بين اثنين من أقدم شوارع القاهرة القديمة تقع عمارة "الإيموبيليا" أقدم العمارات وأكبرها في العاصمة المصرية والتي ترجع شهرتها لكون سكانها طوال عقود طويلة من القرن الماضي من أشهر الفنانين والأدباء والسياسيين والشخصيات العامة في مصر.

لم يعد حال الإيموبيليا كمان كان في السابق حين كان يشار لها بالبنان بعد أن طواها النسيان وطالها الإهمال فبدلا من لوح التعريف برموز مصر في القرن الماضي أصبحت واجهاتها ومداخلها مليئة بلوح تعريفية عن شركات ومحلات تجارية ومخازن ومكاتب محاماة وبيوت تجميل وغابت سمتها المميزة التي امتدت لعقود طويلة.

واجهاتها ومداخلها مليئة بلوح تعريفية عن شركات ومحلات تجارية ومخازن ومكاتب محاماة وبيوت تجميل محلات تجميل وشركات ملابس

حين ذهبنا إلى هناك بعد تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي يتندر فيها مصريون على إزالة لوحات تعريفية تشير إلى قائمة طويلة من أسماء فنانين ومبدعين وسياسيين مصريين سكنوا في العمارة الشهيرة بينهم نجيب الريحاني وليلى مراد ومحمود المليجي وأنور وجدي وأسمهان وكاميليا وغيرهم كثيرون لم نجد أثرا لتلك اللوحات أو لغيرها على مداخل العمارة الشاهقة مترامية الأطراف، باستثناء لوحة قديمة متهالكة مطموسة المعالم ترى بالكاد مكتوب عليها "في هذه العمارة بالدور الثالث شقة رقم 321 كان يعيش الفنان الكبير نجيب الريحاني من عام 1938 إلى عام 1949".

كان يعيش الفنان الكبير نجيب الريحاني فيها من عام 1938 إلى عام 1949

وبين لوحات الشركات والمكاتب التجارية بقيت أيضا لوحة صغيرة تشير إلى إسم شركة الفنانة الشهيرة ماجدة مكتوب عليها "أفلام ماجدة - إنتاج وتوزيع أفلام سينمائية - الدور السادس شقة 668".

"أفلام ماجدة - إنتاج وتوزيع أفلام سينمائية - الدور السادس شقة 668"

عبر مدخل كبير يطل على شارع شريف باشا بوسط القاهرة يقود إلى العمارة التي صممت على شكل جناحين أحدهما بحري والثاني قبلي ترامت المحلات التجارية والمطاعم ومحلات الملابس التي غيرت هوية المكان الذي يعد مبنى تراثيا فريدا ذو طابع معماري خاص لكن الإهمال والمخالفات بدت واضحة في كل جوانبه وعبر مداخله وحتى مصاعده العتيقة ودرج السلم في كلا الجناحين المكونين للمبنى.

لافتات تحتاج موافقة

لا يزال المخرج المعروف خالد الحجر يسكن في الإيموبيليا، بعد أن اشترى شقة المطربة الكبيرة ليلى مراد من ورثتها بل وحصل أيضا من أبنائها في وقت سابق على جزء كبير من أثاث شقة أخرى كانت تقيم فيها ونقله إلى شقة الإيموبيليا، وحين تحدثنا معه عن سبب نزع اللوحة التعريفية الخاصة بسكان العمارة القدامى من الرموز المصرية قال: "فوجئنا منذ فترة بنزع اللوحة لأنها تعد لافتة، واللافتات لابد من الحصول على موافقات لتعليقها على مدخل العمارة وحينها طلب السكان تركيب لوحة جديدة ولم يحدث".

بدأ بناء الإيموبيليا قبل أكثر من 86 عاما، ونظرا لتصميمها الفريد وموقعها المميز وعمارتها الفريدة جذبت نجوم الفن والسياسة والأدب للإقامة فيها وبلغ عدد وحداتها السكنية 370 شقة موزعة على جناحيها بارتفاع 13 طابقا في أحدهما و11 طابقا في الثاني.

