"الواقع لا يتصوره عقل".. بكلمات معدودة أراد الطبيب الأردني بلال العزام أن يصف حجم الألم والمعاناة التي يعيشها أهالي قطاع غزة، جراء حرب إسرائيلية مدمرة "ضربت بكل المفاهيم الإنسانية عرض الحائط".

العزام (48 عاماً) كان ضمن وفد طبي أردني أمريكي أوروبي، زار القطاع الفلسطيني في الفترة بين 19 يناير/ كانون الثاني و5 فبراير/ شباط الجاري، ليعود بعدها إلى بلاده وقد أُرهق نفسيا من هول ما رأى.



مراسل الأناضول أجرى مقابلة مع العزام بمقر عمله في أحد المستشفيات الخاصة بالعاصمة عمّان، واستمع منه إلى تفاصيل ما يعيشه الغزْيّون، مؤكدا أن "ما يعرض على شاشات التلفزة عن غزة لا يساوي إلا حجما ضئيلا من المعاناة الحقيقية".

يقول العزام: "كنت ضمن الوفد الطبي الأردني الأول إلى غزة، وتنقلنا مع منظمة أمريكية يطلق عليها ’رحمة حول العالم"، في رحلة وصول كانت مدتها 36 ساعة، انطلاقا من عمّان ثم إلى القاهرة، ومن هناك إلى رفح ثم غزة".

وأضاف: "الوفد كان يتكون من 18 طبياً، 6 أردنيين و6 من الولايات المتحدة و6 من دول أوروبية مختلفة، وكانت وجهتنا صوب المستشفى الأوروبي (بخانيونس جنوب القطاع) ومستشفى شهداء الأقصى ومستشفى دير البلح (وسط القطاع)، إلا أننا لم نتمكن من الوصول للأخير".



العزام وهو جراح أطفال، أشار إلى أن "كل واحد من الوفد الطبي تواصل مع نظيره بالتخصص في تلك المستشفيات، وبلغت الحالات التي تعاملنا معها خلال المدة التي أمضيناها بالقطاع إلى 100 حالة لكل طبيب تنوعت بين إصابات قديمة وحديثة وحالات طارئة وتشوهات خلقية".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأحد "28 ألفا و176 شهيدا و67 ألفا و784 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض" وفقا للسلطات الفلسطينية، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "الإبادة الجماعية" لأول مرة في تاريخها.

معاناة الصغار والكبار
وبحرقة وألم وحديث يحاول من خلاله عدم نسيان التفاصيل، اعتبر العزام أن "الواقع صعب جداً في القطاع، والحياة منهارة، ومقومات الحياة البسيطة غير متوفرة".

وأضاف: "لا توجد دورات مياه ولا احتياجات نظافة شخصية، والمؤلم أن النساء لا يجدن حتى الفوط الصحية التي يحتجنها أثناء الدورة الشهرية".

يحكي الطبيب: "قبل أن ندخل إلى غزة، كان من بين الأشياء التي اشتريتها وحملتها معي هي فوط نسائية، وسألوني زملائي الأطباء عن سبب شرائها، فأجبتهم بأنني لا أعرف".

وزاد: "أتذكر أنه عندما حان موعد العودة، جاءت الطبيبات وشكرنني على إحضار تلك الفوط رغم أنها شيء طبيعي، ولفتن إلى أنهن لم يستخدمنها منذ 4 أشهر".



وبدأ العزام يحاول تذكر بعض القصص التي شاهدها وسمعها، قائلاً: "أحدهم أخبرني بأن زوجته خرجت بملابس البيت، وما زالت فيها منذ أكثر من 4 أشهر، بينما أكد أحد الجراحين أنه استحم للمرة الأولى بعد 73 يوماً من العدوان".

وفي قصة أخرى، قال: "التقيت بمهندس قال إن منزله الفاره تدمر من القصف الإسرائيلي، وهو يعيش مع أولاده بخيمة مصنوعة من الخيش، تتسرب لها مياه الأمطار من الأعلى والأسفل، ويضطرون عند تساقط الأمطار للخروج منها والوقوف على الشوارع كي لا تسقط عليهم".

حاول الطبيب الأردني أن يتماسك ويحبس دموعه وهو يتحدث عن طفل يبلغ من العمر 5 أعوام، لكنه لم يقاوم وهو يقول: "هذا الطفل بترت يديه إثر إصابة، وسألني بأسلوب طفولي: يا عمي هل عندما أكبر ستعود يداي لتكبران معي؟".

القصص المؤلمة التي شهد عليها كثيرة، ولكن الطبيب الأردني كان يحاول استذكار أكثرها صعوبة، والتي من بينها طفلة أصيبت بشظية في رقبتها، أدت إلى شلل رباعي في أطرافها.

وأضاف: "قالت لي الطفلة إن يوم ميلادها هو 22 أبريل/ نيسان، وإنها ستحضر لي هدية في ذلك اليوم، إذا ساعدتها على المشي مجددا".

واقع لا يتصوره عقل
أما عن القطاع الطبي، فأشار العزام إلى أن "الأطباء كانوا مستهدفين بشكل كبير في محاولة مستمرة لإذلالهم، لأنهم قاوموا وصمدوا خلال الحرب ولم يتخلوا عن القيام بأدوارهم تجاه المواطنين".

ومضى بالقول: "ما سمعته منهم لا يمكن وصفه، فقد كانوا (الجنود الإسرائيليون) يقيدوهم يجردونهم من جميع ملابسهم وحتى الداخلية، ويجثون على ركبهم لأيام طويلة وصلت 46 يوماً، وكان يفرض على بعضهم لبس الفوط حتى لا يستخدموا دورات المياه".



