بالرغم من الجهود العديدة والمتواصلة تقريبا من أجل التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين والفلسطينيين ووقف القتال في غزة بشكل مؤقت قد يتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار، إذا تم التغلب على المشكلات القائمة، فإن هناك ممن يظنون أن الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بات أقرب إلى التوقف الفعلي أكثر من ذي قبل، وأن اجتياح مدينة رفح قد يشكل الخطوة الأخيرة في هذا الاتجاه، خاصة مع إصرار وتمسك نتانياهو بضرورة القيام بهذه الخطوة المغامرة، التي تتسم بالكثير من الخطورة على الأوضاع وعلى مستقبل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

ومع الوضع في الاعتبار أن العديد من الدول في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وفي المنطقة وخارجها وكذلك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى قد حذرت من كارثة إنسانية ستسببها العمليات العسكرية التي باتت أقرب إلى الحدوث عندما يتم استكمال الاستعدادات الإسرائيلية للقيام بها، وهي استعدادات تحاول إسرائيل بكل السبل التقليل من المخاطر المترتبة عليها وطرح أفكار للحد من المخاوف المرتبطة بها مثل ضمان عبور آمن للمدنيين من رفح عبر ممر آمن، وإمكانية ترحيل المدنيين الفلسطينيين إلى منطقة شمال غزة، غير أن الواقع الجغرافي الخانق في رفح وعدم وجود مخارج أو سبل يمكن اللجوء إليها من ناحية والاكتظاظ السكاني الكبير إذ يتكدس في رفح الآن نحو مليون ونصف المليون فلسطيني بعد أن كان عدد سكان رفح نحو ثلاثمائة ألف نسمة قبل السابع من أكتوبر الماضي من ناحية ثانية، هذا فضلا عن التعقيدات والمخاطر العسكرية والسياسية المصاحبة لعملية الاجتياح وما سيصاحبها على الأرجح من تجاوزات ترتبط بأطماع ووقاحة إسرائيلية ستعمل إسرائيل على تبريرها بشكل ما للحد من الآثار التي قد تترتب عليها والتي ستتوقف إلى حد كبير على رد الفعل المصري الذي لم يدع مجالا للشك في رفض ما صدر من تصريحات إسرائيلية حول ممر فيلادلفيا وأطماع إسرائيل في السيطرة عليه بمزاعم رفضتها وسترفضها القاهرة، وهذه هي العقدة الأساسية الصعبة والخطرة في ضوء تمسك مصر بكل حبة رمل من ترابها الوطني وإدراكها للحيل والأطماع الإسرائيلية وتضحياتها السابقة للحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.

وإذا كانت عملية اجتياح رفح وإخلائها من سكانها قبل العمليات العسكرية قد تفرض مواجهات عسكرية بين حماس والجيش الإسرائيلي بشكل أو بآخر وهو ما قد يصعب تأمينه عمليا سيظل هاجسا معلقا في أفق ما يجري على الحدود المصرية الفلسطينية وتطورها لحظة بلحظة، فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها ما يلي:

أولا، إن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تعاني في الواقع من خلافات وتقلصات بسبب رفض نتانياهو القوي والمتواصل لحل الدولتين، ففي حين يسعى بايدن إلى جعل التحرك نحوه إنجازا يحسب له كما يظن، خاصة في ظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة في نوفمبر القادم وما يطرأ من تقلبات على الساحة الأمريكية بملامحها الراهنة، وفي المقابل فإن الأمر بالنسبة لنتانياهو هو معركة بقاء سياسي حتى ولو كان ثمنه الخلاف الشديد مع بايدن الذي وقف إلى جانب إسرائيل بشكل غير مسبوق بعد هجوم حماس المفاجئ في أكتوبر الماضي ويعزز ذلك أن الموقف الأمريكي يمثل رغبة ليست قوية من جانب بايدن في إنجاز حل الدولتين الكسيح وليس قرارا استراتيجيا أمريكيا، ومن ثم فإن نتانياهو لن يضحي باليمين الإسرائيلي في الداخل الذي يعارض قطاعا كبيرا من الإسرائيليين حل الدولتين الذي أحياه بايدن على الأقل على مستوى التصريحات. يضاف إلى ذلك أن الخلاف بين نتانياهو وبايدن من شأنه أن يطيل الحياة السياسية في السلطة وهو ما يعمل نتانياهو من أجله مع محاولة الحفاظ على العلاقات مع واشنطن وبايدن أيضا وستتضح حدود التحرك الإسرائيلي في الأسابيع القادمة وما ستؤول إليه الأوضاع في مغامرة رفح التي جعل منها نتانياهو قرارا لا يمكن التراجع عنه للحفاظ على صورته السياسية الداخلية برغم أي خسائر أخرى محتملة. ويظل نتانياهو واثقا من قدرته على تحريك جماعة الضغط الأمريكية إيباك خاصة في ظروف انتخابات الرئاسة والانتخابات النصفية للكونجرس التي يحتاج فيها نواب الكونجرس مساندة إيباك لهم في ولاياتهم.

