جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-26@12:38:16 GMT

أمريكا.. الخاسر الأكبر

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

أمريكا.. الخاسر الأكبر

 

محمد التوبي

بعد الأحداث في غزة وتكشّف المواقف السياسية للدول الغربية في منطقة الشرق الأوسط ولدى الحكومات، يتبين جليًّا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الخاسر الأكبر في المنطقة..

فبعد الوقوف المخزي مع إسرائيل عدّة وعتادًا فإنَّ واشنطن تواجه الكثير من المتاعب لإقناع الشعوب العربية بدورها تجاه السلام، وحتى حكومات الدول العربية أصبح لديها يقين بأنَّ واشنطن ليست الحليف الذي يمكن الوثوق به بعد هذا الانحياز الصارخ للعدو الصهيوني على حساب الفلسطينيين الذين قدموا أنهارًا من الدماء الزكية في سبيل الحرية.

تخسر الولايات المتحدة الكثير من المصالح في المنطقة؛ لأن حلفاءها من الشعوب تعوّدوا من شيطانهم الذي أظهر ما يُبطن  لمدة 50عامًا، فوقف مع الشيطان على حساب حمام السلام من الحلفاء الذين ظنّوا يومًا أن الولايات المتحدة سوف تقف- على الأقل- بطريقة مقبولة مع إسرائيل وتظهر شيئًا من التعاطف تجاه الفلسطينيين، لا سيما الأطفال الذين كفلت لهم الحقوق كأطفال في الحرب والسلم، وكذا حقوق المدنيين من الرجال والنساء، لكن لم تجد تلك الحقوق في قلوب الأمريكان ما يمكن أن تلين به قلوبهم؛ بل العكس من ذلك جلبوا ما يمكن لهم أن يجلبوه من وسائل الإبادة والقتل، إلاّ أنهم أرسلوا توابيت صغيره لدفن الأطفال في غزة من غير خجل ولا استحياء.

يخسر الأمريكان الشعوب التي دائمًا ما كانت تعيش تحت ظل الحماية من قبل الدولة الصديقة، الرجل القوي الذي يطوف العالم برًا وبحرًا وجوًا ليحمي حلفائه الموهومين بصداقته على طريقة العربان الذين لا يمكن لهم أن يخلفوا موعدًا سوا ضربوه مع الصديق والشقيق والرفيق في يوم من الأيام. لقد عاشت الشعوب العربية وهمًا بأن حكّامهم يتفقون في ما فيه صالحهم وصالح أوطانهم، ولكن تبيّن بعد طوفان الأقصى أن واشنطن دولة لا يمكن الوثوق بها ولا في شعاراتها ولا في ما تقول وتفعل.

الولايات المتحدة تنتصر للحروب والإبادات الجماعية، وتنتصر لتهجير الفلسطينين وقتلهم وتجويعهم وهم في ميزانها ليسوا بشرًا كباقي البشريه. لقد دمّرت هذه الحرب الأسطورة العسكرية الإسرائيلية ودمّرت الرواية الأمريكية التي نشرت منذ 50 عامًا والتي ذكرت فيها أن واشنطن قائمة على استتباب السّلام بين الفلسطينيين والإسرائليين وأنها تعمل من أجل ذلك، وقد ظهرت الحقيقة جليّة مثبتةً بالحقائق والبراهين أن لا صداقة مع العرب، وإنّما مصالح تصب في صالح الكاوبوي الأمريكي، ولسنا سوى وسيلة لتحقيق مصالحهم.

الارتباك الإعلامي الذي أحدثته معركة غزة في صفوف الحكومة الأمريكية والتبجح بنصرة إسرائيل يقابله خسارة أمريكية فادحة في صفوف البلدان العربية وكراهية لا يمكن أن تمر على هذه الشعوب كما مرت مسبقًا، وهذا كلّه في ظل الإنهيار التام لمصداقية التوجهات الأمريكية في المنطقة، والانكشاف الذي أحدثته هذه المعركة على مصداقية القيم التي تتغنى بها الحكومة في واشنطن ويتغنى بها الغرب اجمع من عدالة وديموقراطية وشفافية ؛ التي اصبحت عند العرب- وحتى الحكومات العربية- ليست سوى شعارات برّاقة كذّبتها معركة غزة المباركة.

على الولايات المتحدة الامريكية أن تدرك تمام الإدراك أن ما تقوم به يقوِّض العلاقة بينها وبين الشعوب العربية وعليها أن تراجع ما قامت به من انحياز سافر تجاه هذه القضية بالاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وعليها أن ترفع الحصانة عن اسرائيل حتى تسترجع شيئًا من الثقة المفقودة، وأن تبدأ في القيام بدورها مع الدول الكبرى في اعادة اعمار ما خلفته الحرب وما قامت به من دمار شامل في فلسطين، وإلّا سيكون عبثًا ما تقوم به من أدوار خطب الود للشعوب العربية الكارهة لدورها العبثي في المنطقة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معهد أمريكي: تقاعس أمريكا في اليمن جعل من الحوثي تهديد استراتيجي له علاقات بخصوم واشنطن المتعددين (ترجمة خاصة)

قال معهد أمريكي إن جماعة الحوثي في اليمن تشكل الآن تهديدًا استراتيجيًا له تداعيات عالمية على الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة.

