السلام في اليمن في مهبّ رياح..وجماعة انصار الله تستهدف سفينة أمريكية في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
دبي " أ.ف.ب ": أعلن جماعة انصار الله في اليمن اليوم الاثنين، استهداف سفينة أمريكية في البحر الأحمر، في أعقاب تقارير من وكالتين بريطانيتين للأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن استهدافها بصاروخين أثناء مرورها في مضيق باب المندب الإستراتيجي.
وقال المتحدث العسكري باسم انصار الله العميد يحيى سريع في بيان نقله التلفزيون إنه "انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني وضمن الردّ على العدوان الأميريكي البريطاني على بلدنا (.
وأضاف سريع أن "الإصابة دقيقة ومباشرة"، مؤكداً مواصلة "قرار منع الملاحة الإسرائيلية أو المتجهةِ إلى موانئ فلسطين المحتلة في البحرين الأحمر والعربي حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
وقبيل ذلك، قالت وكالة "يو كاي أم تي أو" التي تديرها القوات البحرية الملكية البريطانية، إنها تلقت "تقريراً عن حادثة على بُعد 40 ميلاً بحرياً إلى جنوب المخا في اليمن". وأضافت أن "القبطان أبلغ أن سفينته هوجمت بصاروخين"، مشيرةً إلى أن طاقم السفينة بخير وأن السفينة واصلت مسارها إلى ميناء توقفها التالي.
من جهتها، أفادت وكالة أمبري البريطانية للأمن البحري أيضاً أن ناقلة بضائع مملوكة لليونان وترفع علم جزر مارشال "استُهدفت بصواريخ في حادثتين منفصلتين" في غضون 20 دقيقة و"ورد أنها أصيبت وتعرضت لأضرار مادية على الجانب الأيمن"، لافتة إلى أن السفينة كان على متنها فريق أمني مسلح خاص.
لمحاولة ردعهم، شنّت القوّات الأمريكيّة والبريطانيّة ثلاث موجات ضربات على مواقع تابعة لهم في اليمن منذ 12 يناير الماضي. وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ يقول إنها معدّة للإطلاق.
وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأمريكية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافا مشروعة".
من جهة اخرى، حرف التصعيد العسكري في البحر الأحمر قطار السلام في اليمن عن مساره في ظلّ جبهة مستجدّة مفتوحة بين الغرب وجماعة انصار الله، وسط ضغوط على واشنطن لتجنّب التصعيد وترقّب دولي عن بُعد، وفق محللين.
وخلطت التطوّرات الأخيرة في منطقة البحر الأحمر أوراق السياسة في البلد الغارق في نزاع منذ حوالى عقد من الزمن، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من خواتيم مفاوضات دامت أشهراً بين المملكة العربية السعودية من جهة، وجماعة انصار الله من جهة أخرى، كادت أن تفضي مؤخراً إلى الإعلان عن خريطة طريق للسلام.
لكن مصير عملية السلام تلك باتت "في مهبّ الريح" في ظلّ هجمات جماعة انصار الله على سفن في البحر الأحمر، وفق ما يقول فارع المسلمي الباحث اليمني غير المقيم في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني لوكالة فرانس برس.
قبل التصعيد في البحر الأحمر، كان طرفا النزاع يستعدّان للدخول في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة كجزء من خريطة طريق لإنهاء الحرب التي اندلعت عام 2014، مع سيطرة جماعة انصار الله على مناطق شاسعة في شمال البلاد أبرزها العاصمة صنعاء.
لكن حاليًا "لم يعد هناك مكان متاح لخيار السلام على طاولة النقاش في زحمة الاشتباك العسكري والسياسي"، بحسب الباحث ماجد المذحجي، وهو أحد مؤسسي "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية".
ويضيف "نتحدث عن انتقال الاشتباك من الأطراف المحلية في الصراع اليمني وتحديدًا جماعة انصار الله إلى اشتباك مع أطراف دولية".
وجاء هذا التصعيد بعد فترة هدوء نسبي داخليًا منذ إعلان هدنة في أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها في أكتوبر من العام نفسه.
وللمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في اليمن، دخلت القوات الأميركية والبريطانية في مواجهة مباشرة مع جماعة انصار الله، فقصفت ثلاث مرات منذ الشهر الماضي، مواقع تابعة لهم. ويشنّ الجيش الأميركي منفردًا بين الحين والآخر ضربات على صواريخ يقول إنها معدّة للإطلاق داخل اليمن. وأعلنت جماعة انصار الله السبت تشييع 17 عنصرًا في صفوفهم قُتلوا جراء غارات غربية.
تأتي هذه الضربات ردًا على هجمات ينفّذها جماعة انصار الله منذ أكثر من شهرين، على سفن في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في ما يعتبرونه دعماً لفلسطينيي غزّة حيث تدور حرب بين حركة حماس والدولة العبرية منذ السابع من أكتوبر.
وإذ يشير المسلمي إلى أن "السلام في اليمن يتطلب التزامات دولية وإقليمية مختلفة عن تلك الموجودة الآن"، يحذّر من أن "الطريق إلى الحرب كان قد أُغلق" قبل التصعيد الأخير "أما الآن فالباب نحو الجحيم فُتح مجدّدًا على مصراعيه".
ويرى كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية محمد الباشا أنه "من غير المرجّح أن يدعم المجتمع الدولي خطة السلام في اليمن بسبب مخاوف من أن تشكل نوعًا من مكافأة لجماعة انصار الله على هجماتهم في البحر الأحمر".
فعلى العكس من ذلك، تسعى الدول الغربية إلى معاقبة جماعة انصار الله مع إدراج الولايات المتحدة الجماعة على لائحتها "للكيانات الإرهابية"، وفرضها ولندن عقوبات على مسؤولين في صفوفهم، بدون أن يفضيَ ذلك إلى تغيير في سلوك جماعة انصار الله.
لكن يبدو الوضع في غاية التعقيد بالنسبة للولايات المتحدة.
ويوضح مدير قسم شؤون شبه الجزيرة العربية في معهد الشرق الأوسط جيرالد فايرستاين الذي كان سفيرًا أميركيًا سابقًا في اليمن، خلال لقاء عبر الانترنت نظّمه المعهد، أن "إضافةً إلى رغبتها في عدم التصعيد، فهي تتعرض أيضًا لضغوط كبرى كي لا تفعل أي شيء من شأنه أن يقوض مفاوضات" السلام مشيرًا إلى أن ذلك "يأتي خصوصا من السعوديين والأمم المتحدة".
ويقول فايرستاين "أظن أن فكرة بناء القوات المناهضة جماعة انصار الله إلى مستوى يمكّنها من تجديد القتال، ببساطة غير واردة"، بالنسبة لواشنطن.
وأقرّ نائب وزير الخارجية في حكومة جماعة انصار الله حسين العزي في مؤتمر صحافي في الخامس من فبراير، بوجود "عوائق" في الطريق نحو السلام متّهمًا "أميريكا وبريطانيا وبعض الذين تأثروا بهم من الأطراف اليمنية" بافتعالها. لكنّه أكد أن "لدى الرياض وصنعاء الشجاعة لتجاوز هذه الصعاب".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جماعة انصار الله فی البحر الأحمر السلام فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
“اليمنُ ” يواصلُ تثبيتَ واقع التفوُّق على جبهة العدوّ في كافة مسارات الإسناد لغزة
يمانيون../
واصلت القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ تصعيدَ عملياتِ الإسناد لغزة على مختلف المسارات، على وقع استمرار تدفق الاعترافات من قلب جبهة العدوّ بالعجز والفشل وانعدام الخيارات الفعالة لوقف الضربات اليمنية أَو الحد من تأثيراتها المتزايدة سواء على كيان الاحتلال الصهيوني أَو على الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده لمساندة الكيان؛ الأمر الذي يضع أطرافًا أُخرى إقليمية ودولية أمام واقع حتمية تقاسم الفشل مع الصهاينة والأمريكيين في حال الانضمام إلى جبهتهم.
