وزير الخارجية: أعداد الضحايا الفلسطينيين تخطت حدود المفاهيم الإنسانية وقواعد القانون الدولي
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
التقى وزير الخارجية سامح شكري، بـ تانيا فايون، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الشئون الخارجية والأوروبية السلوفينية، وتم التطرق خلال اللقاء إلى العديد من الملفات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى ملف القضية الفلسطينية والاعتداءات الإسرائيلية من قتل ودمار وتشريد لأهالي قطاع غزة .
أهم ما تحدث به وزير الخارجية حول الأزمة في غزة:-أن مستوى الدمار والقتل بين المدنيين في قطاع غزة وصل لمستوى غير مسبوق.
-لقد تخطت أعداد الضحايا الفلسطينيين كافة حدود المفاهيم الإنسانية وقواعد القانون الدولي الإنساني.. ويتعين على المجتمع الدولي تسمية الانتهاكات الإسرائيلية بمسمياتها الحقيقية.
-نحذر من العواقب الوخيمة لتوسيع دائرة العنف والعمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة.. مدينة رفح تأوي حوالي ١،٤ مليون نازح واستهدافها ينذر بكارثة إنسانية وشيكة.. فاستهداف رفح وعرقلة إسرائيل لدخول المساعدات يسهم بشكل مباشر في الدفع لتهجير الشعب الفلسطيني.. ويجب على الأطراف الدولية تحمل مسئولياتها القانونية والإنسانية والسياسية لدرء مخاطر تنفيذ مثل هذا الأمر.
-رداً على استفسار حول ما تردد إعلامياً عن إمكانية تعليق مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل، شكري: "استمعت لبعض التعليقات المنسوبة لمصادر غير رسمية في الإعلام حول هذا الموضوع.. لقد حافظت مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل على مدار ال٤٠ عاماً الماضية، والتي تم بموجبها إقامة العلاقات بين البلدين.. فدائماً ما تحافظ مصر على التزاماتها مادام الأمر تبادلياً بين الطرفين.. ولذلك سأستبعد أي تعليقات تم الإدلاء بها في هذا الشأن".
-السياسات التي تنتهجها إسرائيل على الأرض تدفع نحو تحقيق سيناريو التهجير، ونحن نؤكد على الرفض الكامل بكل السبل لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.. إن أية محاولات لتنفيذ التهجير القسري للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية هي غير قانونية ولن تكون مقبولة.
-الجانب المصري منخرط في العديد من المناقشات لاحتواء الأزمة، وتحقيق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وإيجاد الأفق السياسي لحل الأزمة من جذورها على أساس حل الدولتين، وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.
لمشاهدة الفيديو اضغط هناالمصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الخارجية سامح شكري القضية الفلسطينية غزة
إقرأ أيضاً:
فلسطين تعرّي المفاهيم الأخلاقية للمجتمع الدولي
إذا أرادت واشنطن تطبيق القواعد التي تتحدّث عنها في إصرارها على بقاء النظام الدولي كما هو، فعليها أولا أن تفعل ذلك مع حلفائها الذين يتمتّعون بحصانة غير عادية تحُول دون مساءلتهم أو محاسبتهم على ما يأتون من فظائع. وأبرزهم إسرائيل التي ترتكب المجازر وحروب الإبادة والتهجير دون رادع قانوني.
إسرائيل تدرك جيدا حجم الخسائر البشرية في جنودها وتأثيرها المعنوي والميداني، المقاومة في لبنان وفي غزة تكبّد الاحتلال خسائر يومية في عتاده وجنوده. ولا يجد نتنياهو وحكومته المتطرّفة من حل لحفظ ماء الوجه أمام الجبهة الداخلية سوى قصف المدنيين كالعادة، وإيقاع القتلى والجرحى في صفوف الأبرياء في جباليا ومناطق أخرى من غزة وفي بيروت والضاحية الجنوبية.
وكما اعتقدوا أنّهم أنجزوه في غزة، فإنّ غاية إسرائيل الاستراتيجية من مواجهة المقاومة اللبنانية هي «تقليص الخطر الذي يشكله حزب الله على أمن إسرائيل وعلى استقرار المنطقة»، من خلال إضعاف قوّته وتحويله إلى لاعب هامشي غير ذي صلة تجاه المعادلات الإقليمية.
وبناء على هذه الرؤية الإسرائيلية المبتورة، يجب أن تتركز المعركة الفعالة لإضعاف حزب الله، في فصله عن مصادر قوته، وهنا تأتي عمليات القصف والترهيب وتهجير السكان في محاولة لتأليب العمق الشعبي ضد المقاومة، ناهيك من محاولات أمريكية إسرائيلية مشتركة لخلق جبهة سياسية داخلية قادرة على تهميش حزب الله وعزله سياسيا.
إسرائيل لا تتردّد في استغلال أي فرصة لتوسيع حدودها حتى تحول دون إمكانية قيام دولة فلسطينية، وهو ما تقوم به عمليا في سياق حرب الإبادة والإجرام والمجازر اليومية في غزة، ولربما تكون قد نجحت فعلاً في تحقيق تلك الغاية التوسعية في ظل صمت عربي، ودعم غربي يجعلها تتصرف بناء على منطق لا يعرف الشفقة. سياسة الأرض المحروقة التي لا تترك الشجر ولا البشر، ولا يهمّ تتالي المجازر في حق المدنيين بشكل يومي أمام عالم يتابع إجراما لا مثيل له في عصر «التقدم والحضارة الإنسانية»، التي قالوا إنها تطوّرت.