ثانيا، إن تتبع الخطاب الإسرائيلي والمبررات التي ساقها نتانياهو، ورده أيضا على الاعتراض الأمريكي لاجتياح رفح يشير بوضوح إلى أنه يجعل من اجتياح رفح قرارا مصيريا يحدد نتيجة الحرب ضد حماس، بل يتوقف عليه النصر الإسرائيلي الذي سيحدد المصير السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي حيث رفض نتانياهو وقف القتال وفي رفح أربع كتائب مسلحة فلسطينية وهي قوة قتالية مدربة جيدا، يضاف إلى ذلك أن هناك قناعة إسرائيلية بأن المحتجزين الإسرائيليين ربما يكونون في أنفاق رفح، هم وبعض القيادات الفلسطينية التي لم تستطع إسرائيل الوصول إليها بعد، وأن رفح قد تكون آخر الاحتمالات في القبض عليها وهو تحد أخير لنتانياهو الذي تعرضت خططه لإدارة الحرب في غزة إلى انتقادات كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان وغيرهم، مما أدى إلى خلافات وإلى إدخال تعديلات على تكتيكات الحرب الإسرائيلية في الأسابيع الماضية بالإضافة إلى تسريح مجموعات من جنود الاحتياط الإسرائيليين بحجج مختلفة، ومعروف أن أعدادا كبيرة من جنود الاحتياط يخضعون لعلاج نفسي بسبب آثار الحرب وأهوالها في غزة في الأشهر الأربعة الماضية، وفي ظل ظروف مدينة رفح وطبيعة ميدان القتال فإنه من المنتظر أن يكون القتال أشد شراسة واستبسالا من جانب القوات الفلسطينية للتمسك بآخر مواقع لهم في رفح وتكبيد القوات الإسرائيلية أكبر قدر من الخسائر الممكنة وبالتالي فإنها ستكون على نمط معارك غزة بخسائرها الضخمة وحجم الدمار غير العادي والذي أجبر إسرائيل على المثول أمام محكمة العدل الدولية التي أدانتها بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد القوات والمدنيين الفلسطينيين والمؤكد أن نتانياهو يثق تماما أن معركة رفح ستكون عبئا على القوات الإسرائيلية الغازية لها ولكنه يثق في الوقت ذاته بأن بايدن لن يتركه وحده وأنه سيحصل على ما يحتاجه من أسلحة ومعدات سيحتاج إليها بسبب الحرب وأن الخلافات بينهما لن تؤثر على هذا الجانب خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية وقدرة نتانياهو على توظيفها لصالح إسرائيل وضد بايدن إذا رأى في ذلك مصلحة له بشكل أو بآخر.

