عربي21:
2024-12-24@02:56:43 GMT

بطولات مناحيم في غزة

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

ما الذي حملني إلى هذه القذارة، إلى وكر الحشرات؟! لماذا لم تبقوا صامتين، تلتقمون ما نلقي إليكم من بقايا، وما تجود به نفوسنا الشحيحة.. نحاصركم من الأرض والبحر، ونهبط عليكم متى شئنا من السماء؟!

عائلة جدي عانت كثيرا، بل واقتيد بعض أفرادها لمعسكرات الإبادة. كان صراخهم يعلو، ولم يشفع لهم أحد. الألم ليس جديدا، لكن هذه المرة ليس من نصيبنا، فنحن قد اكتفينا.



ليس لنا موطئ قدم إلا هنا، ألم تفهموا، كم يجب أن نسحق منكم حتى تفهموا؟!

كان مناحيم يستذكر أشياء كثيرة وهو متمترس مع جنود آخرين بين ركام المباني التي أنهكها قصف الطائرات. بين فينة وأخرى تمر أمامهم بعض العائلات المذعورة هاربة بحياتها وقليل من متاعها، يظهر رجل عجوز بمشية بطيئة، متكئأ على عصاه، يتبع خطو الهاربين.

- ساعده يا مناحيم (أحد الجنود).

- سأساعده عندما ينهي قطع الشارع العريض.

يقهقه الجميع..

وبعد أن بذل العجوز كل طاقته حتى يصل الناحية الأخرى بأمان، تلقى طلقات عديدة، فتكوّم جثة هامدة.

يعود مناحيم إلى ذكرياته..

جدّي كان مقامرا سيئا وخاسرا، وعندما يثمل في شرابه، كان يعيث في البيت خرابا، كي تعطيه جدتي ما لديها من نقود، كانت قوّادة في حانات برلين. كانت تكسب جيدا. كان بيتهم صغيرا وقذرا، هكذا أخبرني أبي، لكن بالكاد كانت جدّتي تسدّد الايجار وتؤمّن بعض الطعام لها ولأبي.

الآن بيتي كبير، تحيط به حديقة، وُلدت هنا. وقال أبي إنه أحضر جدّي وجدّتي بعد أن وعدتهم الوكالة اليهودية ببيت وعمل. لقد وجد أبي البيت جاهزا ودافئا، كان قد تم بناؤه منذ زمن طويل. لقد كان بيت أحدهم، كانت أوانيهم وفرشهم وأمتعتهم مرتّبة في أماكنها، فقط نزعنا صورهم عن الجدران.

يصعد مناحيم على الدبابة مع آخرين، ينطلقون في شوارع غزة المهجورة والمدمّرة. تصادفهم سيارة مدنية فيها عائلة من النازحين..

- إنها الحشرات ثانية (أحد الجنود).

- ماذا نفعل يا مناحيم؟

- جهّز الطلقات (صمت).

- أطلق..

تستحيل السيارة قطعا متطايرة، وتتبعثر الأشلاء.. يصفق الجنود داخل الدبابة ويضحكون.

فرح جدي كثيرا بالبيت الجديد، أصبح يمضي ساعات النهار في الحديقة، أما أبي فقد عمل في الجيش، كان يؤمّن احتياجات والديه بأريحية.

هل يظنّون أنهم سيعودون لبيوتهم، أو أننا سوف نغادر هذه الأرض؟ ألم يسمعوا الإله عندما وعد؟.. من يشكّك في وعد الإله؟! إنهم كَفَرة وجَهَلة، أو إنهم بلا إله.

- انظروا هناك.. من يختبئ بين الركام.

يتجمّع الجنود، يطلقون النار بكثافة ثم يسود الصمت.

ينطلقون ناحية الركام، بحذر شديد ينتشرون في أنحائه. كان هناك شاب في مقتبل العمر، ملابسه متّسخة، وقد أرهقه الجوع والعطش، انهال الجنود عليه بالضرب. كان مستسلما بلا حول ولا قوة، يخرج أحد الجنود علم إسرائيل من عتاده.

- قبّله أيها الكلب.

لا يستجيب رغم كسوره وأوجاعه..

- قبّله أيها الحشرة.

ينهالون عليه ضربا من جديد، أحدهم ينزع عن المسكين قميصه الصوفي.. يُخرج مناحيم سكينا عسكريا من حزامه، يمررها ببطء على جسد الشاب المستكين، وبتأنّ يرسم النجمة السداسية على ظهره، وتسيل الدماء، يطلقون النار في الهواء وحول الشاب الممدد على الأرض، وفيما هم كذلك تدوي قذيفة من المجهول، تنفجر في الجميع. ماتوا جميعا عدا مناحيم، الذي حملوه وقد قُطعت ساقاه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات غزة فلسطين غزة الاحتلال قصة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

 أسباب الانهيار وفرار الأسد: هرب الضباط الفاسدون وتركوا الجنود لمصيرهم

22 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: يروي الجنود السوريون شهاداتهم حول أسباب الهزيمة التي عجلت بسقوط نظام بشار الأسد، مشيرين إلى عيوب جوهرية في الأداء العسكري للنظام، وضعف الاستعدادات، وسيطرة الفساد، بالإضافة إلى انهيار الروح المعنوية والاعتماد المفرط على الحلفاء الخارجيين.

