مارست الدولة الاستبدادية العربية قهرا وعسفا وقمعا لا مثيل له في التاريخ على الشعوب والمجتمعات في العالم العربي، وأظهرت نفسها وكأنها دولة راعية للاستقرار والأمن والأمان، ولكن كانت تعاني عجزا بنيويا مخفيا وراء الأمن والأمان؛ بسبب أنها لم تكن تمسك المجتمعات العربية بالرخاء الاقتصادي ولا بالتماسك القانوني ولا بالنجاعة الديمقراطية، وإنما كانت تمسك هذه المجتمعات عبر سلك الأمن والمخابرات والشرطة، لذلك عندما بدأت ثورات الربيع العربي بالظهور في العالم العربي ارتجف الحاكم العربي الطاغية وارتعد خوفا وهلعا من اهتزاز كرسيه وصولا إلى سقوط نظامه.



كانت الدولة الاستبدادية العربية قبل انطلاق ثورات الربيع العربي تبدو مستقرة أو أنها كانت تُظهر أن نظامها مستقر، وكان هذا في الحقيقة استقرارا مخاتلا ومخادعا وموهوما لأنّ البنى المجتمعية كانت في حالة جمود وركود كبيرين، وكانت الثقافات الفرعية الإثنية والدينية والطائفية والعشائرية مقموعة ومحرومة من التنفس الطبيعي تحت سياط القمع البوليس والأمني للنظام الاستبدادي العربي، لذلك كانت اللوحة المجتمعية تبدو مستقرة.

ولعل هذا الاستقرار الشكلي كان يفيد هذه الأنظمة لأنها كانت أنظمة فاسدة، إذ تنهب مال المجتمع ومال الشعب وتحرم الشعب من خيرات البلد. وكانت الدولة الاستبدادية تُظهر نفسها وكأنها دولة صلبة وقادرة على إدارة المجتمع وإدارة العلاقات الديبلوماسية الخارجة بكل قوة وتمكن، ولكن في الحقيقة كانت تقبض على جمر أوقف عن الاشتعال بفعل سوط القمع وسيوف القهر وأحزمة التفقير والتبئيس الشعبي العام.

لقد أظهرت هذه الدولة بعد الربيع العربي هشاشة لا نظير لها وضعفا غير مسبوق، وانهارت القوى الأمنية تحت ضغط المظاهرات الشعبية العارمة، فسرعان ما انهارت هيبة الدولة الاستبدادية، وكشفت عن قناعها الأمني، وترك الدكتاتور السلطة إما هاربا أو مسجونا أو مقتولا، وفي أفضل الحالات بقي كأنه مختار حي من أحياء العاصمة مع انهيار قوى الأمن والجيش، واحتلال البلد بجيوش دول أخرى وجلب مليشيات طائفية بهدف قتل الثوار وإفشال الثورة، كما في الحالة السورية.

إذن لم تكن الدولة قوية قبل ثورات الربيع العربي، إنما كانت تتصف بالهشاشة المبطنة التي تظهر وكأنها تتصف بالصلابة لكنها كانت في الحقيقة صلابة خاوية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الدولة الاستبدادية العالم العربي العالم العربي الاستبداد القوة الدولة الضعف سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الربیع العربی

إقرأ أيضاً:

البرلمان العربي: استضافة المملكة المباحثات الأمريكية الروسية تعكس مكانتها على المستوى العالمي

رحب رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي باستضافة المملكة المباحثات الأمريكية الروسية بشأن الأزمة الأوكرانية، مؤكدًا أن الجهود التي تقوم بها المملكة في هذا الشأن تجسد مكانتها العالمية الكبيرة، في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، – حفظهما الله.
وأعرب اليماحي، في بيان له اليوم، عن تمنياته بأن تُسفر هذه المباحثات عن التوصل إلى تفاهمات تنهي هذه الأزمة، بما ينعكس بالإيجاب على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والعالم أجمع.
وشدد رئيس البرلمان العربي على الموقف الثابت للبرلمان بشأن ضرورة التوصل إلى تسويات سياسية لجميع الصراعات والنزاعات القائمة في العالم، لتحقيق وتعزيز الأمن والاستقرار على جميع المستويات العربية والإقليمية والعالمية.

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: تهجير الفلسطينيين اعتداء على الأمن القومي العربي
  • المسند : بقى على الربيع 28 يومًا والذراعين 54
  • محلل سياسي: الآن هناك عودة لمفهوم الأمن القومي العربي (فيديو)
  • أمين العربي للكوادر الشبابية: الموقف المصري من قضايا الأمة العربية ثابت وراسخ
  • رئيس لجنة العلاقات السعودية الأمريكية: مصر والمملكة جناحا الأمن القومي العربي
  • محلل سياسي: نحتاج إلى عودة مفهوم الأمن القومي العربي
  • خبير: سياسة مصر ثابتة تعمل على حفظ الاستقرار والأمن ووحدة الصف العربي
  • المرهوبي: الاتحاد العربي للأسمدة قوة دافعة ومحورية لدعم الصناعة بالمنطقة
  • انطلاق مهرجان الربيع السابع في السليمانية بمشاركة محلية ودولية واسعة.. صور
  • البرلمان العربي: استضافة المملكة المباحثات الأمريكية الروسية تعكس مكانتها على المستوى العالمي