محطة الضبعة.. مشروع مصر النووي
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
محطة الضبعة تمثل مشروع مصر النووي، وتتكون من 4 مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل منها، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم المفاعلات الأخرى تباعا.
ظل المشروع النووي المصري أسير الدراسات والمباحثات الفنية والسياسية منذ خمسينيات القرن العشرين إلى أن وقعت مصر وروسيا عقود المحطة في ديسمبر/كانون الأول 2017 بتكلفة 28.
ويتم تمويل المشروع عن طريق قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار أميركي، حصلت عليه مصر لإنشاء المحطة النووية، ويبلغ أجله 22 عاما بفائدة 3% سنويا على أن يبدأ سداد أول قسط عام 2029.
وتتمسك القاهرة بمشروع الضبعة لاعتبارات سياسية واقتصادية، في مقابل تحذيرات من خطورة المشاريع النووية على الحياة البيئية والسياحة في الساحل الشمالي، وتحديدا مدينة العلمين الواعدة، وأن مصر لديها وفرة في مصادر الطاقة وبدائل عديدة للطاقة النووية.
تقع المحطة النووية في مدينة الضبعة التابعة لمحافظة مطروح (شمال غرب) على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة. وتقام على مساحة 45 كيلومترا مربعا بطول 15 كيلومترا على الساحل الشمالي وبعمق 5 كيلومترات، في منطقة تمتاز بنشاط زلزالي إقليمي منخفض وإمدادات كافية من مياه التبريد (البحر المتوسط).
ويقدر عدد سكان مركز الضبعة بحوالي 61 ألف نسمة، حسب الإحصائيات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2023.
من أجل بناء المفاعل نزعت السلطات ملكية السكان لأراضيهم في المدينة أكثر من مرة، الأولى حين أصدر الرئيس الأسبق محمد أنور السادات في يوليو/تموز 1981 قرارا بتخصيص نحو 35 كيلومترا مربعا من مساحة الضبعة لإنشاء محطة نووية، غير أن المشروع توقف لاعتبارات منها تأثير انفجار محطة تشيرنوبيل النووي عام 1986 على شعبية الطاقة النووية على مستوى العالم.
وبين عامي 2002 و2003 عادت الحكومة المصرية إلى نزع ملكية الأهالي من جديد بهدف إحياء مشروع الضبعة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011 استغل الأهالي أحداث ثورة 2011 ونظموا اعتصامات طالبوا خلالها باسترداد أراضيهم.
في يناير/كانون الثاني 2012 اقتحم مئات الأسر موقع الضبعة، ورفضوا الخروج منه أو تعويضهم عن الأراضي التي نزعت منهم سابقا، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2013 أعلنت السلطات استعادة السيطرة على المنطقة وإعادة تشغيل برنامجها النووي، قبل أن تعلن في 2016 عن صرف تعويضات مالية للأهالي.
يعود الاهتمام المصري بالطاقة النووية إلى خمسينيات القرن العشرين، تحديدا سنة 1955 بإنشاء لجنة الطاقة الذرية، ردا على البرنامج النووي الإسرائيلي آنذاك.
