أمريكا.. الخاسر الأكبر
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
محمد التوبي
بعد الأحداث في غزة وتكشّف المواقف السياسية للدول الغربية في منطقة الشرق الأوسط ولدى الحكومات، يتبين جليًّا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الخاسر الأكبر في المنطقة..
فبعد الوقوف المخزي مع إسرائيل عدّة وعتادًا فإنَّ واشنطن تواجه الكثير من المتاعب لإقناع الشعوب العربية بدورها تجاه السلام، وحتى حكومات الدول العربية أصبح لديها يقين بأنَّ واشنطن ليست الحليف الذي يمكن الوثوق به بعد هذا الانحياز الصارخ للعدو الصهيوني على حساب الفلسطينيين الذين قدموا أنهارًا من الدماء الزكية في سبيل الحرية.
تخسر الولايات المتحدة الكثير من المصالح في المنطقة؛ لأن حلفاءها من الشعوب تعوّدوا من شيطانهم الذي أظهر ما يُبطن لمدة 50عامًا، فوقف مع الشيطان على حساب حمام السلام من الحلفاء الذين ظنّوا يومًا أن الولايات المتحدة سوف تقف- على الأقل- بطريقة مقبولة مع إسرائيل وتظهر شيئًا من التعاطف تجاه الفلسطينيين، لا سيما الأطفال الذين كفلت لهم الحقوق كأطفال في الحرب والسلم، وكذا حقوق المدنيين من الرجال والنساء، لكن لم تجد تلك الحقوق في قلوب الأمريكان ما يمكن أن تلين به قلوبهم؛ بل العكس من ذلك جلبوا ما يمكن لهم أن يجلبوه من وسائل الإبادة والقتل، إلاّ أنهم أرسلوا توابيت صغيره لدفن الأطفال في غزة من غير خجل ولا استحياء.
يخسر الأمريكان الشعوب التي دائمًا ما كانت تعيش تحت ظل الحماية من قبل الدولة الصديقة، الرجل القوي الذي يطوف العالم برًا وبحرًا وجوًا ليحمي حلفائه الموهومين بصداقته على طريقة العربان الذين لا يمكن لهم أن يخلفوا موعدًا سوا ضربوه مع الصديق والشقيق والرفيق في يوم من الأيام. لقد عاشت الشعوب العربية وهمًا بأن حكّامهم يتفقون في ما فيه صالحهم وصالح أوطانهم، ولكن تبيّن بعد طوفان الأقصى أن واشنطن دولة لا يمكن الوثوق بها ولا في شعاراتها ولا في ما تقول وتفعل.
الولايات المتحدة تنتصر للحروب والإبادات الجماعية، وتنتصر لتهجير الفلسطينين وقتلهم وتجويعهم وهم في ميزانها ليسوا بشرًا كباقي البشريه. لقد دمّرت هذه الحرب الأسطورة العسكرية الإسرائيلية ودمّرت الرواية الأمريكية التي نشرت منذ 50 عامًا والتي ذكرت فيها أن واشنطن قائمة على استتباب السّلام بين الفلسطينيين والإسرائليين وأنها تعمل من أجل ذلك، وقد ظهرت الحقيقة جليّة مثبتةً بالحقائق والبراهين أن لا صداقة مع العرب، وإنّما مصالح تصب في صالح الكاوبوي الأمريكي، ولسنا سوى وسيلة لتحقيق مصالحهم.
الارتباك الإعلامي الذي أحدثته معركة غزة في صفوف الحكومة الأمريكية والتبجح بنصرة إسرائيل يقابله خسارة أمريكية فادحة في صفوف البلدان العربية وكراهية لا يمكن أن تمر على هذه الشعوب كما مرت مسبقًا، وهذا كلّه في ظل الإنهيار التام لمصداقية التوجهات الأمريكية في المنطقة، والانكشاف الذي أحدثته هذه المعركة على مصداقية القيم التي تتغنى بها الحكومة في واشنطن ويتغنى بها الغرب اجمع من عدالة وديموقراطية وشفافية ؛ التي اصبحت عند العرب- وحتى الحكومات العربية- ليست سوى شعارات برّاقة كذّبتها معركة غزة المباركة.