وتناول العزام قصة طبيب آخر؛ قائلا: "عندما لم تتمكن القوات الإسرائيلية من الوصول إليه، اعتقلوا والده البالغ من العمر 80 عاماً وسلموه لأناس بلباس مدني، وانهالوا عليه بالضرب وبالسكاكين والأدوات الحادة، واستفاق بأحد المستشفيات ليجد يده اليمنى وقدمه اليسرى قد بترت".

وأكد أن "ما نشاهده في وسائل الإعلام لا يساوي 30 بالمئة من الواقع، فالواقع لا يتصوره عقل، والوضع غير قابل للحياة، وهناك تفاصيل لا تخطر في بال البشر ولكننا شاهدناها بأم أعيننا".

ويصعد الجيش الإسرائيلي من حملته العسكرية ضد مستشفيات قطاع غزة، ويشن منذ 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، سلسلة غارات مكثفة جوية ومدفعية على خانيونس جنوب القطاع، وفي محيط المستشفيات الموجودة فيها، وسط تقدم بري لآلياته بالمناطق الجنوبية والغربية من المدينة، ما دفع آلاف الفلسطينيين للنزوح عن المدينة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات الطبيب غزة الحرب غزة الاحتلال طبيب الحرب شهادة المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل

البلاد – واس

ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة الليلة، إلى 21 شهيداً وعدد من المصابين، بينهم نساء وأطفال.

وأفادت مصادر طبية فلسطينية، باستشهاد 11 فلسطينيًا وإصابة عدد آخر بجروح مختلفة، في غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، كما استشهد ثمانية فلسطينيين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة تؤوي مئات النازحين في حي الدرج بمدينة غزة.

وفي جنوب قطاع غزة، استشهد فلسطينيان في قصف إسرائيلي على شقة سكنية وسط مدينة خانيونس، ترافق ذلك مع قصف مدفعي وجوي مكثف طال مناطق متفرقة في مدينة رفح، بالإضافة إلى حرق وتدمير منازل وممتلكات الفلسطينيين.
وكان قوات الاحتلال الإسرائيلي قد قصفت مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وطالبت الكوادر الطبية والمرضى بإخلائه.

وأفادت مصادر طبية فلسطينية، بتعرض أقسام المستشفى لإطلاق نار وقصف إسرائيلي مكثف غير مسبوق، مشيرةً إلى أن الهجوم يهدد حياة عشرات المرضى والجرحى والكوادر الطبية المتواجدين داخل أقسامه، وسط دعوات فلسطينية بتحرك دولي عاجل لحماية المنظومة الصحية ومستشفيات قطاع غزة، التي تعاني نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية، في ظل استمرار استهدافها وحصارها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

من جانب آخر، ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ فجر أمس إلى 25 شهيدًا بينهم أطفال ونساء.
واستشهد أربعة فلسطينيين وأصيب عدد آخر بجروح مختلفة، في غارة إسرائيلية الليلة، استهدفت منزلًا شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ترافق ذلك مع قصف مدفعي وجوي مكثف طال مناطق متفرقة في القطاع.

وفي شمال قطاع غزة، أصيب عدد من المرضى وأحد الكوادر الطبية في مستشفى كمال عدوان، جراء إطلاق النار والقصف الإسرائيلي المكثف على جميع أقسمها، كما أشارت المصادر الطبية إلى تعطل عدد من الأجهزة الطبية، جراء القصف العنيف الذي تتعرض له المستشفى بشكل غير مسبوق.

فيما استشهد ثلاثة فلسطينيين وأصيب آخرون بجروح مختلفة، في قصف للاحتلال الإسرائيلي مساء أمس الأول، استهدف حي الشجاعية بمدينة غزة، ومخيم النصيرات وسط القطاع.

وأفادت مصادر طبية فلسطينية، باستشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين، في قصف إسرائيلي استهدف منازل عدة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، كما استشهد فلسطيني في غارة إسرائيلية على حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ليرتفع بذلك عدد الشهداء في القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ فجر أمس إلى 23 شهيدًا بينهم أطفال ونساء.

كما استشهد شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم، في مدينة جنين شمال الضفة الغربية. وأفادت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى جنين الحكومي، بأن الشاب الفلسطيني استشهد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية، عندما اقتحمت تلك القوات لبلدة فقوعة قضاء بمدينة جنين. وفي سياق متصل، اعتدى عشرات المستوطنين على بلدة سوسية بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية. كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثمانية فلسطينيين في بلدة برقة بمدينة نابلس، من بينهم جريح، وثلاثة فلسطينيين من مدينة بيت لحم.

مقالات مشابهة

  • استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل
  • إعلام فلسطيني: 46 شهـيدًا في غارات للاحتـلال على غزة منذ فجر الأحد
  • عائلة طبيب أردني اعتقلته سلطات الاحتلال تطالب بعودته
  • عائلة طبيب أردني تطالب اعتقله سلطات الاحتلال تطالب بعودته
  • «الأونروا»: مليونا شخص محاصرون في ظروف مروعة بغزة
  • صحة غزة تعلن استشهاد ألف طبيب وممرض فلسطيني منذ الـ7 من أكتوبر
  • صحة غزة تعلن استشهاد ألف طبيب وممرض فلسطيني منذ السابع من أكتوبر
  • مسؤولة أممية: أكثر من مليوني شخص بغزة في ظروف مروعة
  • 77 شهيدا و174 مصابا في 3 مجازر للاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة
  • طبيب سعودي يروي قصة طفل بحالة نادرة: يشبه الأرض الجافة “المشققة”