كان عبود باشا رئيس النادي الأهلي المصري هو مالك العمارة ويقول الحجر إن "إيجار تلك الشقق في بدايتها كان يتراوح بين 12 و16 جنيها وهو رقم كبير في ذلك الوقت، وهناك من ورثة الفنانين من بقي محتفظا بالوحدات السكنية لآبائهم وأجدادهم مثل ابنة الفنانة ماجدة وأبناء الفنان حلمي حليم وأبناء المطرب الكبير محمد فوزي.

في بداية الستينات تعرضت أملاك عبود باشا للتأميم وآلت ملكيتها للحكومة المصرية، ومن بينها الإيموبيليا ومنها انتقلت ملكيتها إلى إحدى الشركات المتخصصة في النشاط العقاري ولا تزال تستخدم أحد طوابق العمارة كمقر إداري لها.

أحد حراس العقار قال إن "العمارة مملوكة لشركة الشمس للإسكان والتعمير التي تتخذ من الطابق الأخير في الجناح القبلي مقرا لها، وعن اللوح التعريفية بالفنانين قال إن الحي (جهاز محلي مسؤول عن الإنشاءات) هو من أزال اللوحة الكبيرة التي كانت تضم أسماءهم".

لكن أحد السكان الذين التقيناهم أشار إلى أن "الحي لا يستطيع نزع اللوحة لأن العمارة ليست من اختصاصه لأنها تابعة لجهاز التنسيق الحضاري نظرا لقيمتها الفريدة وتاريخها الكبير وتسجيلها كمبنى ذو طابع معماري مميز، ومنذ عدة سنوات تردد أن هناك مخططا لتطوير العمارة والحفاظ على قيمتها لكن لم يحدث شيء وبقيت على حالها محاطة بالمحلات التجارية وأدوارها غارقة في مقرات الشركات ومكاتب المحاماة".

من يملك أشهر عمارة في العاصمة المصرية؟

وتشير بيانات الشركة المالكة لعمارة الإيموبيليا إلى أنها شركة مساهمة مصرية تحت اسم الشركة المصرية للمباني الحديثة وهي حصيلة دمج 4 شركات بينها شركة الإيموبيليا التي كان يرأسها إسماعيل صدقي رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت وتمارس الشركة نشاطا يتعلق بتأجير وبيع العقارات التي تمتلكها والمنتشرة في القاهرة والإسكندرية ويتوزع هيكل ملكية الشركة على أربع شركات أخرى بحصص متفاوتة من أسهم الشركة.

محلات تجميل وشركات ملابس بدلا من أنور وجدي وليلى مراد ومحمد فوزي

تحدثنا إلى مصطفى عبد القادر مسؤول علاقات المستثمرين بشركة الشمس للإسكان والتعمير، فقال إن "الشركة هي المالك للإيموبيليا وعقارات أخرى شهيرة ولها تاريخ كبير في القاهرة ولدى الشركة أوراق بمرسوم ملكي يتعلق بالملكية".

ونفى عبد القادر مسؤولية الشركة عن نزع اللوح التعريفية الخاصة بالرموز المصرية التي عاشت في العمارة المملوكة لشركته وأشار إلى أن "هذه الأمور من مسؤولية اتحاد الشاغلين لأنه المنوط به أمور الصيانة والنظافة وما إلى ذلك، كما أن هناك الكثير من شقق العمارة مؤجرة وفي فترة زمنية سابقة باعت الشركة عددا من الوحدات السكنية في الإيموبيليا لكن توقف الأمر بعد ذلك.

وعن تحويل عدد كبير من شقق العمارة لمكاتب وشركات أوضح أنه "بالفعل هناك كثير من الشركات والمحلات والمكاتب تتخذ من العمارة مقرا لها بعقود إيجار قديمة لكننا في الشركة أنهينا تعاقدات عدد كبير من تلك المكاتب والمحلات خلال عامي 2022 و2023 بعد إجراءات قانونية وإدارية طويلة".

تم تحويل عدد كبير من شقق العمارة لمكاتب وشركات

لم تخل عمارة الإيموبيليا من تناثر الشائعات حولها خاصة مع كبر حجمها وترامي أطرافها في جوانب واسعة من القاهرة، وأبرز تلك الشائعات تتعلق بوجود أشباح داخلها تظهر لسكانها والمترددين عليها أحيانا وهو ما نفاه السكان الذين التقيناهم بها وأحد حراس العمارة واتفق معهم المخرج خالد الحجر الذي قال "هذه الشائعة انتشرت بسبب وجود عدد كبير من الشركات في طوابق العمارة، والتي تغلق أبوابها منتصف النهار كل يوم وينصرف العاملون بها ما يجعل العمارة شبه خاوية تماما ودون حركة بداخلها".

