الحياة النيابية التمثيلية!
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
مرت 163 عاماً على بدء الحياة النيابية التمثيلية فى مصر، وهى علامة على الحضارات المصرية على امتداد تاريخها. فى التاريخ الحديث بدأت الحياة البرلمانية فى وقت مبكر من عام 1824، بينما لم تبدأ الحياة النيابية التمثيلية إلا فى عام 1866، وفى عام 2016 احتفلت مصر بالذكرى المئة والخمسين للحياة البرلمانية والتى شرفها الرئيس عبدالفتاح السيسى وعدد من رؤساء البرلمانات العربية والدولية.
وتشتهر مصر ببدء أقدم القوانين الإدارية والتشريعية فى التاريخ، حيث قدمت للثقافات والحضارات الإنسانية الهائلة الشكل الأكثر تقدماً للحكم والإدارة، وكان ظهور الأحزاب السياسية فى مصر فى القرن التاسع عشر انعكاسا للتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكذلك بعض الظروف التاريخية والوطنية والسياسية مما أدى إلى إنشاء وتطوير المؤسسات الحديثة للإدارة الحكومية والمجتمع مثل البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات. كان هذا الظهور تدريجياً ومر بمراحل متعاقبة.
يعتبر وجود البرلمان من بين أهم الشروط الأساسية لبناء الديمقراطية وهو من بين أهم ركائز دولة القانون التى تقوم على أساس عدة عناصر، منها ما يتعلق بمبدأ الفصل بين السلطات والذى يقضى بضرورة توزيع السلطة فى الدولة على هيئات مختلفة، ويعتبر البرلمان من بين أهم المؤسسات الدستورية فى مختلف البلدان الديمقراطية، حيث يشكل السلطة التشريعية التى تتولى تمثيل الأمة. وقد يتكون هذا البرلمان من غرفة واحدة وهو نظام المجلس الواحد وقد يتكون من غرفتين أى مجلسين يطلق على أحدهما المجلس الأعلى أو البرلمان وعلى الآخر المجلس الأدنى أو المعين، وقد جربت مصر النظامين «المجلس الواحد والمجلسين».
شهد عام 1866، الخطوة الأهم فى تطوير الحياة النيابية فى مصر بإنشاء «مجلس شورى النواب» فى عهد الخديو إسماعيل، فهذا المجلس يعد أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية، وليس مجرد مجلس استشارى تغلب عليه الصفة الإدارية، وقد صدر المرسوم الخديوى بإنشاء المجلس فى شهر نوفمبر 1866، متضمناً اللائحة الأساسية واللائحة النظامية للمجلس.
وتضمنت اللائحة الأساسية 18 مادة، اشتلمت على نظام الانتخابات والشروط القانونية الواجبة للياقة العضو المرشح وفترات انعقاد المجلس.
وتضمنت سلطات المجلس «التداول فى الشئون الداخلية، ورفع نصائح إلى الخديو»، وتأثرت لوائح المجلس بشدة بالنظم البرلمانية التى كانت معمولاً بها فى أوروبا فى ذلك الوقت، خاصة الهيئة التشريعية الفرنسية. وتكون مجلس شورى النواب من 75 عضواً منتخباً من قبل الأعيان: فى القاهرة والإسكندرية ودمياط وعمد البلاد ومشايخها فى باقى المديريات الذين أصبحوا بدورهم منتخبين لأول مرة فى عهد الخديو إسماعيل.
إضافة إلى رئيس المجلس الذى كان يعين بأمر من الخديو. وكانت مدة المجلس 3 سنوات ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين، وقد انعقد مجلس شورى النواب فى 9 أدوار انعقاد على مدى 3 هيئات نيابية، وذلك فى الفترة من 25 نوفمبر 1866 حتى 6 يوليو 1879. ومع مرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس شيئاً فشيئاً، وبدأت تظهر نواة الاتجاهات المعارضة، وقد ساعد على هذا التطور انتشار أفكار التنوير على يد مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، إضافة إلى ظهور الصحف فى ذلك الوقت مما عزز من المطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابى له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع. وانعكست هذه المطالب فى عام 1878، عندما أنشئ أول مجلس وزراء فى مصر «مجلس النظار»، وأعيد تشكيل البرلمان، ومنح المزيد من الصلاحيات، وإن ظلت بعض الأمور خارجة عن اختصاص المجلس مثل: بعض الشئون المالية، وفى يونيو 1879، أعدت اللائحة الأساسية الجديدة لمجلس شورى النواب تمهيداً لعرضها على الخديو لإصدارها، وهى اللائحة التى جعلت عدد النواب 120 نائبا، عن مصر والسودان. وكان أهم ما تضمنته اللائحة: تقدير «المسئولية الوزارية»، ومنح سلطات أكبر للمجلس فى النواحى المالية.
