميركية. ووصف بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها تخطت الحدود. وكانت هذه أقسى لغة استخدمها بايدن لانتقاد العدوان الإسرائيلي في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على الرغم من مخاوف من الاقتحام المتوقع.
اهتمام بصفقة الأسرى
بعث الرئيس بايدن بمدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز، إلى مصر لمواصلة المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه -أيضا- تأمين إطلاق سراح ما يقدر بـ 132 محتجزا إسرائيليا لدى حركة حماس، من بينهم 8 يحملون الجنسية الأميركية.
ويتوقع أن يلتقي بيرنز مع رئيس الوزراء القطري ورؤساء الاستخبارات المصرية والإسرائيلية، لمناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة تبادل جديدة يمكن أن تؤدي إلى توقف طويل للقتال في غزة، وإدخال كميات أكبر من المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع.
ومع تزايد مخاوف بعض الدوائر الأميركية من تبعات اقتحام رفح على مصير المحتجزين، والأمن الإقليمي ومستقبل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، تؤكد حركة حماس أن هجوما بريا إسرائيليا في مدينة رفح سيعني نهاية مفاوضات الأسرى.
وحول ما يمكن أن يفعله الرئيس بايدن لمنع العدوان على رفح، قال السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إن "الكلمات، حتى من بايدن نفسه، لن تكون كافية لوقف خطط إسرائيل لاقتحام رفح".
وأضاف ماك في حديث للجزيرة نت، "على الرغم من رفض واشنطن التهجير القسري للفلسطينيين، الشيء الوحيد الذي سينجح هو وضع شروط قوية على استمرار الدعم العسكري والمالي والسياسي الأميركي لإسرائيل. ويبدو أن هذا بدأ يحدث مع مذكرة الأمن القومي للرئيس التي دُفعت بنجاح من عدد من الديمقراطيين البارزين في مجلس الشيوخ الأميريكي، بقيادة السناتور كريس فان هولين".
من ناحية أخرى، إذا مضى نتنياهو قدما في غزو رفح، فقد يؤدي ذلك بسرعة إلى فقدان الدعم الأميركي، لأنه "يعرض للخطر الإفراج الآمن عن الرهائن والأسرى"، حسب الدبلوماسي السابق.
فلسطينيون يتجمعون لتلقي حصص الدقيق لعائلاتهم خارج مستودع للأونروا برفح جنوب قطاع غزة (الفرنسية) استخدام الدعم للضغطفي حديث للجزيرة نت، عدّ مدير مؤسسة "دراسات دول الخليج" جورجيو كافيرو، أن "الولايات المتحدة تتمتع بقدر كبير للغاية من النفوذ على إسرائيل. ولم تتمكن إسرائيل من شن حربها على غزة، إلا بسبب المستوى العالي من الدعم الذي تتلقاه من واشنطن".
ورأى كافيرو أن حكومة نتنياهو "تمكنت من الإفلات من العقاب على هذه الإبادة الجماعية في غزة فقط؛ بسبب الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي والدبلوماسي الذي تتلقاه من الحكومة الأميركية".
وأشار إلى أنه "إذا كانت إدارة بايدن ستضع شروطا على المساعدات لإسرائيل، فلن يكون أمام تل أبيب خيار سوى التصرف وفقا لذلك، وتلبية متطلبات واشنطن لتستمر في تلقي الدعم الأميركي. وقد يستلزم ذلك إخبار إسرائيل بأن المساعدات قد تُقطع أو تُجمّد اعتمادا على خطوات تل أبيب التالية حول ما يتعلق برفح".
ومع ذلك، وبسبب عوامل سياسية، "لا تشترط إدارة بايدن المساعدات لإسرائيل، أو تضع أي خطوط حمراء، وترفض في نهاية المطاف استخدام نفوذ واشنطن لتغيير ما يحدث على الأرض"، كما يقول الخبير الأميركي.
كذلك أشار بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما إلى أنه "من غير الواضح على الإطلاق ما إذا كان تغير حدّة اللغة من واشنطن في مكالمة هاتفية سيكون له أي تأثير في تفكير بنتنياهو طالما أنك تدعم عملية نتنياهو العسكرية في غزة دون شروط".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اقتحام رفح إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل تجد خطة نتنياهو بضم الضفة آذانا صاغية بإدارة ترامب الثانية؟
واشنطن- مع توارد التقارير حول إجراء الحكومة الإسرائيلية مناقشات مغلقة خلال الأيام الماضية بخصوص إعادة قضية ضم الضفة الغربية لجدول أعمالها فور تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، برزت إشارات أميركية تعكس عدم اعتراض إدارة ترامب الجديدة على مثل هذه الخطوة.
وجاءت أنباء ترشيح كل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لسفراء جدد في القدس وواشنطن كإشارة واضحة حول بوصلة اتجاه الأحداث فيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية المحتلة.
فقد أعلن الرئيس الأميركي المنتخب أنه سيرشح حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل. ومن جانبه، أعلن نتنياهو أن سفير إسرائيل القادم لدى الولايات المتحدة سيكون يحيئيل ليتر، أحد زعماء مستوطني الضفة الغربية المحتلة.
وفي الوقت الذي تحكم فيه إسرائيل أكثر حكوماتها تأييدا للاستيطان بالضفة الغربية على مدار تاريخها، يأمل البعض في اليمين الإسرائيلي أن تكون إدارة ترامب الثانية هي الأكثر تأييدا للاستيطان على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة.
