محللون: عملية رفح لم تبدأ بعد وواشنطن تخشى غرق إسرائيل في غزة
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
يقول خبراء ومحللون إن العملية الإسرائيلية المرتقبة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة لم تبدأ بعد، وسوف تتطلب تجاوز الولايات المتحدة عن مجازر قد تفوق كل ما شهده التاريخ من مجازر، مؤكدين أن واشنطن لا تزال قلقة بشأن اليوم التالي للحرب وتخشى على إسرائيل من الغرق في غزة.
فخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الخبير المحلل السياسي محمد الأخرس إن الولايات المتحدة تحاول البناء على ما حققته إسرائيل على الأرض، لأنها باتت واثقة من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعمل من منطلق شخصي.
ووفقا للأخرس فإن الموقف الأميركي مرتبط بمرحلة ما بعد الحرب، و"هناك خلافات كبيرة بين واشنطن وتل أبيب، لأن قرار دخول غزة هو شأن سياسي وليس عسكريا، لأنه مرتبط بالسيطرة على المعابر ومحور فيلادلفيا".
خلاف على آلية الحرب
وبالتالي فإن واشنطن ليست مختلفة مع تل أبيب على الأهداف الكبرى للحرب وإنما على كيفية استثمار الإنجازات على الأرض، بحسب الأخرس، الذي يرى أن أميركا تدرك خطورة قيادة حرب دون خطة، وتعرف جيدا إمكانية أن تتحول لهزيمة إستراتيجية كما حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في أول العمليات، و"بالتالي تحاول الضغط بكل قوة لكي ترشد سلوك إسرائيل وتمنع غرقها في غزة".
كما أن أميركا التي خاضت حروبا كبرى في العراق وأفغانستان -كما يقول الأخرس- "تعرف أن الشهور الأولى هي الأسهل في الحرب وأن الاستمرار يعني كارثة لإسرائيل وللمنطقة التي تقف على صفيح ساخن، وبالتالي هي تراقب الأمر بنظرة جيوسياسية وتعلم أن نتنياهو يعمل لصالح نفسه".
بدوره أشار الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إلى وجود حالة رفض وعدم ثقة من السياسيين الإسرائيليين في نتائج العملية العسكرية في رفح، لكنه أوضح أن المدنيين والعسكريين يحاولون في الوقت نفسه بناء العقد المجمعي مع الجيش.
وأضاف جبارين أن هذا الأمر قد يدفع باتجاه العملية لإعادة الثقة خصوصا وأنهم سموها الأيدي الذهبية بدلا من السيوف الحديدية للتأكيد على خصوصيتها.
ويرى الخبير العسكري اللواء فايز الدويري بأن عملية رفح لم تبدأ بعد وأن القصف العنيف الذي أوقع 70 شهيدا فجر الاثنين لا يعني بدايتها، منوها إلى أن العملية "ستكون معقدة وتتطلب إجلاء أكثر من مليون نازح قبل البدء فيها".
وقال الدويري إن بدء العملية قبل إخلاء النازحين يعني أن أميركا مطالبة بالتغاضي عن مجازر ستفوق ما سجله التاريخ من مجازر، لأنه من المستحيل تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح بوضعها الحالي دون ارتكاب مجازر يندى لها جبين التاريخ، حسب تعبيره.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
محللون: الاتفاق المحتمل يضع حزب الله في مأزق ونتنياهو يخطط لتعقيد الأمور
لا يبدو الاتفاق الذي تحاول الولايات المتحدة تمريره بين إسرائيل وحزب الله محاولة لوقف إطلاق النار بقدر ما هو محاولة لتوريط الجيش اللبناني في القيام بما عجز جيش الاحتلال عن القيام به، كما يقول خبراء.
ففي حين تقول إسرائيل إن الاتفاق يتوقف على نقاط تتعلق بأمنها، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن أي اتفاق لا بد وأن يشمل وقفا كاملا للعدوان وانسحابا لقوات الاحتلال.
