خبراء اقتصاد وتقنيات يدعون الحكومات إلى عمل استباقي لمواكبة مستجدات الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
دبي: «الخليج»
ناقش عدد من جلسات القمة العالمية للحكومات 2024، موضوعات تتصل بآفاق المستقبل الرقمي ودور الحكومات في مواكبة تطورات التكنولوجيا والاستفادة القصوى منها، وشارك في هذه الجلسات مسؤولون ومستشارون حكوميون وخبراء اقتصاد وتقنيات أكدوا على سرعة التقنيات وتحولاتها، ما يستدعي العمل الاستباقي من قبل الحكومات والمؤسسات؛ من خلال تطوير وتبني الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات الضخمة ووضع تشريعات مساندة لكل هذه المتغيرات.
الحكومات والمستقبل الرقمي
وفي جلسة بعنوان «هل الحكومات جاهزة للمستقبل الرقمي؟»، تحدث فيها شون إدواردز، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في «بلومبيرغ»، في حوار مع نيت لانكسون، محرر التكنولوجيا العالمية في الوكالة ذاتها، عن استخداماتهم للذكاء الاصطناعي في «بلومبيرغ» واستفادتهم منه في الخدمات والمنتجات التي تقدمها الوكالة لعملائها.
وقال إدواردز: «نستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ 15 عاماً في معالجة البيانات الضخمة، واستفدنا منه كثيراً في فرز المعلومات وتقديم الاقتراحات، وقياس الأثر في السوق، فنحن تصلنا يومياً نحو 100 ألف وثيقة، تحمل كماً كبيراً من المعلومات والأرقام عن الضرائب والأرباح ومؤشرات الشركات، ولابد من فرز دقيق لكل هذه البيانات».
وبين إدواردز، أنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أفضل وظائفه، مستفيدين من دقته وسرعته، كما توصلوا لآليتهم الخاصة في الاستفادة من بيانات الوكالة وأرشيفها الذي يبلغ من العمر 40 عاماً وتصنيفها، ووضع نماذج تجعل المعلومات أكثر سلاسة، من خلال البيانات المهيكلة.
فهم أعمق للمالية والحوكمة
واستطرد إدواردز: «نتيح هذه الخدمات للحكومات عبر حزم مساعدة ذكية، سواء عبر أنظمة أو حلول تدريبية للتغلب على المشكلات من المستوى الأول، ومن خلال وظيفتي أنا متحمس لاستخدام التكنولوجيا، وأرى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي أفضل من أنظمة الذكاء الاصطناعي العامة؛ إذ لديه فهم أعمق للغة، كما يناسبنا من منظور حاجة مجالات المالية والحوكمة إلى دقة أكبر، فمحركات البحث كثيرة وأدوات الذكاء الاصطناعي تتزايد يومياً، وقد ابتكرنا منذ شهر أول برنامج خاص بتحليل الأرباح وهو مهم للشركات والمديرين التنفيذيين، استطعنا من خلاله توليد إجابات حول الرشاد والمسؤولية والمحاسبات»، مقدماً نصيحة للتسريع في مواكبة هذه التحولات، مع التزام الحذر، من خلال التخطيط، والتنقيح وتصفية البيانات، وفهمها وفهم التحيزات داخلها، ودمج فرق عمل وخبرات من تخصصات مختلفة متقاطعة لنقاش واختبار النتائج.
سباق مع التطور التكنولوجي
وناقشت جلسة «سباق الحكومات.. بين مواكبة التشريعات والتطور التكنولوجي» الأطر التشريعية لهذه التحولات، وتحدث فلوريان تورسكي وزير التحول الرقمي في حكومة النمسا، ومسعود محمد شريف، الرئيس التنفيذي لاتصالات من e&، وأدار الجلسة جون فيرجسون، رئيس قسم العولمة والتجارة والتمويل، في مؤسسة «إيكونوميست إمبكت» للأبحاث الاقتصادية.
واستعرض تورسكي تجربة بلاده في توظيف الذكاء الاصطناعي، وعملهم في هذا الشأن ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي، الذي أسس هيئة موحدة معنية بهذا المجال ستؤسس لسوق مشتركة للذكاء الاصطناعي.
