صحيفة الجزيرة:
2024-12-25@06:54:47 GMT

طباع الإبل.. بين الوداعة والعدوان

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

طباع الإبل.. بين الوداعة والعدوان

يتجلى حضور الإبل في حياة الإنسان في شخصيتها الفريدة، وطبيعتها النفسية، مما يميزها بشكل ملحوظ عن باقي المخلوقات، إذ يعكس التأمل في خلقتها أبعاداً دينية وروحانية، ويعد التعامل معها مصدراً للعبر والدروس القيمة، ويرتبط ركوبها بالفخر والعزة، في حين أن امتلاكها ثروة لا تُقدَر بثمن، بما تضفيه من عجب، ودهشة من خلال طباعها المتنوعة، وشموخها وأصالتها باختلاف أنواعها، وهو ما دفع بوزارة الثقافة السعودية إلى المبادرة بتسمية العام الحالي 2024 بعام الإبل، وإقراره من مجلس الوزراء، تأصيلاً لمكانة الإبل الراسخة، باعتبارها موروثاً ثقافياً يعكس الهوية السعودية.

الرحمة

يظهر سلوك الإبل تفرُّداً نادراً تفتقر إليه معظم الحيوانات، فمن يقضي وقتاً معها، ويفهم حياتها يكتشف جوانب من العجائب، التي تفوق التصوُّر، ففي سطور التراث العربي تتجلى طباع الإبل في “الوفاء والحنان” كصفة بارزة.

فعندما تدر الناقة حليبها لحوارها تظهر ملامح العطف نحو صاحبها، فإذا أقبل عليها والتمست مساعدته قامت بسخاء بدر الحليب له، كعلامة على الرابط الفطري والحب غير المشروط الذي يصل إلى تسويته بجنينها.

وفي تجليات الإبل تظهر شواهد عديدة تسرد قصص مدهشة بمدى اندفاعها لاستجابة نداء صاحبها حتى وإن كانت بعيدة، وهو ما ذكره مالك الإبل محمد بن شويشان السبيعي، في أحد لقاءاته الصحفية، حيث روى قصته الملهمة مع ناقته التي باعها، حيث ذكر بأنه كان يحضر مسيرة لإبل الشيخ عبد المحسن الراجحي في مزاين أم رقيبة، وهو الشخص الذي اشترى منه الناقة قبل ما يقارب سبعة أشهر، وخلال حديثه مع أحد الأصدقاء سمعت الناقة صوته، وبدأت تعبر من بين السيارات التي كانت تفصل بينهم حتى توقفت عنده.

وأكد في الحوار الصحفي بأن الناقة بعد أن توقفت عنده، قامت بلف رقبتها على جسده وهو ما جعله يرفع يده مستسلماً لاحتضانها.

 

 

الانتقام

بالرغم من تلك المشاعر الجياشة للحب والوفاء والإخلاص الذي تتمتع به الإبل، إلا أنها قد تظهر طباعاً تأخذ منعطفاً غير متوقع نحو الحقد والانتقام، حيث إنها لا تنسى من أساء معاملتها حتى بعد مرور سنوات طويلة.

يُعزى حدوث الحقد إلى أسباب مثل، سوء المعاملة والتعرض المتكرر بقسوة، أو التغيير الطارئ في البيئة، والعادات الحياتية، فتتحوّل الإبل من حالتها الطبيعية إلى حالة هستيرية تفقد فيها توازنها، وتنتقم بشدة، وهو ما جعل العرب يقولون في أمثالهم وحكمهم ” فلا غدر إلا غدر البحر، ولا حقد إلا حقد الجمل”، وفي الحديث الدارج يقال: “فلان أحقد من الجمل“، وتجلى ذلك الحقد الجارف في الكثير من القصائد، ومنها ما خطه الشاعر إبراهيم بن جعيثن في هذا السياق:

وعاشرها عدوك ما يودك

ترى قلبه عليك إله اشتغالي

ولو يعطيك لين من لسانه

فهو مثل الحقود من الجمالي

 

الطاعة

ولتجنب طباع الحقد في سلوك الإبل، ينبغي التفاعل معها بأسلوب ودود ولين، فإذا تمت تربيتها بعناية، فإن سلوكها سيكون إيجابيًا، حيث إن الإبل تتميز بطبيعة الانقياد والطاعة، إذ تبرز قدرتها الفائقة على التعلم والتكيف بسرعة مع البيئة المحيطة بها.