ويتمتع هاكابي بعلاقة وثيقة مع نتنياهو. كما أعرب مرارا عن دعمه للمستوطنين اليهود وأيد فكرة ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة أو كلها. وفي عام 2015 قال هاكابي إن إسرائيل لديها علاقة تاريخية أقوى بالضفة الغربية من مانهاتن بالولايات المتحدة.
وفي 2019 قال هاكابي إنه يعتقد شخصيا أن إسرائيل لها الحق في ضم أجزاء من الضفة الغربية. وخلال ترشحه للرئاسة عام 2008 قال "لا يوجد حقا شيء اسمه فلسطين" وجادل بأن أي أرض لدولة لفلسطين مستقبلية يجب أن تؤخذ من الدول العربية، وليس من إسرائيل.
وفي المقابل، يرفض ليتر إقامة دولة فلسطينية، ويكرر دعوات لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل.
مايك هاكابي (يسار) خلال لقاء مع نتنياهو في أغسطس/آب 2015 (غيتي) نية إسرائيل الواضحةوأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن خطط ضم الضفة الغربية لإسرائيل موجودة بالفعل، وعملت عليها إسرائيل منذ عام 2020 خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب كجزء مما أُطلق عليه صفقة القرن.
ومثلت تعليمات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وهو أيضا مسؤول بوزارة الدفاع، لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية للبدء بإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، الخطوة الأكثر وضوحا في هذا الاتجاه.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن سموتريتش تعهد خلال كلمة ألقاها لتهنئة ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية، خلال ترؤسه لاجتماع حزب الصهيونية الدينية، بأن يكون 2025 عام السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة" وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية.
وعلى الرغم من تبني واشنطن رسميا موقفا نظريا داعما لفكرة حل الدولتين، ويرفض الاستيطان الإسرائيلي بالضفة الغربية، أجمع معظم من تحدثت إليهم الجزيرة نت، من خبراء السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، على أن إدارة ترامب لن تمانع أو تعرقل أي خطوت تقدم عليها إسرائيل تجاه الضفة أو حتى قطاع غزة.
واشنطن لن تمانعوأكد خبير الشؤون الدولية والسياسة الأميركية آدم شابيرو أن "هناك كل الأسباب لافتراض أن الولايات المتحدة ستعترف بضم إسرائيل للضفة الغربية في ظل إدارة ترامب القادمة. في ولايته الأولى، اعترفت الولايات المتحدة بضم إسرائيل للجولان. كما تم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، مما يعني اعتراف الولايات المتحدة بمطالبات إسرائيل بالمدينة".
وبالنظر إلى أن أكبر مانح لترامب، ميريام أديلسون، أعلنت أن اعتراف واشنطن بضم إسرائيل للضفة الغربية هو ما تأمله منه، وبالنظر إلى أن معظم المسؤولين الجمهوريين المنتخبين في واشنطن مدعومون من قبل الممولين الصهاينة المؤيدين لإسرائيل والمسيحيين الصهاينة ولجان العمل السياسي، فإن الأمر يتطلب إدخال عنصر استثنائي لتوقع أي نتيجة مختلفة، بحسب شابيرو.
من جانبه، قال السفير ديفيد ماك، المساعد السابق لوزير الخارجية، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، "آمل ألا يحدث ذلك، ولكن من السابق لأوانه القول ما إذا كانت حكومة نتنياهو ستتماشى مع المتشددين في ائتلافه في دعم هذا المطلب من قبل العديد من المستوطنين. ومن شأن ذلك أن يزيد بشكل كبير من الضغط على القوات العسكرية الإسرائيلية التي تعاني بالفعل من ضغوط شديدة.
علاوة على ذلك، شكك السفير ماك في أن خيارات ترامب الجديدة لمنصب وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ستكون حريصة جدا على دعم الولايات المتحدة لخطوة من شأنها أن تضع ضغوطا هائلة على العلاقات الأميركية مع الأردن والسعودية والإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وقال تاريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن، إنه "وبالنظر إلى سجل ترامب، يبدو من المرجح جدا أن يعترف ترامب بضم إسرائيل للضفة، بل قد يضغط على دول أخرى لفعل الشيء نفسه. في عهد بايدن، مهدت الولايات المتحدة الطريق لضم الضفة، وخلقت كل الظروف لذلك، بينما تظاهرت بأنها ضدها".
فرص السلامومع وصول ترامب للحكم مرة ثانية، ستتغير طريقة اتخاذ القرار داخل البيت الأبيض، ولن تكون قرارات السياسة الخارجية المتعلقة بالشرق الأوسط استثناء. وستصبح القرارات تتخذ طبقا لما يفضله الرئيس، ولن تتخذ بناء على خدمة المصالح الأميركية المتعارف عليها، بحسب مراقبين.
وتعد قضية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية على رأس القضايا المهمة لترامب، حيث تطالب الرياض بدولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وغزة، كشرط للتفاوض حول التطبيع.
من هنا، يرى غريغوري أفتانديليان، خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن، أنه "على الرغم من موقف ترامب المؤيد لإسرائيل، فمن غير المرجح أن يؤيد ضم إسرائيل للضفة الغربية. يعرف ترامب أن هذا من شأنه أن يدمر تماما أي فرص للسلام".
وأضاف أفتانديليان في حديث للجزيرة نت، "علاوة على ذلك، فإن خطته للسلام التي كشف عنها صهره جاريد كوشنر في فترة ولايته الأولى كرئيس، تضمنت ضم إسرائيل لثلث الضفة الغربية، وليس كل الضفة الغربية، ومن غير المرجح أن ينحرف عن هذا الموقف".