هل يصمد الرئيس الكولومبيّ أمام مساعي الانقلاب الناعم؟
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
بمخاوفَ بالغة من مكائد اليمين التي تترصد هفواته قبل أخطائه، كثّف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو في الأيام الأخيرة دعواته لأنصاره للتّظاهر في الشوارع، من أجل الدفاع عن الحكومة التي صوّتوا لها في صيف 2022، والوقوف في وجه المُؤامرات التي تُحاك ضدّها، قضائيًا وإعلاميًا، لإجهاضها قبل نهاية فترتها القانونيّة في 2026.
وقد وصفها الرئيس – صراحة – بالانقلاب الناعم، لاسيّما مع حلول موعد تعيين مدّعٍ عام جديد هذا الأسبوع، وعرقلة انتخاب أحد الأسماء المقترحة من قِبله، والحفاظ على أذرع اليمين في أماكنِهم.
رئيس يساريرغم أنَّ خصوم الرئيس بيترو، متفقون على "تمييع" عبارة الانقلاب النّاعم، واتهام الرجل بالمبالغة، فإنّ المعطيات على أرض الواقع، تمنحه شرعية استخدام العبارة، سواء فيما يتعلّق بتفاصيل الإطار الخاصّ به وبحكومته وحتى بأسرته، أو بتفاصيل المشهد السياسيّ العام في كولومبيا.
فالرئيس بيترو، هو أول رئيس يساري، تولّى المنصب في أغسطس/ آب 2022، بعد هيمنة لا مثيل لها لليمين، دامت 200 سنة متواصلة. وقد وصف الزعيم الراحل شافيز، كولومبيا يومًا ما بـ"إسرائيل أميركا اللاتينيّة"؛ نظرًا لكونها أقوى حليف في المنطقة، لإسرائيل وللولايات المتحدة، وهو ما يفسّر بالتَّأكيد، ضخامة حجم الآلة الإعلاميّة فيها، وقوّة خطابها اليميني في صنع رأي عام على مقاس ما تريده واشنطن.
من الطريف أنّ رموز اليمين، استهانوا بتنويه الرئيس بيترو، لتعرّضه لانقلاب ناعم، يسعى للنيل منه، قائلين؛ إن كولومبيا، على عكس كل بلدان المنطقة، لم تشهد يومًا انقلابًا، منذ بداية التجربة الديمقراطيَّة فيها، وهو ما استفزَّ أنصاره للرد بأن كولومبيا لم تشهد انقلابًا، في ظلّ حكم اليمين، لأنّ الإدارة الأميركية لم تكن في حاجة إلى ذلك!
حملات إعلامية مسعورةمن جانب آخر، يمكن أن يكتسب تنويه الرئيس بيترو للانقلاب الناعم، مصداقيةً، إذا ما نظرنا للماضي القريب لتاريخ الرجل، حيث تعرّض عندما كان عُمدة للعاصمة بوغوتا من 2012 إلى 2015، لقرار النيابة العامة بإقالته من المنصب؛ بسبب اختلاف على إدارة ملف النُفايات، وأصدرت حكمًا بحرمانه من حقوقه السياسية لمدة 15 سنة.
لكنّه استنجد بالقضاء الدوليّ وبالمحكمة العليا واستعاد منصبه، ليكشف أنَّ قرار إقالته كان تعسفيًا، ويهدف إلى استبعاده من أي سباق انتخابي، إلى أنّ فاز برئاسة البلاد في 2022، واستمرّ كابوس شعبيته جاثمًا على صدر خصومه.
إضافة إلى ذلك، وعلى مدى الثمانية عشر شهرًا في عمر حكمه، يعيش الرئيس بيترو على صفيح ساخن من الحملات الإعلامية التي تسعى لضرب صورته وأدائه وحتى حلفائه وأفراد عائلته.