ثالثا، إنه بالرغم من أن مصر أكدت بوضوح على موقفها الرافض لأطماع إسرائيل في محور فيلادلفيا، ولأي تهجير قسري للفلسطينيين إلى سيناء كما اتخذت إجراءات لتعزيز أمن حدودها بما في ذلك تحريك دبابات بالقرب من الحدود، فإن الأيام الأخيرة شهدت رفضا حاسما من جانب القاهرة للمواقف والتصريحات الإسرائيلية واقترابا من إمكانية استدعاء القاهرة لسفيرها في تل أبيب، وتلويحا بإمكانية تعليق معاهدة السلام مع إسرائيل، هذا فضلا عن استخدام لغة أشد في تفنيد ورفض المطامع الإسرائيلية والتحذير من خطر اجتياح رفح الذي يمكن أن تترتب عليه «نتائج وخيمة» و»لا يحمد عقباها» على حد تعبير القاهرة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل يمكن أن تحدث مواجهة مسلحة بين مصر وإسرائيل ولو بطريق الخطأ غير المقصود؟ وماذا يمكن أن يؤدي إليه ذلك؟ وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى حرب؟ على أي حال فإنه بغض النظر عن صناع المزايدة المغرضين، فإن كلا من مصر وإسرائيل لا ترغبان في الدخول في مواجهة مسلحة وكل منهما يمر بظروف صعبة، ولعل الاتصالات والوفود المتبادلة بينهما تمكنهما من السيطرة على العمليات العسكرية في رفح، وسوف تقع على الأرجح، كما أنه من المأمول نجاح الجهود ومساعدة الأصدقاء في تجنب الأخطاء غير المقصودة أو عمليات جس النبض واختبار يقظة الطرف الآخر في اللعب بالنار على ساحة تظهر نارها من تحت الرماد خاصة وأن للحروب أحكامها وللعمليات العسكرية منطقها وتكتيكاتها وإذا وقعت حرب بين مصر وإسرائيل، بغض النظر عن الكيفية والسبب فإنه سيصعب وقفها بسرعة ليس فقط بسبب أطماع إسرائيل في ممر فيلادلفيا ورفض مصر القاطع لذلك ولكن أيضا لأن ذكرى حرب 73 تقترب ومن غير الممكن ضمان انتهاء الحرب في رفح قبل بداية شهر رمضان القادم أي بعد أقل من ثلاثين يوما. إنها مخاطر معقدة ومركبة ومخاطرها عديدة ولعل المنطقة تتجاوزها بأقل قدر من الخسائر لأن غير ذلك مدمر إلى حد غير قليل، إذا فتحت أبواب الجحيم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اجتیاح رفح یمکن أن فی رفح

إقرأ أيضاً:

مغامرة بمتحف التحرير.. تمثال يُثبت أن الخط العربي والخطوط القديمة أصولهم مصرية

طالب بسام الشماع المؤرخ والمرشد السياحي المعروف، وزارة الاثار بنقل تمثال "ناعمو" من مكانه الحالي في المتحف المصري بالتحرير إلى المدخل الرئيسي للمتحف وذلك لأهمية هذا التمثال الفائقة. 

مصدر الأبجدية في متحف التحرير 

جاء ذلك أثناء مغامرة جديدة للمرشد السياحي المعروف بسام الشماع في متحف التحرير حيث ينتقي قطع محددة بالشرح والتبسيط والتي تحمل في كل مرة جديدًا إلى القارئ وكان منها تمثال “ناعمو” والذي وصفه الشماع في تصريحات خاصة إلى الفجر أنه يضم عدد من النقوش الهامة للغاية وهي الكتابات السينائية المبكرة،  والتي وصفها بأنها مصدر الهجائية والأبجدية فى العالم.

سيناء علمت العالم الأبجدية 

وأضاف الشماع أنه تمت ترجمة النص المنقوش على التمثال، والذي يقول: "نيابة عن ناعمو، رئيس عمال المناجم مكرسا للمعبد (معبد المعبودة حتحور) من خادم المرعى" وتم اكتشافه هذا التمثال وهو من تماثيل الكتلة فى "سرابيط الخادم" بشبه جزيرة سيناء.

الكنعانيون واللغة السامية 

وفقًا للنظرية الشائعة، فإن الكنعانيين الذين تحدثوا اللغة السامية استخدموا الرموز الهيروغليفية المصرية لتكوين نص مختلف، والخط موثق في مجموعة من النقوش التي عثر عليها في سرابيط الخادم في شبه جزيرة سيناء، ويرجع تاريخها إلى العصر البرونزي الوسيط 2100 - 1500 قبل الميلاد.