لكن هذا الاتفاق -الذي لم يعرف عنه إلا ما سرّبته الصحافة- يبدو محاولة أميركية لتحقيق ما عجزت تل أبيب عن تحقيقه بالحرب كما حدث خلال العام الماضي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، برأي الباحث في معهد الشرق الأوسط حسن منيمنة.
ووفقا لما قاله منيمنة -خلال مشاركته في وقفة "مسار الأحداث" التحليلية التي تقدمها الجزيرة- فإن الاتفاق المحتمل "يمثل انتصارا لإسرائيل؛ لأن حزب الله تعرض لإرباك داخلي ومأزق سياسي لأنه قبل ولو من دون تصريح بفصل جبهة لبنان عن قطاع غزة".
وبغض النظر عن أحاديث الساسة، فإن الاتفاق المحتمل، برأي منيمنة "يحقق ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل، ويضمن للأخيرة حق ضرب لبنان مستقبلا طالما كان ذلك بالتنسيق مع واشنطن".
الكرة في ملعب لبنان
ومع ذلك، يرى منيمنة أن هذا الاتفاق سيتعثر وأن الكرة ليست في ملعب إسرائيل كما يقول البعض، وإنما هي في ملعب لبنان "الذي ينبغي عليه ألا يقبل بأن يكون شرطيا للاحتلال على الحدود"، وفق تعبيره.
لذلك، فإن على لبنان حاليا "أن يبدأ تحركا دوليا قويا للمطالبة بمحاسبة إسرائيل على ما ألحقته بلبنان كبلد من تدمير وقتل وتفجير أجهزة اتصالات بحجة الرد على ضربات حزب الله، لا أن ينخرط في مفاوضات تحاول إرضاء المعتدي لكي يوقف اعتداءه".
كما أن حزب الله -ورغم ورطته السياسية الحالية- مطالب بالتمسك بما أعلنه منذ بداية الحرب بشأن وقف الحرب في غزة وعدم القبول بعودة السكان لشمال إسرائيل، كما يقول المتحدث.
ومن هذا المنطلق، فإن الاتفاق من وجهة نظر منيمنة "يضمن لإسرائيل احتلال شريط حدودي دخلته خلال الحرب بشكل مؤقت، وفي حال تعثر مسار الاتفاق -وهو ما سيحدث غالبا- فإن هذا الاحتلال ستتم شرعنته".
وخلص المتحدث إلى أن الأمور "تتجه نحو مزيد من التصعيد خصوصا عندما يتسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم لأنه رجل يتبنى منطق الإملاءات والتهديد وليس المفاوضات"، مشيرا إلى أن الأهداف الأميركية الإسرائيلية "كانت ولا تزال واضحة منذ اليوم الأول للحرب، وهي أن إسرائيل تعيش حربا وجودية وأن عليها فعل كل ما يلزم لضمان انتصارها على الشرق الأوسط كله حتى لو لم تتمكن من فعل هذا الأمر حتى الآن".
حزب الله في أزمة
ورغم تشكيك المحللين في المضي قدما بهذا الاتفاق بسبب أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الكبيرة والمتعلقة بإعادة ترتيب شكل المنطقة، فإن حزب الله يواجه أزمة داخل لبنان فعليا، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أمين قمورية.
فقد أكد قمورية أن الحزب "أبدى مواقف إيجابية كثيرة خصوصا فيما يتعلق بدوره المستقبلي، وفي تطبيق القرار 1701 كما هو، وقبوله بانتخاب رئيس للبلاد وفقا لاتفاق الطائف"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن مسألة ضمان السيادة "لا تزال مبهمة".
وقال المحلل اللبناني "إننا لا نعرف ما حدث بالضبط، لكن المفاوض اللبناني أكد أنه اتفق مع المبعوث الأميركي بشأن المسائل السيادية، ويقال إنه تم وضع ضمانة أميركية بألا تبادر إسرائيل بالهجوم على لبنان".