وما عزز تلك الشائعة وقوع جريمة قتل في إحدى شقق العمارة قبل أكثر من 10 سنوات حين قتل أحد السكان سمسار عقارات وفتاة أثناء ترددهما على الشقة التي يقيم فيها وهو الحادث الذي استلهم منه الحجر نفسه فكرة فيلم جريمة ورعب حمل اسم "جريمة الإيموبيليا" وعرض في عام 2018 وقام بتصوير أحداثه  بالكامل داخل العمارة واستخدم جزءا من أثاث شقته والخاص بالمطربة ليلى مراد في أحداث الفيلم.

ومع تعدد الجهات والمسؤوليات حول العمارة الأشهر في القاهرة القديمة، بين الشركة المالكة واتحاد الشاغلين وأجهزة الحفاظ على التراث والسكان بقيت "الإيموبيليا" ورموزها التاريخية فريسة لإهمال امتد عبر عقود، ودفعها للسقوط في طي النسيان بعد أن كانت واحدة من أشهر وأجمل البنايات في العاصمة المصرية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: شقق العمارة عدد کبیر من فی القاهرة

إقرأ أيضاً:

نبيل الحلفاوي.. قبطان الفن المصري وزواج قصير أثمر مخرج كبير (تفاصيل)

غيّب الموت الفنان المصري نبيل الحلفاوي، اليوم، عن عمر ناهز 77 عامًا، وذلك بعد أزمة صحية شديدة ألمّت به قبل نحو أسبوع، ودخل على إثرها العناية المركزة بأحد مستشفيات القاهرة، وسط تكتم شديد من عائلته. 

نبيل الحلفاوي وفردوس عبد الحميد
زيجات نبيل الحلفاوي

وتزوج نبيل الحلفاوي من الفنانة فردوس عبد الحميد، في وقت قصير إلا أنه أثمرت المخرج خالد الحلفاوي، كما تزوج مرة اخرى بعد الطلاق.


 

 وصرح ابنه خالد سابقًا أنه ورث عن والده العديد من الصفات، مثل الهدوء والمنطق، بينما ورث عن والدته العاطفة والمشاعر الكبيرة. 


 

وداع مؤثر من العائلة والفنانين

وقد نعاه ولديه وليد وخالد عبر تدوينة مؤثرة على حسابه في منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي، جاء فيها: "مش القبطان اللي كاتب التويته ديه للأسف.. إحنا ولاده وليد وخالد الحلفاوي.. الوالد ربنا استجاب لدعاه ولم يمر بعذاب طويل مع مرض وألم طويل، كان دائماً بيدعي بكده وربنا ما خذلوش".


 

كما نعت نقابة المهن التمثيلية، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ووزارة الثقافة، وعدد من المؤسسات الفنية وشركات الإنتاج الفنان الراحل.


 

مسيرة نبيل الحلفاوي

نبيل الحلفاوي من مواليد حي السيدة زينب بالقاهرة عام 1947، درس مجال إدارة الأعمال في كلية التجارة في جامعة القاهرة عام 1966، وبعدها التحق بقسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه عام 1970.


 

حقق الحلفاوي نجاحًا كبيرًا في الدراما التلفزيونية، حيث قدم العديد من الأعمال المميزة مثل "غوايش"، "رأفت الهجان"، "الزيني بركات"، "زيزينيا"، "ونوس"، "لأعلى سعر"، و"القاهرة كابول".


 

وفي المسرح شارك في العديد من العروض الشهيرة مثل "عفريت لكل مواطن"، "طقوس الإشارات والتحولات"، "رجل في القلعة"، "الزير سالم"، "بيت في الهوى"، و"اضحك لما تموت"، أما في السينما، فقد شارك في أفلام بارزة مثل "الطريق إلى إيلات"، "اغتيال مدرسة"، "السفاح"، "العميل رقم 13”، "الهروب إلى القمة"، و"ثمن الغربة".


