يتحدث تقرير للكاتبين الدكتور هوغو بوتيمان والدكتورة لوسي جولي -والذي نشرته مجلة "لوبوان"– عن مرض البيكا، وهو اضطراب في الأكل يتميز بالابتلاع المتكرر والطوعي لمواد غير مغذية وغير صالحة للأكل، مثل الأوساخ والطباشير والغبار والدقيق والطين والرمل والورق.

ونجد أول أوصاف لمرض البيكا في العصور القديمة بقلم الطبيب اليوناني أبقراط ثم غالينوس في القرن الثاني الميلادي، لكن لم يتم الاعتراف بها رسميا في تصنيفات الطب النفسي حتى القرن الـ20، وأصل الكلمة يأتي من الكلمة اللاتينية "pica" (العقعق)، في إشارة إلى شره الطعام لهذا الطائر الذي يتمتع بسمعة مشبوهة في الغرب.

وأوضح الكاتبان أنه إذا وجدت طفلك البالغ من العمر عامين وهو يمضغ العجين فلا داعي للذهاب إلى أقرب طبيب نفسي، فهذه السلوكيات شائعة بين الأطفال الصغار الذين يميلون إلى وضع أشياء مختلفة في أفواههم دون أن يكون ذلك مرَضيا.

ورغم ندرته النسبية فإن اضطراب البيكا يؤثر في المقام الأول على المرضى الذين يعانون من اضطرابات النمو العصبي أو الاضطرابات التنكسية العصبية (عندما يتدهور الدماغ مع تقدم العمر، مثل مرض ألزهايمر أو الخرف الجبهي الصدغي).

وغالبا ما يلاحظ التخلف العقلي أو اضطرابات النمو الشاملة في الأطفال الذين يعانون من اضطراب الأكل هذا، وفي البالغين قد تترافق المراحل الحادة من الاضطرابات النفسية، مثل الاضطراب ثنائي القطب أو الفصام، مع دوافع الأكل القهرية الشبيهة بالبيكا، لكن هذه الأعراض الغريبة عادة ما تختفي عند علاج المرض.

وفي هذه الاضطرابات يمكن أن يؤدي الخلل في الإدراك الحسي إلى تعطيل القدرة على التمييز بين الأطعمة الصالحة للأكل والمواد غير الغذائية.

وأشار الكاتبان إلى أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الرغبة التي لا يمكن كبتها في تناول المواد غير الغذائية مثل الطباشير أو التراب أو الدقيق يمكن أن تحدث أثناء الحمل لدى النساء اللاتي لا يعانين من صعوبات نفسية، فنحن نعلم الآن أن التحولات التي تحدث في دماغ الأم تؤثر على التغيرات في مذاق الطعام وتفضيلات الشم أثناء الحمل، ولكن سبب هذه الشهية لهذه المواد غير العادية لا يزال مجهولا.

نقص الحديد

وقد أظهرت الدراسات أن نقص الحديد أثناء الحمل يزيد بشكل كبير خطر الإصابة بالبيكا كما لو أن الدماغ يطلق استجابة غريزية للتعويض عن نقص التغذية، كما لوحظت سلوكيات الأكل هذه أيضا في الحيوانات، ففي جنوب أفريقيا يمكن للزرافات أن تلتهم العظام والأرض عندما تجف الشجيرات التي تتغذى عليها.

وتختلف العناصر التي يتم تناولها بشكل كبير بين الأوقات والثقافات، ولكن كل مريض بشكل عام لديه مادة مفضلة، وبعضها أكثر ضررا من البعض الآخر، مثلا قد يتناول المريض الورق، مما يؤدي إلى تدهور صحة القولون وحدوث نزيف مزمن.

مواد أخرى يمكن أن تسبب التسمم مثل الرصاص أو الزئبق أو ثقب الجهاز الهضمي، ففي عام 2014 توفي ألماني كان يستهلك الأغصان الخشبية بانتظام بسبب الاختناق بعد أن ثقب بلعومه بواسطة غصن، ويحكي مقال نشر عام 2018 في المجلة العلمية للطب والجراحة الحادة قصة ياباني يبلغ من العمر 50 عاما ابتلع 8 كيلوغرامات من العملات المعدنية، وخضع لعملية جراحية طارئة بعد حدوث ثقب في الأمعاء.

ولسوء الحظ، لا يوجد علاج محدد للبيكا، إذ غالبا ما يتم اكتشاف الاضطراب عندما يسبب عواقب طبية ضارة ويبدأ العلاج النفسي بعد إجراء عملية جراحية عاجلة، ورغم أن أبحاث علم الأعصاب بهذا الشأن لا تزال في بداياتها فإن بعض الفرضيات تشير إلى أوجه تشابه بين اضطراب الأكل هذا والوسواس القهري، فالأكل القهري قد يكون وسيلة للمرضى لتخفيف قلقهم.

ودعما لهذه الفرضيات أظهرت علاجات مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين المستخدمة في علاج الوسواس القهري فعاليتها في تخفيف أعراض البيكا، ولكن دون القضاء على الشهية للمواد.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

فرنسا.. أسرار 3 قبور متجهة نحو مكة

فرنسا – بات اكتشاف ثلاثة قبور بجنوب فرنسا مطلع عام 2016، دفن أصحابها على جانبهم الأيمن واتجهت رؤوسهم نحو مكة، من أهم الحفريات التي أكدت وصل المسلمين في وقت مبكر جدا إلى فرنسا.