عوائد وآفاق
وفي الجلسة ذاتها، تحدث مسعود محمد شريف، عن عمل اتصالات من e& على مواكبة كل هذه التحولات، ودور هذه المواكبة في صنع الفارق في العوائد.
وقال شريف: «مجال الذكاء الاصطناعي مجال ناشئ وإن استخدم في نطاقات ضيقة منذ فترة، فعلى المستوى التشغيلي رفع سقف التوقعات، ومكننا من التحول من الأساليب التقليدية إلى الأساليب التقنية الجديدة، وخلال تسع سنوات حققت قطاعاتنا الرقمية نمواً بنسبة 40 % من حيث العوائد، مع التوظيف الكامل للجيل الرابع في الاتصالات، ولو لم تكن هناك عناية كبيرة بكل هذه المصفوفات، لما كانت هذه النتائج، ونحن استفدنا من تدعيم البنية التحتية وتعزيز شبكات تخزين بياناتنا، من خلال أنظمة الحوسبة والربط، ولدينا شراكات مع العديد من موفري خدمات الحوسبة، ولنا شراكات مع شركات عالمية».
وأضاف: في كل دورة نرى الكثير من التسارع في الذكاء الاصطناعي، وهو كما ستتقلص معه وظائف معينة، فإنه سيوفر أيضاً فرصاً ووظائف أكثر، وفق التقارير والمؤشرات الاقتصادية.
توازن وازدهار
واستضافت جلسة بعنوان «كيف توازن الحكومات بين الازدهار المجتمعي والخوف من التكنولوجيا؟»، جيدري بالسيتيت، مستشارة لحكومة جمهورية ليتوانيا، ومايك سيسيليا نائب الرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل» للتقنيات، وجورج لي، رئيس مكتب الابتكار التطبيقي في مؤسسة «غولدمان ساكس» للخدمات المالية، وأدار الجلسة جون فيرجسون.
وأكدت بالسيتيت، أن التقنية مكون رئيسي لأي تطور حكومي، لأننا نعيش اليوم في عالم رقمي، وتكنولوجيا المعلومات تقدم إمكانات تسمح للحكومات كمؤسسات سيادية معنية بحماية البيانات.
نماذج حكومية
وقال مايك سيسيليا، إن الحكومات تحتاج إلى مجموعة من النماذج للبيانات، بعضها أولي، والثاني أعمق، وثمة مخاوف دائمة تواجهها، يتعلق بعضها بأخطار الأمن السيبراني والصراعات، وأماكن تخزين البيانات، وما يتعلق بذلك من تساؤلات سيادية، لكن الخبر الجيد أن التكنولوجيا تتطور كل يوم وأصبحت أقل حجماً لاستيعاب كل هذه المعلومات.
بدوره، قال جورج لي: علينا أن ننظر إلى كل هذه التحولات بتفاؤل لدفع البشرية قدماً من خلال التكيف والتطور والانتقال إلى مراحل جديدة، مطالباً الحكومات بجعل القطاع العام يواكب كل هذه التطورات، والتي ستتضاعف، مانحة فرصاً أكبر من التحديات، مضيفاً: تاريخ التطور التقني يخبرنا دائماً عن هذه التخوفات في بداية كل طفرة وانتقال حقيقي، ففي البداية يغمرنا الحماس، وتظهر كذلك تحديات اجتماعية، لنتكيف مع الوقت مع تأثيراتها.
يذكر أن القمة العالمية للحكومات 2024، التي تعقد في دبي من 12 إلى 14 فبراير الجاري تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، تركز على 6 محاور رئيسية ملحة في الوقت الراهن، تشمل تعزيز وتيرة النمو والتغيير لحكومات فعالة، والذكاء الاصطناعي والآفاق المستقبلية الجديدة، والرؤية الجديدة للتنمية واقتصادات المستقبل، ومستقبل التعليم وتطلعات مجتمعات الغد، والاستدامة والتحولات العالمية الجديدة، إضافة إلى التوسع الحضري وأولويات الصحة العالمية.