 

وأضاف معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة (AEI) في تحليل للباحث "بريان كارتر"، ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" أن الولايات المتحدة وحلفاؤها فشلوا في منع إيران من تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين منذ عام 2015.

 

وذكر كارتر في تحليله المعنون "تكلفة التقاعس في اليمن" أن الحوثيين تحولوا من ميليشيا صغيرة في الجبال الشمالية في اليمن إلى تهديد استراتيجي كبير له علاقات بخصوم الولايات المتحدة المتعددين.

 

وأفاد المعهد أن الولايات المتحدة سعت إلى "تجنب التصعيد" ردًا على التصعيدات الحوثية الدرامية منذ أكتوبر 2023 من خلال اتخاذ سلسلة من التدابير نصفية التفاعلية التي فشلت في تحقيق تأثيرات حاسمة أو تدهور القدرات العسكرية للحوثيين بشكل ملموس.

 

وقال "لم يردع الحوثيون وقد جمعوا رؤى مهمة حول تشغيل الدفاعات الأمريكية ضد أنظمة الهجوم الخاصة بهم من جميع الأنواع. ومن المؤكد تقريبًا أن الحوثيين سيستغلون هذه الرؤية لتحسين فعالية هجماتهم الخاصة وتقديمها لخصوم الولايات المتحدة الآخرين. وفي الوقت نفسه، ستواصل العمليات الحوثية المتواصلة في الشرق الأوسط صرف الانتباه عن الجهود الأميركية لإعطاء الأولوية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما فعلت بالفعل منذ أكثر من عام".

 

وتطرق التحليل إلى فشل السعودية والإمارات في الحرب على جماعة الحوثي منذ 2015 بفضل الدعم الإيراني وحزب الله اللبناني. مشيرا إلى أن إيران صممت دعمها للحوثيين لبناء منظمة قادرة على تحدي ليس فقط الجناح الجنوبي لدول الخليج ولكن أيضًا إسرائيل والقوات الأمريكية.

 

وأشار إلى أن إيران تزود الحوثيين بتهريب الطائرات بدون طيار والصواريخ، غالبًا على شكل قطع، سواء عن طريق البحر أو عبر البر. حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها اعتراض هذه الإمدادات منذ عام 2015، ومع ذلك، لم تحقق الجهود الأمريكية سوى نجاح محدود للغاية، وذلك بسبب المسافات المعنية والموارد الأمريكية المحدودة المخصصة لمهمة الاعتراض.

 

وحسب المعهد "بدأ الحوثيون حملتهم الهجومية الإقليمية الموسعة في أكتوبر 2023، مما دفع واشنطن إلى رد دفاعي محدود فقط. في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أطلق الحوثيون طائرات بدون طيار وصواريخ استهدفت إسرائيل لأول مرة، ودخلوا رسميًا حرب 7 أكتوبر دعماً لحماس وبعد التنسيق مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران. ولم ترد الولايات المتحدة بمحاولة تعطيل قدرة الحوثيين على مواصلة الهجمات أو ردع الجماعة.

 

وقال "بدلاً من ذلك، تبنت الولايات المتحدة موقفًا رد الفعل والدفاع الذي لم يتسبب في أي تغيير ملحوظ في عملية صنع القرار لدى الحوثيين. ولم ترد الولايات المتحدة إلا بضربات على اليمن في 12 يناير 2024، بعد 26 هجومًا للحوثيين استهدفت الشحن الدولي وتسع هجمات شملت سفن حربية أمريكية وحليفة".

 

وأكد أن الاستجابة الأمريكية الأولية - والتي صُممت للدفاع عن الشحن فشلت دون تنفيذ ضربات "لتجنب التصعيد" - في منع التصعيد، حيث انتقل الحوثيون من الهجمات على إسرائيل في أكتوبر إلى هجمات متكررة بشكل متزايد على الشحن بدءًا من نوفمبر.

 

ويرى المعهد الأمريكي أن حملة الضربات التي تقودها الولايات المتحدة، والتي منعت الهجمات الحوثية الفردية ودمرت بعض البنية التحتية المستهدفة وعددًا محدودًا من الصواريخ على الأرض، فشلت في تغيير معدل هجمات الحوثيين.

 

وقال "كان من الممكن أن يؤدي رد فعل أمريكي أكثر قوة وجدية في أكتوبر ونوفمبر 2023 إلى تثبيط أو تعطيل هجمات الحوثيين على الشحن. لقد فشل الرد الدفاعي الأمريكي والحملة الجوية المحدودة اللاحقة، لأن هذه التهديدات لم تلحق أضرارًا كافية بقدرة الحوثيين ولم تضرب أهدافًا مهمة بما يكفي لردع إيران أو الحوثيين.