غير أن الخديو توفيق الذى عُين فى 26 يونيو 1879، رفض اللائحة وأصدر أمراً بفض المجلس، ولكن المجلس ظل ــ رغم ذلك ــ يعقد جلساته حتى يوليو 1879، ثم تعاقبت بعد ذلك المجالس النيابية حتى وصلنا إلى الشكل الحالى وهو مجلس النواب والشيوخ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مجلس النواب مجلس شورى حكاية وطن محمود غلاب الحضارات المصرية فى مصر
إقرأ أيضاً:
سيناتور أسترالية تتحدث عن إخوتها الفلسطينيين (بورتريه)
سياسية صريحة، غير تقليدية على الإطلاق، تقف ضد الاستعمار الأبيض الذي سلب السكان الأصليين ممتلكاتهم وأراضيهم.
تجربتها ومعاناة آبائها وأجدادها تكاد تلامس التراجيدية الفلسطينية لذلك حين تتحدث عن فلسطين وعن قطاع غزة يتهدج صوتها ويعلوا غضبها حتى لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.
سياسية مستقلة من السكان الأصليين الأستراليين حظيت باهتمام إعلامي لدعمها حركة "السيادة السوداء" وانتقادها لشرعية المؤسسات السياسية الأسترالية، والتي تعتبرها إرثا للاستعمار البريطاني.
ليديا ثورب المولودة عام 1973 في كارلتون، فيكتوريا، غادرت المدرسة بعد وقت قصير، في سن الرابعة عشرة. وقد ذكرت أنها تعرضت للتحرش في المدرسة "عندما كانت طفلة سوداء"، وأنها كانت ترد بلكم وضرب الأولاد والبنات، وبدلا من ذلك، كما تقول، "تعلمت الآن استخدام فمي".
تخرجت عام 2007 من جامعة "سوينبورن" للتكنولوجيا بدرجة دبلوم في تنمية المجتمع، وفازت بجائزة التأثير الاجتماعي لعام 2021 من نفس الجامعة.
كانت وظيفتها الأولى العمل مع عمها في مركز للنشاط السياسي الأسود، وعمها هو الناشط روبي ثورب، المرتبط ببعض أقدم النضالات من أجل تقرير المصير للأستراليين الأصليين.
كما عملت ثورب مديرا لمشروع لدى مجلس مقاطعة "إيست جيبسلاند"، ومديرا للسكان الأصليين في "سنترلينك"، ومديرا في مركز تدريب السكان الأصليين في بحيرة "تايرز".وأيضا الرئيس المشارك للجنة في ولاية فيكتوريا في عام 2014.
وما لبثت أن انتخبت عضوا في البرلمان الاسترالي في الانتخابات الفرعية لعام 2017.
لكنها خسرت فيما بعد مقعدها أمام مرشحة "حزب العمال" في انتخابات ولاية فيكتوريا عام 2018 ، وأدلت بتصريحات صحفية قالت فيها: إن "حزب العمال" شن "حملة قذرة" ضدها، لكنها أقرت بأن "التغطية السلبية بسبب فضائح الحزب الداخلية" ساهمت أيضا في هزيمتها.
اختيرت في مجلس الشيوخ الاسترالي عن ولاية فيكتوريا منذ عام 2020، وهي أول عضو مجلس شيوخ من السكان الأصليين من تلك الولاية، وأول برلمانية فيدرالية من السكان الأصليين من "حزب الخضر".
أعيد انتخاب ليديا في الانتخابات الفيدرالية عام 2022، من قبل "حزب الخضر" كنائبة لزعيمه في مجلس الشيوخ. ويبدي الحزب الإعجاب بهذه الشخصية السياسية ويعتبره تمثيلا مشحونا بنشاط سياسي جذري ونضالي، يذكر بشدة بـ"حركة القوة السوداء" التي ظهرت في الستينيات والسبعينيات.
ورغم دعم الحزب لها غير أنها انسحبت منه بسبب خلافات حول مقترح "صوت السكان الأصليين في البرلمان" وبقيت عضوا مستقلا في مجلس الشيوخ، وفي بيان لها، صرحت قائلة: "لدى هذا البلد حركة سيادة سوداء قوية، مليئة بالمحاربين الأقوياء والملتزمين، وأريد أن أمثل هذه الحركة تمثيلا كاملا في هذا البرلمان. لقد أصبح واضحا لي أنني لا أستطيع القيام بذلك من داخل حزب الخضر".
وتثير تعليقاتها حول النظام الاستعماري في أستراليا ردود فعل متباينة ويظهر بعض أفراد مجتمع السكان الأصليين في فيكتوريا معارضة لها بسبب نفوذها المتزايد في السياسة التقدمية، ففي عام 2021، عقب حريق ألحق أضرارا بمبنى البرلمان القديم في كانبرا، قالت في تغريدة: "يبدو أن النظام الاستعماري يحترق. عام سعيد للجميع ستبقى أرض السكان الأصليين دوما". وبعد انتقادات أعضاء في من الائتلاف و"حزب العمال" حذف ثورب التغريدة.