أبرز العناوين:
شون إدواردز: الذكاء الاصطناعي التوليدي أفضل من أنظمة الذكاء الاصطناعي العامة
فلوريان تورسكي: هيئة أوروبية تعمل على تأسيس سوق مشتركة للذكاء الاصطناعي
محمد مسعود شريف: 40% ارتفاع عوائد اتصالات من e& منذ التحول إلى الأساليب التقنية الجديدة قبل تسع سنوات
جيدري بالسيتيت: تكنولوجيا المعلومات تقدم إمكانات للحكومات كمؤسسات سيادية معنية بحماية البيانات
مايك سيسيليا: التكنولوجيا تتطور وخزانات البيانات أصبحت أقل حجماً
جورج لي: القطاع العام مطالب بمواكبة التطورات التقنية والتكيف مع تأثيراتها
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات الإمارات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی هذه التحولات من خلال کل هذه
إقرأ أيضاً:
هل تدخل الهند مضمار الذكاء الاصطناعي بعد أن أصبحت مركزا للتكنولوجيا العالمية؟
أحدث "شات جي بي تي" ضجة كبيرة في العالم عقب إطلاقه ودخل مجال الذكاء الاصطناعي دون منافس يُذكر، ولكن شركة "ديب سيك" الصينية أشعلت المضمار من خلال تقديم نماذج عالية الكفاءة بتكلفة بسيطة، ولكن يبدو أن الهند تخلفت عن الركب فيما يخص إنشاء نموذج لغوي خاص بها يُستخدم لتشغيل روبوتات الدردشة الآلية.
وتدعي الحكومة الهندية أن نموذج ذكاء اصطناعي مشابه لـ"ديب سيك" ليس بعيد المنال، فهي تزود الشركات الناشئة والجامعات والباحثين بآلاف الشرائح عالية الأداء اللازمة لتطويره في أقل من 10 أشهر، بحسب تقرير من "بي بي سي".
ويُذكر أن عددا من قادة الذكاء الاصطناعي العالميين تحدثوا مؤخرا عن قدرات الهند، إذا قال سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" هذا الشهر "ينبغي أن تلعب الهند دورا رائدا في ثورة الذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت ثاني أكبر سوق لشركة (أوبن إيه آي) من حيث المستخدمين".
وشركات أخرى مثل مايكروسوفت وضعت أموالا طائلة على الطاولة، حيث خصصت 3 مليارات دولار للبنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي، ومن جهته أشاد جنسن هوانغ من "إنفيديا" بالموهبة التقنية غير المسبوقة في الهند معتبرا إياها عاملا أساسيا في إطلاق إمكاناتها المستقبلية بمجال الذكاء الاصطناعي.
إعلانومع وجود 200 شركة ناشئة في الهند تعمل على الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يُشير إلى وجود اهتمام متزايد من رواد التكنولوجيا بهذا المجال، فإنها تخاطر بالتأخر عن الركب في حالة عدم وجود إصلاحات هيكلية أساسية في التعليم والبحث والسياسة الحكومية.
موقف الهند بين عمالقة الذكاء الاصطناعيويقول محلل التكنولوجيا براسانتو روي "تتميز الصين والولايات المتحدة بتقدم من 4 إلى 5 سنوات عن البلدان الأخرى، وذلك بعد أن استثمرتا بشكل كبير في البحث والأوساط الأكاديمية وطورتا الذكاء الاصطناعي للتطبيقات العسكرية وتطبيقات إنفاذ القانون، والآن نماذج اللغة الكبيرة" حسب "بي بي سي.
وأضاف "رغم أن الهند تحتل المرتبة الخامسة عالميا في مؤشر حيوية الذكاء الاصطناعي بجامعة ستانفورد (مؤشر يقيس عوامل مثل براءات الاختراع والتمويل والسياسات والبحث) فإنها لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة والصين في العديد من المجالات الرئيسية.
وبين عامي 2010 و2022 حصلت الصين على 60% من إجمالي براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، بينما حصلت الولايات المتحدة على 20%، وفي المقابل حصلت الهند على أقل من النصف.
وعام 2023، تلقت الشركات الهندية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي جزءا ضئيلا من الاستثمارات الخاصة التي حصلت عليها الشركات الأميركية والصينية.
