لنا أن نتصور حجم الدعاية التي حصلنا عليها لمصر بالمجان، وهو مكسب إعلامي وسياحي ضخم انعكس على حجم السياحة إلى مصر بعد هذه الدعاية الضخمة والذي ظهر في عدد الحجوزات السياحية»

تصورت أن توت عنخ آمون ذلك الفرعون الصغير ما زال حيا يرزق، فما سر هذا الهوس الإعلامي والتاريخي والعلمي بهذا الفرعون الذهبي الصغير؟ فلم أكن أتصور للحظة واحدة كل هذا الاهتمام الهائل من جانب وسائل الإعلام بمؤتمر صحفي مهما كان موضوعه مثلما شاهدت، حينما دعوت لمؤتمر صحفي في المتحف المصري لإعلان نتائج الاكتشافات الخاصة بعائلة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.

امتلأت ساحة المتحف المصري المقابلة للمدخل الرئيسي بكاميرات التليفزيونات العالمية ومندوبي وكالات الأنباء، والجميع ينقل وقائع المؤتمر على الهواء مباشرة إلى كل دول العالم. وفى الليلة السابقة للمؤتمر كنت ضيفًا على برامج تليفزيونية يقدمها مشاهير الإعلاميين، أحدها كانت تنقل مباشرة إلى أمريكا، وأخرى تنقل على الهواء مباشرة إلى العالم كله.

ولا أتذكر عدد الأحاديث والمقابلات التليفزيونية التي أجريتها مع أكثر من ٢٥ محطة تليفزيونية مختلفة، هذا الاهتمام هو بالطبع دليل على سحر الحضارة المصرية القديمة واهتمام العالم كله بالفرعون الذهبي الصغير الذي لاتزال حياته ووفاته سرا من أسرار هذه الحضارة العظيمة.

ولقد جاءت عدة اكتشافات لتلقى مزيدا من الضوء على حياة وعائلة الفرعون الصغير "توت".. وكذلك لتنفى عددًا كبيرًا من نظريات لباحثين وعلماء جاءوا بأكثر من سبب لوفاة الملك "توت" في هذا السن الصغيرة حوالي ثمانية عشر عامًا، ومنها ما ادعى أن الملك الصغير قد اغتيل، كذلك جاءت تلك الاكتشافات لتبين لنا وبشكل قاطع من هي عائلة الملك توت؟

وكان السؤال الدائم لمعلقي البرامج التليفزيونية والإذاعية هو لماذا توت عنخ آمون بالذات؟ وكان الرد بالطبع لأن الملك "توت" يعرفه الصغير والكبير فى كل العالم، ولو سُئل طفل صغير لم يبلغ من العمر ثماني سنوات عما يعرفه عن مصر لقال على الفور "توت عنخ آمون" أو الفرعون الذهبي.

لنا أن نتصور حجم الدعاية التي حصلنا عليها لمصر بالمجان، وهو مكسب إعلامي وسياحي ضخم انعكس على حجم السياحة إلى مصر بعد هذه الدعاية الضخمة والذي ظهر في عدد الحجوزات السياحية، وقد أخبرني كل الإعلاميين والمعلقين على البرامج التليفزيونية والإذاعية برغبتهم في المجيء إلى مصر لكي يشاهدوا هذه الاكتشافات العظيمة التي هزت العالم كله.

وبعيدا عن مكاسب هذه الدعاية الضخمة فقد حدثت أشياء أخرى، بعضها يدعو إلى الأسف وبعضها يثير الضحك، فقد حدثني أحد أساتذة الآثار قائلًا إن أحد الأشخاص يقول في كل مكان أنه أول من قام بدراسة المومياوات باستخدام تقنية الحمض النووي. ولم أجد أمامي غير الضحك لأن المشروع المصري لدراسة المومياوات والذي أشرف برئاسته هو أول من استخدم تحليل الحمض النووي بمصر فقط لدراسة المومياوات.

وقلت لعالم الآثار المصري إنني أتوقع بعد هذا الاهتمام العالمي الكبير بما حققناه من اكتشافات أن يظهر طابور أعداء النجاح وبعض مجانين الشهرة في محاولة لحشر أنوفهم فيما آلت إليه أبحاثنا، ويأتي النشر العلمي متوجًا لما قمنا به من عمل وجهد على مدار أكثر من عامين، وقد قبل البحث العلمي الذي تقدمنا به للنشر من خلال مجلة جاما العلمية بعد أن راجعه نخبة من العلماء المعروفين على المستوى العالمي.

ولقد كان من المغالطات التي سمعناها هو القول بأن نتائج الـ DNA مؤكدة بنسبة ٤٠٪ فقط، وهذا بالطبع غير صحيح، فإن نتائج تحليل الحمض النووي في حال اتخاذ كل الاحتياطات العلمية تثبت بنسبة مائة في المائة.

فعن طريق الـ DNA عثرنا على مومياء الملكة "تي" وهي مومياء موجودة داخل المقبرة ٣٥ بوادي الملوك، وكان بعض العلماء قد قاموا بأخذ عينة من الشعر الذي عثر عليه هيوارد كارتر داخل مقبرة توت عنخ آمون في صندوق كُتب عليه اسم الملكة "تي"، وتم تحليل الشعر ومقارنته بشعر هذه المومياء، واتضح التشابه الكبير بينهما، ثم جاء تحليل الحمض النووي ليؤكد أن هذه المومياء هي خاصة بالملكة "تي". إنني أدعو من قلبي إله الشر "ست" أن يصمت هذه المرة!.

