بوابة الوفد:
2024-10-07@03:02:18 GMT

حالة خاصة

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

الدراما السيكولوجية هى أحد الأنواع الادبية والفنية التى تتناول الصراع والشخصيات من منظور المدارس النقدية المتصلة بالجانب النفسى بداية من مدرسة «سيجموند فرويد» عن الذات والأنا والأنا العليا وأيضًا قضية عقدة أوديب أو حب الابن لأمه وغيرته من أبيه بالإضافة إلى موضوع الأحلام وكيف تشكل مع الرمز المخزون الطبيعى للاوعى وذلك الجانب الخفى والمظلم من النفس البشرية، مرورًا بمدارس أدلر عن عقدة النقص ومدرسة كارل يونج عن الضمير الجمعى والرموز الإنسانية الضاربة فى جذور البشرية حتى تصل إلى لاكان ومدرسته الحديثة عن مراحل التطور البشرى أو ما يسمى مراحل المرآة.

... وكم من الأعمال الأدبية والفنية قديمًا وحديثًا تناولت الجوانب النفسية فى الطرح الإبداعى كما فى «السراب» لنجيب محفوظ و«لا أنام» لإحسان عبدالقدوس و«بئر الحرمان».. وتطورت الأساليب الفنية مع تغير المفاهيم حيال العديد من الأمراض النفسية مثل التأخر العقلى وذوى الهمم وأيضا التوحد باعتباره مرضًا مقابلًا لفرط الحركة وما يسمى بالأمراض النفسية المتصلة بالجينات الخلقية وليس بالتحليل النفسى والتكوين الوجدانى وعقد النقص أو الخوف أو الغيرة أو تراكمات حية من تجارب بشرية سابقة.. وقد تعرض مسلسل خلى بالك من زيزى.. لقضية فرط الحركة أو عدم التركيز.. والآن يعرض مسلسل حالة خاصة.. تأليف «مهاب طارق» وإخراج «عبدالعزيز النجار» وهو وإن كان اقتباسًا من المسلسل الشهير «الطبيب الجيد» أو المسلسل الكورى «المحامية الاستثنائية» وكلاهما تم عرضهما على منصة أجنبية شهيرة فإن الاقتباس أو التمصير قد نجح إلى حد كبير فى التعبير عن هذه الحالة الخاصة لمرض جينى وراثى يمتزج فى الجانب العقلى مع السلوك والمشاعر النفسية المختلفة والمتضاربة حيث يعد هذا المرض والذى يعانى منه العديد من البشر فى الوقت الحالى لأسباب تستدعى الدراسة ومازالت قيد البحث العلمى، فقد حاول مؤلف المسلسل أن يمصر صورة المحامية الجميلة الناجحة «أمانى النجار» أو «غادة عادل» ويقدمها كنموذج لأشهر وأكبر المحاميات فى مجال القانون الجنائى والتى تملك مكتبا حديثا وفريق عمل من المتدربين الشباب ونسى المؤلف أن المجال الجنائى فى المحاماة يحتكره الجنس الذكورى وعالم الرجال الذى لا تدخله النساء والمحاميات لاعتبارات إجتماعية متعلقة بنظرة الوكيل تجاه موكلته الأنثى فيما يخص الشق الجنائى فكيف يسلم رقبته وحياته لأمرأة؟! أيضًا حكاية المحامى الشاب «نديم» والتى تمكن من تشخيصها الفنان الشاب «طه دسوقي» كانت حكاية جميلة ولكن منقوصة لا تشمل جوانب عديدة من حياة الطفل اليتيم الذى فقد والديه صغيرًا فإذا به محامٍ بارع بعد سنوات سقطت من ذاكرة السيناريو.. وإن كانت شخصية «رام الله» هاجر السراج الفتاة السورية الجميلة التى تلاعب ثلاثة رجال فى آن واحد لتحصل على الحب والإقامة من خلال ياسر زوج رئيستها فى مكتب المحاماه أو الإقامة والزوج والوظيفة عبر تواصلها مع «خالد» نائب أمانى النجار أو الإقامة والزواج المؤقت فى صفقة سيئة السمعة مع «نديم» الذى يحبها فى صمت ولا يعرف كيف يكون الحب والزواج.. أما بقية شخصيات العمل فمعظمها ظهر دون أى عمق فنى يعبر عن التصرفات والسلوك وإن كانت شخصية «عم جميل» صاحب المكتبة والتى قدمها الفنان «نبيل على ماهر» من أجمل الشخصيات مثالية ونقاء وعطاء إلا أنها فى النهاية غير واقعية ولا تتحمل التفسير الدرامى سوى نمطية الخير فى مقابل عبثية الحياة والقدر… تكنيك المزج بين الماضى والطفولة مع الحاضر والواقع تقنية فنية أضافت بعض العمق للعمل مع تلك الموسيقى الرائعة فى الخلفية واستخدام أغنيات شهيرة لملء فراغات الحوار وتعد الأغانى والموسيقى من أقوى عناصر المسلسل الذى ظهرت أجواؤه النقية الأنيقة جدًا بالتوازى مع حالة الشاب نديم المتوحد مع ذاته وهو يجاهد ليخرج من شرنقة الذات إلى خضم الصخب والتنافس والغيرة والحب فى حياة فرضت عليه وعلينا.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حالة خاصة النفس البشرية

