الخليج الجديد:
2025-02-17@04:55:36 GMT

عودة معتقلين أفغانيين من غوانتامو إلى كابول

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

عودة معتقلين أفغانيين من غوانتامو إلى كابول

بعد 20 عاما قضوها في ظلام معتقل غوانتامو سيء السمعة، عادا المعتقلين الأفغانيين (عبدالكريم وعبدالظاهر) إلى كابول مرة أخرى.

وحسبما نشرت وكالة "مونت كارلو" فإن باقات من الورد ولافتات ترحيب، وعبارات تهنئة كانت في انتظار العائدين وسط حراسة مشددة.

ووصلت طائرة عبد الكريم وعبد الظاهر في مطار كابول آتيه من سلطنة عمان، صباح الاثنين، حيث شددت حكومة طالبان الأمن في جميع أنحاء المدينة، كما أبقت المعتقلين السابقين بعيدا عن أنظار الصحافة.

وكانت واشنطن قد أطلقت سراح المعتقلين، ونقلتهما إلى سلطنة عمان عام 2017، حيث بقيا تحت الإقامة الجبرية، دون السماح لهما بالسفر، وظلا تحت الملاحظة بشكل مستمر.

وكان عبد الظاهر قد نقل عام 2002 إلى معتقل غوانتانامو الأمريكي، الذي أنشئ بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، في إطار "الحرب على الإرهاب"، على ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية عبد المتين قاني.

وعن عودته قال نجله محمد عثمان، إنه "باذن الله وجهود قادة الإمارة الإسلامية، عادا إلى البلاد. أنا سعيد للغاية. عندما استيقظت هذا الصباح شعرت أنه يوم العيد".

أما عبد الكريم فقد نقل إليه بعد سنة على ذلك بعدما اعتقل في باكستان ومن ثم سلّم إلى السلطات الأميركية.

ويتبقى معتقل أفغاني واحد في غوانتانامو، وهو محمد رحيم الذي أدخل إليه في آذار/مارس 2008، وتتهمه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي إيه، بأنه مسؤول قريب من أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، ودعت عائلته إلى الافراج عنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وضمّ سجن غوانتانامو ما يصل إلى 780 معتقلا، تم الإفراج عن غالبيتهم على مرّ السنين وبعضهم بات في حكومة طالبان.

اقرأ أيضاً

بعد مطالبته بهدم الأقصى.. المقاتل نورمحمدوف يصف رئيس الأرجنتين بـ"الأحمق"

 

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: كابول غوانتانامو واشنطن العراق

إقرأ أيضاً:

«النبأ» والتحريض على «طالبان».. قراءة في خطاب «داعش» التعبوي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تمثل افتتاحية صحيفة النبأ الصادرة عن تنظيم داعش العدد ٤٨٢، نموذجًا كلاسيكيًا لخطاب التنظيم القائم على التكفير والإقصاء، حيث تهاجم حركة طالبان بشكل حاد، متهمةً إياها بـ"الردة" بسبب سياساتها الأخيرة، خاصة قرارها بحظر "كتاب التوحيد".
وتعكس هذه المقالة استمرار الصراع الأيديولوجي بين الفصائل الجهادية، حيث لا يكتفى داعش بنقد طالبان من زاوية سياسية، بل يصور موقفها كجزء من حرب عالمية ضد العقيدة السلفية، متجاهلًا أي سياقات داخلية أو دوافع سياسية قد تكون وراء القرار.
يعتمد المقال على لغة مشحونة بالعاطفة والدلالات الدينية المطلقة، بهدف تأجيج مشاعر الغضب لدى جمهوره المستهدف، ودفعهم إلى اعتبار طالبان كيانًا معاديًا لا يختلف عن الحكومات التي يصنفها التنظيم ضمن "الأنظمة المرتدة".
المقالة تؤكد أن الصراع بين «داعش» و«طالبان» ليس تنافسا عسكريًا بل صراع أيديولوجي عميق
الاستراتيجية الخطابية تعكس استمرار التنظيم فى استخدام لغة حادة تعتمد على المفاهيم القطعية
إلى جانب الهجوم على طالبان؛ تسعى المقالة إلى تعزيز شرعية داعش كالتنظيم الوحيد الذى يطبق "التوحيد الخالص"، مما يعكس استراتيجيته المستمرة فى نزع الشرعية عن أى جماعة أخرى ضمن التيار الجهادي، حتى لو كانت تشترك معه فى بعض الأسس العقائدية.
كما توظف المقالة خطابًا استقطابيًا حادًا يرفض أى شكل من أشكال البراغماتية السياسية، مستخدمًا ثنائية "الإيمان والكفر" و"التوحيد والشرك" فى تصنيف الحركات الأخرى.
هذا الخطاب لا يهدف فقط إلى مهاجمة طالبان، بل يسعى أيضًا إلى تحصين أتباع داعش فكريًا ضد أى بدائل، وتعزيز العزلة التنظيمية والفكرية، مما قد يسهم فى زيادة التطرف ويؤدى إلى استقطاب مزيد من المجندين الراديكاليين إلى صفوفه.
أولًا: السياق العام للمقال:
تأتى هذه الافتتاحية في سياق التوتر المتزايد بين تنظيم "داعش" وحركة طالبان، خاصة بعد قرار الأخيرة منع تداول "كتاب التوحيد"، وهو مؤلف ذو رمزية كبيرة في الأوساط الجهادية السلفية.
أثار هذا القرار ردود فعل غاضبة بين مؤيدي الفكر السلفي الجهادي، حيث اعتبره البعض دليلًا على انحراف طالبان عن "العقيدة الصحيحة" وتخليها عن مبادئ التوحيد لصالح نهج سياسي أكثر براغماتية.
بالنسبة لداعش، شكّل القرار فرصة لتعزيز سرديته التي تصف طالبان بأنها حركة لا تختلف عن الحكومات "المرتدة"، إذ يرى التنظيم أن أي تقييد على نشر الكتب السلفية يعكس خضوعًا لمعايير "الكفر العالمي" الذى يحارب "التوحيد".
من خلال هذه المقالة، يواصل داعش حملته الإعلامية المستمرة ضد طالبان، مستخدمًا خطابًا تكفيريًا صارمًا يهدف إلى شيطنة الحركة وتصويرها ككيان انحرف عن الجهاد الحقيقى إلى "حكم جاهلي".
تسعى الافتتاحية إلى تأكيد أن طالبان، من خلال قراراتها السياسية والدينية، أصبحت جزءًا من "المنظومة الدولية" التى تحارب العقيدة السلفية، متبنيةً سياسات لا تختلف عن سياسات الحكومات التى يسميها داعش "حكومات الردة".
وبهذا، يحاول التنظيم إعادة رسم صورة الصراع ليس فقط كتنافس عسكرى على النفوذ فى أفغانستان، بل كمعركة عقائدية وجودية بين من "يحافظ على التوحيد" (أى داعش) ومن "يحاربه" (أى طالبان).
تحليل الخطاب وآلياته
١) تقنيات الإقناع والتعبئة:
التأطير الدينى الصارم: يعتمد المقال على إطار دينى صارم فى صياغة موقفه من طالبان، حيث يوظف مصطلحات مثل "التوحيد"، "الجاهلية"، و"حكم الطاغوت" لوضع طالبان فى خانة المعادين للعقيدة الصحيحة وفق تصورات داعش.
هذا التأطير ليس مجرد استخدام لمفردات دينية، بل هو أداة لخلق صورة نمطية لطالبان باعتبارها خصمًا دينيًا وليس فقط سياسيًا. فالتوحيد فى هذا السياق ليس مجرد مفهوم عقائدي، بل هو معيار تصنيف يُستخدم لاستبعاد أى جماعة لا تتوافق مع فهم داعش له، مما يبرر تكفيرها وإعلان الحرب عليها. ومن خلال هذا الإطار، يحاول التنظيم تجريد طالبان من أى مشروعية دينية، مقدمًا نفسه كحامل وحيد للإسلام الصحيح.
المنطق الثنائى (الأبيض والأسود): يعتمد المقال على رؤية حادة للعالم تقوم على ثنائية الخير المطلق والشر المطلق، حيث يتم تصوير التوحيد كمبدأ لا يقبل "القسمة على اثنين"، ما يعنى أن أى موقف سياسى أو عقدى لا يتطابق تمامًا مع فهم داعش للتوحيد يعتبر سقوطًا فى "الجاهلية".
هذا النهج الإقصائى لا يترك أى مجال للحلول الوسط أو الاجتهادات الفقهية، بل يفرض على الأتباع رؤية جامدة ترفض التعددية حتى داخل التيارات الجهادية نفسها. بهذه الطريقة، يعزل داعش نفسه عن أى شكل من أشكال التفاعل مع الفصائل الإسلامية الأخرى، حتى تلك التى تشترك معه فى الجذور العقائدية، مما يجعله دائمًا فى حالة صدام مع الجميع.
التعبئة العاطفية: يوظف المقال لغة مشحونة بالعاطفة بهدف استثارة مشاعر أتباع التنظيم وتعزيز الإحساس بالمظلومية والجهاد. كلمات مثل "صواعق الحق"، "الإمارة الشيطانية"، و"التوحيد الذى تدفع الدولة الإسلامية أثمانًا أخدودية لحفظه" ليست مجرد تعبيرات بلاغية، بل أدوات تحفيزية تهدف إلى خلق ارتباط وجدانى بين القارئ والقضية التى يطرحها داعش.
فمن خلال استحضار صور المعاناة والتضحيات، يسعى التنظيم إلى ترسيخ فكرة أنه وحده من يقدم التضحيات فى سبيل التوحيد، بينما تتآمر الفصائل الأخرى – ومن بينها طالبان – على الإسلام لصالح قوى خارجية. هذه الاستراتيجية تساهم فى تشكيل هوية جماعية متماسكة حول التنظيم، حيث يصبح الانتماء إليه ليس مجرد خيار، بل واجبًا دينيًا يفرضه الواقع القائم.
٢) استراتيجيات الهجوم على طالبان:
تشبيه طالبان بالأنظمة "المرتدة": يقوم المقال بمحاولة ممنهجة لتصوير طالبان على أنها لا تختلف عن الحكومات التى يعتبرها "حكومات ردة"، مثل الأنظمة العربية والإسلامية التى يتهمها داعش بالتحالف مع الغرب وموالاته.
من خلال مقارنتها بالمملكة العربية السعودية ("آل سلول")، يهدف داعش إلى ضرب شرعية طالبان فى أوساط الجهاديين، خاصة أن الحركة طالما كانت تُعتبر رمزًا للجهاد ضد الاحتلال الأمريكى فى أفغانستان.
هذا التشبيه يخدم هدفًا أيديولوجيًا مزدوجًا: أولًا، فهو ينقل طالبان من موقع "الفصيل الجهادي" إلى موقع "العدو"، مما يسهل تبرير استهدافها عسكريًا. ثانيًا، فهو يربطها بخطاب أوسع ضد الأنظمة الإسلامية الرسمية، مما يعزز فكرة أن "كل من يشارك فى الحكم هو كافر بالضرورة".