 

وتابع "كان من الممكن أن تؤدي الضربات المميتة وغير المميتة المتكررة على الأنظمة التي مكنت الحوثيين من استهداف وتتبع أهدافهم إلى تجريد الحوثيين من هذه القدرة. كان ينبغي أن يشمل هذا الجهد تعطيل أو تدمير سفينة التجسس الإيرانية بهشاد، والتي ساعدت الحوثيين بكل تأكيد في استهداف وتتبع الشحن من منطقة دوريتها في البحر الأحمر.

 

وأردف "كان من الممكن أيضًا أن تتسبب إجراءات أخرى، بما في ذلك دعم الجماعات المسلحة في اليمن أو التدابير الاقتصادية مثل إزالة البنوك في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من نظام سويفت الدولي، في دفع الحوثيين إلى إعادة حساباتهم من خلال تحدي سيطرة الحوثيين على شمال اليمن".

 

يقول معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة "لا شك أن كل من هذه الخيارات تنطوي على مخاطر كبيرة، لكنها كانت لتكون أكثر عرضة لتعطيل هجمات الحوثيين وجعل الهجمات أقل فعالية أو أقل تواترا".

 

ودعا صناع السياسات في الولايات المتحدة لأن يدركوا، قبل كل شيء، أن النهج الأكثر تحفظًا الذي كان يهدف إلى تجنب التصعيد أدى بدلاً من ذلك إلى تسهيل التصعيد.

 

وأوضح أن السماح للحوثيين بإطالة أمد حملتهم التصعيدية التدريجية هو في الواقع خيار سياسي أكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة في الأمد البعيد مقارنة بالجهود العسكرية الأكثر حسما.

 

وقال إن حملة الهجوم الحوثية التي استمرت عامًا ستوفر بيانات ودروسًا يمكن للحوثيين وخصوم الولايات المتحدة الآخرين استخدامها لتحسين فعالية هجماتهم على السفن البحرية الأمريكية والمنشآت البرية في المستقبل.

 

وزاد "توفر هذه الهجمات للحوثيين وربما داعميهم في طهران، على الأقل، قدرًا هائلاً من البيانات حول كيفية استجابة الدفاعات الجوية الأمريكية وحلفائها للصواريخ والطائرات بدون طيار. وبالمثل، يمكن للحوثيين مشاركة هذه البيانات مع الروس في مقابل بيانات الاستهداف الروسية للسفن في البحر الأحمر. ومن المؤكد أن الدروس المستفادة من هذه البيانات ستُستخدم ضد دفاعات البحرية الأمريكية في المستقبل ويمكن أن تفيد العمليات المعادية ضد الدفاعات البرية الأمريكية المضادة للطائرات بدون طيار والصواريخ أيضًا.

 

يضيف المعهد الأمريكي أن السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين في 2023-2024 تظهر أن "إدارة التصعيد" ليست نهجًا فاشلاً وسياسة غير مستدامة. لقد "صعد" الحوثيون مرارًا وتكرارًا ولم يواجهوا سوى رد فعل أمريكي محدود لم يفعل شيئًا "لإدارة التصعيد".

 

 وخلص معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة في تحليله بالقول "إن الدرس الذي يتعلمه الحوثيون في هذه الحرب هو أنهم قادرون على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن الحربية الأميركية والشحن العالمي وشركاء الولايات المتحدة، ولا يعانون إلا من عواقب محدودة وغير كافية. ويتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم أن "إدارة التصعيد" في واقع الأمر تشجع التصعيد وتطيل أمد الصراعات ــ وهي مشكلة خطيرة بشكل خاص عندما يتعين على الولايات المتحدة أن تكون قادرة على التركيز على مسارح حاسمة أخرى.

 


مقالات مشابهة

  • من سيملأ الفراغ شمال شرقي سوريا في حال انسحبت القوات الأمريكية؟
  • الولايات المتحدة: حددنا الأهداف التي يمكن لأوكرانيا ضربها بصواريخ أتاكمز
  • واشنطن: الولايات المتحدة تضغط بكل ما بوسعها للتوصل لحل في لبنان
  • أمريكا: حتى هذه اللحظة لا يمكن القول إن الاتفاق بشأن لبنان تم إنجازه
  • أمير منطقة حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة
  • سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة: الاستثمار في النساء ومساعدتهن أولوية قصوى للحكومة الأمريكية
  • “آسيا تايمز”: الولايات المتحدة و”إسرائيل” تفشلان في إيقاف هجمات أنصار الله اليمنية 
  • أستاذ علاقات دولية: الولايات المتحدة الأمريكية راضية عن مسار نتنياهو
  • عبدالمنعم سعيد: المرحلة الأولى من حكم ترامب ستتركز على الولايات المتحدة
  • معهد أمريكي: تقاعس أمريكا في اليمن جعل من الحوثي تهديد استراتيجي له علاقات بخصوم واشنطن المتعددين (ترجمة خاصة)