موقع حيروت الإخباري:
2024-10-03@05:03:05 GMT

ابـــن الجـــــاوي …

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

ابـــن الجـــــاوي …

 

كتب / حسن عبدالوارث

 

 

 

لا تستطيع حين يحضر اسم الأستاذ عمر الجاوي إلاَّ وتتواتر قُبالتك مفردات جمَّة، أبرزها: الوحدة اليمنية، اتحاد الأدباء، مجلة الحكمة، حزب التجمع، حصار صنعاء، وأسماء مثل: د. عبدالرحمن عبدالله، حامد جامع، القرشي عبدالرحيم، حسن الحريبي، أحمد كلز، عبدالله العالم وآخرين.

 

ولا تستطيع حين تستذكر شريط ذكرياتك مع الأستاذ عمر، إلاَّ وتستحضر ومضات من مواقفه ووقفاته، التي قُدّر لك أن تعرفها عن كثب في مجرى علاقتك به، وقد تطاولت علاقتي به منذ أول لقاء في مطلع العام 1984.

وكان العم سعيد الجناحي هو خيط الوصل يومها.

 

باتت الذاكرة اليوم متضعضعة، وشيء من دخان الزهايمر يتسلل إلى خياشيم الذاكرة، غير أن ثمة عديداً من المشاهد تستقر في قاع المحبة بعد أكثر من ربع قرن من الرحيل الأليم:

 

لازلت أتذكر الكثير من الرجال والنسوة والشبان، الذين حلَّ فيهم ضيم أو اضطهاد، من شخص “مسؤول” أو جهة نافذة، أو إجراء غير سويّ، حين كانوا يتقاطرون على نحوٍ شبه يومي إلى مكتبه في اتحاد الأدباء – على شاطىء جولدمور – أو مقر حزب التجمع – بعد تأسيسه لاحقاً – في حي الخساف، أو يستوقفونه في مكانٍ ما تواجد فيه، أو حتى في قارعة الطريق.

 

وكان هؤلاء قد انسدّت الأبواب قُبالتهم، فلم يجدوا مُنجداً لهم إلاَّ ابن الجاوي، أو هكذا كانوا يعتقدون أو يأملون، فهو – في نظرهم – الرجل الشجاع الأمين الوحيد القادر على حمل شكواهم، أو مظلوميتهم إلى جبابرة الدولة، وعناترة السلطة، أو يخترق الجدران الفولاذية ليعود لهم بمفقود في غياهب سجون “البوليييس”، كما كان يحلو لابن الجاوي نطقها، في إشارة للمخابرات وليس الشرطة. أو تجده يتمكن من انصاف أو إنقاذ عاثر حظ سقط في قبضة الأجهزة أو الجلاوزة.

 

ولم يكن الأستاذ عمر شمشون جبار زمانه ولا جراندايزر يمانه، إنما كان صاحب كلمة حق إذْ تخرج من لسانه كالسوط اللاهب على ظهور حُكّام وعُكفة الشطرين حينها، فترتعد فرائصهم من تلك الكلمة، أكانت مكتوبة أو منطوقة أو منكوتة. وكم هي المواقف التي كانت له في هذا المضمار مع علي ناصر وعلي صالح وعلي سالم، وكل العلاعل والعلاَّت في ذاك الزمن وذاك اليمن.

 

ولازلت أستذكر حكايات عديدة مما أفرزته مأساة 13 يناير 1986، وكيف كان الأستاذ عمر حينها بمثابة الناطق الرسمي أو الممثل الشرعي لمئات الأُسَر التي فقدت عائلها، إما قتيلاً أو سجيناً أو هارباً من البلاد، أو مطروداً من عمله. حتى إنني رأيته يوماً يبكي خلسةً خلف مكتبه في اتحاد الأدباء، في الحجرة التي جعل منها سكناً إثر أن ترك شقته لشقيقاته التي كُنّ كل من تبقّى له وأجمل ما تبقّى له. كان يبكي متأثراً مما آل اليه مصير بعض ضحايا مأساة يناير إياها، لاسيما تلك المرة التي جاءت فيها تلك المرأة المُشرشفة تشكو إليه بمرارة شديدة كيف تحاول بعض الضباع السوداء – التي كانت ذات يوم بعيد ذئاباً حمراء – تُقايضها على فُرجها في مقابل إطلاق سراح زوجها المخفي في غياهب أحد المعتقلات!