تأويل قرار طالبان باعتباره حربًا على التوحيد: يتجاهل المقال المبررات التى قدمتها طالبان بشأن منع "كتاب التوحيد"، بل يتعمد إعادة تفسير القرار باعتباره جزءًا من "حملة عالمية ضد العقيدة السلفية". هذا التأويل يعكس نزعة المؤامرة التى يوظفها داعش باستمرار فى خطابه، حيث يصور كل تصرف سياسى أو إدارى لا يتوافق مع رؤيته كجزء من مخطط أوسع لمحاربة الإسلام. وبهذه الطريقة، يحاول المقال إقناع جمهوره بأن طالبان ليست مجرد جماعة تختلف فى بعض السياسات، بل هى "أداة" بيد القوى الدولية المعادية للإسلام. هذه السردية تسهل على داعش تعبئة أتباعه ضد طالبان، حيث يتم تصوير أى موقف معارض لها على أنه دفاع عن العقيدة وليس مجرد خلاف سياسي.
الاستدلال بسلوك طالبان السياسي:
يركز المقال على انتقاد تعامل طالبان مع المجتمع الدولي، وخاصة سعيها للحصول على اعتراف دبلوماسى ورفع العقوبات عنها. بالنسبة لداعش، هذا السلوك دليل على أن طالبان أصبحت جزءًا من "المنظومة الكفرية" التي تحكم العالم، مما يفقدها أي مشروعية دينية.
هذه الحجة تُستخدم تقليديًا في الخطاب الداعشي ضد أي فصيل إسلامي ينخرط في السياسة، حيث يتم اعتبار أي تعامل مع الأمم المتحدة أو القوى الغربية على أنه "موالاة للكفار" تستوجب التكفير. وبهذا، يحاول داعش إقناع جمهوره بأن طالبان ليست فقط "مخطئة" بل هى "مرتدة" بالكامل، مما يبرر استهدافها عسكريًا.
٣) الاستحواذ على مشروعية التوحيد والجهاد:
تصوير داعش كحامل وحيد لـ"التوحيد": يسعى المقال إلى احتكار مفهوم "التوحيد"، حيث يصف التنظيم بأنه "المتن والحاشية والميمنة والميسرة" فى الدفاع عن العقيدة.
هذا الخطاب يعكس استراتيجية داعش فى تقديم نفسه ليس فقط كجماعة جهادية، بل كالتجسيد الوحيد للإسلام الصحيح. وبهذه الطريقة، يتم تجريد أى فصيل آخر من المشروعية الدينية، حيث يصبح معيار التدين الصحيح هو الانتماء لداعش فقط.
هذه الاستراتيجية تُستخدم أيضًا فى مواجهة الانتقادات الداخلية، حيث يتم تصوير أى معارضة للتنظيم على أنها "انحراف عن التوحيد"، مما يعزز مناعته ضد الانشقاقات.
تحويل أى انتقاد لداعش إلى خيانة للإسلام: من خلال ربط التنظيم بالتوحيد بشكل كامل، يصبح أى نقد له بمثابة نقد للعقيدة نفسها. هذا الأسلوب يُستخدم لمنع أى مساءلة داخلية حول سياسات داعش أو استراتيجياته العسكرية.
حيث يتم وضع الأتباع أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الولاء المطلق للتنظيم أو الانحراف عن الإسلام. هذه العقلية تُستخدم أيضًا فى تصعيد الصراعات مع الفصائل الجهادية الأخرى، حيث يتم تصوير الخلافات السياسية أو التكتيكية على أنها قضايا عقدية تتعلق بالإيمان والكفر.
الشرعية عبر التضحيات:
يركز المقال على إبراز تضحيات داعش فى سبيل "التوحيد"، حيث يصف مقاتليه بأنهم قدموا "دماءهم وأفنوا زهرة شبابهم" دفاعًا عن العقيدة. هذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق هوية جهادية قائمة على فكرة التضحية، حيث يصبح القتال والموت فى صفوف داعش هو المعيار الوحيد للإخلاص للإسلام.
وبهذا، يتم تحصين التنظيم ضد أى انتقادات، حيث يتم إسكات أى رأى معارض بالقول إن "داعش وحده من يدفع ثمن الجهاد"، مما يجعله مستحقًا للقيادة دون منازع.
الدلالات الأيديولوجية والسياسية
١) تكريس الانقسام الجهادي:
يعكس المقال حالة الانقسام العميق والمتزايد داخل التيارات الجهادية، حيث لم يعد الصراع مقتصرًا على المواجهة مع القوى الخارجية، بل أصبح صراعًا داخليًا بين الفصائل نفسها.
