شح في المواد وقائمة ممنوعات.. حصار يخنق الإمدادات الطبية إلى غزة
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
"قطرة في محيط الاحتياجات".. تعبير لجأ إليه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الإثنين، لوصف شح المساعدات الطبية التي تدخل إلى قطاع غزة، منذ الحصار المشدد المفروض من قبل إسرائيل عقب هجمات السابع من أكتوبر، التي قلّت كما ونوعا، خاصة أن بعض المواد الحيوية أصبحت على "قائمة الممنوعات".
وقال أدهانوم غيبريسوس على هامش "القمة العالمية للحكومات 2024" في دبي، إن المساعدة المقدمة - حتى الآن - لغزة من حيث الإمدادات الطبية هي "قطرة في محيط الحاجة الذي يستمر في النمو كل يوم".
والشهر الماضي، أوضح المسؤول أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة، تواجه "تحديات شديدة" مستمرة في إطار دعم النظام الصحي في غزة.
وأضاف: "أكثر من 100 ألف من سكان غزة إما قتلوا، أو أصيبوا، أو فُقدوا ويفترض أنهم ماتوا"، وتابع: "خطر المجاعة مرتفع ويتزايد كل يوم، مع استمرار الأعمال العدائية وتقييد وصول المساعدات الإنسانية".
ويحتشد حوالي 1.4 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكان القطاع المدمر، في مدينة رفح جنوبي القطاع، غالبيتهم العظمى فروا من العنف في شمال القطاع ووسطه عقب اندلاع الحرب قبل أكثر من 4 أشهر.
الاتحاد الأوروبي: لا يمكن لأحد القيام بعمل الأونروا قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بحاجة لأن تكون قادرة على مواصلة عملها، وذلك تزامنا مع إجراء التحقيق في مزاعم بأن بعضا من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفا في غزة شاركوا في هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. مواد "ممنوعة"المنسق الإنساني للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، ليوناردو ماكغولدريك، أوضح في تصريحات صحفية أدلى بها أواخر الشهر المنصرم، أن هناك مواد ممنوعة من دخول قطاع غزة، مثل المضخات والمولدات وقطع الغيار وأنابيب الصرف الصحي وألواح الطاقة الشمسية وبعض المعدات الطبية.
ودعا إلى إيجاد حلول لإزالة بعض هذه المواد من "قائمة الممنوعات" بسبب أهميتها في معالجة الأزمة الإنسانية الحالية، لافتا إلى أن القائمة تضمنت مواد طبية لعلاج الأمراض المزمنة، مثل حقن إنسولين الأطفال، مؤكدا أن سبب منعها "غير معروف".
ونوه كذلك بأن الأمم المتحدة "تجري مناقشات مع السلطات الإسرائيلية لبحث المواد المحظورة وإيجاد طرق لإزالة بعضها، لأهميته في معالجة الأزمة التي تتكشف حاليا بطريقة دراماتيكية للغاية"، على حد تعبيره.
كما أبدى ماكغولدريك قلقه إزاء الوضع المتردي في المستشفيات، حيث يعمل بعضها دون تخدير أو كهرباء، مشيرا إلى أن عمليات الإجلاء الطبي "لم تكن فعالة بشكل كاف"، مع وجود آلاف الأشخاص على قائمة الإجلاء، لكن قليلون فقط يتمكنون من تلقي الرعاية التي يحتاجون إليها.
مدير برنامج الرصد الصحي في #أطباء_بلا_حدود، غسان عزيز، للحرة: الهجوم البري على رفح سيكون كارثيا#الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة pic.twitter.com/S8F4KOOSxG
— قناة الحرة (@alhurranews) February 12, 2024ولم تبق مستشفيات تعمل بشكل كامل في القطاع، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة، الأربعاء، بينما يعمل نحو ثلثها بطاقة محدودة.
وبشأن المواد والأجهزة الطبية التي تقول إسرائيل إنه يجري تقييد أو منع دخولها لإمكانية استخدامها من قبل الفصائل الفلسطينية في صنع ذخائر أو أسلحة، أوضح الصحفي الفلسطيني، رائد لافي أن "هناك منع لدخول حوالي 1000 صنف من المنتجات، من بينها مواد ومعدات طبية، وذلك بحجة أن تلك المواد تخضع للاستخدام المزدوج".
وأضاف في حديثه إلى موقع "الحرة"، أن "المقصود بمصطلح المواد مزدوجة الاستخدام، هي التي تكون مخصصة للاستخدامات المدنية، لكن يمكن أيضا استغلالها في أمور عسكرية كصنع ذخائر وأسلحة".