العدوان

اقرأ أيضاًUncategorizedمحافظ القويعية يكرم الطلبة الفائزين بجائزة الشيخ محمد بن جبرين للتفوق العلمي

ورغم الولاء الاستثنائي الذي تظهره الإبل، فإنها تكتنف صفات غامضة وسريعة التقلب، حيث تُظهر غضبها بشكل ملحوظ من خلال الهدر والزمجرة والركل، وقد تبرز ظاهرة “حرون الإبل”، حيث تمتنع الإبل عن الحركة، وتظل عازمة في وضع ثابت لفترة طويلة، كما أنها ترفض الأكل والشرب، وتعكس هذه الظاهرة تعبيراًعن الاستياء نتيجة المعاملة القاسية التي يتلقاها الحيوان من قبل المربي.

وفي موسم التزاوج، يتصف سلوك الإبل – خاصة الذكور- بالهيجان والعدوانية، حيث تصبح شرسة وخطرة، قادرة على مهاجمة البشر والحيوانات الأخرى.

 

الذاكرة

تتسم الإبل بذاكرة حادة، حيث تحتفظ بتفاصيل المسارات في جوف الصحراء،وتحت ظلمات الليل، ورغم مرور الزمن وازدياد المسافات بينها وبين أوطانها، فإنها تبقى محفورة في ذاكرتها، تتذكر تضاريس الأرض، ومصادر المياه.

وتعد الإبل، من أقوى الحيوانات ذاكرة على الإطلاق، حيث تقوم بتوجيه القوافل،وتنقل المسؤوليات إليها، ويظهر هذا التفوق في ذاكرة الإبل بشكلٍ خاص في قول الشاعر علي بن بلال اليامي:

البل عطايا الله جزيلات العطا

قطاعة الفرجة طويلات الخطا

ومع ظلام الليل أدل من القطا

سفن الصحاري والذكاء بأذهانها

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية وهو ما

إقرأ أيضاً:

مركز الإمارات للهجن.. ريادة في نقل الأجنة وتطوير السلالات

أم القيوين (وام)

أخبار ذات صلة أمين عام «بيئة أبوظبي» في حوار مع «الاتحاد»: عاما الاستدامة يشهدان تحديثات للتشريعات البيئية لمواكبة المعايير الدولية قمة المليار متابع تعلن عن 10 مرشحين