فرغم أن داعش وطالبان يتشاركان الجذور الأيديولوجية القائمة على مفاهيم الجهاد والحاكمية ورفض الأنظمة الوضعية، إلا أن المقال يؤكد على القطيعة التامة بين الطرفين، ويقدم طالبان كعدو أيديولوجى لا يختلف عن بقية "الطواغيت".
هذا الطرح يعكس التوتر المستمر داخل الساحة الجهادية، حيث تتحول الخلافات التكتيكية والسياسية إلى صراعات عقائدية تصل إلى حد التكفير المتبادل. فمن خلال تصوير طالبان كجماعة "مرتدة"، يسعى داعش إلى نزع أى مشروعية جهادية عنها، وإقناع أتباعه بأن القتال ضدها لا يختلف عن قتال القوى الغربية أو الأنظمة الحاكمة فى العالم الإسلامي.
هذا الانقسام ليس مجرد خلاف تنظيمي، بل هو جزء من ديناميكيات أوسع داخل التيار الجهادي، حيث يتكرر سيناريو الانشقاقات والصراعات بين الفصائل التى كانت فى الأصل متقاربة فكريًا.
فمنذ نشأة داعش، سعى التنظيم إلى فرض هيمنته على باقى الجماعات الجهادية، ورفض أى نموذج جهادى لا يتبنى رؤيته المتطرفة. وفى هذا السياق، لا يهدف المقال فقط إلى تشويه صورة طالبان، بل إلى إعادة رسم خريطة الولاءات داخل التيار الجهادي، ودفع المقاتلين إلى الاختيار بين "التوحيد الخالص" كما يراه داعش، وبين ما يعتبره التنظيم "الانحراف العقدي" الذى تمثله طالبان.
هذه الاستراتيجية تساعد داعش على استقطاب المقاتلين الذين قد يكونون مترددين أو غير حاسمين فى مواقفهم، وتحول الخلاف السياسى إلى قضية دينية مصيرية.
٢) رفض البراغماتية السياسية:
يعكس المقال موقف داعش الرافض تمامًا لأى شكل من أشكال الواقعية السياسية أو التكيف مع المتغيرات الدولية. فمنذ نشأته، تبنى التنظيم نهجًا يقوم على رفض أى مشاركة فى النظام الدولي، واعتبر أن التعامل مع المؤسسات السياسية أو الدبلوماسية هو شكل من أشكال "الردة".
فى هذا السياق، يهاجم المقال طالبان بسبب سعيها للحصول على اعتراف دولي، ومشاركتها فى المفاوضات السياسية، وطلبها رفع العقوبات المفروضة عليها. هذه الانتقادات تعكس تصور داعش بأن أى تفاعل مع القوى الدولية، حتى لو كان بهدف تحقيق مكاسب استراتيجية، هو "تنازل عن العقيدة" و"تحالف مع الكفار".
هذا الرفض للبراغماتية السياسية ليس مجرد موقف أيديولوجي، بل هو استراتيجية تُستخدم لتعزيز تماسك التنظيم داخليًا. فمن خلال رفض كل أشكال التفاوض والعمل السياسي، يحافظ داعش على صورة "الطليعة الجهادية النقية" التى لا تتنازل عن مبادئها.
وهذا يمنحه ميزة تنافسية داخل التيار الجهادي، حيث يستطيع استقطاب العناصر الأكثر تشددًا والتى ترى فى أى شكل من أشكال التعامل مع المجتمع الدولى خيانة للقضية الجهادية.
فى المقابل، تواجه طالبان تحديًا معقدًا، حيث تسعى للحفاظ على هويتها الجهادية، لكنها فى الوقت ذاته مضطرة للتعامل مع الواقع السياسى من أجل البقاء فى السلطة.
ومن هنا، فإن المقال لا يهاجم طالبان فقط، بل يوجه رسالة أوسع إلى التيار الجهادى بأن "الجهاد الحقيقي" لا يمكن أن يتعايش مع السياسة، مما يعزز عزلة داعش، لكنه يمنحه فى الوقت ذاته شرعية فى أعين أتباعه.
٣) تعزيز العزلة الفكرية والتنظيمية:
يسعى المقال إلى تعميق عزلة داعش عن بقية الفصائل الإسلامية، ومنع أى تقارب محتمل بين القواعد الجهادية وطالبان. فمن خلال التشكيك فى شرعية طالبان واتهامها بالخضوع للأجندات الغربية، يحاول داعش إقناع أتباعه بأن أى دعم أو تعاطف مع طالبان هو انحراف عن "الطريق الصحيح".