أمّا المواجهة الأكثر استنزافًا، فتتمثل في مواجهة عمل المدعي العام والنائب العام، اللذين يمثلان جدار صدّ أمام حلم الرئيس بيترو بتعيين أسماء من خارج اليمين، على رأس هاتَين المؤسستَين.
وقد انطلقت الحملات الإعلامية والقضائية باتهامات للرئيس بيترو بالحصول على تمويلات من عصابات المخدِّرات، لحملته الانتخابية الرئاسية، ثم الانتقال إلى اتهام نجله بالكسب غير المشروع ومحاولة إلصاق التهمة بوالده، غير أن الرئيس بيترو دعا القضاء إلى محاسبة نجله بكل نزاهة، ولم يتدخل حتى بعد صدور الأحكام عليه.
مصادر مالية مشبوهةبعد ذلك انتقلت الاتهامات إلى زوجة الرئيس بالإسراف وإساءة استخدام المال العام، وتخلّل تلك الحملة، بعض الهجوم الممنهج على زوجته وبناته في الأماكن العامة، وإخراج ذلك في وسائل الإعلام، وبكثافة، على أنها رسائل من الشعب بعدم محبته للعائلة الحاكمة.
وانتقلت الحملات، في منتصف السنة الماضية إلى قضية رأي عام أسالت حبرًا كثيرًا، تعلقت بنشر تسريبات لرئيسة ديوان الرئيس لاورا سارابيا، وسفير كولومبيا السابق بفنزويلا أرماندو بينيديتّي، حول اختلاف على مبالغ مالية، "مشبوهة المصدر"، تلقفها المدعي العام على عَجَل، وأقحم فيها اسم الرئيس كالعادة، لكن الرئيس بيترو أثبت من جديد أنه لا علاقة له بالخلاف الشخصي بين سارابيا وبينيديتّي.
ومع نهاية السنة الماضية، تمكّنت المعارضة في البرلمان من مساءلة وزير الخارجية ألبارو لييبا، القريب جدًا من الرئيس بيترو، وإجباره على تعليق مهامه لمدة ثلاثة أشهر، كعقاب على إدارته ملفَّ جوازات السفر.
حيث دأبت الخارجية الكولومبية على إسناد مناقصة مليونية، منذ 2007 لشركة "توماس غراغ" المختصة في إعداد الجوازات وطبعها، لكن الوزير المعاقب، قرر رفض إسناد المناقصة لنفس الشركة؛ بسبب ترشحها وحدها، دون منافس، مبررًا بأن ذلك لا يستجيب لسلامة شروط المناقصة، زيادة على أن الرئيس بيترو قال صراحة: "التلاعب بمظاريف المناقصات لتحديد الفائز مسبقًا، هو الفساد بعينه!"، في إشارة إلى أن هناك شبكة داخل الوزارة تعمل على ذلك.
شيطنة واستنزافالمثير للتساؤل هو: أنه، وفي الوقت الذي يخضع فيه وزير الخارجية للعقاب، فازت الشركة الأسبوع الماضي بنفس المناقصة! ولم تنتفض أي جهة قضائية للتنديد بذلك، وعلى رأسهم المدعي العام!
أما آخر "المؤامرات" التي اعتبرها الرئيس بيترو، تجسيدًا حقيقيًا للانقلاب الناعم عليه، فتتمثل في شيطنة الترشيحات الثلاثة التي اقترحها بمباركة من المحكمة العليا، لخلافة المدعي العام المنتهية ولايته، اليميني فرنسيسكو باربوسا.
في المقابل، تبدو مؤشرات المماطلة في حسم الترشيحات واضحة، من أجل الاكتفاء بتولّي مارتا مانسيرا، نائبة المدعي العام باربوسا، منصبَه بشكل مؤقت، حتى انتهاء ولاية رئاسة بيترو، وهو سيناريو مقبول قانونيًا في ظل العجز عن حصول توافق على مرشّحي الرئيس!