وعزز الشماع نظريته بأنه تم اكتشاف نفس النقوش التي تم اكتشافها في سيناء في إحدى مناطق صعيد مصر وتدعى منطقة "وادي الهول" بالقرب من نهر النيل وهو ما يدلل على أن الخط نشأ في مصر وليس كما يدعي البعض أنه جاءنا مع الكنعانيين.

بداية الحكاية 

النقوش السينائية الأولى تم اكتشافها في شتاء 1904 - 1905 في سيناء بواسطة "هيلدا وفلندرز بيتري"، ويضاف إلى ذلك عدد من النقوش الكنعانية الأولية القصيرة التي عثر عليها في كنعان والتي تعود إلى ما بين القرنين السابع عشر والخامس عشر قبل الميلاد، ومؤخرًا تم اكتشاف نقوش وادي الهول في عام 1999، في مصر الوسطى بواسطة جون و. ديبورا دارنيل".

اثباتات علمية 

ومع انهيار العصر البرونزي وظهور ممالك سامية جديدة في بلاد الشام، تم إثبات صحة الكنعانية الأولية بوضوح (نقوش "جبيل" من القرن العاشر إلى الثامن قبل الميلاد، نقش "خربة قيافة" نحو القرن العاشر قبل الميلاد).
الخط الكنعاني الأولي ينحدر من الخط السيناوي الأولي الذي ينحدر من الهيروغليفية، كما أنه سلف الخط الفينيقي الذي يعد سلف أغلب الأبجديات المستخدمة في العالم اليوم، من عربية ويونانية وعبرية ولاتينية وأمازيغية غربية في القرن 2 ق.م. في الغرب وصولا إلى المغولية  وربما حتى أبجدية هانغول الكورية في الشرق، وأبجديات اخرى.

الخط العربي 

وكتب د. أحمد منصور عن بداية ظهور الحرف العربي والسينائية المبكرة الكتابة العربية الحالية ترجع إلى الكتابة النبطية، والتي خرجت من قلب الكتابة الآرامية، التي تأثرت تأثرًا مباشرًا بالحروف الفينيقية، والفينيقية بدروها جاءت من الكتابة السينائية المبكرة التي هي مصرية. 

الهجائية المصرية الأولى

يتراوح عدد نقوش الهجائية الأولي المصرية السينائية  التي عثر عليها ما بين 50-75 نقشًا، اكتشف منها بتري 11 نقشًا بين عامي 1904-1905، ثم اكتشفت مجموعة ثانية 34 نقشًا بين أعوام 1937-1945، ثم حديثًا اكتشف الفرنسي بيير تاليه العديد من هذه النقوش.

تم اكتشاف معظم هذه النقوش في منطقة سرابيط الخادم، ووادي النصب في جنوب سيناء، وكذلك تم اكتشاف نقشين في عام 2004 على الطريق بين فرشوط والأقصر في جنوب مصر في وادي الهول.

و هي عبارة عن مجموعة رموز هجائية تصل إلى نحو ٣٠ أو أقل، وهي نظام كتابي أبجدي وليس أسلوبًا كتابيًا تصويريًا.

هذه النصوص المصرية  استخدمت أبجدية كانت هي المصدر لكل من الأبجدية الكنعانية المبكرة (القرن الخامس عشر/ الرابع عشر ق.م.) والأبجدية الفينيقية (القرن الحادي عشر/ العاشر ق.م)، والفينيقية هي تلك الأبجدية التي يعدها الباحثون الأصل الذي اشتُقت منه الأبجدية اليونانية، وبالتالي أصل الأبجديات الأوروبية الحديثة.

كما أنه قد لوحظ التشابه الكبير بين هذه الأبجدية وبين الأبجدية الكنعانية المبكرة في مفردات مثل رسائل النجف وغيرها من الكتابات الكنعانية.