وأشار إلى أن "إسرائيل فرضت عام 2014 ما يمكن تسميته (فيتو) على دخول تلك السلع، بحجة الاستخدام المزدوج، حيث تضمنت قائمة المنع مواد وأجهزة طبية".
كما لفت لافي إلى أنه خلال أطوار الحرب الحالية، لم تعمم وزارة الصحة في غزة أو الجهات الصحية الأخرى أي منشورات بخصوص المواد الطبية التي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع، مستدركا: "لكن وبشكل عام فالمساعدات الطبية التي يسمح بولوجها مؤخرا ليست ذات أولوية".
وشرح قائلا: "على سبيل المثال، ذكرت لجنة الطوارئ الصحية في رفح أن بعض المساعدات، والتي دخلت من معبر رفح، مخصصة لجائحة كورونا، علما أنها لم تعد بتلك الخطورة على الصعيد العالمي، بينما هناك نقص أو حتى نفاد لأدوية الأمراض المزمنة وأمراض القلب، أو تلك الضرورية لإجراء عمليات جراحية، وغير ذلك".
وفي نفس المنحى، قال نائب المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود قطاع غزة، الدكتور محمد أبو مغيصب، لموقع "الحرة": "ليست لدي معلومات محددة بشأن الأدوية والمواد والأجهزة الصحية التي تمنع إسرائيل دخولها في الوقت الحالي".
لكنه استطرد قائلا: "بشكل عام فإن هناك بعض الأجهزة الطبية التي تحتاجها حاليا المستشفيات، مثل المعدات التشخيصية، وهي غير متوفرة، علما أنه حتى قبل السابع من أكتوبر فإن تلك المعدات كانت تدخل بصعوبة بالغة إلى القطاع".
"لماذا أُخذت أمي مني؟".. أيتام يعانون في خيام رفح ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن حالة من الغضب والحزن تسيطر على الكثير من الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا والديهم أو أحدهما جراء القصف المكثف والعميات البرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أكثر من 4 أشهر.من جانبها، قالت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وهي الهيئة المكلفة بتطبيق سياسة الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إن "إدخال الأدوية والمعدات الطبية (إلى قطاع غزة) يتطلب إجراء الفحص الأمني وفقا لأنظمة الفحص المتبعة في المعابر وتوجيهات الجهات الأمنية".
وأضافت أنه "في حال كانت هنالك معيقات في طريقة إجراء فحص المعدات، فيجب تنسيق طريقة الفحص بصورة مفصلة ومحددة".
وتابعت الوحدة: "يجب أن يتم إجراء تنسيق إدخال المعدات الطبية والأدوية القادمة من طرف المنظمات الدولية، ومن قبل مندوبي المنظمات، وليس عن طريق (إدارة) معابر البضائع، و(أن يتم ذلك) بصورة مفصلة ومحددة".
"معاناة منذ ما قبل الحرب"لافي، الذي اضطر للنزوح مع عائلته إلى مدينة رفح، اعتبر أن "مصطلح (قطرة في محيط) سبق أن استخدمه العديد من المسؤولين الدوليين للتعبير عن المآسي التي يعيشها سكان قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وإثر إغلاق كافة المعابر الحدودية".
وأوضح: "المساعدات بدأت تدخل في أواخر أكتوبر الماضي وزادت خلال فترة الهدنة الإنسانية في نوفمبر، لكن كل تلك المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية هي فعلا مجرد قطرة.. ولتوضيح الصورة، يكفي أن نذكر أن ما بين 500 إلى 600 شاحنة كانت تدخل بشكل يومي عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، لتلبية احتياجات سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة".
وبالنسبة لأوضاع القطاع الصحي في الآونة الأخيرة، قال لافي: "أقل ما يمكن ما وصفه بأنه كارثي، خاصة في رفح التي تعتبر أصغر مدن قطاع غزة، وتأوي حاليا أكثر من 1.4 مليون نسمة، بعد أن كان عدد سكانها قبل الحرب لا يتجاوز 250 ألف شخص".
وتابع: "في هذه المدينة لا يوجد بالأساس مستشفى كبير بالمعنى التقليدي، لكن يتوفر فيها بعض المراكز الصحية وأكبرها هو مركز (الشهيد أبو يوسف النجار)، والذي يطلق عليه اسم مستشفى، كما يوجد بعض المراكز الصغيرة المتخصصة بتقديم علاجات معينة".