 

الفنان الراحل نبيل الحلفاويقبطان الشاشة المصرية

وأطلق عليه متابعوه عبر وسائل التواصل الاجتماعي لقب "القبطان"، نسبة إلى الدور الذي أداه في فيلم "الطريق إلى إيلات" من إخراج إنعام محمد علي.


 

تزوج الحلفاوي من الممثلة فردوس عبد الحميد وأنجب منها المخرج خالد الحلفاوي قبل أن ينفصلا ويتزوج مرة ثانية. ويذكر أن خالد الحلفاوي قد أكد في تصريح سابق له أنه أخذ من والده عددًا كبيرًا من الصفات، حيث قال: “من أبويا أخدت الهدوء لحد كبير والمنطق، ومن والدتي الفنانة فردوس عبد الحميد أخدت المشاعر والعاطفة الكبيرة، ووالدي مش بيقدم أعمال كتيرة لأنه بيختار كويس، وما زال فيه روح الهواة مش أي حاجة تتعرض عليه يعملها، وبالتالي مش قادر أفتكر له حاجة مش حلوة”.


 

ونشر الفنان أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، عبر حسابه الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات "إنستجرام" صورة للفنان القدير نبيل الحلفاوي، مرفقة بتعليق مؤثر جاء فيه: "وداعًا أيها الرجل النبيل".


 

موعد تشييع جنازة نبيل الحلفاوي

وأكد الفنان أشرف زكي أن موعد تشييع الجنازة سيكون بعد صلاة العشاء من مسجد الشرطة بمنطقة الشيخ زايد، حيث يودع الوسط الفني والجماهير المصرية هذا الرمز الكبير الذي ترك أثرًا لا يُنسى في مشوار الفن والثقافة.

 

نجل نبيل الحلفاوي وفردوس عبدالحميد حصاد 2024| أفراح نجوم الفن تسطر لحظات من الحب والسعادة فوائد الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة في مكافحة الأمراض نوال الكويتية تثير الجدل بحذف لقبها الفني بعد سحب جنسيتها| الحقيقة وراء الشائعات نهلة أحمد حسن: تكشف عن مشروع سينمائي لتوثيق تضحيات الشهداء وبطولاتهم للأجيال القادمة|خاص خاص|نهلة أحمد حسن:"الصقر" فيلم يخلد بطولات والدي الشهيد ويحكي قصة إنسانية ملهمة خاص| أحمد قاسم: "الصقر".. ملحمة سينمائية تخلد بطولات أكتوبر وتحصد إشادة عالمية خاص| مصطفى وفيق:"مرار بطعم الشوكولاتة" يكشف تأثير التنمر الوظيفي بأسلوب فني ساخر أحدث التطورات في علاج مرض السرطان باستخدام العلاج الجيني أهمية الفحص المبكر للكشف عن أمراض القلب والأوعية الدموية الطب التجميلي| حلول غير جراحية لعلامات تقدم العمر

مقالات مشابهة

  • نقيب الإعلاميين: الدولة المصرية تبذل جهدًا كبيرًا في ملف حقوق الإنسان
  • نقابة المهندسين بالإسكندرية و الشركة المصرية لتشغيل و صيانة المشروعات يوقعان بروتوكول تعاون بينهما
  • «نقطة سوداء» كانت البداية.. حكايات أشهر السفـ ـاحين
  • على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها
  • نبيل الحلفاوي.. قبطان الفن المصري وزواج قصير أثمر مخرج كبير (تفاصيل)
  • مجدي الجلاد: الصحافة المصرية لم تواكب التطور العالمي.. واختيار القيادات ينبع من النوايا التي تضمرها الدولة
  • إيرادات شباك التذاكر في السينما المصرية.. صعود "الحريفة" وهبوط "وداعًا حمدي"
  • كاتب صحفي: برامج الحماية الاجتماعية تحظى باهتمام كبير من الدولة المصرية
  • بلينكن: واشنطن كانت على اتصال مباشر مع المجموعة التي أطاحت بالأسد
  • وصول عدد كبير من أعضاء الجمعية العمومية للمشاركة في مؤتمر الصحافة المصرية