موقع حيروت الإخباري:
2025-02-27@13:54:32 GMT

ابـــن الجـــــاوي …

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

ابـــن الجـــــاوي …

 

كتب / حسن عبدالوارث

 

 

 

لا تستطيع حين يحضر اسم الأستاذ عمر الجاوي إلاَّ وتتواتر قُبالتك مفردات جمَّة، أبرزها: الوحدة اليمنية، اتحاد الأدباء، مجلة الحكمة، حزب التجمع، حصار صنعاء، وأسماء مثل: د. عبدالرحمن عبدالله، حامد جامع، القرشي عبدالرحيم، حسن الحريبي، أحمد كلز، عبدالله العالم وآخرين.

 

ولا تستطيع حين تستذكر شريط ذكرياتك مع الأستاذ عمر، إلاَّ وتستحضر ومضات من مواقفه ووقفاته، التي قُدّر لك أن تعرفها عن كثب في مجرى علاقتك به، وقد تطاولت علاقتي به منذ أول لقاء في مطلع العام 1984.

وكان العم سعيد الجناحي هو خيط الوصل يومها.

 

باتت الذاكرة اليوم متضعضعة، وشيء من دخان الزهايمر يتسلل إلى خياشيم الذاكرة، غير أن ثمة عديداً من المشاهد تستقر في قاع المحبة بعد أكثر من ربع قرن من الرحيل الأليم:

 

لازلت أتذكر الكثير من الرجال والنسوة والشبان، الذين حلَّ فيهم ضيم أو اضطهاد، من شخص “مسؤول” أو جهة نافذة، أو إجراء غير سويّ، حين كانوا يتقاطرون على نحوٍ شبه يومي إلى مكتبه في اتحاد الأدباء – على شاطىء جولدمور – أو مقر حزب التجمع – بعد تأسيسه لاحقاً – في حي الخساف، أو يستوقفونه في مكانٍ ما تواجد فيه، أو حتى في قارعة الطريق.

 

وكان هؤلاء قد انسدّت الأبواب قُبالتهم، فلم يجدوا مُنجداً لهم إلاَّ ابن الجاوي، أو هكذا كانوا يعتقدون أو يأملون، فهو – في نظرهم – الرجل الشجاع الأمين الوحيد القادر على حمل شكواهم، أو مظلوميتهم إلى جبابرة الدولة، وعناترة السلطة، أو يخترق الجدران الفولاذية ليعود لهم بمفقود في غياهب سجون “البوليييس”، كما كان يحلو لابن الجاوي نطقها، في إشارة للمخابرات وليس الشرطة. أو تجده يتمكن من انصاف أو إنقاذ عاثر حظ سقط في قبضة الأجهزة أو الجلاوزة.

 

ولم يكن الأستاذ عمر شمشون جبار زمانه ولا جراندايزر يمانه، إنما كان صاحب كلمة حق إذْ تخرج من لسانه كالسوط اللاهب على ظهور حُكّام وعُكفة الشطرين حينها، فترتعد فرائصهم من تلك الكلمة، أكانت مكتوبة أو منطوقة أو منكوتة. وكم هي المواقف التي كانت له في هذا المضمار مع علي ناصر وعلي صالح وعلي سالم، وكل العلاعل والعلاَّت في ذاك الزمن وذاك اليمن.

 

ولازلت أستذكر حكايات عديدة مما أفرزته مأساة 13 يناير 1986، وكيف كان الأستاذ عمر حينها بمثابة الناطق الرسمي أو الممثل الشرعي لمئات الأُسَر التي فقدت عائلها، إما قتيلاً أو سجيناً أو هارباً من البلاد، أو مطروداً من عمله. حتى إنني رأيته يوماً يبكي خلسةً خلف مكتبه في اتحاد الأدباء، في الحجرة التي جعل منها سكناً إثر أن ترك شقته لشقيقاته التي كُنّ كل من تبقّى له وأجمل ما تبقّى له. كان يبكي متأثراً مما آل اليه مصير بعض ضحايا مأساة يناير إياها، لاسيما تلك المرة التي جاءت فيها تلك المرأة المُشرشفة تشكو إليه بمرارة شديدة كيف تحاول بعض الضباع السوداء – التي كانت ذات يوم بعيد ذئاباً حمراء – تُقايضها على فُرجها في مقابل إطلاق سراح زوجها المخفي في غياهب أحد المعتقلات!

 

وغير مرة وجدته يشتم مسؤولاً نافذاً في وجهه أو في الهاتف، أو يطرد بعضهم من مكتبه، لمعرفته الأكيدة بأنه تعمَّد إذلال مواطن مقهور أو مغلوب على أمره، أو أساء إلى أرملة شهيد أو ابنة فقيد أو زوجة أو أُم معتقل أو هارب من البطش. كم كان صنديداً أمام كل رعديد وجسوراً قُبالة كل حقير، لا يخشى أحداً إلى الحدّ الذي دفع بالصديق الأديب الراحل ميفع عبدالرحمن إلى تنبيهه ذات يوم: “هذا يا عمر قدُه جنان مش شجاعة”.. فما كان من الأستاذ أن يرد عليه: “والله ماناش أكثر مجنانة منك ومن صاحبك هذا اللي جنبك” في إشارة إليَّ.. فاختتمها الرائع حامد جامع بضحكة مُجلجلة لها أول وليس لها آخر.