تصدى السير الإنجليزي الشهير ألان جاردنر لهذه النقوش السينائية، حيث كان أول من أرسى مجموعة من الحقائق المهمة حول هذه النقوش، واللغة المستخدمة في تدوينها، وكذلك العالمان الألمانيان فرانك كامرتسيل، والعالم المصري الدكتور محمد شريف، والعالم السوداني عبدالقادر محمود عبدالله، والبروفيسور السعودي سليمان الذييب، ثم أخيرًا العالم الألماني لودفيج مورينز. والذي نشر في عام 2011 مؤلفًا كبيرًا باللغة الألمانية تحت عنوان Die Genese Der Alphabetschrift: Ein Markstein Agyptisch-Kanaanaischer Kulturkontakt (نشأة الكتابة الأبجدية، حجر الزاوية في العلاقات الثقافية المصرية الكنعانية) ويتناول الكتاب بالتفصيل طبيعة الكتابة السينائية، ودورها في تكوين الأبجديات اللاحقة، ويناقش الكتاب النظريات المختلفة حول أصل الكتابة السينائية.
أما أهم ملاحظات العلماء السابقين عن النقوش أو الكتابة السينائية فتذكر أن هذه النقوش مكتوبة بنظام أبجدي، وليس تصويريًا صوتيًا كما هو الحال في النصوص المصرية الهيروغليفية، بالإضافة إلى أن هذه الكتابات رغم ذلك قد استعارت أشكال علاماتها من العلامات الهيروغليفية.

 كذلك انتشر مبدأ الأكروفونية Acrophone (اختيار الصوت الأول من الكلمة للدلالة عليها، فإذا أراد الكاتب أن يكتب كلمة «بيت» فإنه يختار حرف (الباء) للدلالة على الكلمة، وهو المبدأ المطبق لاختيار علامات هذه الكتابات المستخدمة كحروف أبجدية. وأخيرًا، استخدمت لغة غير مصرية في كتابة هذه النقوش.

أما عن تأريخ هذه النقوش، فقد انقسم علماء تاريخ اللغات القديمة وتاريخ الكتابة، رجح الفريق الأول منهم أنها تعود إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة أي نحو 1550 قبل الميلاد (القرن السادس عشر قبل الميلاد)، وعلى الجانب الآخر هناك فريق يعتقد بتأريخ هذه النقوش إلى عصر الدولة الوسطى في مصر القديمة أي نحو 2000 قبل الميلاد، ولكل فريق أدلته التي تعضد من رأيه.
نقلها بتصرف وتبسيط المؤرخ بسام الشماع  من مجلة العربية. د. أحمد منصور.

تمثل المرحلة النبطية حلقة الوصل بين الكتابة العربية والسينائية المبكرة، لأن الكتابة العربية متفرعة عن النبطية، وهي المتفرعة بدورها عن الكتابة الآرامية، والأخيرة هي متفرعة عن الفينيقية، وهي منحدرة من السينائية المبكرة.

استخدمت الحروف أو الكتابة النبطية في ثلاث ممالك نبطية قامت في ثلاث مناطق هي: مملكة تدمر في سوريا، والبتراء في الأردن، والحِجر في المملكة العربية السعودية، وكانت لغة نقوشها عربية خالصة بها مفردات آرامية. استخدم الأنباط في بداية الأمر الكتابة الآرامية، لكن مع زيادة المفردات العربية في النقوش الآرامية، وتميز الخط تدريجيًا عن الآرامي، صارت نقوشهم عربية اللغة، بها بعض المفردات الآرامية، مثل كلمة (بر) أي (بن). ويمكن التمثيل ببعض النقوش النبطية مثل نقش النجف المؤرخ للنصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد،، ونقش مجيرة من مدائن صالح والمؤرخ بسنة 76 قبل الميلاد.

اتفاق عالمي

و تقول المصادر التاريخية المعتبرة إن العالم "نافيه" يقدم  أربعة أسباب رئيسية وراء الاتفاق العالمي على أن الأبجدية اليونانية تطورت من أبجدية فينيقية مبكرة والتي تأثرت بالسينائية المبكرة. وبحسب هيرودوت فإن "الفينيقيين الذين جاءوا مع "قدموس"... جلبوا إلى "هيلاس" الأبجدية التي لم تكن معروفة حتى وقتها، على ما أعتقد، لليونانيين".