إقرأ أيضاً:

المعضلات النفسية والاجتماعية في السودان: جذور الصراع وافاق الحلول

المشكلة السودانية التاريخية، التي تتجاوز الأزمات السياسية المباشرة أو الصراعات المسلحة، يمكن فهمها بشكل أعمق إذا نظرنا إليها من خلال الأبعاد النفسية الجماعية والاجتماعية. هذه الأبعاد تسهم في تشكيل التصورات، وتحديد أنماط السلوك، وخلق علاقات معقدة بين مكونات المجتمع السوداني، مما يؤدي إلى نشوء صراعات مزمنة وإعادة إنتاج الأزمات.

1. البعد النفسي الجماعي:

يُمكن تفسير المشكل السوداني جزئيًا من خلال ما يُعرف بعلم النفس الجماعي (Collective Psychology)، حيث أن الجماعات الإثنية والقبلية في السودان تحمل في طياتها مظاهر نفسية تراكمت عبر الأجيال بفعل التاريخ الطويل من التهميش، الصراعات، والاستغلال. هذه المظاهر النفسية تشمل:

الذاكرة الجمعية المتألمة: مثل الشعور بالمظلومية التاريخية لدى الجماعات المهمشة، حيث يتوارث الأفراد الشعور بعدم العدالة والاضطهاد، مما يُعزز من توجههم نحو العزلة أو حتى التمرد على النظام القائم.

الشعور بالدونية أو التفوق: نشأت بعض الفئات في السودان على فكرة تفوقها الإثني أو العرقي، مما أدى إلى ترسيخ الشعور بالتمايز وهو شعور تعويضي اكثر منه شعور طبيعي وله مصداقية في الواقع وانما هو الية بقاء و توازن علي سبيل تحويل عقد النقص الي عقد تفوق كحيلة دفاعية ، سواء في المناطق التي شهدت تجارة الرقيق أو في العلاقة بين المركز والأطراف، وبالتالي تأسيس علاقات هيمنة وخضوع متبادلة.

الشعور بالعجز والإحباط الجماعي: العجز الذي تعانيه بعض الجماعات في التعبير عن هويتها الثقافية أو المطالبة بحقوقها يُولد شعورًا باليأس، والذي قد يتحول إلى عدائية مفرطة، سواء تجاه السلطة المركزية أو حتى تجاه المكونات الاجتماعية الأخرى.

الصورة النمطية المتبادلة: ترسيخ الصور النمطية السلبية بين الجماعات المختلفة (مثلاً الجلابة كمستغلين، الغرابة كمتمردين، النوبة كمتمسكين بالتقاليد)، وهذا يؤدي إلى تنميط الأفراد وفق تصنيفات ضيقة يصعب معها بناء روابط اجتماعية صحية.

2. البعد الاجتماعي:

الشق الاجتماعي يتداخل مع الشق النفسي، حيث أن التكوينات الاجتماعية في السودان تتسم بعدم التجانس الواضح، مما يؤدي إلى نشوء علاقات اجتماعية متناقضة ومتداخلة. بعض مظاهر هذه المعضلات الاجتماعية:

هيكلية القبلية والعرقية: هيمنة القبلية والانتماءات العرقية في تشكيل الهوية السودانية، مما يجعل ولاء الفرد لقبيلته أو عرقه أعلى من ولائه للوطن. هذه الديناميكية الاجتماعية تؤدي إلى تجزئة المجتمع إلى وحدات مستقلة تعيش في تنافس دائم، ويُنظر إلى الآخر على أنه منافس أو خصم محتمل.

الفوارق الاقتصادية والتنموية: تعمق الفجوات التنموية بين المركز والأطراف يُساهم في تشكيل تصور اجتماعي عام بأن الدولة تخدم مصالح فئة محددة دون غيرها. وهذا يولد الإحساس بالحرمان النسبي، والذي يُعتبر من العوامل المحركة للصراعات.

التمدد الحضري والهجرة الداخلية: هجرة الأفراد من الأطراف إلى المدن الكبرى مثل الخرطوم بسبب النزاعات أو التصحر أو الفقر تُعيد تشكيل التركيبة الاجتماعية في هذه المدن، مما يؤدي إلى خلق صراعات جديدة على الموارد وفرص العمل.

تسييس الانتماءات الاجتماعية: الصراعات الاجتماعية في السودان كثيرًا ما يتم تسييسها واستغلالها من قبل النخب السياسية لتعزيز سلطتها، سواء عبر استمالة جماعات معينة أو تهميش أخرى، مما يُزيد من تعقيد الحلول الاجتماعية والسياسية الممكنة.

