أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أنه مازال هناك تحديات كثيرة تواجه الاقتصاد العالمي واقتصادات المنطقة خاصة حالة «عدم اليقين»، موضحًا أن أن الدولة المصرية تحشد كل قدراتها للتعامل المرن والمتوازن مع هذه الظروف الاقتصادية العالمية الاستثنائية وامتلاك القدرة بشكل أكبر علي تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين مع الالتزام بالانضباط المالي بالحفاظ على تحقيق فائض أولى والنزول بمعدلات العجز والدين للناتج المحلى.


قال الوزير، فى جلسة «تطورات وآفاق الاقتصاد الكلى» فى المنتدي الثامن للمالية العامة بالدول العربية بدبي، إن الاقتصاد المصري يحقق أداءً متوازنًا في مواجهة تحديات غير مسبوقة يئن منها الاقتصاد العالمى بمختلف روافده، ومكوناته حيث ارتفاع أسعار السلع والخدمات وزيادة تكاليف التمويل والتنمية الذى جعلت المالية العامة بشتى الدول أمام ضغوط متصاعدة تتشابك فيها الآثار السلبية لجائحة كورونا وتوترات جيوسياسية تزايدت تعقيداتها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وفي أوروبا أيضًا.. على نحو يضعنا أمام حالة قاسية سواءً فى الأعباء التمويلية المطلوب تحملها للوفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين.. وتكاليف الحزم الاجتماعية للحد من الموجات التضخمية.. أو فى تراجع الإيرادات العامة نتيجة لانحسار النشاط الاقتصادى.


أضاف الوزير، أن مؤشرات الأداء المالى تتحسن كثيرًا بالقراءة الدقيقة لموازنة الحكومة العامة التي تشمل موازنة الجهات الإدارية وموازنات ٥٩ هيئة اقتصادية فى الإيرادات والمصروفات، والتي سيتم الانتقال إليها بإجراء تعديل تشريعي لقانون المالية العامة الموحد، خاصة أن التقييم الحالي للأداء المالي والاقتصادى لمصر لا يأخذ فى الاعتبار إيرادات ومصروفات هذه الهيئات الاقتصادية، لافتًا إلى أن نظرة المستثمرين بالأسواق الدولية لمستقبل الاقتصاد المصري بدأت تتحسن؛ أخذًا في الاعتبار ما تنتهجه الحكومة المصرية من سياسات مرنة وما تُجريه من إصلاحات هيكلية استهدافًا للمزيد من التدفقات الاستثمارية حيث تراجع العائد المطلوب على السندات المصرية بالأسواق الدولية بنسبة ٥٠٪؜، كما انخفضت «تكلفة التأمين» على هذه السندات.


أشار الوزير، إلى إن ما نفذته الحكومة من إصلاحات اقتصادية وهيكلية مكننا من تحقيق مؤشرات إيجابية على مدار السنوات الماضية حيث تراجع العجز الكلى للموازنة من ١٢٪ خلال عام ٢٠١٣/ ٢٠١٤ إلى ٦٪؜ من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية يونيه ٢٠٢٣، ونتوقع تراجعه إلى ٥٪؜ في يونيه ٢٠٢٧، وحققنا فائضًا أوليًا خلال ٦ سنوات بلغ ١،٦٪ من الناتج المحلي فى العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ رغم الأزمات العالمية، ونستهدف تحقيق أكبر فائض أولي فى تاريخ مصر بنسبة ٢،٥٪ خلال العام المالي الحالي، وقد بلغ بالفعل في السبعة أشهر الماضية ١٧٣ مليار جنيه مقارنة بـ ٣٣ مليار جنيه عن نفس الفترة من العام المالي الماضي.


أضاف الوزير، أننا نحرص على المضي قدمًا في تنفيذ استراتيجية إدارة الدين العام التي تخضع للتحديث السنوي لوضع معدلات الدين للناتج المحلى في مسار نزولي، وقد نجحنا فى خفض معدلات الدين من ١٠٨٪؜ فى عام ٢٠١٦/ ٢٠١٧ إلى ٩٥،٧٪ في يونيه ٢٠٢٣ ونستهدف النزول به لأقل من ٨٥٪ مع نهاية يونيه ٢٠٢٨، جنبًا إلى جنب مع إطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليبلغ ٤ سنوات في المدى المتوسط بدلًا من ٣ سنوات في الوقت الحالي؛ لتقليل الحاجة إلى التمويلات السريعة.


