حسني محلي: إردوغان يشكر الشعب لانتخابه.. ويعاقبه بالضرائب
تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT
حسني محلي
لم يهمل إردوغان في الحملة الانتخابية اتخاذ بعض القرارات العاجلة لزيادة الحد الأدنى من الأجور ومنح قروض مصرفية بفوائد متدنية، واعداً الشعب باتخاذ قرارات اقتصادية مهمة بعد الانتخابات؛ لتخفيف أعباء الأزمة المالية والاقتصادية.
خلال الحملة الانتخابية للجولة الأولى في تركيا والتي جرت في 14 أيار/مايو والثانية في 28 أيار/مايو، وعد الرئيس إردوغان الشعب التركي، وبشكل خاص أنصاره وأتباعه، بالكثير من الوعود المعنوية والمادية التي أثبتت فعاليتها، إذ ساعدته على الفوز في هذه الانتخابات.فقد أثبتت الحملة أن الذين صوّتوا لإردوغان لم يبالوا كثيراً بوعود مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو الذي وعد المتقاعدين بزيادة مرتباتهم بنسبة 100%، كما وعد النساء والشباب والعاملين في جميع مؤسسات القطاعين العام والخاص بزيادة مرتباتهم ومكافآتهم كي يعوض لهم خسائرهم الكبيرة من جراء ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بعد أن تراجعت قيمة الليرة التركية أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى بشكل خطير. فيما ركز إردوغان على المقولات والشعارات القومية والدينية التي يبدو أنها دغدغت مشاعر الناخبين، وأقنعهم أن منافسه كليجدار أوغلو “مدعوم من الدول والقوى الإمبريالية والاستعمارية التي تدعم الإرهاب والإرهابيين بأشكالهم كافة، وفي مقدمتهم حزب العمال الكردستاني والداعية فتح الله غولن ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا. ومن دون أن يهمل إردوغان في هذه الحملة اتخاذ بعض القرارات العاجلة لزيادة الحد الأدنى من الأجور ومنح المواطنين قروضاً مصرفية بفوائد متدنية، واعداً الشعب باتخاذ قرارات اقتصادية مهمة بعد الانتخابات؛ لتخفيف أعباء الأزمة المالية والاقتصادية على المواطن، بعد أن تراجع احتياطي المصرف المركزي إلى ناقص 70 مليار دولار. كذلك وصلت الخزانة العامة إلى حافة الإفلاس بسبب تكاليف الحملة الانتخابية، وقبل ذلك قصص الفساد الخطرة التي زادت قيمتها عن مئات المليارات من الدولارات. ودفع ذلك الرئيس إردوغان إلى توجيه الشكر لحكام الخليج (قبل الانتخابات بثلاثة أيام) وقال عنهم إنهم “خففوا من عبء المصرف المركزي وسوف يستمرون في ذلك”، على حد قوله. وهو الموضوع الذي بحثه إردوغان مع حكام السعودية والإمارات وقطر خلال جولته الأخيرة في 17-19تموز/ يوليو إلى هذه الدول. ومن دون أن يهمل الرئيس إردوغان دغدغة الشعور القومي العنصري لدى أتباعه فتحدث إليهم باستمرار عن “عظمة تركيا التي تصنع الطائرات النفاثة والغواصات والمسيرات وحاملة الطائرات والسيارات الكهربائية” وأهدى بعضاً من هذه السيارات لحكام السعودية والإمارات وقطر. في حين كذّبت المعارضة أحاديث إردوغان وقالت “إن أكثر من 70% من أجزاء السيارة مصنوعة في الخارج، وأن الأعداد الأولى منها تم استيرادها من الخارج” وهو ما أثبته الصحافي جان آتاكلي بعد تأكيده أن عدد السيارات التي تم بيعها في السوق الداخلية لم يتجاوز 40 سيارة بعد أن قال إردوغان إن المصنع سينتج 40 