 

وغير مرة وجدته يشتم مسؤولاً نافذاً في وجهه أو في الهاتف، أو يطرد بعضهم من مكتبه، لمعرفته الأكيدة بأنه تعمَّد إذلال مواطن مقهور أو مغلوب على أمره، أو أساء إلى أرملة شهيد أو ابنة فقيد أو زوجة أو أُم معتقل أو هارب من البطش. كم كان صنديداً أمام كل رعديد وجسوراً قُبالة كل حقير، لا يخشى أحداً إلى الحدّ الذي دفع بالصديق الأديب الراحل ميفع عبدالرحمن إلى تنبيهه ذات يوم: “هذا يا عمر قدُه جنان مش شجاعة”.. فما كان من الأستاذ أن يرد عليه: “والله ماناش أكثر مجنانة منك ومن صاحبك هذا اللي جنبك” في إشارة إليَّ.. فاختتمها الرائع حامد جامع بضحكة مُجلجلة لها أول وليس لها آخر.

 

ولازالت تتردد في جنبات قاعة المسرح الوطني بمدينة التواهي تلك الواقعة، التي حدثت ساعة أدى الفنان أحمد السنيدار أغنية من كلمات الشاعر محمود علي الحاج، ينفث فيها لوعته وشوقه لمدينته عدن وزوجته المقيمة فيها، التي لم تتمكن من مغادرتها إلى صنعاء، حيث يقيم محمود بعد أن رفض وزميله، فضل النقيب، العودة إثر مهمة رسمية لاتحاد الأدباء، وهي قصة من تداعيات زمن التشطير، معروفة للانس والجن، عبر الأغنية بمرموزها: مشتاق لك يا نجم فوق شمسان.

 

ساعتها أنبرى ابن الجاوي من بين الحاضرين، وأطلق صرخة موجهة إلى القيادة الحاكمة، ممثلة بالرئيس علي ناصر محمد، الذي كان لحظتها قاعداً في الصف الأول للقاعة، قائلاً بلغة الآمر الغاضب: “إرسلوا له حُرمته. عيب”. وقد كان ما كان: تم تسفير زوجة ابن الحاج إليه في صنعاء.

 

وحين كان الأستاذ عمر يتعرض لمؤامرة أو محاولة اغتيال، وكان يخرج منها سالماً أو مُرصعاً ببعض الجراح، فإذا به يهتف ساخراً: “قولوا لهولاء الهُبْل أنا حفيد عمر بن علي”، وهو وليّ مشهور في قرية الوهط مسقط رأسه. ثم ما يلبث أن يتحسس غليونه، الذي يُضاهي شهرة غليون تشرشل، فيروح يشعله بهدوء ورويَّة، نافثاً دخانه كمن ينفث غضبه مما يحدث حواليه من مؤامرات، وتسيُّد أنصاف الرجال، ومظالم وقهر أهل المبادئ والقيم.

 

 

 

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

الإمارات في أكتوبر… أجندة مزدحمة بالفعاليات والملتقيات الدولية

تستعد دولة الإمارات، خلال شهر أكتوبر المقبل، لاستضافة وتنظيم مجموعة كبيرة من الأحداث والفعاليات الدولية الضخمة، التي تعزز مكانتها مركزا عالميا للأعمال والسياحة بأنواعها كافة.
وتعد الإمارات واحدة من أهم الوجهات العالمية في استقطاب وتنظيم المعارض والمؤتمرات والملتقيات الدولية المتخصصة على مدار العام ، فيما يشهد شهر أكتوبر المقبل قائمة طويلة من الفعاليات المتنوعة ترصد وكالة أنباء الإمارات “وام” أبرزها في التقرير التالي:
– صحة المرأة
ينظم صندوق الشيخة فاطمة للمرأة اللاجئة، المؤتمر الدولي “صحة المرأة اللاجئة في ظل التغير المناخي” في العاصمة أبوظبي مطلع أكتوبر المقبل.
ويناقش المؤتمر عدداً من المحاور تتضمن إستراتيجيات الرعاية الصحية في المناطق المتأثرة بالتغير المناخي، وتمكين المرأة في إدارة صحة اللاجئين، والحلول المبتكرة ودعم الصحية النفسية في المناطق المتأثرة بالتغير المناخي.
– البيانات والتنمية المجتمعية
تستضيف الشارقة فعاليات الدورة الأولى من “المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية” يومي 9 و10 أكتوبر المقبل، الذي يناقش موضوعات متنوعة تشمل دور البيانات في تطوير البنية التحتية، وتعزيز الاستدامة، واستشراف مستقبل سوق العمل، وتحسين جودة الحياة بمشاركة أكثر من 100 متحدث من عدة دول.
– الاقتصاد الأخضر
ويشارك نخبة من أبرز الخبراء والمتحدثين العالميين في الدورة العاشرة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر التي تُعقد يومي 2 و3 أكتوبر المقبل في مركز دبي التجاري العالمي إلى جانب ممثلي الحكومات والمنظَّمات العالمية والمؤسسات الأكاديمية.
وتركز القمة هذا العام على مجموعة من المحاور الرئيسة، تشمل إزالة الكربون، وتحقيق أهداف الحياد المناخي، ودفع عجلة الطاقة النظيفة، والتمويل المناخي، والاقتصاد الدائري، والسياسات والأطر التنظيمية، واستخدام التكنولوجيا لمواجهة التغير المناخي، والشباب والعمل المناخي، الغذاء والماء.
– الحوار الأفريقي
وتستضيف الدولة، يوم 31 أكتوبر المقبل، نسخة جديدة من منتدى “الحوار الأفريقي – The Africa Debate”، تنظمها وزارة الاقتصاد بالتعاون مع مؤسسة “إنفيست أفريكا – Invest Africa”، وهي شبكة تجارية تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار في القارة الأفريقية.
– ويتيكس
وتنظم هيئة كهرباء ومياه دبي فعاليات الدورة الـ26 من معرض تكنولوجيا المياه والطاقة والبيئة “ويتيكس” في الفترة من الأول من أكتوبر إلى 3 أكتوبر 2024 في مركز دبي التجاري العالمي.
ويسلط المعرض الضوء على تقنيات وتوجهات الأمن السيبراني وأحدث التقنيات والأنظمة والبرامج المتعلقة بحوكمة الذكاء الاصطناعي، والتنبؤ بالمخاطر السيبرانية، وأمن أنظمة المعلومات والشبكات، وتعزيز الاستجابة للحوادث على مدار الساعة، وحماية البيانات الشخصية.