ويمكن رصد أبرز محطات تطور المشروع النووي المصري في النقاط التالية:
تعاونت مصر مع الاتحاد السوفياتي في إنشاء أول مفاعل نووي للأبحاث والتدريب عام 1961 بمدينة أنشاص التابعة لمحافظة الشرقية بقدرة ميغاواتين حراريين، وهو مغلق على المدى الطويل، مع الإشارة إلى أنه تم تشغيل مفاعل أبحاث ثان أرجنتيني مدعوم جزئيا من روسيا في أنشاص عام 1998 بقدرة 22 ميغاواتا حراريا. عام 1957 شاركت مصر بوصفها عضوا مؤسسا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي العام نفسه حصلت على معمل للنظائر المشعة من الدانمارك. عام 1964 طرحت مصر مناقصة دولية لإنشاء محطة نووية في منطقة برج العرب بمحافظة الإسكندرية، إلا أن حرب 1967 أوقفت المشروع. مع عودة العلاقات المصرية الأميركية عام 1974، اتفقت القاهرة وواشنطن على بيع مفاعل نووي أميركي لمصر كان مزمعا إقامته في منطقة الضبعة، لكن المشروع لم يكتمل بسبب اشتراط واشنطن إنتاج الوقود النووي خارج مصر مع إجراء التفتيش على المنشآت النووية، وهو ما رفضته القاهرة. وقعت مصر على معاهدة حظر الانتشار النووي بالأحرف الأولى عام 1968، لكنها رفضت حتى عام 1981 التصديق عليها ما لم تفعل إسرائيل ذلك. في عام 1983 طرحت مصر مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء في الضبعة قدرتها 900 ميغاوات، إلا أنها توقفت عام 1986 بعد كارثة تشيرنوبل في العام ذاته.تعد محطة الضبعة من الجيل الثالث للمحطات النووية، الذي يعمل بالماء المضغوط ويتوافق مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي مصممة لتحمل تحطم طائرة بقوة 400 طن أو الزلزال الذي تصل شدته إلى 9 درجات على مقياس ريختر، وهي مماثلة لمحطة لينينغراد الروسية للطاقة النووية التي نفذتها "روساتوم".
ولن يقتصر الدور الروسي على إنشاء المحطة، فوفقا للالتزامات التعاقدية، سيمدّ الروس البلاد بالوقود النووي طوال العمر التشغيلي، وسيقدمون الدعم في تشغيل وصيانة المحطة على مدى السنوات العشر الأولى من تشغيلها، وينشئون منشأة لتخزين الوقود النووي المستهلك، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.
كما تسهم كوريا الجنوبية في مشروع الضبعة عبر شركتها الحكومية للطاقة المائية والنووية "كيه إتش إن بي" من خلال توريد معدات ومواد البناء الرئيسية والفرعية.
وتتكون المباني الرئيسية لمحطة الضبعة النووية من مباني التوربينات والتحكم والملحقات وغرفة البخار ومبنى المفاعل ومبنى الأمان.
أهداف المشروع النوويتعد محطة الضبعة النووية أحد عناصر تحقيق إستراتيجية التنمية المستدامة في مصر (رؤية 2030)، وتسعى من خلالها القاهرة إلى تحقيق الأهداف التالية:
أهداف اقتصاديةوفقا لإستراتيجية الطاقة في مصر 2035، المعتمدة عام 2016، تستهدف البلاد إدخال الطاقة النووية بنسبة 3% في مصادر الطاقة لعام 2035، إلى جانب 42% من مصادر الطاقة المتجددة (رياح/ شمسية/مائية) مقارنة بـ20% عام 2022.
أهداف سياسيةتعميق العلاقات مع روسيا، وتنويع التحالفات الخارجية، إذ لم تتأثر أعمال المشروع على الرغم من سابقة طرد روسيا من النظام المالي العالمي "سويفت" عقب اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
التعامل مع النفايات النوويةاعتمد المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية (حكومي) عام 2017 إستراتيجية وطنية لإدارة النفايات المشعة والوقود النووي المستهلك في المحطات النووية.
وتشير التقارير الحكومية إلى تعاقد مصر مع الشريك الروسي على التعامل مع الوقود النووي المستنفد من خلال إنشاء مستودعات التخزين الجاف، باستخدام أوعية خاصة معدة لحفظ الوقود لمدة تبلغ 100 عام، على أن يتم دفنه بالطريقة المتبعة عالميا.
مع ذلك ثمة مخاوف طرأت على المشروع، خاصة البعد البيئي والجدوى الاقتصادية، إذ تتبنى دراسات بيئية وحقوقية حول الأثر البيئي لمحطة الضبعة موقفا مغايرا، وترى أن توليد الكهرباء من الطاقة النووية باهظ الثمن ومحفوف بالمخاطر وغير مستدام، وأن هناك بدائل مصرية أفضل للحصول على الطاقة.
بدائل ومحاذيرفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بينت دراسة لـ"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" (هيئة حقوقية خاصة) حول الطاقة النووية ومشروع الضبعة أن هناك فوارق كبيرة في الجدوى الاقتصادية بين محطة الضبعة ومحطات الطاقة البديلة، بالإضافة إلى تحذيرها من عدم وجود مستوى آمن يحمي من التعرض للإشعاع النووي.