أكد الوزير، أننا نتبنى استراتيجية لتنويع مصادر التمويل وخفض تكلفتها بالدخول إلى أسواق مالية عالمية جديدة وطرح أدوات تمويل ميسرة، خاصة بعدما نجحنا في العودة مجددًا للأسواق اليابانية، وقد تم تنفيذ الإصدار الدولي الثاني من سندات الساموراي بقيمة ٧٥ مليار ين ياباني، تعادل نحو نصف مليار دولار، بتسعير متميز للعائد الدوري بمعدل ١،٥٪ سنويًا، بأجل ٥ سنوات، وإصدار سندات دولية مستدامة بسوق المالية الصينية «الباندا»، التي تخصص لتمويل مشروعات بنحو ٣،٥ مليار يوان صيني بما يعادل نحو نصف مليار دولار، كما نجحنا فى إصدار أول سندات سيادية خضراء بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقيمة ٧٥٠ مليون دولار.


أوضح الوزير، أننا نحرص على تهيئة بيئة مواتية لمناخ الأعمال، بما في ذلك إقرار العديد من المحفزات التنافسية الداعمة للتوسعات الإنتاجية وزيادة القاعدة التصديرية، على نحو يجعل اقتصادنا أكثر قدرة على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، خاصة مع الآفاق الواعدة التي تتيحها الدولة لتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية على الاقتصاد الكلي.

بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

١- تمهيد:
في ظل اقتصاد عالمي يتسم بترابط متزايد وتقلب مستمر، تقف منظومة المالية العامة في العراق عند مفترق طرق حاسم. ومع تصاعد التعرض للصدمات الخارجية — من تقلبات أسعار النفط إلى تحولات ديناميكيات التجارة العالمية — بات تعزيز المرونة المالية ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى. وقد تستكشف هذه الورقة البحثية الأدوات الرئيسة و الاستراتيجيات والقدرات المؤسسية للمالية العامة العراقية في التصدي لهذه التحديات.
ومن خلال تقييم الإمكانات الحالية والمستقبلية، تسعى الورقة إلى تقديم فهم شامل لكيفية تمكّن العراق من مواجهة الاضطرابات الاقتصادية العالمية، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو المستدام
٢- استناداً لما تقدم تواجه الموازنة العامة الاتحادية المعدلة والتي تم تشريعها لمدة ثلاث سنوات بموجب القانون رقم 13 لسنة 2023 ملامح أزمة مالية- حمائية عالمية مزدوجة “Features of a Dual Global Financial and Protectionist Crisis”، وهي الموازنة التي اخذت بالاعتبار (بشكل ضمني ) حدين استراتيجيين مزدوجين A double-edged strategy من حدود الامثلية في الانفاق العام السنوي لبلوغ غاياتها في التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي . وهما الحد الاعلى للانفاق البالغ 200 ترليون دينار ( دون موازنة تكميلية) وهو الحد الاول وقبول موازنة الحد الادنى الامثل بنحو 156 ترليون دينار للانفاق العام دون ضياع الاهداف التنموية والاجتماعية .
وقد توسط الحدان سعر برميل نفط افتراضي للتحوط وهو 70 دولار للبرميل الواحد من النفط الخام وطاقة تصدير 3,4 مليون برميل لاغراض احتساب عائدات النفط السنوية في موازنة الأعوام الثلاثة ونحن في الفصل الثاني من السنة المالية 2025 .
ويلحظ ان الصرف في الحد الاعلى في الموازنة السنوية ظل يعني ان معدلات اسعار النفط السنوية تتعدى 80 دولار للبرميل الواحد وان العجز الافتراضي او التحوطي البالغ قرابة 64 ترليون يكاد يكون لا يذكر الا قليلا لاحتياجات وقتية وجعل الاقتراض الى الناتج المحلي الاجمالي بنحو معدلاته الطبيعية او بمثابة اقتراضات جسرية “Bridge Loans” تلامس 3% من الناتج المحلي الاجمالي .
في حين مثّلت معدلات الانفاق العام في موازنة الحد الادنى لعام 2024، تتعاطى مع متوسط سعر برميل للنفط الخام المصدر فعليا هو بنحو 75 دولاراً سنوياً ما يعني حصول اقتراضات جزئية لم تتعد 20% من ذلكً العجز المخطط او التحوطي البالغ 64 ترليون دينار .
فالسياسة المالية بحدها الادنى كانت الى حد مقبول وعقلاني وغطت الرواتب والاجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والاستثمارات العامة الخدمية والالتزامات التشغيلية المهمة كافة ومختلف مناحي الدعم سواء الدعم الزراعي للمحاصيل وانتهاءً بالوقود .اذ مثلت سياسة الحد الادنى في الوقت نفسه (سياسة انضباط مالي تلقائي وهي تجسيد مبسط لتجربة الدخول الاولي في فلسفة التعزيز المالي fiscal consolidation ) من خلال الفحص والتدقيق على النفقات العامة وتنفيذ المشاريع بدقة وانضباط عاليين ،وباولوية كبيرة ناجحة في قطاع بناء المدارس والمستشفيات وخدمات الصرف الصحي والمياه بالاضافة الى قطاع الكهرباء (الهاجس الاول للامة ) بقليل من العجز وقليل من الاقتراض وبالتدريج .
وبالوقت نفسه انه سبق للعراق ان واجه ازمتين خلال العقدين الاخيرين قبل ان يواجه اليوم ملامح لازمة مالية -حمائية عالمية مزدوجة ، كانت احدهما (مالية – امنية )تمثلت بالحرب على الارهاب الداعشي وانتصر فيهما وسارت الحياة المالية بتدبير عالي بالرغم من فقدان اسعار النفط قرابة 60% من معدلاتها التحوطية في الموازنة ذلك بين العام 2014-2017.
وواجه ازمة مماثلة بين الاعوام 2020-2021 ابان الازمة المالية-الصحية المزدوجة امام انغلاق الأقتصاد العالمي وانقطاع سلاسل التجهيز في العالم وهبوط اسعار النفط، و استطاع العراق في كلا الازمتين الخروج من عنق الزجاجة في حينهما .
٣- ختاماً، يتولى الفريق الاقتصادي للحكومة العراقية في الوقت الحاضر رسم وادارة خريطة طريق في مراقبة تاثير الصدمات الاقتصادية الخارجية سواء في تجنب تاثيرات الحرب التجارية الامريكية التي فرضت عبر مختلف التعريفات الكمركية على تجارات بلدان العالم او في مواجهة دورة الاصول النفطية المحتملة- “Managing the Potential Volatility Cycle of Oil Assets” وتوجهها نحو الانكماش والهبوط باسعار النفط دون 70 دولار للبرميل وكيفية تجنب حرب الاسعار النفطية- “Avoiding an oil price war حتى داخل مجموعة اوبك +
اذ تضع الحكومة العراقية اولويات تحصين الرواتب والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والدعم الحكومي الاجتماعي لوحده الذي يشغل 13% من الناتج المحلي الاجمالي في سلم اولوياتها لضمان عيش 8 ملايين من متسلمي الدخل الحكومي النقدي والحقيقي ، وهم يتحمّلون في الوقت نفسه مسؤولية رعاية ما يزيد على أربعين مليون مواطن، ذلك استناداً إلى قاعدة الرعاية الأسرية (مرتب لكل خمسة افراد في الاسرة الواحدة ) التي تشكل جوهر السياسات الاجتماعية في البلاد. كما لا يمكن إغفال أن السياستين النقدية والمالية تعملان ضمن دائرة من التشاور المشترك والتنسيق اليومي، وبما يعزز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الصدمات الجيو-اقتصادية الخارجية والتكيّف مع متغيرات السوق العالمية ازاء ملامح الازمة الدولية المالية – الحمائية التجارية المزدوجة الراهنة المتمثلة بالقيود التجارية وحرب التعريفات الكمركية من جهة وملامح هبوط أسعار النفط من جهة اخرى …!! انها كيمياء الاقتصاد في تفاعلاتها الشاقة التي استطاعت البلاد ان تحقق معدلات نمو في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي بنحو يزيد على 5% ونمو في التضخم السنوي لم يزد على 3%. وهما متلازمتان الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام الذي تتطلع إليه البلاد .

د.مظهر محمد صالح

مقالات مشابهة

  • تحرك تاريخي بين أنقرة ودمشق! وزير التجارة التركي بولات يزور سوريا لوضع أسس شراكة اقتصادية جديدة
  • وزير المالية يطمئن النواب: كل مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي تحسنت بقوة -تفاصيل
  • وزير المالية: كل مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي تحسنت بقوة خلال التسعة أشهر الماضية
  • النيابة العامة: السجن خمس سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية
  • النيابة العامة: السجن 5 سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية
  • الاقتصاد المصري ينتظر حزمة استثمارات قطرية بقيمة 7.5 مليار دولار.. تفاصيل
  • مؤسسة اقتصادية تكشف مفاجأة بشأن المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا
  • وزير المالية يبحث مع وفد من البنك الدولي سبل تحديث القطاع المالي والمصرفي السوري
  • توقعات بنمو الاقتصاد المصري وارتفاع الاحتياطي الأجنبي لـ 53 مليار دولار
  • كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية على الاقتصاد الكلي.