الخليج الجديد:
2024-07-08@04:50:06 GMT

دروس التضخم في التاريخ

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

دروس التضخم في التاريخ

دروس التضخم في التاريخ

كيف ينبغي لصناع السياسات أن يستجيبوا للتضخم المستمر؟ وهل يمكن للتاريخ أن يتكرر؟

مع تطبيق السياسات الصحيحة، تستطيع البلدان حل الضغوط التضخمية في وقت أقرب مما كانت عليه في الماضي.

نجحت بلدان في حل مشكلة التضخم بتشديد سياسات الاقتصاد الكلي استجابة لصدمة التضخم، وحافظت على موقف سياسي متشدد وثابت عدة سنوات.

ما يستخلص من دروس تاريخ التضخم بأنه مستمر ويستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يتم السيطرة عليه وخفضه إلى المعدل الذي كان سائداً قبل الصدمة الأولى.

احتفلت البلدان تاريخياً بالانتصار على التضخم، وخففت السياسات قبل الأوان في استجابة للانخفاض الأولي في ضغوط الأسعار، وكان هذا خطأ لأن التضخم سرعان ما عاد.

* * *

في عقد السبعينات من القرن العشرين أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي أدى لارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع التضخم. الأمر الذي أدى إلى قيام البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم ببذل جهود للسيطرة على التضخم.

وبعد فترة، استقرت أسعار النفط وبدأ التضخم في التراجع. وقد ظن العديد من البلدان أنها استعادت استقرار الأسعار وخففت سياسة إنعاش اقتصاداتها المتضررة من الركود فقط لتشهد عودة التضخم.

السؤال الذي سأله السيدان أنيل أري وليف راتنوفسكي من صندوق النقد الدولي هو: هل يمكن للتاريخ أن يتكرر؟ الجواب في دراستهما ل 100 صدمة تضخمية منذ سبعينات القرن العشرين توفر مؤشرات مهمة يهتدي بها صناع السياسات في حاضرنا.

بلغ التضخم العالمي مستويات تاريخية في عام 2022 بعد أن أثارت العملية الروسية في أوكرانيا صدمة في شروط التجارة أشبه بتلك التي حدثت في السبعينات.

وقد أدى انقطاع إمدادات النفط والغاز الروسية إلى زيادة مشاكل سلسلة التوريد بسبب فيروس «كورونا»، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وفي الاقتصادات المتقدمة، ارتفعت الأسعار بأسرع وتيرة منذ عام 1984.

وفي الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، كانت زيادة الأسعار هي الأكبر منذ التسعينات. وقد أدى الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة إلى تراجع التضخم حيث انخفض معدل التضخم في الولايات المتحدة وفي معظم أنحاء أوروبا إلى النصف من نحو 10 في المئة في عام 2023 إلى أقل من 5 في المئة في الوقت الراهن. وتؤكد دراسة الصندوق أنه لا يزال من المبكر أن يحتفل صناع السياسات بالانتصار على التضخم.

إن دراسة 100 صدمة تضخم منذ السبعينات تقدّم سببين للحذر:

السبب الأول هو ما يستخلص من دراسة تاريخ التضخم بأنه مستمر ويستغرق الأمر سنوات عديدة حتى يتم السيطرة عليه عن طريق خفضه إلى المعدل الذي كان سائداً قبل الصدمة الأولى. وحسب الدراسة، فشلت 40 في المئة من البلدان التي شملتها الدراسة في حل صدمات التضخم حتى بعد مرور خمس سنوات. واستغرق الأمر 60 في المئة المتبقية في المتوسط ثلاث سنوات لإعادة التضخم إلى معدلات ما قبل الصدمة.

وثانياً، احتفلت البلدان تاريخياً بالانتصار على التضخم، وخففت السياسات قبل الأوان في استجابة للانخفاض الأولي في ضغوط الأسعار. وكان هذا خطأ؛ لأن التضخم سرعان ما عاد. وكانت الدنمارك وفرنسا واليونان والولايات المتحدة من بين ما يقرب من 30 دولة في «عينة» الدراسة التي قامت بتخفيف السياسة قبل الأوان بعد صدمة أسعار النفط عام 1973.