وفي مقابلة أُجريت معها في عام 2022، صرحت بأن البرلمان "ليس لديه إذن بالتواجد هنا في أستراليا"، وأنها عضو في البرلمان "فقط لتتمكن من التسلل إلى المشروع الاستعماري". وأضافت أن العلم الأسترالي "ليس لديه إذن بالتواجد" في البلاد.
خصومها يصفون هذه التصريحات بأنها "مثيرة للانقسام" و"طفولية"، وسط دعوات بإقالتها من البرلمان.
وأثناء أدائها القسم كاسيناتور، أضافت ثورب عبارة "الاستعمار" في قسم الولاء المطلوب للملكة إليزابيث الثانية، قائلة :"أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا ومخلصا للولاء لصاحبة الجلالة (المستعمرة) إليزابيث الثانية، ملكة أستراليا، وورثتها وخلفائها وفقا للقانون".
وتوجت موقفها من بريطانيا العام الماضي حين قاطعت الملك تشارلز الثالث أثناء زيارته الملكية لأستراليا، وبعد أن أنهى خطابه في مبنى البرلمان الأسترالي، صارخة في القاعة الممتلئة بالحضور: "هذه ليست أرضك، أنت لست ملكي" واتهمته بـ" الإبادة الجماعية"، وبينما كانت ترافقها قوات الأمن، سمعت تصرخ قائلة: "اللعنة على المستعمرة".
هذه الحادث جعلت ليديا تتصدر عناوين الصحف العالمية وجذبت اهتماما واسع النطاق، مما سلط الضوء على نشاط ثورب الطويل ومعارضتها للنظام الملكي وللاستعمار.
وكانت أستراليا مستعمرة بريطانية طوال أكثر من قرن من الزمان، وهي الفترة التي قتل فيها الآلاف من السكان الأصليين، وشرد كثيرون منهم. ومنذ عام 1901، أصبحت أستراليا دولة مستقلة، لكنها تظل عضوا في الكومنولث، وتعترف بالسيادة البريطانية كرئيسة فعلية للدولة.
وكثيرا ما عوقبت ثورب من مجلس الشيوخ بسبب مواقفها الحادة والمباشرة والصريحة من أعضاء المجلس ومن الحكومة، ووصفت مثل هذه العقوبات بـ "الإجراءات التأديبية الاستعمارية" وبأنها "وسام شرف"، وأن مجلس الشيوخ "مكان عمل شديد العنف يتألف في معظمه من رجال بيض يرتدون بدلات، وينظرون بازدراء إلى أشخاص مثلي".
لا تتوانى ثورب عن إعلان مواقفها من القضايا السياسية الخارجية، وفي مقدمتها فلسطين والحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية، فغالبا ما تدخل مجلس الشيوخ عبر قاعة الصحافة وتهف بكل قوة "فلسطين حرة" رافعة قبضتها رمزا قويا للتحدي.
تدعو باستمرار، وعبر التجمعات والتظاهرات التي شهدتها أستراليا، لوقف الحرب الفاشية على القطاع، تقول ثورب: "شعبنا يقف بتضامن كامل مع إخوتنا وأخواتنا الفلسطينيين. نحن نفعل ذلك منذ 50 عاما، منذ أن أدرك جيلي التشابه التاريخي بين تجربتنا وتجربتكم في مع الاستعـمار الاستيطاني المتوحش الذي اجتاح أرضنا واحتلها.. اقترفوا إبادة جماعية في أستراليا ويبـيدون أوطانكم. لذا نقف معكم".
وظهرت ثورب مرتدية الكوفية الفلسطينية في مجلس الشيوخ، وقارنت الحكومة الأسترالية بدولة الاحتلال باعتبارها "المحتل غير الشرعي لهذه الأراضي" في خطاب حماسي تعهدت فيه بدعم فلسطين، وقالت إنها تتعاطف مع الشهداء.
معتبرة إن الفلسطينيين "يعيشون مع صدمة أجيال من الحرمان، وهم مستمرون في النضال من أجل السيادة والتحرير واستعادة الأرض، كما يفعل الشعب الأول في هذا البلد".
و دعت حكومة بلادها إلى الاعتراف بسيادة دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.
وأثارت ثورب الانتباه أيضا بحديثها عن وحشية القوة العسكرية الإسرائيلية وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الفلسطينيين وقتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال والنساء.
ورحبت بتغيير الخطاب الحكومي الاسترالي الأخير الذي أكد على ضرورة إنهاء الاحتلال واعترف بأنه غير قانوني بموجب القانون الدولي".
فيديو وصورة ليديا وهي ترتدي الكوفية الفلسطينية انتشرت بشكل كبير عبر منصات التواصل وحين نزعت الكوفية عن كتفها ظهر "تي شيرت" كتب عليه أوقفوا الإبادة الجماعية.
في مقابلة أجريت معها عام 2018، قالت ثورب: "لقد ولدت في عالم السياسة، ولا أعرف شيئا آخر" . لذلك لا يبدو أنها ستتوقف يوما عن مواجهة الاستعمار القديم ممثلا ببريطانيا والاستعمار الحديث والمستمر ممثلا بكيان الاحتلال.