هذه العزلة ليست مجرد نتيجة طبيعية للصراع بين الفصائل، بل هى استراتيجية مقصودة يستخدمها داعش لحماية نفسه من الانشقاقات والاختراقات. فالتنظيم يدرك أن السماح بأى نقاش داخلى حول شرعية طالبان قد يؤدى إلى فقدان بعض أعضائه الذين قد يرون فى طالبان بديلًا أكثر واقعية وأقل تطرفًا.
لذا، يتم تصوير طالبان ليس فقط كخصم سياسي، بل كعدو ديني لا يمكن التعايش معه، مما يجعل أى محاولة للانفتاح عليها بمثابة "خيانة للعقيدة".
هذا النهج يعكس أحد المبادئ الأساسية في استراتيجية داعش، وهو بناء مجتمع مغلق فكريًا وتنظيميًا، قائم على رفض أى تفاعل مع العالم الخارجي. فمنذ ظهوره، اعتمد التنظيم على خلق هوية جهادية صارمة ترفض أي شكل من أشكال التعددية، حتى داخل التيار الجهادى نفسه.
هذه العزلة تمنح داعش قوة من ناحية الحفاظ على تماسكه الداخلي، لكنها في الوقت ذاته تجعله أكثر عداءً حتى للفصائل الإسلامية القريبة منه. وفى هذا السياق، لا يهدف المقال فقط إلى مهاجمة طالبان، بل إلى إعادة ترسيخ مبدأ "الغربة" الذى يميز داعش عن باقي الجماعات، ويجعل الانتماء إليه قرارًا يتطلب التزامًا مطلقًا بفكر التنظيم ومنهجه.
أثر الافتتاحية على تنامى التطرف والتجنيد لداعش
١) تعزيز الاستقطاب الداخلى فى الأوساط الجهادية:
تسهم هذه الافتتاحية فى تعميق الانقسام داخل التيار الجهادي، حيث تقدم داعش كالحركة الوحيدة التى تلتزم "بالتوحيد الخالص"، مقابل اتهام طالبان بالردة والانحراف عن العقيدة.
هذا الخطاب يخلق بيئة استقطابية تزيد من فرص تجنيد عناصر جهادية شابة قد تكون محبطة من تحولات طالبان السياسية أو مترددة فى ولائها. فالتنظيم يستغل أى تنازل سياسى من خصومه ليقدمه كدليل على "خيانة العقيدة"، مما يدفع بعض المتشددين للانضمام إليه باعتباره الملاذ الأخير لـ"النقاء الأيديولوجي".
٢) تأجيج مشاعر الغضب والراديكالية:
تعتمد المقالة على خطاب عاطفى مكثف يستخدم مفردات مثل "الإمارة الشيطانية"، "حرب على التوحيد"، و"الدماء التى مهرها أبناء الدولة الإسلامية"، وهو أسلوب يسعى إلى استثارة مشاعر الغضب والحماسة لدى المتلقين.
هذا النوع من الخطاب قد يدفع بعض الأفراد، خاصة الشباب المتحمسين، إلى اتخاذ قرارات متطرفة بدافع الغيرة الدينية، حيث يتم تصوير داعش على أنه التنظيم الوحيد الذى "يدافع عن العقيدة"، بينما تخضع باقى الجماعات، بمن فيها طالبان، "لإملاءات الغرب".
٣) شرعنة العنف ضد الحركات الجهادية الأخرى:
من خلال نزع الشرعية الدينية عن طالبان واتهامها بأنها ليست سوى "حكومة مرتدة"، يفتح داعش الباب أمام أتباعه لاستهدافها ليس فقط باعتبارها خصمًا سياسيًا، بل كعدو دينى مشروع قتاله.
هذا الخطاب يزيد من احتمالية حدوث هجمات ضد عناصر طالبان أو حتى ضد أى جماعات أو أفراد داخل التيار الجهادى لا يتبنون موقف داعش. وبذلك، تساهم هذه المقالة فى تصعيد العنف الداخلى بين الفصائل الجهادية، وهو أمر قد تستفيد منه داعش فى استقطاب مقاتلين يبحثون عن "الجهاد الحقيقي" بعيدًا عن أى تنازلات سياسية.
٤) تعطيل أى جهود لاحتواء التطرف أو إعادة التأهيل:
يساهم هذا النوع من الخطاب فى ترسيخ عقلية العزلة الفكرية لدى أتباع داعش، مما يجعلهم أقل تقبلًا لأى مبادرات لإعادة التأهيل أو الانخراط فى مشاريع المصالحة. فالنص لا يعادى طالبان فحسب، بل يهاجم أيضًا أى شكل من أشكال البراغماتية السياسية، حتى لو كانت تهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية للحركات الجهادية.