 

ولازالت تتردد في جنبات قاعة المسرح الوطني بمدينة التواهي تلك الواقعة، التي حدثت ساعة أدى الفنان أحمد السنيدار أغنية من كلمات الشاعر محمود علي الحاج، ينفث فيها لوعته وشوقه لمدينته عدن وزوجته المقيمة فيها، التي لم تتمكن من مغادرتها إلى صنعاء، حيث يقيم محمود بعد أن رفض وزميله، فضل النقيب، العودة إثر مهمة رسمية لاتحاد الأدباء، وهي قصة من تداعيات زمن التشطير، معروفة للانس والجن، عبر الأغنية بمرموزها: مشتاق لك يا نجم فوق شمسان.

 

ساعتها أنبرى ابن الجاوي من بين الحاضرين، وأطلق صرخة موجهة إلى القيادة الحاكمة، ممثلة بالرئيس علي ناصر محمد، الذي كان لحظتها قاعداً في الصف الأول للقاعة، قائلاً بلغة الآمر الغاضب: “إرسلوا له حُرمته. عيب”. وقد كان ما كان: تم تسفير زوجة ابن الحاج إليه في صنعاء.

 

وحين كان الأستاذ عمر يتعرض لمؤامرة أو محاولة اغتيال، وكان يخرج منها سالماً أو مُرصعاً ببعض الجراح، فإذا به يهتف ساخراً: “قولوا لهولاء الهُبْل أنا حفيد عمر بن علي”، وهو وليّ مشهور في قرية الوهط مسقط رأسه. ثم ما يلبث أن يتحسس غليونه، الذي يُضاهي شهرة غليون تشرشل، فيروح يشعله بهدوء ورويَّة، نافثاً دخانه كمن ينفث غضبه مما يحدث حواليه من مؤامرات، وتسيُّد أنصاف الرجال، ومظالم وقهر أهل المبادئ والقيم.

 

 

 

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

بالأسماء .. جامعة بنها تُعيّن رؤساء أقسام جدد لدعم المسيرة الأكاديمية

أصدر الدكتور ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، قرارات جديدة بتعيين رؤساء أقسام جدد بكليات الجامعة.
وشملت القرارات تعيين الدكتورة هدى علي سالم، الأستاذ بقسم الوراثة والهندسة الوراثية بكلية الزراعة، رئيسًا لمجلس قسم الوراثة والهندسة الوراثية بالكلية، وتعيين الدكتورة لمياء توفيق عبد الحميد، الأستاذ بقسم الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة، رئيسًا لمجلس قسم الاقتصاد الزراعي بالكلية، وتعيين الدكتورة حنان حسن صبري، الأستاذ بقسم الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية الطب البشري، رئيسًا لمجلس قسم الأمراض الجلدية والتناسلية بالكلية، وتعيين الدكتورة أمل عبيد مصطفى، الأستاذ بقسم الطفولة المبكرة والتربية بكلية التربية النوعية، رئيسًا لمجلس قسم الطفولة المبكرة والتربية بالكلية، وتعيين الدكتورة منال يوسف نجيب، الأستاذ بقسم طباعة المنسوجات والصباغة والتجهيز بكلية الفنون التطبيقية، رئيسًا لمجلس قسم طباعة المنسوجات والصباغة والتجهيز بالكلية.

كما شملت القرارات تعيين الدكتور إبراهيم محمد رضا، الأستاذ بقسم جراحة القلب والصدر بكلية الطب البشري، رئيسًا لمجلس قسم جراحة القلب والصدر بالكلية، وتعيين الدكتور إيهاب محمود عبد العال، الأستاذ بقسم الهستولوجيا بكلية الطب البيطري، رئيسًا لمجلس قسم الهستولوجيا بالكلية، وتعيين الدكتور شريف إبراهيم أحمد، الأستاذ بقسم تنمية الثروة الحيوانية بكلية الطب البيطري، رئيسًا لمجلس قسم تنمية الثروة الحيوانية بالكلية، وتعيين الدكتورة منى يحيى محمد، الأستاذ بقسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة ببنها، رئيسًا لمجلس قسم الهندسة المعمارية بالكلية، وتعيين الدكتورة نجلاء محمد عبد الجواد، الأستاذ بقسم التاريخ والآثار بكلية الآداب، رئيسًا لمجلس قسم التاريخ والآثار بالكلية.

كما شملت القرارات قيام الدكتور أحمد منير سلامة، الأستاذ المساعد بكلية العلاج الطبيعي، بأعمال رئاسة مجلس قسم العلاج الطبيعي لأمراض الباطنة بالكلية، وقيام الدكتور أيمن أحمد محمد، الأستاذ المساعد بقسم اللغة الفرنسية وآدابها بكلية الآداب، بأعمال رئاسة مجلس قسم اللغة الفرنسية وآدابها بالكلية.

مقالات مشابهة

  • عطاء ثقافي مستدام
  • تعيين رؤساء أقسام جُدد بكليات جامعة بنها
  • بالأسماء .. جامعة بنها تُعيّن رؤساء أقسام جدد لدعم المسيرة الأكاديمية
  • بالفيديو.. مدرسة الوطية للتعليم الأساسي تحتفل بيوم المعلم العماني
  • من النيل يبدأ من هنا … إلى الخوف والوجع ..!!
  • برمة ناصر… وبئس المصير
  • 26 فبراير … إعلان المشروع الأمريكي!
  • رواد المستقبل تقدم نموذجاً تعليمياً فريداً في معرض الرياضيات
  • شمس: صرت أبحث عن من سممني… فيديو
  • مناقشات حول ريادة الأعمال والشركات الناشئة بثاني أيام مؤتمر المسئولية المجتمعية للشباب