وفي الواقع، فإن جميع البلدان التي شملتها التحليلات (90 في المئة) والتي فشلت في حل مشكلة التضخم شهدت تباطؤاً حاداً في نمو الأسعار في السنوات القليلة الأولى بعد الصدمة الأولية، ثم تسارعت مرة أخرى أو ظلت عالقة بوتيرة أسرع. وقد حذر محافظو البنوك المركزية من أن معركة التضخم لم تنتهِ بعد، حتى مع إظهار القراءات الأخيرة اعتدالاً مرحباً به في ضغوط الأسعار.

كيف ينبغي لصناع السياسات أن يستجيبوا للتضخم المستمر؟ يقدم التاريخ بعض الدروس. فالبلدان التي شملتها الدراسة والتي نجحت في حل مشكلة التضخم قامت بتشديد سياسات الاقتصاد الكلي بشكل أكبر استجابة لصدمة التضخم، والأهم من ذلك، أنها حافظت على موقف سياسي متشدد بشكل ثابت على مدى عدة سنوات.

ومن الأمثلة هنا إيطاليا واليابان، اللتان تبنّتا سياسات أكثر صرامة لفترة أطول بعد صدمة أسعار النفط في عام 1973. وعلى النقيض من ذلك، فإن البلدان التي لم تنجح في حل مشكلة التضخم كانت لديها مواقف سياسية أكثر مرونة وكانت أكثر عرضة للتغيير بين دورة التشديد والتخفيف.

ومصداقية السياسات مهمة أيضاً في محاربة التضخم. فالبلدان التي كانت توقعات التضخم فيها أكثر رسوخاً، أو حيث حققت البنوك المركزية نجاحاً أكبر في الحفاظ على التضخم المنخفض والمستقر في الماضي، كانت أكثر إصراراً على التغلب على التضخم.

وقد يجد محافظو البنوك المركزية في العديد من البلدان أنه من الأسهل التغلب على التضخم مقارنة بالماضي، بسبب المصداقية السياسية التي اكتسبوها على مدى عدة عقود من الإدارة الناجحة للاقتصاد الكلي. ومع تطبيق السياسات الصحيحة، تستطيع البلدان حل الضغوط التضخمية في وقت أقرب مما كانت عليه في الماضي.

*د. علي توفيق الصادق خبير مالي ومستشار اقتصادي

المصدر | الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: التضخم الركود دروس التاريخ البنوك المركزية الاقتصاد الكلي ارتفاع تكاليف الإنتاج البنوک المرکزیة البلدان التی أسعار النفط على التضخم التضخم فی فی المئة

إقرأ أيضاً:

التغيير وارتياح الشارع ‏

بعد طول انتظار جاء التغيير الكبير الذى طال معظم الوزراء والمحافظين ولن يقتصر الأمر على ذلك، بل سيكون ‏هناك تغيير كبير فى الصفوف الأخرى من المسئولين، ذلك التغيير لن يهدف إلى تغير فى الأشخاص بل هو ‏فى السياسات الذى طالب بها الشعب كثيرا ومن هنا كان التركيز على السمات والصفات الشخصية القادرة على ‏تحجيم السياسات القائمة ووضع سياسات جديدة تناسب حالة الرقمنة والحوكمة، وهى خطة الدولة خلال ‏السنوات القادمة والتى يرى فيها الشعب الطريق الأمثل للتخلص من الجهاز الإدارى المترهل للدولة الموروث ‏منذ ستينيات القرن الماضى والمحمل بكل أمراض مزمنة ومستوطنة داخل العقل الجمعى للإدارة المصرية.‏