ألف سيارة في السنة. وجاءت مفاجآت إردوغان للشعب التركي عندما تخلى عن النصوص الدينية التي كان يقول إنه لن يتراجع عنها ما دام على قيد الحياة. وقد سمح لوزير ماليته الجديد محمد شيمشاك (بريطاني الجنسية) ومحافظ المصرف المركزي غاية آركان (الأميركية الجنسية) رفع نسبة الفائدة المحرمة إسلامياً بالنسبة إلى إردوغان. وكان ذلك كافياً لتراجع قيمة الليرة التركية في ليلة واحدة من 19.5 للدولار الواحد إلى 26 ليرة والآن 27 وهو ما يعني خسارة الليرة نحو 20% من قيمتها. مع التذكير أن قيمة الليرة تراجعت بنسبة 300% خلال العامين الماضيين. ومع تراجع قيمة الليرة، فاجأ الرئيس إردوغان الشعب بموجة عارمة من الضرائب على كل المنتجات والخدمات وبنسب تصل أحياناً إلى 100% بعد أن ارتفعت هذه الأسعار خلال العام الماضي بنسبة 250-300% كما هو الحال بالنسبة إلى المشتقات النفطية. فارتفع سعر البنزين قبل أيام من 24 ليرة لليتر الواحد إلى 35 ليرة (من المتوقع أن يصل إلى 60 ليرة أي دولارين) وهو ما انعكس فوراً وسينعكس على أسعار الخدمات والمنتجات كافة. في الوقت الذي ذكّرت فيه المعارضة الرئيس إردوغان بتصريحاته السابقة قبل الانتخابات وتحدث فيها عن “اكتشاف حقول نفط غنية جنوب شرق البلاد، وهي أكثر وأجود من بترول السعودية ولا تحتاج إلى التكرير”. كما تحدث عن اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في البحر الأسود بمئات المليارات من الأمتار المكعبة. وقرر إردوغان آنذاك توزيع الغاز على المنازل مجاناً لمدة شهرين لإقناع الناخبين بهذا الاكتشاف، ليتبيّن لاحقاً أن لا وجود له أساساً، حيث تقرر الأسبوع الماضي رفع أسعار الغاز أيضاً بنسبة نحو 50% كما هي الحال بالنسبة إلى الكهرباء المستهلكة في الصناعة والمساكن بفارق بسيط. ومن دون أن يعني ذلك أن إردوغان سيكتفي بهذه الزيادات والضرائب التي لم يعد يتحملها المواطن التركي (عندما تم طبع فئة 200 ليرة في الأول من كانون الثاني/يناير 2009 كانت تساوي 131 دولاراً والآن تساوي 7.5 دولارات) لتغطية العجز في الخزانة العامة مع توقعات أن تصل تكاليف الزلزال الأخير إلى 120 مليار دولار، بعد أن زادت الديون الخارجية والاستقراض الداخلي عن تريليون دولار. ومن دون أن يكون واضحاً هل وكيف أقنع الرئيس إردوغان حكام الخليج بمساعدته لإخراج البلاد من أزمتها المالية الخطرة، بعد أن فشلت مساعيه لإقناع الرئيس بايدن والعواصم الأوروبية في هذا الاتجاه بسبب الأزمات المالية التي تعاني منها الدول الغربية نتيجة الحرب الأوكرانية. في وقت تتوقع المعارضة للرئيس إردوغان أن يبيع أكبر عدد ممكن من مؤسسات القطاع العام كالمصانع الاستراتيجية والموانئ والخطوط الجوية والمصانع الحربية ومؤسسة القطارات وغيرها. وهو ما اعترف به إردوغان قبل جولته إلى دول الخليج، وتقول أوساط مالية إنها لن تستعجل في مساعدة إردوغان إلا بعد ضمان استثماراتها المالية، والحصول منه على تنازلات سياسية على الصعيدين العربي والإقليمي في موضوع ليبيا وسوريا والعراق، بل وحتى إيران، إذ ما تزال الأجواء الخليجية سلبية تجاهها، على الرغم من المصالحة الإيرانية مع السعودية ومصر وليبيا ودول عربية أخرى. في جميع الحالات، ومهما