وهذا ما قال الرئيس بيترو إنه "انسداد" مفتعل من اليمين، لاحتكار السلطة القضائية، بهدف تسخيرها لشنّ حرب قضائية ضده فيما يُعرف بالإنجليزية بـ" lawfare"، وتصفيته إما قبل نهاية ولايته، أو بإطلاق أحكام جنائية ضده لاحقًا، بشكل يمنع عودته مستقبلًا للحياة السياسية، على النحو الذي حصل مع رئيس البرازيل لولا دا سيلفا، ورئيس الإكوادور السابق رافاييل كورّيا، وكثيرين من تيار اليسار الاجتماعي في المنطقة.
في الوقت الذي يهوّن فيه رموز اليمين الكولومبي من اتهامات الرئيس بيترو للسلطة القضائية بالعمل على الإطاحة به عاجلًا أم آجلًا وطيّ صفحة عودته إلى المشهد، اعتمادًا على قدرات الآلة الإعلامية الفائقة لاستنزافه وشيطنته في نظر الكولومبيين، يرفض الرئيس بيترو أن يكون بيدرو كاستيو كولومبيا.
في إشارة إلى رئيس البيرو السابق، الذي تجمعت عليه السلطة القضائية والتشريعية والترسانات الإعلامية، وأقالته منذ سنتين، وألقت به في غياهب السجن بتهمة شروعه في الانقلاب على البرلمان الذي لم يكن في صفّه يومًا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الرئیس بیترو المدعی العام
إقرأ أيضاً:
كيف بدأ الانقلاب على ثورة ديسمبر؟
بقلم: تاج السر عثمان
اوضحنا سابقا أن انقلاب اللجنة الأمنية لنظام الانقاذ كان البداية لتصفية ثورة ديسمبر ، والتفريط في السيادة الوطنية، واستمر الهجوم على الثورة والثوار كما حدث في مجزرة فض الاعتصام، وانقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين للاسلامويين، وقاد للحرب الجارية بهدف استكمال تصفية الثورة، والتمكين للمحاور الإقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب لنهب ثروات البلاد.
وبهذه المناسبة، نعيد نشر هذا المقال الذي تابع بداية الهجوم على الثورة بعنوان "انقلاب القصر يكشف عن طبيعته الديكتاتورية" الذي نشر في سودان بوست بتاريخ :٩ /٥/ ٢٠١٩.
اشرنا سابقا أن انقلاب المجلس العسكري الذي جاء بعد ازاحة البشير ونائبه ابنعوف هو انقلاب قصر ، يهدف إلي قطع الطريق أمام الثورة، ومنعها من الوصول إلي أهدافها بقيام حكم مدني ديمقراطي يكرّس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وسيادة حكم القانون وقومية الخدمة المدنية والنظامية ، وتصفية الشمولية وتفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن ، وبقايا النظام الإسلاموي الفاسد في كل مفاصل الدولة من وزارات و هيئات قضائية ودبلوماسية وإعلامية ، وخدمة مدنية وقوات نظامية، وتصفية جهاز الأمن وإعادة هيكلته ، بحيث يصبح جهازا لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها ، وإلغاء قانون الأمن وكل القوانين المقيدة للحريات ،ومصادرة كل شركاته وترسانته العسكرية وسجونه ، ومحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم التعذيب والاغتيال السياسي ، وغيرها من الانتهاكات. إضافة لتصفية مليشيات النظام الفاسد ومصادرة كل اسلحتها وعتادها الحربي وضمها للجيش دون استيعاب تلك العناصر الارهابية فيه ، وحل كل المليشيات ، وجمع كل اسلحتها في يد القوات النظامية ، ومحاكمة الذين ارتكبوا جرائم الحرب في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ، ومحاكمة كل رموز النظام الفاسد واستعادة كل أموال الشعب التي تم نهبها ، وأصول وأراضي البلاد.