وقدرت الدراسة أن تكاليف بناء محطة الضبعة تبلغ 30 مليار دولار أميركي وبقدرة 4800 ميغاوات، أي أنها تفوق تكاليف إنشاء محطة غاز طبيعي بنحو 12 مرة، ومزارع الرياح بنحو 6 مرات، ومحطات خلايا فوتوفولتية (الطاقة الشمسية) بنحو 3 مرات لتوليد القدر نفسه من الطاقة.
وفي 2011 نقلت وسائل إعلام مصرية عن مدير مركز الاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء بجامعة بوسطن الأميركية فاروق الباز قوله إن "مصر غير مؤهّلة لخوض تجربة الطاقة النووية"، محذرا من "احتمال التعرض لتسريب إشعاعي أو انصهار نووي ناتج عن الإهمال أو إساءة معالجة مياه التبريد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: نوفمبر تشرین الثانی المحطة النوویة للطاقة النوویة الطاقة النوویة الوقود النووی مشروع الضبعة محطة الضبعة محطة نوویة إنشاء محطة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تنفق 1.1 مليار دولار على الأسلحة النووية في 2023
أنفقت إسرائيل نحو 1.1 مليار دولار على الأسلحة النووية خلال السنة الماضية، وفق تقارير الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية "آي سي إيه إن" (ICAN)، والتي نقلت جانبا منها صحيفة غلوبس الإسرائيلية.
وتصنف الحملة الدولية إسرائيل في المرتبة السابعة في العالم من حيث الاستثمار في الأسلحة النووية، وهي أعلى بقليل من باكستان التي أنفقت ما يقدر بمليار دولار في العام الماضي وكوريا الشمالية التي أنفقت 900 مليون دولار.
ووفقا للحملة، أنفقت إسرائيل والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا والهند وكوريا الشمالية مجتمعة 91.4 مليار دولار على الأسلحة النووية في عام 2023.
وتقول "آي سي إيه إن" إن الأموال المستثمرة في الأسلحة النووية العام الماضي كان من الممكن أن توفر 27% من العجز في التمويل مكافحة الاحتباس الحراري العالمي.
وتأسست "آي سي إيه إن" في أستراليا ويقع مقرها الرئيسي اليوم في جنيف بسويسرا، وقد حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 2017.
يشار إلى أن الحملة الدولية للتخلص من الأسلحة النووية اتهمت إسرائيل بعدم الشفافية في ما يتعلق بامتلاكها وإنفاقها على الأسلحة النووية.
وتواصل إسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي سياسة الغموض النووي فيما يخص امتلاكها أسلحة نووية وحجم الإنفاق على برنامجها.
ونقلت وكالة الأناضول عن منسقة برنامج المنظمة، سوسي سنايدر قولها إن العالم يعرف أن إسرائيل تمتلك حوالي 90 رأسا نوويا، وفقا لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ورغم ذلك، لم تعترف بامتلاكها لهذه الأسلحة، ما يثير قلق المجتمع الدولي حول مخاطر هذه الترسانة النووية.
وشددت سنايدر على أن الأسلحة النووية تشكل "تهديدا عالميا" يتجاوز الحدود، حيث يمكن أن تؤثر على دول بعيدة عن مواقع استخدامها.
يوم القيامةفي أكتوبر/تشرين الأول 2023 دعت ريفيتال تالي جوتليف، عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عن حزب الليكود، لاستخدام "سلاح يوم القيامة النووي ضد غزة وتسويتها بالأرض".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لم يستبعد وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، إمكانية إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، معتبرا أنها "إحدى السُّبل" للتعامل مع القطاع، وذلك في رده على سؤال أحد الصحفيين عمّا إذا كان يتوقع أن تلقي إسرائيل "نوعا من القنابل النووية على غزة".
وتتبنّى إسرائيل سياسة "التعتيم النووي"، ورفض السماح لأي جهات دولية بالتفتيش في مواقعها المشبوهة، أو الالتزام بأي اتفاقيات دولية لمنع انتشار الأسلحة النووية.