البيان الذي أصدره المتحدث باسم القوات المسلحة مساء الاثنين، للإعلان عن أربع عمليات عسكرية نوعية ضد العدوّ الصهيوني والبحرية الأمريكية، مثّل دليلًا جديدًا على امتلاك جبهة الإسناد اليمنية لغزة سيطرةً تامةً على مجريات كافة مسارات الإسناد؛ فاستهدافُ حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) أثناءَ تحضيرها لعدوان على اليمن وإفشاله للمرة الثالثة خلال نصف شهر تقريبًا وبرغم هروبِها إلى شمال البحر الأحمر، يوجِّهُ صفعةً قويةً لواشنطن التي أصبح من الواضح أنها غيرُ قادرة على الخروج من مربع الفشل والعجز العملياتي في المواجهة البحرية، برغم الحديث المتكرّر عن “تعلم الدروس” و”تغيير التكتيكات”؛ إذ بات جليًّا أن الحاملة (ترومان) سقطت بسرعة فور وصولها في نفس المأزق التي وقعت فيه سابقاتها (أيزنهاور) و (روزفلت) و (لينكولن).
وبالمقابل، برهنت القوات المسلحة اليمنية أنها هي الأكثر قدرة على الاستفادة من معطيات ومعلومات المواجهة عملانيًّا وتكتيكيًّا وبشكل سريع، فالهجمات الثلاث على الحاملة (ترومان) أظهرت وجودَ استعدادات وسيناريوهات مسبقة عملت صنعاء على دراستها واستيعابها جيِّدًا خلال الفترة الماضية ليس فقط لإبعاد أية حاملة طائرات جديدة تدخل البحر الأحمر، بل لاستباق تحَرّكاتها بشكل فعال وسريع ومواكب، وذلك على ضوء النتائج الناجحة التي حقّقها هذا التكتيك ضد الحاملة السابقة (لينكولن) في البحر العربي، وقد تكلل الاستعداد المسبق لمواجه الحاملة (ترومان) بنتائج تجاوزت حتى سقف الأهداف الرئيسية المتمثلة في إفشال تحَرّكاتها العدوانية وإبعادها عن منطقة العمليات اليمنية، لتشمل إحداث ارتباك كبير وغير مسبوق في قلب مجموعة حاملة الطائرات، بشكل أسفر عن إسقاط مقاتلة (إف18) والاقتراب من إصابة أُخرى، وهو ما يعني أن مسار تراكم المعرفة والخبرة القتالية لدى القوات المسلحة اليمنية يؤتي ثمارًا سريعةً وبالغة الأهميّة على عكس البحرية الأمريكية التي لا زالت محشورة في نفس المربع.
هذا أَيْـضًا ما أكّـده تقريرٌ جديدٌ لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، جاء فيه أن “مهمةَ الولايات المتحدة لردعِ الحوثيين وإضعافهم لم تنجح” حسب وصفِها وأن “نسبةَ التكلفة إلى الفائدة ليست مستدامة، فلم تتآكل عملياتُ الحوثيين وطموحاتُهم، لكن الجاهزية العسكرية الأمريكية وسُمعتها تآكلت”.
وأشَارَت المجلة إلى أنه منذ إعلان قائد الأسطول الخامس جورج ويكوف أن الحل في البحر الأحمر لن يكون عسكريًّا، في أغسطُس الماضي، لم يتغير أي شيء، مشيرة إلى أن انخفاض عدد الهجمات البحرية كان بسَببِ “انخفاض عدد الأهداف” في منطقة العمليات وليس بسَببِ تراجع القدرات اليمنية.
وأضافت: “في حين يستطيع الحوثيون مواصلة هجماتهم بطائرات بدون طيار وصواريخ رخيصة نسبيًّا، وتحمل الهجمات المضادة إلى أجل غير مسمى، فَــإنَّ الولايات المتحدة تحرق مليارات الدولارات وسنوات من إنتاج الذخائر النادرة التي ستكون ضرورية لخوض حرب في المحيط الهادئ، فواشنطن ربما تنفق ما يصل إلى 570 مليون دولار شهريًّا على مهمة فشلت في تحريك الإبرة بشأن التهديد، وقد أَدَّت هذه المهمة إلى استنزاف الجاهزية من خلال إجبار السفن وحاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية على تمديد عمليات الانتشار؛ مما أَدَّى إلى إصلاحات تستغرق وقتًا طويلًا، وتقليص الأسطول المتاح، وتقصير عمر السفن، كما أن إرهاق الموظفين يخاطر بارتكاب أخطاء”.
