دور صناديق الاستثمار في التوظيف
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
علي بن سالم كفيتان
باتت ثقافة الصناديق تنتشر بصورة لافتة؛ ابتداءً من المؤسسات الحكومية وانتهاءً بالشركات، فكل فائض مالي يُبحث له عن صندوق يحتويه، بينما طوابير المنتظرين على دكة التشغيل تزداد؛ فحسب بيانات وزارة العمل والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات تخطت القائمة 100 ألف مواطن، عاطلون في وطنهم، في الوقت الذي تتسابق فيه الجهات الاقتصادية لاحتواء الفائض المالي وحفظه في الصناديق.
أي مستقبل يمكننا الحديث عنه؟ ومن الذين نُخطِط لمستقبلهم؟ أليسوا هم جيل الشباب الباحثون عن عمل اليوم؟ حريٌ بنا أن نتعامل مع الوضع الراهن بشيء من الشفافية والواقعية من خلال توظيف الفوائض المالية في تشغيل الشباب بشكل مباشر، بعيدًا عن فلسفة الشعور بأنَّ كل شيء مؤقت؛ فالوظائف المدعومة بأجور مؤقتة عبر مبادرات وزارة العمل مقطوعة من شجرة، وتعمل على تصدير المزيد من الشباب ليصبحوا مُدرجين في صندوق الأمان الوظيفي، الذي باتت أعداد المنتسبين له تتنامى، بينما المفترض أن يحدث العكس، فمن تم تأهيله وتدريبه في دورات مُتخصصة أو على رأس العمل في الشركات أو في القطاع العام يُفترض أن يُمنح فرصة وظيفة ثابتة في القطاع الذي تم تأهيله من أجله!
نتفق ولا نختلف على أن استثمارات الصناديق مهمة ونافعة في الحالات الطارئة، إذا ما تعرضت بلادنا لظروف طبيعية مختلفة مثل العواصف والأعاصير وربما غيرها، سائلين الله أن يبعد عنَّا كل شر. لكننا ننظر كذلك لوجود عشرات الآلاف من الطاقات الشابة دون عمل كحالة وطنية طارئة؛ فما عسى أن يحدث من تغيرات في السلوك البشري الذي يرى السنوات تجري أمامه وهو ينتظر في محطة التشغيل التي انقطعت عنها حافلات الفرص منذ سنوات!
هذا يقودنا للحديث عن منح الأولوية القصوى للأخذ بأيدي الشباب إلى ساحات الكد والعطاء، فلا يمكننا التجرد من هذه القضية وجعلها مسألة عرض وطلب، كما يُشير علينا صندوق النقد الدولي الذي أضر بالكثير من البلدان وزعزع أوضاعها الاجتماعية، عبر إدارة الظهر لكل ما يخدم الحماية الاجتماعية، وفتح الباب على مصراعيه للقادم من الخارج تحت مسمى الاستثمارات الأجنبية، التي يشترط كثير منها توظيف أبناء جلدتها أولًا، وخاصة في الوظائف المجزية، بينما يُترك لشباب الوطن فتات الاستثمارات، وأبلغ رسالة ما نشهده من قدوم عشرات المهندسين والفنيين من الخارج لتسيير استثماراتهم في بلدنا، فأين الفرص التي خلقتها تلك الاستثمارات المليارية لشبابنا؟
كل شيء ينمو في الجانب الاقتصادي بحمد الله، وهذا بتوفيق منه سبحانه وتعالى، ثم بفضل السياسة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- لكن ما لم ينعكس ذلك على بناء فرص تشغيل حقيقية للشباب- كما وجّه المقام السامي في أكثر من مناسبة- فلن نصل إلى الهدف المنشود؛ إذ إن بعض القائمين على سياسة التشغيل ينعتون الشباب بقلة المهارة، وتراجع مستوى التعليم، وعدم الجاهزية للوظائف، وكأن هؤلاء الشاب درسوا في كوكب آخر غير كوكبنا، ووطن آخر غير وطننا، فهذا الشاب أو هذه الشابة تعلم في مدارسنا وتخرج في جامعاتنا، ولا يُلام إذا كان قليل المهارات؛ بل تُلام المنظومة التعليمية بشقيها المدرسي والجامعي، التي نتج عنها هذه المخرجات، ووجب علينا جبر الضرر من خلال استيعابهم والأخذ بأيديهم وإعادة تقييم سياستنا التعليمية جذريًا بكل وضوح، لتفرز لنا الكفاءات التي نريد، ودون ذلك لن نستطيع تخطي هذه العقبة.