3. التأثيرات النفسية التاريخية:

للتاريخ السوداني الطويل في العبودية، الاستعمار، ثم السياسات المركزية القمعية، أثر نفسي عميق على التركيبة الاجتماعية والنفسية للمجتمع السوداني:

استمرار آثار العبودية: ما زال تأثير العبودية قائمًا في اللاوعي الجماعي لبعض الجماعات، حيث أن هذا الإرث خلق تباينًا اجتماعيًا وتمييزًا مبنيًا على الأصول العرقية، مما يجعل الصراعات الإثنية تستمد جزءًا من قوتها من هذه المخلفات التاريخية.

تأثير الاستعمار في إعادة تشكيل الهويات: الاستعمار البريطاني فرض أنماطًا من الحكم تعتمد على التفرقة بين الأعراق، مما أدى إلى تعميق الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة.

الأنظمة العسكرية الشمولية: الأنظمة العسكرية، خاصة خلال فترة نظام الإنقاذ (1989-2019)، أسست لانقسامات نفسية جماعية عبر التلاعب بالدين، والقيم الثقافية، والانتماءات القبلية. هذا التلاعب ساهم في خلق شعور بالعداء المتبادل، وعدم الثقة بين السودانيين أنفسهم.

4. نتائج هذه المعضلات النفسية والاجتماعية:

إن التداخل بين العوامل النفسية الجماعية والاجتماعية أدى إلى خلق حلقة مفرغة من الصراعات والانقسامات. فعلى سبيل المثال، المفاوضات التي تُجرى بين الأطراف المتنازعة غالبًا ما تنتهي بالفشل، لأن الأطراف المختلفة تحمل تصورات وصورًا ذهنية سلبية عن بعضها البعض، مما يجعل الوصول إلى تفاهم مشترك أمرًا صعبًا.

حتى في حالة النجاح في الوصول إلى اتفاق، يبقى هناك تردد في الالتزام به، لأن الخلفية النفسية والاجتماعية التي تشكل تصورات الأفراد والجماعات عن السلطة، والعدالة، والحق، والانتماء لا تزال مشبعة بالمفاهيم السلبية والشك المتبادل.

5. سبل الحل:

لحل المشكلة السودانية من جذورها، يجب اتباع نهج شامل يأخذ في الاعتبار العوامل النفسية والاجتماعية إلى جانب الحلول السياسية والعسكرية. من بين هذه السبل:

العمل على بناء ذاكرة جمعية إيجابية: من خلال تسليط الضوء على أوجه التكامل والتفاعل التاريخي بين الجماعات المختلفة، والسعي نحو إعادة صياغة تاريخ مشترك يُبرز المساهمات المتبادلة.

إصلاح النظام التعليمي والإعلامي: لمحو الصور النمطية السلبية، وبناء جيل جديد يُدرك أن التعددية هي مصدر قوة وليس ضعفًا.

برامج المصالحة المجتمعية: تنظيم برامج للمصالحة تشمل حوارات مجتمعية تهدف إلى معالجة الجروح النفسية المتوارثة، وإعادة بناء الثقة بين الجماعات.

التنمية المتوازنة: الاستثمار في المناطق المهمشة اقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، للقضاء على الشعور بالحرمان والتمييز.

إن النظر إلى المشكلة السودانية من زاوية المعضلات النفسية والاجتماعية يُمكننا من فهم أعمق للتعقيدات التي تواجه هذا البلد. فالقضية ليست فقط صراعًا على السلطة أو موارد، بل هي صراع على الهوية، والانتماء، والمظلومية. الحلول الناجعة يجب أن تعالج جذور هذه المعضلات، لا أن تكتفي بإبرام اتفاقات سياسية قد تنهار في أي لحظة بسبب هشاشة الأسس النفسية والاجتماعية التي تقوم عليها.

hishamosman315@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • بدور جديد.. هند صبري تتعاقد علي مسلسل من 10 حلقات
  • احذر .. استخدام الهاتف المحمول يؤثر على صحة طفلك النفسية
  • مبلغ مالي يُنهي حياة شاب بمدينة السلام
  • أجواء باردة وتراجع للحرارة.. الأرصاد تعلن حالة الطقس وتحذير للمواطنين
  • انطلاق فعاليات مبادرة «أنا من بلد الشهيد» بمركز شباب باسوس بالقناطر الخيرية
  • مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية تنظّم النسخة الثالثة من مؤتمر الصحة النفسية
  • «رأفت الهجان» أسطورة لن تتكرر
  • انتحار القيم
  • المعضلات النفسية والاجتماعية في السودان: جذور الصراع وافاق الحلول
  • النجار : شخصية الاتحاد تتكرر أين شخصية المدرب .. فيديو