وبهذا، يصبح أتباع داعش أكثر انغلاقًا على أنفسهم، وأكثر استعدادًا للعيش فى حالة مستمرة من المواجهة مع العالم الخارجي.
٥) استقطاب مقاتلين أجانب وسحبهم من محيط طالبان:
فى ظل التوتر المتصاعد بين داعش وطالبان، تحاول داعش استقطاب المقاتلين الأجانب، خاصة أولئك الذين كانوا يرون فى أفغانستان ساحة الجهاد المثالية. المقالة تقدم طالبان على أنها خانت هذه القضية، مما قد يدفع بعض المقاتلين إلى البحث عن تنظيم بديل أكثر تشددًا.
وهذا قد يؤدى إلى انتقال بعض العناصر الجهادية من طالبان إلى داعش-خراسان، مما يعزز قوة التنظيم فى المنطقة.
وأخيرا تُظهر هذه الافتتاحية كيف يمكن للخطاب الإعلامى لداعش أن يلعب دورًا حاسمًا فى توسيع قاعدته التجنيدية من خلال تأجيج الغضب، وتعزيز الانقسام، وشرعنة العنف ضد المنافسين.
فبدلًا من أن يكون الصراع بين داعش وطالبان مجرد مواجهة عسكرية، تسعى داعش لتحويله إلى صراع وجودى ديني، مما قد يؤدى إلى تصاعد التطرف ليس فقط داخل أفغانستان، بل فى الأوساط الجهادية العالمية أيضًا.
الخاتمة:
تعكس هذه الافتتاحية بشكل واضح أسلوب داعش فى احتكار الخطاب الدينى وتصوير نفسه على أنه الممثل الوحيد "للتوحيد الخالص"، مقابل تكفير وإقصاء كافة الحركات الأخرى، حتى تلك التى تشترك معه فى الجذور الأيديولوجية والجهادية.
فالنص لا يكتفى بمهاجمة طالبان بسبب قرارها بمنع "كتاب التوحيد"، بل يستخدم هذا الحدث كنقطة انطلاق لتوسيع الهجوم وتشويه الحركة بشكل كامل، ووصمها بالردة والخضوع للمجتمع الدولي.
هذه الاستراتيجية الخطابية ليست جديدة على داعش، لكنها تعكس استمرار التنظيم فى استخدام لغة حادة تعتمد على المفاهيم القطعية مثل "الجاهلية"، و"التوحيد"، و"الطاغوت"، بهدف ترسيخ الانقسام داخل التيار الجهادى ومنع أى تقارب بين قواعده المختلفة.
من ناحية أخرى، تؤكد المقالة على أن الصراع بين داعش وطالبان لم يعد مجرد تنافس عسكرى على النفوذ، بل أصبح صراعًا أيديولوجيًا عميقًا، حيث يحاول كل طرف إثبات شرعيته الجهادية ونزع هذه الشرعية عن الآخر.
يأتى هذا التصعيد فى سياق أوسع يعكس تفكك الحركات الجهادية العالمية، وصعوبة الحفاظ على وحدة الخطاب الجهادى فى ظل التحديات السياسية والواقعية التى تواجه هذه الجماعات.
فمن خلال هذا المقال، لا يسعى داعش فقط إلى تشويه طالبان، بل إلى تحصين أتباعه من أى تأثير خارجي، وترسيخ صورته كآخر معقل "للتوحيد الصافي"، فى محاولة للحفاظ على نفوذه التنظيمى والفكرى فى ظل الضغوط المتزايدة عليه من كافة الجهات.

مقالات مشابهة

  • «النبأ» والتحريض على «طالبان».. قراءة في خطاب «داعش» التعبوي
  • 7 و12 سنة سجنا لمهربيي ” الإكستازي” داخل “باف” بميناء الجزائر
  • عودة داري.. تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الإسماعيلي في بطولة الدوري
  • عودة وسام أبو علي وداري لقائمة الأهلي في مواجهة الإسماعيلي
  • إشهار رابطة معتقلي الثورة السورية من أمام سجن صيدنايا
  • وفاة معتقل ستيني داخل دورية شرطة في بغداد
  • هل ندرك قيمة تحرير معتقل محكوم بالمؤبد؟!
  • موعد عودة الإعلامي محمد سعيد محفوظ إلى الشاشة بعد أزمته الصحية
  • أهالي معتقلين سياسيين يروون أشكال انتهاكات النظام المصري ضدهم
  • مجلس الأمن يدين مقتل موظف أممي معتقل لدى الحوثيين