على الولايات المتحدة الامريكية أن تدرك تمام الإدراك أن ما تقوم به يقوِّض العلاقة بينها وبين الشعوب العربية وعليها أن تراجع ما قامت به من انحياز سافر تجاه هذه القضية بالاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وعليها أن ترفع الحصانة عن اسرائيل حتى تسترجع شيئًا من الثقة المفقودة، وأن تبدأ في القيام بدورها مع الدول الكبرى في اعادة اعمار ما خلفته الحرب وما قامت به من دمار شامل في فلسطين، وإلّا سيكون عبثًا ما تقوم به من أدوار خطب الود للشعوب العربية الكارهة لدورها العبثي في المنطقة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الانتخابات الأمريكية 2024| ماذا ينتظر واشنطن حال فوز ترامب أو هاريس؟.. محللون: أمريكا بحاجة إلى قائد قوي.. والناخب سيختار الأقل سوءًا والابتعاد عن العنف السياسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترقب حذر ينتاب العالم أجمع في انتظار إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية، وذلك بعد ساعات من انطلاق الماراثون الانتخابي بين مرشحة الحزب الديمقراطي ونائبة الرئيس الحالي، ومرشح الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترامب، حيث يواصل الملايين من الشعب الأمريكي التصويت في الاقتراع الذي انطلق الساعة (10:00 بتوقيت غرينتش).
الانتخابات الأمريكية بالأرقاموبالنظر إلى من يملكون حق التصويت نجد أنه يبلغ عددهم 230 مليون ناخب، ولكن نحو 160 مليونا منهم فقط مسجلون، ومع ذلك، تسمح نصف الولايات الـ50 تقريبا في الولايات المتحدة بالتسجيل في يوم الانتخابات، في حين يستطيع المواطنون التصويت دون تسجيل في ولاية داكوتا الشمالية.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 70 مليون شخص قد صوتوا بالفعل من خلال صناديق الاقتراع البريدية أو في مراكز الاقتراع المبكر بهذا الاستحقاق، الذي وصف بأنه الأكثر تنافسا وتشويقا في تاريخ الانتخابات الأميركية، وسط مخاوف من أعمال عنف قد تلى إعلان النتائج.
وتشير تقارير صحفية أمريكية إلى أن عدد من صوتوا مبكرا في انتخابات هذا العام يتجاوز نصف إجمالي الناخبين بانتخابات 2020، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".
وإضافة للانتخابات الرئاسية، يصوت الناخبون أيضا لاختيار 34 عضوا بمجلس الشيوخ الأميركي (من أصل 100) وجميع أعضاء مجلس النواب الأميركي البالغ عددهم 435 عضوا. وبالإضافة إلى ذلك، ستجرى انتخابات حاكم الولاية في 11 ولاية ومنطقتين (بورتوريكو وساموا الأمريكية).
الانتخابات الأمريكية غير المسبوقةوعلى الرغم من التقارب الشديد بين المرشحين في استطلاعات الرأي، وبالفعل تعد الانتخابات الأمريكية غير المسبوقة على جميع الأصعدة، فمهما تكن هوية الفائز، فإن النتيجة غير مسبوقة، فإما أن ينتخب الأمريكيون للمرة الأولى امرأة، أو مرشحا مدانا في قضايا جنائية ومستهدفا بملاحقات قضائية عدة أدخلت ولايته الأولى بين العامين 2017 و2021 البلاد والعالم في سلسلة متواصلة من التقلبات والهزات.
محللون يتوقعون مستقبل واشنطن بعد الانتخابات الأمريكيةويرى العديد من المحللين السياسيين أن الانتخابات الأمريكية غير المسبوقة ستكون فارقة في العديد من القضايا الساخنة حول العالم، وفي هذا الشأن، قال الدكتور أحمد السيد أحمد، المحلل السياسي، أنه على الرغم من الخطاب الاستقطابي بين المرشحين على الرئاسة الامريكية، إلا أن الناخب الأمريكي سيختار الأقل سوءًا، حيث يفضل الأمريكيون الابتعاد عن العنف السياسي.
وأضاف «السيد» في تصريحات تليفزيونية أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن هناك حالة من العنف السياسي يرتفع منسوبها يوما بعد الآخر، وفي حرق لبعض صناديق الاقتراع وحالة استنفار كبرى من الحرس الوطني الأمريكي وانتشار في أكثر من 7 ولايات وسط حالة تصعيد سياسي قد يتحول لعنف.
من جهته قال الدكتور مهدي عفيفي، الباحث والمحلل السياسي، أن الأرقام القياسية ستكون حليفة للانتخابات الامريكية الحالية حيث أن هناك 82 مليون مواطن أمريكي صوتوا تصويت مبكر في الانتخابات الرئاسية الامريكية وهذا رقم قياسي في التاريخ الأمريكي.
ولفت المحلل السياسي في تصريحات تليفزيونية إلى أن الإقبال على لجان الانتخاب كبير للغابة والنتائج الأولوية تقارب شديد بين المرشحين.، مضيفًا أن مستقبل السياسة الأمريكي وما يحدث في أمريكا معقد جدا وفي 50 ولاية تعتبر 50 دولة بقوانينهم الانتخابات وكلهم تحت اتحاد فدرالي، لافتا إلى أن هناك 7 ولايات تتسم بأنها متأرجحة وصعب جدا التكهن من الفائز فيها والانتخابات الحالية مفصلية وما بعدها خطر على أمريكا والعالم أجمع.