وأكّـدت المجلة أن “السفن التي تحمل العلم الأمريكي تجنبت المنطقة بالكامل منذ يناير 2024” معتبرة أن “استمرار حملة متعددة الجنسيات فشلت في جذب الدعم من معظم الحلفاء والشركاء أَو تحقيق الهدف المعلن، يجعل واشنطن تبدو عاجزة في أحسن الأحوال”.
وعبَّرت المجلةُ بوضوحٍ عن مأزِقِ العجز الأمريكي في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية قائلة: إن “الوقت قد حان لإنهاء الحملة العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر، ولكن تجاهل التهديد الحوثي بالكامل سيكون حماقة استراتيجية” وهو ما يعني أنه إلى جانب انسداد الأفق العملياتي للجيش الأمريكي في مواجهة اليمن والفشل في الخروج من مربع العجز، هناك أَيْـضًا تخبط في الرؤية السياسية والاستراتيجية التي تدرك الحاجة إلى وقف الفضيحة في البحر الأحمر والاعتراف بالهزيمة، ولكنها تخشى من تداعيات ذلك، على الرغم من أن الاستمرار في المكابرة لن يلغي تلك التداعيات!
رفع وتيرة استمرارية قصف العدوّ مع توسيع نطاق الضربات:
بيان القوات المسلحة مساء الاثنين، أعلن أَيْـضًا عن ثلاث عمليات عسكرية إضافية نفذت على مسار الاستهداف المباشر لعمق العدوّ الصهيوني، حَيثُ تم ضرب هدف عسكري في “يافا” وهدف حيوي في “عسقلان” بثلاث طائرات مسيرة ظهرًا، وضرب هدف عسكري إضافي في “يافا” بطائرة مسيَّرة مساءً، وقد برهنت هذه العمليات مجدّدًا على امتلاك القوات المسلحة اليمنية قدرة كبيرة على إبقاء وتيرة التصعيد مرتفعة في مسار الضربات المباشرة على عمق الأراضي المحتلّة، توازيًا مع مواصلة المعركة البحرية، كما أثبتت هذه العمليات القدرة على توسيع نطاق النيران وبنك الأهداف داخل كيان العدوّ وهو التطور الذي برز بشكل جلي من خلال الضربة الصاروخية النوعية التي استهدفت أكبر محطة كهرباء صهيونية جنوبي حيفا المحتلّة.
كما أظهرت العملياتُ الثلاثُ الجديدة في عمق كيان العدوّ قدرة القوات المسلحة على تنويع أدواتها في سياق توسيع نطاق النيران وبنك الأهداف؛ فإطلاق أربع طائرات مسيرة بعيدة المدى يعكس بوضوح تزايد الترسانة اليمنية من هذه الأسلحة التي أقر العدوّ بما تمثله من تحدٍّ كبير لدفاعاته التي أكّـدت تقارير عبرية أنها تأثرت بشكل كبيرة باستنزاف دفاعات السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، وهو ما يعني أن تكتيكات القوات المسلحة واستراتيجياتها العملياتية في مختلف مسارات الإسناد تتكامل مع بعضها بشكل احترافي لإبقاء أفق التصعيد مفتوحًا، وإبقاء زمام المواجهة بأكملها في يد اليمن.
ومن خلال الإشارة إلى موعدِ تنفيذ الضربات الجوية في عُمْقِ كيان العدوّ (ظُهرًا ومساءً) فَــإنَّ القوات المسلحة تظهر بوضوح قدرتها على تصعيد وتيرة استمرارية النيران إلى جانب توسيع نطاقها وبنك أهدافها، وهو ما يمثِّلُ معطىً جديدًا يعمِّقُ مأزِقَ العدوّ الذي لم يعد قادرًا على إخفاء يأسه وعجزه الكامل في مقابل الاقتدار الواضح للقوات المسلحة اليمنية.