ما كان يجب السماح بالمطاولة في المفاوضات مع المجلس العسكري الذي قفز للسلطة بأثر عنفوان الثورة وانحياز صغار الضباط والجنود لها ،بعد الاعتصام في محيط القيادة العامة وأمام حاميات الأقاليم، في محاولة يائسة لاجهاضها، وكان المطلوب منه تسليم السلطة لحكومة مدنية باعتبار ذلك مطلب شعبي ودولي كشرط للاعتراف بالنظام في السودان .
لكن المجلس العسكري بدعم من قوى الثورة المضادة وبعض القوى الإقليمية والدولية ظل يناور لكسب الزمن ، وبأمل فض الاعتصام ، وتكرار تجربة اجهاض ثورة أكتوبر 1964 ، بعد التآمر لحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ورفض قرار المحكمة العليا ببطلان قرار الحل مما أدي لتقويض الديمقراطية الثانية بانقلاب 25 مايو 1969، وكذلك انتفاضة ابريل 1985 التي اجهضها انقلاب سوار الذهب ، مما أدي لتمكين الجبهة الإسلامية التي قوضت الديمقراطية وقضت عليها بانقلاب 30 يونيو 1989 . وهذا أدي ليقظة ثوار ديسمبر الذين واصلوا الاعتصام حتي تحقيق الحكم المدني كما في شعار ” مدنية أو ثورة أبدية” ، و ” سقطت ما سقطت صابينها”.
رغم أن ما حدث انقلاب عسكري دبرته اللجنة الأمنية للنظام السابق، حاولت بعض القوى تصويره بأنه انحياز للثورة ، في حين كل الشواهد تؤكد استمرار كل رموز النظام الفاسد في كل مفاصل الدولة ، وأخذ المجلس العسكري يمارس مهام سيادية مثل : تعيين رئيس القضاء ، والابقاء علي اتفاقات النظام السابق الدولية ، وغير ذلك من القرارات التي اتخذها مجلس الانقلاب ، فضلا عن الابقاء علي سياسات ومؤسسات النظام الفاسد وخاصة في الشركات والمؤسسات الاقتصادية ، مما أدي لمواصلة النظام في طلب المساعدات المشروطة من دول مثل ” السعودية – الإمارات – مصر” ، في محاولة من تلك الدول لاستمرار المجلس العسكري ، وقطع الطريق أمام تسليم السلطة للقوى المدنية، وقيام نظام ديمقراطي تعددي ، يقفل الطريق أمام الحلقة الشرير ” ديمقراطية – انقلاب- ديمقراطية – انقلاب..الخ” ، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو اللون، أو المعتقد السياسي أو الفلسفي. الخ، والحفاظ السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى وسحب قواتنا من اليمن، وإلغاء اتفاقية الميناء الجنوبي ببورتسودان ، ورفض قيام قاعدة عسكرية تركية في سواكن ، واستعادة حلايب وشلاتين والفشقة وبقية الأراضي السودانية.
كان من نتائج تباطؤ المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين في قوى ” الحرية والتغيير”، أن تنامت قوى الثورة المضادة التي أصبحت تتحرك بحرية ، ساعدها في ذلك قرارات اتخذها المجلس لوقف المد الجماهيري مثل : القرار بتجميد النقابات ومحاولة فرض تدخل الدولة عليها بتكوين لجان تسيير، علما بأن النقابات تستمد شرعيتها ووجودها من قواعدها وجمعياتها العمومية التي تنتخب لجانها التمهيدية لمتابعة شرعية تكوين نقاباتها واصدار قانون ديمقراطي يكرس ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية .
ومن القرارات التي تؤكد سير المجلس في سياسات النظام السابق منع قوات الأمن المؤتمر الصحفي للتحالف الديمقراطي للمحامين في دارهم ، واعتقال لاعب الكرة الدولي هيثم مصطفي وضربه بسبب انحيازه الواضح للثورة ، وقيام الثورة المضادة في نيالا تحت مسمع ومرأي من المجلس العسكري ووالي دارفور بمهاجمة المعتصمين في محاولة يائسة لفض الاعتصام، مما أدي لاستشهاد مواطن واصابة 9 آخرين، مما يتطلب فتح تحقيق عاجل ومحاكمة من تسببوا في ذلك ، إضافة للمحاولات والمناوشات المستمرة لفض اعتصام القيادة العامة.
إضافة لافتعال أزمات الشح في الوقود والخبز والسيولة التي عادت الصفوف فيها من جديد ، واستمرار الارتفاع في الأسعار والغلاء ، وتدهور الجنية السوداني بعودة ارتفاع الدولار من جديد . وتدهور مرتبات العاملين حتي بعد الزيادات الأخيرة ” 500 جنية لأقل درجة ، و2500 للدرجات العليا ” ، وخاصة بعد دخول شهر رمضان واحتياجاته وبعده العيد ، والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي ، وأزمة الجازولين وأثرها علي التحضير للموسم الزراعي الجديد.
كما أن استمرار الحكم العسكري سوف يزيد من تعقيدات الأزمة الاقتصادية والمعيشية ، باستمرار عدم تزويد السودان بالتمويل ، بسبب متأخرات الديون ، إضافة لعدم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ، وحتى المنحة المقدمة من السعودية والإمارات 3 مليارات دولارغير كافية ، فضلا عن ديون السودان البالغة حوالي 54 مليار دولار، والعجز في الميزان التجاري الذي يبلغ 6 مليارات دولار، وغياب الإنتاج والصادر الذي يقوى موقف الجنية السوداني.
جاء رد المجلس العسكري علي الوثيقة الدستورية المقدمة من قوى “الحرية والتغيير” ، ليكشف نية المجلس للسيطرة علي المجلس السيادي وتحويله لمجلس رئاسي يكرس كل السلطات في يده ، من تعيين لرئيس الوزراء وأعضاء حكومته ، وتعيين رئيس القضاء والمستشارين وأعضاء النيابة العامة والمراجع العام ، وابرام الاتفاقات الدولية والتحالفات العسكرية مع الدول ، وإعلان الحرب وحالة الطوارئ ، وتعيين السفراء ، وتشكيل مجلس القضاء الأعلي ، وتعيين حكام الأقاليم. مما يعني تكريس الشمولية والديكتاتورية، وإعادة النظام الفاسد ، بكل ممارساته من تزوير للانتخابات ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية ، ووقف محاكمة الفاسدين…الخ. إضافة للتهديد بإقامة انتخابات خلال 6 شهور في حالة عدم الاتفاق مع قوى التغيير ، علما بأنه مع وجود كل عناصر النظام الفاسد في أجهزة الدولة والقضاء ومفوضية الانتخابات ، والدعم المالي الخارجي . الخ ، سوف تكون نتيجة الانتخابات مزورة ومعروفة لصالح بقايا النظام الفاسد.
كما كشف المجلس العسكري عن مزايدته علي الشريعة ، في حين أن مصادر التشريع مكانها الدستور الدائم وليس الوثيقة الدستورية الانتقالية، فضلا عن أن شعبنا كشف استغلال الشريعة لمدة 30 عاما وكانت الحصيلة الفساد والنهب والقمع والحروب وفصل الجنوب باسم الدين ، فعن أي شريعة يتحدثون؟.
عليه ، لا بديل غير مواصلة الثورة وتصعيد النضال الجماهيري بمختلف الأشكال من قيام وتقوية لجان المقاومة في الأحياء ، وانتزاع النقابات ، ومواصلة المواكب والمظاهرات في الشوارع ، وتعزيز الاعتصامات في القيادة العامة والأقاليم، وتصعيد مطالب الجماهير اليومية حتى الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب العسكري ، وقيام الحكم المدني الانتقالي الديمقراطي.
alsirbabo@yahoo.co.uk