وقد خصصت الهند مليار دولار لمبادرتها الحكومية في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالمبالغ الضخمة التي خصصتها الصين والولايات المتحدة، إذ خصصت الأخيرة 500 مليار دولار لمشروع "ستارغيت" (Stargate) لبناء بنية تحتية ضخمة للذكاء الاصطناعي، بينما خصصت الصين 137 مليار دولار لمبادرتها الهادفة إلى أن تصبح مركزا عالميا للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
نجاح شركة "ديب سيك" في بناء نماذج ذكاء اصطناعي باستخدام شرائح أقل تقدما وأقل تكلفة يُعد أمرا مشجعا للهند، حيث يمكنها الاستفادة من هذه التكنولوجيا بتكلفة أقل، ولكن نقص التمويل من القطاع الصناعي أو الحكومي يُشكل عقبة كبيرة، وفقا لرأي جاسبريت بيندرا مؤسس شركة استشارية تُعنى ببناء مهارات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات.
إعلانوأضاف بيندرا "رغم ما سمعناه عن تطوير (ديب سيك) لنموذج بقيمة 5.6 ملايين دولار، فإن هناك دلائل تشير إلى تمويل أكبر بكثير وراء هذا المشروع".
ويخلف تنوع اللغات في الهند تحديا كبيرا في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ إن نقص مجموعات البيانات عالية الجودة والمطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي باللغات الإقليمية مثل الهندية والماراثية أو التاميلية يعتبر مشكلة رئيسية في الهند.
ورغم جميع مشكلات الهند فإنها تتمتع بمواهب تفوق حجمها بكثير، حيث يأتي 15% من عمال الذكاء الاصطناعي في العالم من هذه البلاد، ولكن المشكلة الكبيرة التي أظهرتها أبحاث هجرة مواهب الذكاء الاصطناعي جامعة ستانفورد، أن أغلبهم كانوا يختارون مغادرة البلاد، ويقول بيندرا معلقا "يرجع ذلك جزئيا إلى أن الابتكارات الأساسية في الذكاء الاصطناعي تأتي عادة من البحث والتطوير العميق في جامعات ومختبرات الأبحاث في الشركات الأجنبية".
ومن جهة أخرى، تفتقر الهند إلى بيئة بحثية داعمة لتشجيع وتطوير الابتكارات التكنولوجية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، سواء في الجامعات أو في شركات القطاع الخاص.
وكان من المفترض أن تدخل الهند في مشروع يعتمد على الخبرات الخارجية في بنغالورو بقيمة 200 مليار دولار والذي يضم ملايين المبرمجين، ولكنه لم يحقق طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، لأن هذه الشركات ركزت بشكل أساسي على تقديم خدمات تكنولوجية رخيصة بدلا من الاستثمار في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الاستهلاكية الأساسية.
ويقول المحلل روي "لقد تركوا فجوة كبيرة للشركات الناشئة لتملأها" وأضاف "لا أعتقد أن الهند ستكون قادرة على إنتاج أي شيء مثل (ديب سيك) على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة" وهي وجهة نظر يشترك فيها كثيرون.
ومن جهته، كتب بهفيش أجراوال مؤسس شركة "كروتريم" (Krutrim) وهي واحدة من أقدم شركات الذكاء الاصطناعي بالهند على منصة إكس "يمكن للهند أن تستمر في بناء وتعديل التطبيقات المبنية على منصات مفتوحة المصدر مثل (ديب سيك) كخطوة أولى في مجال الذكاء الاصطناعي".
إعلانوعلى المدى الطويل، سيكون من الضروري تطوير نموذج أساسي للحصول على استقلال إستراتيجي في هذا القطاع، وتقليل اعتمادات الاستيراد وتهديدات العقوبات، كما يقول الخبراء.
وستحتاج الهند إلى زيادة في قدرتها الحاسوبية وتطوير البنية التحتية اللازمة لتطوير مثل هذه النماذج، مثل تصنيع أشباه الموصلات وهو أمر لم ينطلق بعد، ومن المفترض أن يحدث كل هذا وأكثر لكي تضيق الفجوة مع الولايات المتحدة والصين بشكل ملموس.