التقرير الذي أعدته صحيفة لوموند يتناول روايات حية من جنود وضباط عايشوا الأيام الأخيرة من حكم الأسد. الجندي السابق حسن، الذي خدم لسنوات طويلة كحارس شخصي في أمن الدولة، يصف حالة الفوضى التي اجتاحت الجيش مع تصاعد هجمات المعارضة، مشيراً إلى انسحاب الوحدات العسكرية من الجبهات الاستراتيجية وانعدام التوجيه من القيادة.

يتحدث عن لحظات الخوف والارتباك في صفوف الجنود عندما هرب كبار الضباط دون تنبيه القوات، تاركينهم لمصير مجهول.

الجنود المجندون قسراً كانوا الحلقة الأضعف في هذا الصراع، كما يروي هشام، المجند الشاب الذي تم تكليفه بمهام قتالية دون تدريب كافٍ. هشام يشرح كيف اضطر إلى تنفيذ أوامر قصف مناطق مأهولة بالمدنيين خوفاً من العقوبات القاسية، في ظل نظام كان يعاقب جنوده بوحشية على أدنى مخالفة. الخدمة العسكرية التي امتدت إلى أجل غير مسمى أجبرت الآلاف على الهروب أو رشوة الضباط للعودة إلى ديارهم، مما أدى إلى ضعف الجبهات وتآكل الثقة داخل الجيش.

على المستوى الاستراتيجي، كان الاعتماد على الحلفاء الروس والإيرانيين مفتاحاً لبقاء النظام لسنوات، ولكن مع تراجع دعم هؤلاء الحلفاء في الأشهر الأخيرة، أصبح انهيار الجيش وشيكاً. الجنود الذين كانوا يعملون تحت إشراف الإيرانيين أو حزب الله تلقوا رواتب أفضل، لكنهم واجهوا نفس الفساد الذي ينخر في المؤسسة العسكرية السورية. تركزت القرارات في أيدي المستشارين الأجانب، بينما فقدت القيادة السورية السيطرة على الأحداث.

حالة الفساد المستشرية كانت محور حديث الكثير من الجنود. عمار حسين، أحد المجندين الذين خدموا شمال حمص، يتحدث عن الظروف المعيشية البائسة والتدريب غير الكافي، ويقول إن الرواتب كانت تُنهب من قبل الضباط، مما زاد من الغضب الشعبي والاستياء بين الجنود.

عمار يرى أن النظام كان من المفترض أن يسقط منذ وقت طويل، لولا تدخل الحلفاء الخارجيين في اللحظات الحاسمة لإنقاذه.

مع تصاعد هجوم المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام ووصولهم إلى أبواب دمشق، لم يقدم الجيش السوري مقاومة تُذكر. انهيار الوحدات النظامية أمام الهجمات المتسارعة كان نتيجة انعدام التنسيق والخطط الواضحة. قوات المعارضة تمكنت من السيطرة على مناطق استراتيجية مثل حلب دون مقاومة كبيرة، مما أدى إلى حالة من الصدمة والانهيار الكامل بين صفوف الجيش.

أحد الضباط السابقين في الاستخبارات العسكرية يعزو سقوط النظام إلى عدة أسباب رئيسية: انهيار الجيش بسبب الاعتماد على مجندين يفتقرون للخبرة والعدد الكافي، والفساد الذي أنهك المؤسسة العسكرية، والغضب الشعبي الناتج عن سوء الأحوال المعيشية. حتى بين العلويين، الذين يُعتبرون من أكبر داعمي النظام، بدأ الاستياء يتزايد، مما أدى إلى ضعف الحاضنة الشعبية للنظام.

الخلاصة أن أسباب الهزيمة تمتد من الجبهات العسكرية إلى الداخل الشعبي والسياسي، حيث أدت مجموعة من العوامل المتشابكة إلى انهيار سريع ومفاجئ للنظام. هذه الشهادات تسلط الضوء على التحديات التي واجهها الجيش النظامي السوري في أيامه الأخيرة وتفضح القصور البنيوي في نظام الأسد الذي اعتمد على القوة والقمع لكنه فشل في مواجهة ديناميكيات التغيير السريعة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • 23 ديسمبر .. يوم خلود بطولات بورسعيد وتضحيات شعبها
  • إعلام إسرائيلي: شاشات البلازما والرفاهية تتسبب في مقتل الجنود
  • مدرب منتخب عمان: المنافسة في بطولات الخليج تختلف عن سواها
  • عاجل | سرايا القدس: أحد استشهاديينا تمكن من اقتحام ناقلة جند إسرائيلية وتفجير عبوة وسط الجنود في عزبة بيت حانون
  • بمعدل غير مسبوق.. آلاف الجنود البريطانيين يتركون الخدمة بسبب تدني الرواتب
  •  أسباب الانهيار وفرار الأسد: هرب الضباط الفاسدون وتركوا الجنود لمصيرهم
  • حصاد 2024.. بطولات الأهلي والزمالك في عام الهيمنة القارية
  • اللعب على شطآن الخليج
  • نجوم من ذهب في ذاكرة كأس الخليج العربي
  • إسرائيل تنشئ أول وحدة قتالية للمتدينات لمواجهة نقص الجنود