فجاء طرح الثقة فى بعض الوزراء بناء على مطلب شعبى صامت، فكان وجود وزير الداخلية السيد اللواء ‏محمود توفيق رد فعل لحالة الأمن والاستقرار التى يتمتع بها المواطن المصرى، والدور الكبير لرجال الداخلية فى ‏ملاحقة الجريمة والقضاء على الإرهاب والعلاقة التى أصبحت رائعة ما بين رجل الأمن والمواطن، وتجسد ذلك ‏فى الانتخابات الرئاسية السابقة التى شهدت اكبر خروج نسبة تصويت فى تاريخ الانتخابات تحت إشراف وزارة ‏الداخلية، وجاء تكليف السيد الفريق كامل الوزير كنائب لرئيس الوزراء ووزيرا للنقل والصناعة كمطلب شعبى ‏أيضا للدور الكبير الذى قام به فى وزارة النقل والوصول بها إلى مرتبة متقدمة جدا على مستوى التصنيف ‏العالمى وتحويلها من الخسارة إلى المكسب بعد ان قضى على بؤر الفساد وأعاد هيكلة المهام بها، وهذا ما تعول عليه الدولة ‏ومعها الشعب فى قطاع الصناعة الذى يمثل عصب الاقتصاد المصرى، ومع تجديد الثقة فى الدكتور اشرف ‏صبحى لما يتمتع به من قبول وسمعة طيبة فى الأوساط الرياضية والشارع المصرى.‏

وجاء تعيين الوزراء الجدد مشمولا برؤية تهدف إلى التغيير فى السياسات وتجسد ذلك فى تعيين الدكتورة ‏منال عوض، وتعد أول سيدة تتولى منصب وزير التنمية المحلية تلك الوزارة التى تمثل المجرى الذى يغذى كل ‏مؤسسات الدولة بالبيروقراطية، ويعنى ذلك ان هناك رؤية من القيادة السياسية فيما تمتلكه تلك السيدة من ‏مقومات تساهم فى تغير السياسات والتعاطى مع الوضع القائم بحزم وقوة للجم سعار تمدده، وكان لتعيين ‏فضيلة الشيخ أسامة الأزهرى رد فعل شعبى إيجابى كبير لما يتمتع به هذا الرجل من حب وتقدير من كل فئات ‏الشعب مسلمين وأقباط، وعلى الجانب الأخر كان تعيين السيد المستشار محمود فوزى وزيرا للشئون النيابية ‏والقانونية والتواصل السياسى، لما يمتلكه من معطيات عمل تجعله مرتكزا كبيرا لصناعة السياسات داخل تلك الوزارة التى كانت تحتاجها ‏مصر فهذا الرجل يمتلك كل المقدرات المهنية والإنسانية التى تجعله جديرا بتلك المكانة، أما باقى التغييرات ‏فكانت مناسبة طبقا للسيرة الذاتية لكل مسئول والتى تتمحور حول قدرته بالمساهمة فى تغيير السياسات فى ‏وزارته والدخول بها دائرة الرقمنة والحوكمة والتى هى خطة الدولة لما هو قادم.‏

 

مقالات مشابهة

  • التغيير وارتياح الشارع ‏
  • ياسمين الحصري: اختيار الرسول للدليل في الرحلة كان فيها عدة دروس
  • السياسات العامة والتحول الاجتماعي
  • تضم أكبر عدد من النساء في التاريخ.. من هم أعضاء حكومة ستارمر؟
  • خبراء: ترشيد الإنفاق الحكومي وتبني سياسات نقدية قوية للحد من التضخم ضرورة
  • الوزير لقجع: القانون التنظيمي للمالية ساهم في الارتقاء بدور قانون التصفية إلى المساءلة حول جدوى الإنفاق العمومي ونجاعة السياسات
  • التغير المناخي يرفع أسعار الغذاء ويثير قلق البنوك المركزية
  • «دروس الهجرة النبوية».. قافلة دعوية لأوقاف القليوبية بشبرا الخيمة
  • ابتداء من هذا التاريخ.. فرنسا تبسط إجراءات تجديد إيصالات تصريح الإقامة للأجانب
  • العراق ضمن الثلث الأول بقائمة البلدان الأكثر امانًا في 2024