يتفق علماء الاجتماع في أطروحاتهم المختلفة على أن الشباب طاقة كامنة ذات ثلاثة أوجه، إن لم يتم توظيف الوجه الأول بالشكل الصحيح في الأعمال والسلوكيات الحميدة تصبح السلبية أمرًا حتميًا؛ ليبرز الوجه الثاني وخاصةً إذا ما تراجع الوازع الديني والأخلاقي، وهذا يقود بدوره لتعظيم تكاليف مُجابهة الجريمة، التي قد تساوي أحيانًا تكاليف التوظيف السليم لمهارات ورغبات الإنسان، بينما يكون الوجه الثالث هو اليأس والقنوط، الذي يقود للانعزال وكُره الحياة وحب الموت أو الكفر- والعياذ بالله.
إنَّ الشعور بتراجُع المساواة والعدالة الاجتماعية يُراكم المشاعر السلبية، ويُغذِّي السلوك غير الحميد؛ فالإنسان كائن فطري جُبل على الدفاع عن أساسيات حياته: الغذاء والكساء والمسكن والعيش الكريم.
حفظ الله بلادي.
****************
يقول أديب صيني في مذكراته: "الأوطان ليست حصَّالات نقود؛ بل مساحاتٍ رحبةٍ وفسيحةٍ من الفرص والأمل في غدٍ أفضل".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير التجارة الخارجية يستقبل وزيرة البيئة لبحث الفرص الاستثمارية فى القطاعات البيئية
استقبل المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة حيث تمت مناقشة وعرض الفرص الاستثمارية في القطاعات البيئية المختلفة ومنها قطاع المخلفات والسياحة البيئية وخطط الاستثمار المناخي، والتى تعد قطاعات واعدة وجاذبة للاستثمار، وبحث سبل الترويج لها.
ومن جانبها أعربت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة عن أمتنانها للتعاون مع وزارة الإستثمار للترويج للفرص الإستثمارية الواعدة فى مجالات البيئة المختلفة، مشيرة إلى توجيهات القيادة السياسية بضرورة ربط ملف البيئة بالتنمية الاقتصادية، وكذا قيام وزارة البيئة خلال الفترة الماضية بالعمل على تطوير المناخ الداعم لملف المحميات الطبيعية والسياحة البيئية بهدف تعظيم العوائد الاقتصادية للدولة المصرية.
واستعرضت د. ياسمين فؤاد، عدد من الإجراءات التى تمت فى سبيل تهيئة المناخ الداعم للاستثمار، ومنها تسهيل إجراءات الحصول على الموافقات البيئية، حيث يتم حاليًا إصدار الموافقات البيئية خلال ٧ أيام عمل على الأكثر بدلًا من ٣٠ يوم المنصوص عليها، كما يجرى الانتهاء من تفعيل الربط الإلكتروني بين جهاز شئون البيئة والهيئة العامة للتنمية الصناعية، كما تم إعداد دليل إرشادي للاشتراطات البيئية الخاصة بالمشروعات المختلفة، والواقعة ضمن القطاعات المحددة للحصول على الرخصة الذهبية.
وفى إطار تمويل التنوع البيولوجي وحماية الطبيعة في المحميات الطبيعية أشارت وزيرة البيئة إلى أنه يجرى العمل من خلال وزارة البيئة على إنشاء آلية تمويلية ميسرة لدعم مشروعات الاستثمار البيئي والسياحة البيئية داخل المحميات الطبيعية حيث تهدف الآلية التمويلية إلى تعزيز نمو السياحة البيئية، مشيرة إلى إنشاء وحدة الاستثمار البيئي والمناخي بوزارة البيئة، للعمل على حل مشاكل المستثمرين وتسهيل الإجراءات الخاصة بإصدار الموافقات والتصاريح، ووضع الفرص الاستثمارية في مجالات البيئة والمناخ، وإعداد الدراسات المبدئية لها والعمل على إتاحتها لراغبي الاستثمار،
وتطرقت وزيرة البيئة خلال الإجتماع إلى خطط الاستثمار المناخي مشيرة إلى أنه بالتعاون مع صندوق المناخ الأخضر، وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠، تم إعداد خطط الاستثمار المناخي لبعض القطاعات ذات الأولوية، كقطاع الزراعة، قطاع الموارد المائية والري، كما يتم العمل على جذب استثمارات فى مجال السوق الطوعي للكربون حيث من المتوقع أن يسهم سوق الكربون في جذب استثمارات محلية ودولية جديدة، حيث ستتمكن الشركات من إصدار وبيع شهادات خفض الانبعاثات الكربونية.