يقف مركز الإمارات الذكي للهجن في أم القيوين شاهداً على قصة نجاح لافتة في عالم الإبل، التي تعتبر جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية والتراثية لدولة الإمارات، وأولتها القيادة الرشيدة اهتماماً كبيراً من خلال إنشاء مراكز صحية وبحثية متخصصة لتوفير الرعاية الشاملة للإبل، بهدف الحفاظ على صحتها وزيادة إنتاجيتها.
وأصبح مركز الإمارات الذكي للهجن في أم القيوين الذي تم تدشينه عام 2017 ملاذاً آمناً للإبل، وأحد أبرز المراكز التخصصية الرائدة على مستوى المنطقة في نقل أجنة الإبل وتطوير سلالات الهجن العربية الأصيلة، حيث يطبق تقنيات حديثة في التلقيح الاصطناعي ونقل أجنة الإبل، ومعالجة مشكلات العقم التي قد تؤثر على بعض السلالات، ويوفر جميع الخدمات الطبية اللازمة لمُلاك الهجن في الدولة وبعض دول مجلس التعاون الخليجي.
وأكد الدكتور علي بن ضاعن الغفلي الرئيس التنفيذي لمركز الإمارات الذكي للهجن في أم القيوين، أن ما يقدمه المركز من خدمات العناية الصحية والتقنيات المتقدمة لعلاج ونقل أجنة الإبل، يأتي تماشياً مع التزام دولة الإمارات بالحفاظ على التراث الثقافي العريق للإبل وتطويره من خلال استخدام أحدث الابتكارات العلمية والتقنيات الحديثة.
ولفت الغفلي إلى دقة الفحوص المخبرية التي يوفرها المركز بفضل اعتماده على أحدث الأجهزة البيطرية المتوافقة مع المواصفات الدولية، وبإشراف أطباء وفنيين ذوي خبرة واسعة، مما يضمن دقة عالية ونسبة خطأ شبه معدومة، وأكد أن تميز المركز جعل منه وجهة تدريبية للطلاب، حيث يحرص طلاب كلية الطب البيطري بجامعة الإمارات، وكلية التقنية العليا بالشارقة على التدريب العملي المرتبط بتخصصاتهم الأكاديمية.
الاستدامة البيئية 
إلى جانب دوره الطبي التخصصي، يحرص مركز الإمارات الذكي للهجن على تطبيق كافة الممارسات التي تعزز الاستدامة البيئية في عمله، فضلاً عن طرح مبادرات مجتمعية تخدم فئات عدّة، مثل المبادرة السنوية بتقديم العلاج واللقاح لـ 100 ناقة لملاك الإبل، يستفيد منها كبار المواطنين وأصحاب الهمم والأرامل.
جزء من تراث الدولة
أوضح الدكتور محمود موسى، استشاري ورئيس قسم العلاجات ونقل الأجنة بالمركز، أن خدمات المركز تتضمن علاج الخصوبة ونقل الأجنة للإبل ذات الصفات الوراثية العالية، مما يحافظ على السلالات الأصيلة التي تحظى باهتمام الدولة بشكل كبير باعتبارها جزءاً من تراث الدولة، وارتباطها ارتباطاً وثيقاً بعاداته وتقاليده، مشيراً إلى أن المركز يعالج ما لا يقل عن 1500 ناقة تعاني عدم الخصوبة و800 حالة نقل أجنة، بالإضافة إلى علاج ما لا يقل عن 30 بعيراً سنوياً.
وأكد أن تقنية نقل الأجنة التي يقدمها المركز تساهم في زيادة عدد المواليد من الناقة الواحدة إلى 10 في الموسم الواحد، مقارنة بمولود واحد كل عامين بالحمل الطبيعي، ما يعزز الصفات الوراثية، ويجنب مشكلات التزاوج الداخلي، كما يقدم المركز نصائح وإرشادات لملاك الإبل للحفاظ على صحة النوق أثناء الحمل وبعد الولادة.

مقالات مشابهة

  • عميد صهيوني: صنعاء تزداد قوة ولا يمكن هزيمتها والمواجهة معها قد تطول لسنوات
  • خلال احتفالية الشعب الجمهوري لتجهيز 150 عروسًا بالجيزة.. أبو هميلة: الشائعات سببها الحقد على مصر ورئيسها
  • استشاري طب نفسي: التعامل مع الشخصية التوكسيك يتطلب ضبط المسافة والتعامل بحدود
  • مشاعرهم متضاربة.. أبراج نسائية يصعب التعامل معها هل أنت منهم؟
  • 3 أبراج نسائية يصعب التعامل معها.. «مشاعرهن متضاربة»
  • أصوات لا تعرفها تصدرها الإبل والخيول.. ما معنى الحَنِينَ؟
  • مركز الإمارات للهجن.. ريادة في نقل الأجنة وتطوير السلالات
  • العرب يتدخلون لإنقاذها.. أستراليا تشن حربًا شرسة ضد الإبل
  • ختام التصفيات الأولية لمهرجان العرضة ببدية
  • الجلفة.. 5 جرحى في اصطدام بين سيارتين بعين الإبل