سر الهوس الإعلامي والتاريخي والعلمي بالملك الصغير

زاهي حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين. له مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال.. يكتب مقاله الثالث على التوالى ليبهرنا بعالم الفرعون الذهبى توت عنخ آمون.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدكتور زاهي حواس الفرعون الصغير الفرعون الذهبي توت المتحف المصري الأثاريين المصريين الفرعون الذهبی الحمض النووی توت عنخ آمون

إقرأ أيضاً:

وريقات خالد حواس في الأوبرا

تحت عنوان "وريقات " تستضيف دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، معرض الفنان خالد حواس ويفتتح في السادسة مساء الأحد ٩ فبراير بقاعة صلاح طاهر للفنون التشكيلية، ويستمر حتى الأحد  ١٦ فبراير . 
يضم المعرض ٦٦ عمل فنى ما بين لوحات منفذة بالفحم والوان الباستيل ومجسم ( بابيه ماشيه) ، تتناول رؤية فنية لتناثر قصاصات الأوراق كأحلام غير مكتوبة تبحث عن مستقر قبل أن تهبط ممزقة ومجعدة لكن رحلتها لا تنتهي إذ يعيدها الفنان إلى الحياة في مجسمات خزفية وصخرية مفعمة بالألوان والتفاصيل الذهبية ، وخلالها تمتزج الحرفية بالخيال، حيث تتحول المادة الخام إلى تحف نابضة بالفن والجمال لتعكس شغف الإبداع وسحر التحول.

يذكر أن الفنان خالد حواس من مواليد زيوريخ سويسرا ١٩٥٩م، تخرج فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم الديكور - شعبة العمارة الداخلية، حصل على الدكتوراة من كلية الفنون الجميله ، عضو نقابة الفنانين التشكيليين ، شارك فى العديد من المعارض الجماعية المحلية والخارجية منها معرض الديكور فن اليوم بمركز الهناجر للفنون بدار الاوبرا، وحصل على العديد من الجوائز .

أنشطة دار الأوبرا


دار الأوبرا المصرية، أو الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي، افتتحت في عام 1988 وتقع في مبناها الجديد والذي شُيد بمنحة من الحكومة اليابانية لنظيرتها المصرية بأرض الجزيرة بالقاهرة وقد بنيت الدار على الطراز الإسلامي.

ويعتبر هذا الصرح الثقافي الكبير، الذي افتتح يوم 10 أكتوبر عام 1988هو البديل عن دار الأوبرا الخديوية، التي بناها الخديوي إسماعيل العام 1869، واحترقت في 28 أكتوبر العام 1971 بعد أن ظلت منارة ثقافية لمدة 102 عاما.

ويرجع تاريخ بناء دار الأوبرا القديمة إلى فترة الازدهار التي شهدها عصر الخديوي إسماعيل في كافة المجالات، وقد أمر الخديوي إسماعيل ببناء دار الأوبرا الخديوية بحي الأزبكية بوسط القاهرة بمناسبة افتتاح قناة السويس، حيث اعتزم أن يدعو إليه عدداً كبيراً من ملوك وملكات أوروبا.

وتم بناء الأوبرا خلال ستة أشهر فقط بعد أن وضع تصميمها المهندسان الإيطاليان أفوسكانى وروس، وكانت رغبة الخديوي إسماعيل متجهة نحو أوبرا مصرية يفتتح بها دار الأوبرا الخديوية، وهي أوبرا عايدة وقد وضع موسيقاها الموسيقار الإيطالي فيردي لكن الظروف حالت دون تقديمها في وقت افتتاح الحفل.

وفقدمت أوبرا ريجوليتو في الافتتاح الرسمي، الذي حضره الخديوي إسماعيل والإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث وملك النمسا وولى عهد بروسيا.

وكانت أتت الأوبرا كأحد مظاهر جمع الفنون السبعة، حيث يمكن العودة لتقديم أحمد بيومي في القاموس الموسيقي «الأوبرا» لملاحظة ما يخص تعاون وجمع الفنون فيها: [ أوبرا: الأوبرا عمل مسرحي غنائي Opera\it.Eng).(Opéra\Fr)). مؤلّف درامي غنائي متكامل يعتمد على الموسيقى والغناء، يؤدى الحوار بالغناء بطبقاته ومجموعاته المختلفة، موضوعها وألحانها تتفق وذوق وعادات العصر التي كتبت فيه وتشمل الأوبرا على الشعر والموسيقى والغناء والباليه والديكور والفنون التشكيلية والتمثيل الصامت والمزج بينها. كما تشمل أغانيها على الفرديات والثنائيات والثلاثيات والإلقاء المنغم (Recitativo)… والغناء الجماعي (الكورال) وبمصاحبة الأوركسترا الكاملة.

مقالات مشابهة

  • صلاح.. ملك الإنسانية.. من أرضية الملعب إلى ميادين الأخلاق.. «أبو مكة» يلهم العالم بأفعاله وإنجازاته.. الفرعون المصري أيقونة كروية تتجاوز المستطيل الأخضر.. «مو» سفير الخير وقوة مصر الناعمة في أوروبا
  • وريقات خالد حواس في الأوبرا
  • عدنان الروسان يكتب .. المشهد برد الروح
  • في حضرةِ سبأ: قراءة تاريخيّة في جذورِ الأزمة اليمنيّة المعاصرة (1-2)
  • ركله هازارد قبل 12 عاما.. جامع الكرات الصغير يصبح مليونيرا
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم الحلقة 3
  • رابطةُ العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة أوربرو بمملكة السويد
  • زاهي حواس يسلم جوائز النحت بحفل جوائز الفنون في دورته السادسة 2025
  • زاهي حواس يسلم جوائز النحت بحفل مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون
  • الصغير: أنا مستغرب جداً من البيانات المتتابعة للبعثة الأممية خلال 72 ساعة