– الاستدامة في المحاسبة
وتستضيف جمعية الإمارات للمحاسبين والمدققين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمحاسبين، مؤتمر الاستدامة في المحاسبة والتدقيق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر المقبل في فندق بارك حياة – دبي.
وسيوفر المؤتمر منصة حيوية تجمع الخبراء الدوليين والإقليميين لمناقشة أحدث معايير الإفصاح عن الاستدامة وكيفية مواءمة هذه المعايير مع متطلبات المنطقة.
– معرض ومؤتمر “AgraME”
ويستضيف مركز دبي التجاري العالمي في الفترة من 7 إلى 8 أكتوبر المقبل الدورة الأكبر من معرض ومؤتمر “AgraME”، الذي يستقطب أكثر من 6.000 صانع قرار من أكثر من 180 دولة، ويضم أكثر من 150 عارضًا يعرضون أحدث الابتكارات في مجالات الزراعة والبستنة والزراعة الرأسية واستزراع الأحياء المائية وصحة الثروة الحيوانية.
– مهرجان الشارقة السينمائي
تعرض النسخة الـ 11 من مهرجان “الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب”، 98 فيلما من 28 دولة وذلك خلال الفترة من 6 إلى 12 أكتوبر المقبل.
ويستهدف المهرجان فتح آفاق واسعة أمام صناع الأفلام الرواد والناشئة، وتوفير منصة إبداعية قادرة على تمكينهم من عرض أعمالهم السينمائية أمام الجمهور.
– ملتقى دولي
وتنظم هيئة الشارقة للتعليم الخاص، وأكاديمية الشارقة للتعليم، النسخة الثالثة من الملتقى الدولي لمعلّمي العربية، “نماءٌ وانتماء”، يومي 5 و6 أكتوبر المقبل.
ويستعرض الملتقى التجارب التعليمية المتميزة، التي أحدثت فارقا في تدريس اللغة العربية وموادها على المستويين المحلي والدولي، كما يبحث سبل الاستثمار الأمثل لوسائل التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي في تعليمها بطرق مبتكرة وفريدة.وام


مقالات مشابهة

  • واشنطن تخلع قناعها: مع إضعاف حزب الله… ولو بالقوة!
  • حسن إسماعيل: تقزم… تتدحرج
  • الكهرباء الوطنية …. وانتظار غودو
  • تشكيلات إدارية في الجامعة الأردنية (أسماء)
  • الحزب الشيوعي السوداني … مخترق ام مختطف – الحلقة الأخيرة
  • التوك … توكر …!!
  • الدم ذخيرة المسيرة والنصر نصر الله…
  • “أمريكا: دعمٌ لإسرائيل بالسلاح… ودروسٌ للبقية عن حقوق الإنسان” .. كاريكاتير
  • أحمد الطيبي … يمكن اغتيال شخص أو فرد ولكن لا يمكن اغتيال الشعوب
  • الإمارات في أكتوبر… أجندة مزدحمة بالفعاليات والملتقيات الدولية