يحدث كل ذلك رغم أن هذه ليست هي سياسة الولايات المتحدة، على الأقل فيما يتعلق بدعم حل الدولتين، الذي تكرّره الإدارة الأمريكية، وكذلك قضية المستوطنات، إلا أن التوسع مستمر أسبوعا بعد آخر، وتحت أنظار أمريكا والعالم بمجالسه الأمنية وهيئاته التحكيمية، ولا يوجد في واشنطن من يجرؤ على عمل شيء لوقفه. لم يحصل ذلك في عهد جو بايدن، ولن يحصل مع دونالد ترامب أيضا هذا مؤكد. الرجل الذي يتصرف بالديمقراطية في وطنه لن يساهم أبدا في الحقوق والحريات السياسية للفلسطينيين، أو لأي شخص آخر بتأكيد صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نفسها.
أغلق ترامب البعثة الفلسطينية في واشنطن، وأنهى التمويل الأمريكي لوكالة الأونروا، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو أن المستوطنات مجرد أمر عادي، ولا تشكل انتهاكا للقانون الدولي على الإطلاق. كما اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي ليست خطوة معادية للفلسطينيين بشكل مباشر، ولكنها نذير لما يخطط للقيام به في ما يتعلق بالأراضي المحتلة في الضفة الغربية. لقد نقلت إدارته السفارة الأمريكية إلى القدس، معترفة فعليا بسيادة إسرائيل على المكان بأكمله دون أن تعلن ذلك. وقد أدت هذه الخطوة إلى تدمير الفلسطينيين وتدمير دعمهم لحل الدولتين.
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة. وها هو دونالد ترامب يتمكن من ضمان فترة رئاسية أخرى، وبالتالي سيكون لتلك السياسة عواقب كارثية على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إسرائيل تعتقد فعليا بأن لديها الحق في الاعتراض على القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة داخل المنطقة. إذن، في ما لو قيض لسياسة ترامب أن تتكرس من جديد، ستصبح إسرائيل بالفعل هي المفوضة بها والمسؤولة عنها، بما يعني استمرار الصراع الذي تشعل نيرانه قوة عسكرية لطالما كانت هي المبادرة بالعدوان.
ظهرت اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، وهي شكل خيالي من أشكال السلام كان المقصود منه، على الأقل بالنسبة لبنيامين نتنياهو وترامب، الالتفاف على الفلسطينيين وتركهم بلا دولة. وكانت التداعيات شعورا فلسطينيا عاما بالتخلي. وبالنسبة لحماس، غضبا من احتمالية صفقات التطبيع المستقبلية. دفعت إسرائيل ثمن هذا الغضب في السابع من أكتوبر. ويدفع الفلسطينيون ثمن رد فعل إسرائيل.
صحيح أن الحرب لم تبدأ في عهد ترامب. لقد أشعل النار فقط حتى «اشتعل المبنى بالكامل» تحت إشراف شخص آخر ليس بريئا. حان الوقت لكي يحدد المستوى السياسي خطة إنهاء الحرب في غزة وفي الشمال «قبل أن نغرق في الوحل» كما جاء في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أيضا. رئيس الموساد ديدي برنيع يصرّ على ضرورة ربط الساحات. وفي كلا الساحتين صُوّر انتصار جزئي لاسترضاء قاعدة كل طرف، من القضاء على السنوار، إلى أوهام رفع العلم الإسرائيلي على أنقاض عيتا الشعب. الآن بعد كل هذا، كل شيء في أيدي المستوى السياسي.
أمريكا التي تدعم إسرائيل في أعمالها العدوانية وإجرامها المطلق، تشير إخفاقاتها في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا والعديد من البلدان الأخرى، إلى أنها ستلقى مع كيانها الصهيوني المصير نفسه في غزة وفي لبنان.
وهي دلائل تاريخية على إخفاقات الولايات المتحدة المخزية، وتكاليف التدخل الخارجي وعقدة التوسع الامبراطوري. وسيكون لهذه الحروب في الشرق الأوسط انعكاسات كبرى على النظام الدولي المترنح، هذا «النظام الدولي القائم على قواعد» الذي انتهى في نظر بكين وموسكو تحديدا، بعد أن أصبح مكشوفا حجم الانتهازية والمعايير المزدوجة المتبعة من قبل القائمين عليه.
وكيف أنّ المصالح والرغبة في تواصل النفوذ هو ما ينطبق على استراتيجية واشنطن في المنطقة، وفي غيرها من مناطق العالم. لعبة القواعد وتغيير الأنظمة التي مارستها واشنطن مع حفنة من البلدان الأوروبية لن تقودهم إلى أي مكان بعد الآن. وهو ما يعني تمسك الدول العظمى الصاعدة بإعادة توزيع القوة الاستراتيجية، وهي دول تدعو في كل مرة واشنطن وحلف الناتو إلى الاستماع جيدا إلى الصوت العادل للمجتمع الدولي. والتوقف عن التحريض على المواجهة والتنافس، وأن يساهموا بشكل حقيقي في السلام والاستقرار في العالم. وبالتالي تدارك سقوط الضمائر وتهاوي المفاهيم الحقوقية لعالم تعرّى إنسانيا وأخلاقيا أمام اختبار الحق الفلسطيني وحجم الجرائم ضد الإنسانية.
القدس العربي