بريطانيا ... وإحياء مشاريع انفصالية في اليمن !
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
لم تكن مواليد عدوان 26مارس 1915م , ولا عدوان اليوم الانجلو – امريكي 2024م , إنها مشاريع انفصالية قديمة مؤجلة تسعى اليوم بريطانيا وامريكا إلى إحياءها لتمزيق اليمن الموحد إلى دويلات وكيانات خدمة لأهدافها ومصالحها والتي بدأت بوادرها تظهر بقيام مطار المخا بدعم اماراتي وانشاء مجلس حضرموت الوطني برعاية سعودية .
-اخطر الاحداث
كانت السنوات (1918- 1925م) من أهم وأخطر ما مر على اليمن في تاريخها الحديث , وذلك بسبب جسامة الحوادث التي تعرضت لها , فالأخطار المحدقة بها كانت عظيمة والقوى المتربصة لها كانت كبيرة , ومعاول الهدم لكيانها كانت حادة , ومقصات التجزئة كانت مشحوذة .
والباحثون عن الزعامة كانوا أكثر ولو أراد مراقب منصف أن يرسم صورة لما كان يدور حول اليمن , لا يرسم إلا صورة لفريسة تناوشها وحوش الفلاة من كل صوب وحدب , الإدريسي حليف الانجليز يتخطف تهامة اليمن بمعونة ضخمة ممن يوجهون حركته , فما كان قتاله إلا لمنفعة حلفائه من البريطانيين الذين سعوا ايضا إلى ايجاد دولة ساحلية في تهامة تخدم اهدافهم ومصالحهم في المنطقة , وتأمن خطوط تجارتهم البحرية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب .
-دولة ساحلية
حيث يتضح من الوثائق البريطانية آنذاك – والتي نراها اليوم تتجلى فيما يخص المخا منذ احتلاله عام 1917م - أن السياسة البريطانية كانت تحاول خداع حكومة صنعاء بشأن الحديدة بعد احتلالها في ديسمبر 1918م , بعد أن تذرعت بريطانيا باستسلام القوات العثمانية غير الكامل في اليمن.
وخلال عام 1920م نشط الضباط البريطانيون , للالتفاف على مطالب حكومة صنعاء الخاصة بالحديدة , فأوعزوا إلى بعض أعيان الحديدة رفع الاسترحامات والاستعطافات والالتماس والتي كانت مملاة من قبل الضباط البريطانيين وبواسطة الحاكم السياسي في الحديدة الميجر ميك إلى لجنة الأمم ( عصبة الأمم ) التي ستنعقد في باريس في مؤتمر الصلح فرساي , يعبرون فيها عن مطالبهم تمشيا مع القاعدة المنشأة بين الدول في حق تقرير المصير .
ويستشف من الوثائق البريطانية ايضا بخصوص الوثيقتين التي رفعها بعض اعيان وتجار الحديدة لمؤتمر الصلح المنعقد في باريس بعد الحرب العالمية الأولى أن بريطانيا قد خطت خطوة متقدمة تجاه الحديدة وسهل تهامة بإقامة دولة ساحلية نظرا لأهمية الساحل في تأمين خطوط مواصلاتها البحرية إلى الهند والعمل على الضغط على حكومة صنعاء للاعتراف بمعاهدة الانجلو - عثمانية الموقعة عام 1914م بخصوص الاعتراف بالحدود بين عدن وشمال اليمن .
حيث اعتبر ترسيم الحدود بين المحتل البريطاني لجنوب اليمن والمحتل العثماني لشماله في عام 1914م. إعلان لتقسيم اليمن الطبيعية إلى شمال وجنوب والموحدة وهذا أول مشروع انفصال سعت بريطانيا لتحقيقه وهذا ما رفضته صنعاء معتبره ان ذلك الترسيم غير قانوني باعتبار بريطانيا والعثمانيين محتلين لليمن .