خبراء يصفون الاكتشاف بأنه غير متوقع، مشيرين على أن هذه القبور الثلاثة التي عثر عليها في مدينة “نيم” بمنطقة “غارد” بجنوب فرنسا، هي قرائن أولى تدل على وجود مجتمعات إسلامية في جنوب فرنسا منذ بداية القرون الوسطى.

هذه القبور الثلاثة التي اكتشفت صدفة أثناء حفر أساسات لموقف سيارات تحت الأرض، تعد الآن الأقدم التي عثر عليها في هذا البلد.

بعض الخبراء يرجعون هذه القبور إلى القرن السابع والبعض الآخر إلى القرن الثامن الميلادي، والبعض يتحدث عن أن زمنها يعود إلى حقبة الخلفاء الراشدين والدولة الأموية.

القبور الثلاثة لرجال دفنوا وفقا للشريعة الإسلامية، لخلاف قبور أخرى مجاورة عثر عليها في المنطقة. وقد عثر داخل القبور الثلاثة الفريدة على هياكل عظمية في وضع استلقاء على الجانب الأيمن، فيما توجهت الرؤوس إلى الجنوب الشرقي نحو مكة.

الخبراء وجدوا أيضا أثارا تدل على أن أصحاب الهياكل العظمية الثلاثة كانوا يزاولون أعمالا عضلية لسنوات طويلة.

من التفاصيل المثيرة أيضا أن تحليل الكربون المشع أظهر أن البقايا البشرية التي تم العثور عليها في ضواحي مدينة ” نيم” الفرنسية تعود إلى القرنين السابع والثامن، فيما خلص علماء الأنثروبولوجيا الذين فحصوا العظام إلى أن القبور تعود إلى ذكور بالغين، وأن أحدهم كان يبلغ من العمر ما بين 20-29 عاما، والثاني ما فوق الـ 30 عاما، أما الثالث فعمره تجاوز الـ 50 عاما. خبراء رجحوا أن يكون الرجل الأكبر سنا قد عاش فترة في جنوب فرنسا.

علاوة على ذلك، يقول الخبراء إن تحليل الحمض النووي من جهة الأب والحمض النوويللميتوكوندريا التي تتوارث عبر الأم، أظهر بالمقارنة مع بيانات الحمض النووي المتوفرة لمختلف الشعوب، أن أصحاب القبور الثلاثة تعود أصولهم إلى الأمازيغ “البربر”، أو أنهم كانوا على صلة بسكان شمال إفريقيا الأصليين، وأنهم ربما قدموا مع الجيش الأموي من الأندلس.

تقول كاثرين ريتشارتي، وهي عالمة أثار متخصصة في الوجود الإسلامي في منطقة “بروفانس”، التي تقع جنوب فرنسا على المتوسط وتجاور إيطاليا: “هذه الساحة الإسلامية الصغيرة توجد داخل مكان دفن مسيحي، وهي نفسها محاطة بجدار روماني. لذلك ربما لم تكن هناك رغبة هنا لفصلهم عن القبور الأخرى”.

هذه العالمة تشدد على أن “هذه الاكتشافات تساهم في إثبات أن عالمنا هو عالم تعددي، مصنوع من الهجرات، وأن الاختلاط كان متواصلا منذ فجر التاريخ”.

عدم توقع مثل هذه القبور التي يعود تاريخها إلى ما بين القرنين السابع والثامن، مرجعه الاعتقاد بأن المد العربي الإسلامي توقف بنتيجة معركة “بلاط الشهداء” المعروفة في الغرب باسم “بواتييه” والتي دارت داخل فرنسا الحالية في أكتوبر عام 732 ميلادي.  المعركة التي قادها من جانب الفرنجة الملك شارل مارتل، ومن جانب المسلمين عبد الرحمن الغافقي انتهت بهزيمة الجيش الأموي ومقتل قائده الغافقي.

في البداية توقع الخبراء أن القبور الإسلامية الثلاثة تعود إلى ما بعد القرن 12 ميلادية، وذلك لأنه سبق أن عثر في فرنسا في مدينتي مرسيليا ومونبلييه على قبور يعود تاريخها إلى القرنين 12 و13 ميلادية على التوالي، إلا أن المفاجأة أن التحاليل أثبتت أنها تعود إلى وقت أبكر بين القرنين السابع والثامن.

اللافت أيضا في القبور الإسلامية بجنوب فرنسا، أن رفات الثلاثة لا توجد عليه علامات على الموت العنيف، أي أن الرجال الثلاثة لم يقتلوا في معركة ولم يتم إعدامهم.

 

المصدر : RT

مقالات مشابهة

  • الحرب وغياب دور الأحزاب
  • فرنسا.. أسرار 3 قبور متجهة نحو مكة
  • الصهاينة.. يأجوج هذا الزمان يأكلون الأخضر واليابس
  • إصابات الرأس المتكررة تزيد من خطر الإصابة بالشيخوخة
  • عاجل| نادر شوقي: هؤلاء هم المسئولون عن وفاة أحمد رفعت
  • هل تزيد أدوية فقدان الوزن والسكري الشائعة من خطر الإصابة بالعمى؟
  • الاحتلال ومنهجية الترهيب والقمع.. تدمير الصحة النفسية وعواقبه
  • حظك اليوم.. توقعات برج الحوت 6 يوليو 2024
  • لماذا الثوم خطر على الصحة.. دراسة تكشف التفاصيل
  • ألقاب الكتـّـاب ومقاييس الأوراق وأنواعها