ومن جانبه قال الوزير ان اللقاء استعرض امكانيات إنشاء منصة إلكترونية للاستثمار البيئي والمناخي في مصر، مشيرا إلى إنه تم استعراض الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات إدارة المخلفات الصلبة والطاقة المستدامة والاقتصاد الحيوي.
وأشار الخطيب إلى حرص الوزارة على تفعيل الحوافز الاستثمارية المنصوص عليها في قانون الاستثمار، وتوسيع نطاق مساندة المشروعات البيئية والمناخية، مشيرا إلى أهمية تعزيز الجهود المشتركة لزيادة معدلات النمو الاقتصادي مع تحقيق الاستدامة البيئية.
واوضح الوزير ان الوزارة تستهدف العمل على خلق مناخ استثماري أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية، قائم على الشفافية والوضوح وتوفير البيئة المؤسسية والتشريعية الداعمة وتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين، مع تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية.
وتطرق الإجتماع أيضًا إلى الفرص الاستثمارية المتاحة فى مجال الإدارة المتكاملة للمخلفات سواء المخلفات البلدية الصلبة، المخلفات الزراعية، مخلفات البناء والهدم، لمعالجات هذه المخلفات بقيمة مضافة وتعظم دور الاقتصاد الدوار والاستدامة، وعرض الوضع الراهن لمشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة.
وفى سياق متصل شَهد الوزيران توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات وجهاز تنظيم ادارة المخلفات بشأن التعاون في مجال تطبيق العلامة الخضراء للمنتجات البلاستيكية، حيث يسهم هذا البروتوكول في دعم وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر مما ينعكس على سمعة الصادرات المصرية وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالمية، وقع البروتوكول المهندس عصام النجار رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، والأستاذ ياسر عبد الله الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات.
ووفقًا لبنود البروتوكول يلتزم جهاز تنظيم إدارة المخلفات بإرسال العينات للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، لتحليلها وتقييم نتائج التحليل طبقًا لجدول زمنى محدد لكل تحليل على حده، ويتم إمداد معامل هيئة الرقابة بالطرق التحليلية الحديثة لتطبيقها، وإجراء الدراسات اللازمة لإستخدامها في التحليل بعد إعتمادها.
كما ينص البروتوكول على عقد جهاز تنظيم المخلفات لإجتماعات متابعة دورية أو طارئة مع المختصين من معامل الهيئة المتعاقدة بهدف تسيير العمل، ومناقشة الإستفسارات الفنية، وتقييم الاداء، وأهداف التطوير، بالإضافة إلى تقديم الخدمات ونقل الخبرات والإستشارات الفنية وعقد الندوات والتدريب فى مجال الفحص والتحليل لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات وفقًا للإمكانيات المتاحة، كما يشارك جهاز تنظيم إدارة المخلفات هيئة الرقابة علي الصادرات والواردات في مشروعات توريد أحدث الأجهزة المعملية لإجراء الإختبارات الخاصة بمنح الشركات العلامة الخضراء.
وتتولى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات مهمة إستلام العينات من جهاز المخلفات أو الشركات والمصانع التابعة له وتكويدها بعد التأكد من مطابقة البيانات المدونة على العبوة ومراجعتها ببيانات الطلب الوارد معها ، حيث تقـوم معامل الهيئة بفروعها المختلفة بإجـراء الإختبارات المعملية، وإرسال نسخة من تقرير الإختبار إلكترونيًا وورقيًا فور الإنتهاء منه، بالإضافة إلى المشاركة في تقديم الخدمات ونقل الخبرات والإستشارات الفنية وعقد الندوات والتدريب فى مجال الفحص والتحليل ، كما تقوم الهيئة أيضًا بتصميم وتنفيذ خطط وبرامج التحقق من كفاءة المعامل التابعة لها وذلك من خلال توزيع عينات التحقق، بهدف التحقق من كفاءتها ودقة نتائجها لتقييمها من قبل جهاز المخلفات، كذلك تجرى الهيئة الدراسات العلمية لتقييم المخاطر للملوثات المختلفة، مع تقديم الدعم الفني الإستشاري لإيجاد حلول لتلك المخاطر وذلك بالمشاركة مع جهاز المخلفات.