وحين القاء نظره على خارطة تلك التقسيم فقد سعى كل طرف ان يستولى على اكبر قدر ممكن من الاراضي العامة استراتيجيا تمسك بريطانيا بجزيرة ميون ومضيق باب المندب ومنطقة جبل الشيخ سعيد المطل والمشرف على جزيرة ميون من الساحل اليمني .
-ترسيم الحدود
وقد حددت بريطانيا حدود تلك الدولة الساحلية , فمن خلال زيارة ( باريت ) المقيم السياسي في عدن إلى الحديدة والتي حمل رسالة من أعيان الحديدة تتصل بمستقبل حكومة المدينة في حال انسحاب القوات البريطانية منها فالرسالة تتضمن بأن التجار في الحديدة يرغبون في إنشاء مملكة تضم متصرفية الحديدة بحدودها التي تمتد من أبي عريش من المنطقة التي يسيطر عليها الإدريسي في الشمال إلى زبيد التابعة لحكومة صنعاء وتشمل ايضا تلك الدولة باجل و جبل ريمة وملحقاته وجبل برع في الشرق .
ولتدعيم حجة بريطانيا في عدم إقدامها على احتلال الحديدة إلا حماية لسكانها والنزول عند رغبتهم في تقرير مصيرهم وما سوف يصدر عن ذلك من خلال انعقاد مؤتمر الصلح بباريس , فقد قبلت بريطانيا من شيخ مشايخ ريمة محمد أمين رسالته التي يطلب حمايته وقبيلته التي تزيد تعدادها عن مائة ألف .
ولعل القادة البريطانيين في عدن والحديدة يشيرون إلى رغبة التجار في الحديدة في إنشاء مملكة تكون ريمة أحد ملحقاتها .
-فشل المشروع
كذلك سعت بريطانيا ايضا في انشاء الدولة الساحلية في تهامة عام 1920 م, إلى جعلها دولة عازلة تفصل صنعاء عن الساحل كدولة حبيسه قد تتآكل وتنتهي وتجزئ مع مرور الوقت ويصبح قرارها السياسي مرهون بيد بريطانيا المسيطرة على المنافذ والموانئ البحرية في عدن والحديدة والتي اوجدت منهم كيانات ضعيفة وهزيلة ومستقلة عن الوطن الأم مما يسهل ادارتها سياسيا واقتصاديا وعسكريا والتدخل في شؤونها الداخلية عبر معاهدات صداقة وحماية واستشارة يسمح لبريطانيا .
لكن مشروع تلك الدولة الساحلية انهار بقيام صنعاء بعمليات عسكرية طيلت سبع سنوات قادت عام 1925م , إلى تحرير ساحل تهامة و ميناء الحديدة حتي ميدي ومن ثم الزحف نحو عسير معقل الكيان الادريسي المتحالف مع بريطانيا لاستعادة عسير إلى الوطن الأم .
واليوم نجد ان ذلك المشروع الانفصالي قبل مائة عام بإنشاء دولة ساحلية في تهامة تحاول بريطانيا إحياءه من جديد عبر ادواتها أولا بعدوان 2015م , واليوم عبر عدوانها الانجلو- امريكي والتي تزامن مع إنشاء مطار ميناء المخا والذي يشكل جرس انذار مبكر لذلك المشروع الانفصالي الاستعماري القديم .
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: حکومة صنعاء
إقرأ أيضاً:
أمنيات أمريكا لا تتحقق في اليمن
يمانيون../
“استئناف العدوان الأمريكي على اليمن مغامرة مفرطة في الواقع اليمني غير القابل للكسر”، في نظر الكاتب الروسي فيتالي أورلوف.
وقال في مقال تحليلي بعنوان “تدمير قدرات قوات صنعاء أمنيات أمريكية؟”، في صحيفة “سفبودنيا بريسا الروسية: “إن تصنيف الإعلام الغربي اليمنيين بالإرهاب يخفي فشلاً حقيقياً بعد أن باتوا يفرضون معادلات القوة على قوى التحالف الغربي، ويسيطرون على أهم بوابات التجارة العالمية في البحر الأحمر”.