كان وضع المواطن كارثياً ومأساوياً يبقَ الرئيس إردوغان محظوظاً على الصعيدين الخارجي والداخلي، أولاً بسبب الموقع الاستراتيجي لتركيا، وثانياً سيطرة إردوغان على السياسة الداخلية بعد هزيمة المعارضة في الانتخابات الأخيرة، وانفجار الصراعات داخل أحزاب المعارضة وأهمها الشعب الجمهوري. فقد تمرد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ضد زعيم الحزب كمال كليجدار أوغلو بعد أن حمّله وفريق عمله المسؤولية في الهزيمة الأخيرة. وكان وضع المعارضة الممزق كافياً بالنسبة إلى غالبية الشعب التركي للاستسلام للواقع المفروض عليهم من إردوغان الذي يسيطر على جميع مؤسسات الدولة، وأهمها الجيش والأمن والمخابرات والقضاء والإعلام. وتقول المعارضة إن إردوغان لن يرحم أحداً إذا فكّر بالخروج عن طاعته، وأن لا بديل له ولا أحد يستطيع أن يخرج إلى الشارع للتعبير عن استنكاره للواقع المالي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي المرير المفروض من قبل إردوغان. ويعرف الجميع أنه (إردوغان) لن يسمح لأحد حتى بالتفكير في ذلك، لأنه لا يريد أن تعيش تركيا ما عاشته الدول العربية خلال ما يسمّى بـ”الربيع العربي”. وكان غلاء أسعار المواد الأساسية والفقر والجوع بمنزلة الشرارة الأولى لهذا “الربيع”. وكان له أن يتكرر في تركيا على أكثر من مرة؛ لأن ما يعاني منه الشعب التركي الآن أضعاف ما عانى منه الشعب المصري أو السوداني أو التونسي قبل “الثورة” التي قيل إنها انفجرت من أجل الديمقراطية والحرية، لكنها أوصلت تلك الدول وغيرها في المنطقة إلى ما وصلت إليه من دمار بكل المعايير والمقاييس الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية وسببها جميعاً السياسة ومن عليها كما هي الحال في تركيا! (الميادين)
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية: الرئیس إردوغان بالنسبة إلى وهو ما بعد أن
إقرأ أيضاً:
الرئيس عباس : حماية حل الدولتين يبدأ بوقف العدوان على غزة
أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس ، اليوم الخميس 14 نوفمبر 2024، أن إعلان الاستقلال الذي أصدره المجلس الوطني في العام 1988 لم يكن خطوة رمزية، بل إنه الهدف المركزي للنضال الوطني الفلسطيني، مشددا على أن الاستقلال حق مشروع نتمسك به ونضحي من أجله.
وقال الرئيس عباس في كلمة عشية الذكرى السادسة والثلاثين لإعلان الاستقلال، "إن الشعب الفلسطيني الباسل والأصيل لا يمكن إلغاء وجوده أو القفز عن حقوقه، وفي مقدمة ذلك حقه في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال".
وأضاف الرئيس: "نحن الحقيقة الأوضح والأهم، التي فشلت المحاولات كافة على امتداد أكثر من قرن من الصراع على طمسها".
وأكد ، أن إعلان الاستقلال مهّد لمبدأ حل الدولتين، والسلام العادل والشامل المستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وشدد الرئيس عل أن أي حديث عن حماية حل الدولتين يجب أن يبدأ بوقف العدوان على قطاع غزة فورًا، وكذلك ما تتعرض له الضفة الغربية بما فيها القدس من جرائم قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين والاقتحامات، ووقف المخططات والتصريحات التي تنم عن نوايا توسّعية مبيتّة.