الحروف اليونانية، ألفا، بيتا، جيميل ليس لها معنى في اللغة اليونانية ولكن معنى معظم مرادفاتها السامية معروف. على سبيل المثال، كلمة "aleph" تعني "ثور"، و"bet" تعني "منزل" و"gimmel" تعني "رمي العصا". الحروف اليونانية المبكرة متشابهة جدًا وأحيانًا مطابقة للحروف السامية الغربية.

تم اكتشاف أول مجموعة منشورة من النقوش السينائية الأولية في شتاء 1904-1905 في سيناء بواسطة هيلدا وفليندرز بيتري. هذه النقوش العشرة، بالإضافة إلى النقوش الحادية عشرة التي نشرها ريموند ويل في عام 1904، تمت مراجعتها بالتفصيل بواسطة آلان جاردينر في عام 1916.

المسمارية ليست الأقدم

كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن الكتابة المسمارية السومرية هي أقدم الكتابة، ولكن أصبح ادعاءها الآن موضع خلاف. يتحول رأس الثور تدريجيًا إلى الحرف A، ويتطور المنزل إلى الحرف السامي B، أو بيت. تم تطوير A وB لاحقًا بواسطة الفينيقيين والكنعانيين في العصر الحديث قبل أن يتم نقلهما إلى اليونانيين بين عامي 1200 و900 قبل الميلاد. من الكلمات اليونانية لـ A وB - alpha وbeta - نشتق كلمة الأبجدية. أقدم كتابة بدائية، وهي الكتابة المسمارية التي طورها السومريون في وادي دجلة والفرات في العراق الحالي، ظلت تصويرية بالكامل حتى نحو عام 1400 قبل الميلاد. يُنسب إلى السومريين عمومًا الفضل في أول اختراع للكتابة، نحو عام 3200 قبل الميلاد. لكن بقايا الفخار التي يعود تاريخها إلى 5500 سنة، والتي تم العثور عليها في هارابا في باكستان، ربما تغلبت على ادعاء السومريين.

يسأل "أمونيوس" المؤرخ المشهور  "بلوتارخ" عما يجب أن يقوله، ل "قدموس"، الفينيقي الذي يُعتقد أنه استقر في "طيبة" باليونان القديمة  وقدم الأبجدية إلى اليونان، ووضع الحروف الأبجدية أولًا...: "لا شيء على الإطلاق"، أجاب بلوتارخ.

قال لامبرياس أن أول صوت واضح يصدر هو "ألفا"، لأنه واضح وبسيط للغاية - الهواء الخارج من الفم لا يتطلب أي حركة لللسان - وبالتالي هذا هو أول صوت يصدره الأطفال.

D17B3D6C-2F2C-46C6-AB3E-204C7EB0A696 D3927644-7D98-4D4C-9B56-ABB9DCD34F3C 87407D53-8362-4791-B9B6-B0FFA2878D2B 3CE8120F-BB82-4B55-9877-EEDBB7AA056C

مقالات مشابهة

  • بعد هجوم الجهاد.. أوامر إخلاء إسرائيلية في خان يونس
  • حماية نتانياهو وعائلته.. قرار بتمديد التغطية الأمنية
  • حماية نتانياهو وعائلته.. قرار جديد بتأمين التغطية الأمنية
  • بعد اعتراض وزراء ومسؤولين.. توضيح من نتانياهو بشأن الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء
  • بعد اعتراضات من وزراء ومسؤولين.. توضيح من نتانياهو بشأن الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء
  • مغامرة بمتحف التحرير.. تمثال يُثبت أن الخط العربي والخطوط القديمة أصولهم مصرية
  • إسرائيل تفرج عن 54 معتقلا فلسطينيا بسبب الاكتظاظ في سجونها
  • هجوم بالسهام على سفارة إسرائيل في دولة أوروبية
  • مهاجم يصيب شرطيا يحرس السفارة الإسرائيلية في صربيا
  • أميركا تعرض صياغة جديدة لمقترح وقف إطلاق النار في غزة