وأضاف متسائلاً بلهجة ساخرة، واصفاً ترامب كمن يلهو بلعبة فيديو، لا سياسي إدارة جيو-سياسية واقعية: “كيف يمكن أن تُهزم قوة لم تتمكن تحالفات عربية وغربية من كسرها في حروب عدوانية على مدى عشر سنوات!؟ وكيف يقنع الإعلام جمهوره بأن مجرد ضربات جوية عشوائية كفيلة بإسقاط قوة مثل قوة صنعاء!؟”.
الحقيقة المؤكدة في نظر أورلوف، التي تحاول ماكنات الإعلام الغربي طمسها، هي أن اليمنيين لم يكونوا يوما وكلاء لإيران، أو أي دولة أخرى، بل واقع يمني صلب، قائم بذاته، ومقاوم بشراسة، واليمن لم يطلب الدعم من أحد، وبات اليوم يقدّم الدعم للآخرين.
والأمر المحسوم، في خلاصة كلامه بلغته الحادة: “إن من يراهن على انتهاء قدرات القوات اليمنية في صنعاء فهو يبني حساباته على أمانٍ إعلامية، لا على معطيات ميدانية”.
مؤشر الانحدار
وكان موقع “سوهو” الصيني قد أكد، يوم الأربعاء، فشل العدوان الأمريكي على اليمن في تحقيق أي نتائج ملموسة، رغم الإنفاق العسكري الضخم الذي تجاوز المليارات من الدولارات، والذي خُصص لإطلاق مئات الصواريخ.
وقال: “إن صمود اليمن أمام العدوان الأمريكي بات مؤشراً لانحدار الهيمنة الأمريكية، وتحول دورها إلى مُجَـرد مموّل وموجه عن بُعد في ساحة حرب تتطلَّب تواجدا فعليا لا قتالا بالوكالة”، في تلويح باعتزامِ واشنطن تحريكَ أدواتها في اليمن لخوض معركة برية نيابةً عنها مع قوات صنعاء.
وأضاف: “انتصارات اليمنيين في المواجهات البرية ضد تحالفات العدوان الأمريكي – السعودي – الإماراتي، ومليشيات المرتزقة المحليين، وتكبيدهم خسائر فادحة، جعل نظام الرياض أُضحوكة أمام العالم”.
.. ورثاء عصر الهيمنة
ونشرت مِنصة “باى جيا هاو” الصينية تقريرا، أكد تعرّض حاملة الطائرات الأمريكية “كارل فينسون” لهجوم صاروخي من قِبل قوات صنعاء في اليوم الأول من دخولها خط المواجهة البحرية، معتبرة الهجوم على “فينسون” بمثابة رثاء لعصر الهيمنة الأحادية القطبية.
وأشارت إلى أن الهجوم خلف أضراراً كبيرة في سطح الحاملة “كارل فينسون”.. واصفة العمليات اليمنية في البحر الأحمر بـ”حرب استخباراتية مفاجئة”، وذلك بتمكّن قوات صنعاء من الحصول على معلومات دقيقة عن تحرّكات الأساطيل الحربية الأمريكية.
وتواصل القوات المسلحة اليمنية استهداف الحاملات الأمريكية “هاري تورمان” و”كارل فينسون”، في المواجهات البحرية في البحرين الأحمر والعربي في إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس” المساندة لغزة، في ظل استمرار العدوان الأمريكي على اليمن، مُنذ 15 مارس الفائت، على المحافظات الحُرة التابعة لحكومة صنعاء، الذي خلَّف حتى الآن حصيلة دموية تجاوزت 235 شهيدا و500 جريح من المدنيين، من خلال غارات جوية؛ انتقاما من موقف اليمن المساند لمقاومة غزة.
السياســـية – صادق سريع