ودعا الرئيس عباس المجتمع الدولي إلى تمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وأن تواصل الدول اعترافاتها بالدولة الفلسطينية، مثمنا مواقف الدول التي اعترفت بدولتنا وحقنا بالحرية والاستقلال.
وأكد الرئيس أننا لن نحيد ولن نتنازل أو نساوم على حقوقنا وثوابتنا الوطنية، وأن يدنا ستبقى ممدودة للسلام، ولكن ليس بأي ثمن، فالسلام يبدأ مع حقنا بدولة فلسطينية مستقلة وسيدة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
إن إعلان الاستقلال الذي أصدره المجلس الوطني في العام 1988 لم يكن خطوة رمزية، إنه الهدف المركزي للنضال الوطني الفلسطيني، إنه حق مشروع، وتعبير عن العلاقة التي لا انفصال فيها بين الشعب الفلسطيني وأرض وطنه التاريخي، الوطن الذي بنى عليه حضارته، وبلور هويته وشخصيته الوطنية منذ آلاف السنين، على أرضه المقدسة والمباركة، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
إن الشعب الفلسطيني الباسل والأصيل لا يمكن إلغاء وجوده أو القفز عن حقوقه، وفي مقدمة ذلك حقه في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال، نحن الحقيقة الأوضح والأهم، التي فشلت المحاولات كافة على امتداد أكثر من قرن من الصراع على طمسها. لقد مهّد إعلان الاستقلال لمبدأ حل الدولتين، والسلام العادل والشامل المستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
لقد قدم إعلان الاستقلال فرصة تاريخية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، ونحن متمسكون بهذه الفرصة ونصرّ عليها، ومؤكدين أن كافة التجارب قد اثبتت، وبما لا يقبل الشك، أن وجود الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه المشروع في تقرير المصير هما المدخل لتحقيق السلام الدائم والأمن لجميع شعوب ودول المنطقة، وهما السبيل الوحيد لوضع حد للحروب، فالقضية الفلسطينية ستبقى قضية حية، قضية عقل ووجدان الأمتين العربية والإسلامية وكافة أحرار العالم. ولأنها كذلك، ستبقى ذريعة تستخدم لخلق التوترات في المنطقة والعالم.
إن أي حديث عن حماية حل الدولتين يجب أن يبدأ بوقف العدوان على قطاع غزة فورًا، وكذلك ما تتعرض له الضفة الغربية بما فيها القدس من جرائم قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين والاقتحامات، ووقف المخططات والتصريحات التي تنم عن نوايا توسّعية مبيتّة، ووضع حد نهائي لحرب الإبادة الجماعية البشعة التي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق شعبنا هناك بأوامر مباشرة من الحكومة الإسرائيلية، والعمل على إدخال المساعدات ووقف مخططات التهجير القسري أو إحداث أي تغيير على واقع القطاع القانوني والسيادي والجغرافي.
إننا وفي ذكرى إعلان الاستقلال ندعو المجتمع الدولي إلى تمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وأن تواصل الدول اعترافاتها بالدولة الفلسطينية. وبهذه المناسبة، نثمن مواقف الدول التي اعترفت بدولتنا وحقنا بالحرية والاستقلال.
وفي هذه الذكرى، نؤكد أننا لن نحيد ولن نتنازل أو نساوم على حقوقنا وثوابتنا الوطنية، إنها أمانة في أعناقنا، وهي الأهداف التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى البواسل، إن يدنا ستبقى ممدودة للسلام، ولكن ليس بأي ثمن، فالسلام يبدأ مع حقنا بدولة فلسطينية مستقلة وسيدة، وعاصمتها القدس الشرقية.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل لجرحانا البواسل، والحرية لأسرانا، والصبر والثبات لشعبنا في أماكن تواجده كافة.
المصدر : وكالة سوا