ورغم أن الحزب لا يزال صامدا وقادرا على ضرب عمق إسرائيل بما يجبرها على التراجع للوراء، فإن وضعية "حافة الهاوية" أصبحت أكثر خطورة، وفق قمورية الذي أكد أن "الواقع في لبنان يتطلب كثيرا من التنازلات".
وبرأي قمورية، فإن هذا الواقع اللبناني "هو ما دفع الحزب لقبول ما لم يقبل به سابقا، وهو أمر يعني أنه سيواجه الكثير من الأسئلة الداخلية، رغم أنه قدم في النهاية لفلسطين ما لم يقدمه أحد من العرب".
لكن الأخطر من وجهة نظر المحلل اللبناني، هو شكل الدولة اللبنانية في اليوم التالي لهذه الحرب إن توقفت، وموقف حزب الله من مسألة نزع السلاح، وطبيعة الدور الذي سيكون الجيش اللبناني مطالبا به في الجنوب، حسب قمورية، الذي أشار أيضا إلى وجود نقاش داخلي بشأن إمكانية مقاضاة إسرائيل.
وخلص المتحدث إلى أن الولايات المتحدة "تحاول دفع الجيش اللبناني للقيام بما فشلت به إسرائيل، وهو أمر قد يؤدي لتفككه"، مشيرا إلى أن سياسات ترامب المتوقعة "ستزيد التوتر بالمنطقة حتى لو توقفت الحرب لبعض الوقت، لأن الصراع أصبح وجوديا ولا يمكن حله دون إيجاد دولة للفلسطينيين".
في المقابل، استبعد المحلل السياسي أحمد الحيلة تنفيذ هذا الاتفاق، وقال إن فصل الجبهات الذي يجري الحديث عنه "صحيح نظريا لكنه لن يكون كذلك في حال تعثر الاتفاق"، معربا عن اعتقاده بأن نتنياهو سيحاول استغلال هدنة الـ60 يوما المقترحة لترتيب الأمور لصالح مواصلة الحرب.
نتنياهو يريد نتائج كبرى
ويرى الحلية أن المضي قدما في هذا الاتفاق -وهو أمر مستبعد- أو حتى تطبيق القرار 1701 كما هو "يعتبر نجاحا سياسيا لإسرائيل". ومع ذلك، فإن نتنياهو "يحاول إضعاف حزب الله بحيث يكون التركيز خلال فترة ترامب هو تسيير قطار التطبيع وترتيب العلاقات العربية الإسرائيلية والتعامل مع إيران أيضا وفق المعطيات الجديدة المتعلقة بإضعاف حزب الله وحماس".
وعن موقف نتنياهو من هذا الاتفاق، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، إن هناك حساسية داخل إسرائيل فيما يتعلق بالملف اللبناني، وإن "ما رشح خلال اليوم الأخير بشأن مباركة أمنية إسرائيلية للمقترح الأخير يعني أن الأمر أصبح بيد نتنياهو".
ويرى جبارين أن نتنياهو سيحاول فقط استغلال فترة الـ60 يوما لتعقيد الوضع الميداني بما يجعله قادرا على نقض الاتفاق، وفي الوقت نفسه بما يجعله قادرا على تحصيل كل ما يريد من دونالد ترامب الذي سيكون قد تولى مهامه رسميا.
وقال إن إسرائيل "لا تبحث آلية دخول الاتفاق وإنما تبحث آلية الخروج منه"، مضيفا أن المهم حاليا "ليس عزل حزب الله وإنما طريقة عزله".
وخلص إلى أن "اعتبارات إسرائيل اليوم مختلفة تماما عن الحروب السابقة لأنها تسير وفق منظور أيديولوجي يقوم على الهيمنة الإسرائيلية وليس مجرد تحقيق الأمن القومي"، مشيرا إلى أن الخروج من لبنان لن يكون كدخولها لأن نتنياهو "يريد استغلال هذا الأمر لإيجاد لبنان مختلف سياسيا وعسكريا".