أرقام.. قبل وبعد الحربولفهم الطبيعة الكارثية لشح المساعدات، خاصة الطبية منها، التي تدخل القطاع الفلسطيني، يمكن مقارنة أرقام الشاحنات التي كانت تدخل قبل الحرب وبعدها.
وفي هذا الصدد، أكد أبو مغيصب أن "المساعدات بشكل عام غير كافية، حيث كانت أكثر من 500 شاحنة تدخل قبل الحرب بشكل يومي، وحاليا لا يتجاوز عددها 100 إلى 200 شاحنة في أحسن الأحوال".
وشدد على أن الإمدادات الطبية كانت قبل بدء الحرب قليلة، موضحا أن "المنظومة الصحية كانت بالأصل تعاني نقصا حادا في الأدوية حتى قبل فرض الحصار المشدد على غزة عقب أحداث السابع من أكتوبر، وما يسمح بدخوله الآن يمكن القول عنه بالفعل إنه نقطة من بحر الاحتياجات في المجال الصحي".
وأضاف: "حاليا المستشفيات شمالي القطاع خارج الخدمة، كما أن نزوح مئات آلاف الغزيين نحو رفح تسبب بضغط كبير على المنظومة الصحية المتهالكة، حيث لا توجد منشآت طبية كافية في المدينة وضواحيها".
ويتفق لافي مع ما قيل آنفا، مضيفا: "منذ أن فرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة عام 2007 (بعد سيطرة حماس على الحكم) فإن حوالي 40 بالمئة من الأدوية والعقاقير لم تعد متوفرة في مخازن وزارة الصحة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السابع من أکتوبر الطبیة التی قبل الحرب قطاع غزة أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
تدمير نحو 70 % من الأراضي الزراعية في غزة منذ بداية الحرب
كشفت صحيفة الغارديان في تقرير جديد استنادًا إلى صور أقمار صناعية، أن نحو 70% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة قد تعرضت للتدمير أو التضرر بشكل كبير منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع فى السابع من اكتوبر لعام 2023، وتظهر الصور الجوية التي تم تحليلها تدميرًا واسعًا للمساحات الزراعية التي كانت تشكل مصدرًا رئيسيًا للغذاء والاقتصاد بالنسبة للعديد من العائلات الفلسطينية.
رغم الظروف القاسية التي يواجهها المزارعون والصيادون في غزة، فإنهم يواصلون العمل في ظروف خطرة للغاية، العديد منهم يخاطرون بحياتهم في مناطق قريبة من خطوط المواجهات أو في المناطق التي تتعرض لقصف مكثف، سعياً للحفاظ على الإنتاج الزراعي وتوفير احتياجات سكان القطاع من الطعام، تشير التقارير إلى أن كثيرًا من هؤلاء العاملين في قطاع الزراعة والصيد قد فقدوا معداتهم ومصادر دخلهم بسبب القصف، ومع ذلك، يصرون على الاستمرار في عملهم رغم المخاطر الكبيرة.
أفادت منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) بأن الإنتاج الغذائي في غزة تعرض لتدمير واسع، ما زاد بشكل كبير من خطر المجاعة في القطاع، فقد دُمرت المحاصيل الزراعية، بما في ذلك الخضروات والفواكه، وكذلك الثروة الحيوانية، في حين تسببت الهجمات في تعطيل القدرة على الصيد والإنتاج البحري، وأكدت المنظمة أن القطاع يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية، مما يهدد حياة الملايين من المدنيين الفلسطينيين.
إلى جانب تدمير الأراضي الزراعية، يواجه قطاع غزة إغلاقًا جزئيًا للأسواق المحلية، مما يعوق قدرة المزارعين على بيع محاصيلهم، هذا النقص في إمدادات السوق يزيد من المعاناة، حيث تُحرم العائلات من الوصول إلى المنتجات الأساسية، في وقت يشهد فيه القطاع أزمة غذائية حادة.
تأتي هذه التحذيرات وسط توقعات متزايدة حول تفشي المجاعة في غزة، في ظل استمرار تدمير الموارد الغذائية، وبحسب التقرير، فإن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية تدق ناقوس الخطر بشأن الوضع المتدهور، محذرة من كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم بسبب نقص الغذاء والموارد الأساسية.
في ظل هذه الظروف القاسية، طالبت المنظمات الإنسانية الدولية والسلطات المحلية بزيادة حجم المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بالإضافة إلى ضرورة فتح المعابر للسماح بدخول الإمدادات الغذائية والأدوية.