بين الدم وكرة القدم.. ما الذي يحرك الشعوب العربية أكثر؟
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
بالتوازي مع صراخ الفلسطينيين على وقع المجازر المستمرة في قطاع غرة، كانت هتافات الجماهير العربية حاضرة لمؤازرة منتخباتها في كرة القدم.
بدا المشهد دراميا على نحو كبير، وكأنه مشهد من فيلم سينمائي يروي انهيار المبادئ واختلال المفاهيم، بين أجواء حماسة وفرح طغت على مختلف العواصم العربية، وبين شلال دم لا يتوقف على بعد كيلومترات فقط في القطاع المحاصر.
واتسع على الجدال على مواقع التواصل الاجتماعي حول الأمر، خصوصا أن ما يربط العرب بالحرب على غزة، يفوق أولويات كرة القدم أو غيرها من الفعاليات الترفيهية.
وانتقد كثيرون إصرار الجماهير العربية ككل دون استثناء على إبراز مظاهر الفرح من دون أدنى مراعاة لأبشع مجزرة يتعرض لها الفلسطينيين منذ عقود، وإحدى أعنف حروب القرن وأكثرها دموية في فترة زمنية قصيرة.
وحضرت المقارنات بين موقف الشعوب العربية مما يجري في غزة، والتظاهرات التي بدأت تخفت، وبين الحضور الواسع في المناسبات الكروية، حتى ظهر السؤال الفخ، من يحرك الشعوب أكثر، دماء غزة أم كرة القدم؟
غزة تتفاوض وحيدةً!
بلا أي سند دولي أو عربي حقيقي!
العرب مشغولون بنتائج كرة القدم
والأهم عندهم أن يجمعوا ميسي مع كريستيانو في مباراة لا أن يجمعوا غزة مع الضفة!
الضغوط على غزة في المفاوضات مريعة ومفجعة
والأسوأ هو الضغط العربي
لذلك تأخرردحماس
مايدور في الكواليس مذهلة#حماس#غزة pic.twitter.com/s5pH58wlWU — omarعمر (@Omaromarar12345) February 4, 2024
بطولات في حضرة الموت
شاركت عشرة منتخبات عربية في بطولة كأس آسيا 2023 التي تستضيفها قطر خلال الفترة من 12 يناير/كانون الثاني إلى 10 فبراير/شباط 2024.
وشهدت البطولة حضورا جماهيريا واسها لمشجعي منتخبات قطر والسعودية وعُمان والإمارات والبحرين ولبنان وسوريا وفلسطين والعراق والأردن.
وفي أفريقيا، حيث شاركت خمس دول عربية في كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار 2023، التي تم تأجيلها لتلعب في مطلع 2024.
وامتلأت المدرجات بالهاتفين لمنتخباتهم، كما امتدت إلى شوارع العواصم مظاهر الفرح عقب فوز الفرق العربية، هذا ناهيك عن الاهتمام الرسمي الذي جعل من صوت الموت في غزة ثانويا، في حضرة كرة القدم.
وعن تلك المفارقة يقول الباحث والكاتب السياسي نظير الكندوري، "إن من الضروري التفريق ما بين شعوبنا العربية، وما بين الأنظمة التي تحكمها، فالخلط بينهما لا يجعلنا ندرك حقيقة توجهات شعوبنا العربية تجاه قضايانا المصيرية، والأمر الثاني، إن غالبية الأنظمة العربية لا تعبر عن إرادة شعوبها، وهي تعيش في واد، والشعوب العربية بوادٍ أخر. وعلى هذا الاساس، فإن هذه المفارقة، غير موجودة إلا في الاعلام الرسمي الذي يتعمد على إظهار مثل هذه المفارقة والتي لا تعكس حقيقة شعور شعبنا العربية في دولنا العربية.
وأضاف في حديث لـ "عربي21”, “في الوقت الذي يُقتل أهلنا في غزة، نرى أن كثير من الحكومات العربية تتعمد بإقامة المهرجانات والاحتفالات وتُسخّر جميع وسائل الإعلام لتغطيتها على حساب التغطية للحرب القائمة في غزة".
وأكد، "أن هدفها من ذلك هو إلهاء الجماهير عن ما يجري في غزة وصرف أنظار شعوبها عن تلك الاحداث، ومحاولة تهميش الاحداث الجسام في غزة والتقليل من شأنها، وكذلك إعطاء فكرة لدول العالم الكبرى مثل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل، من إن الشعوب العربية وأنظمتها لا تُعير أي اهتمام لمصير الفلسطينيين والجرائم التي ترتكب بحقهم، بغية الحصول على الرضا من تلك الدول".
الرسائل التي توصلها باحتفالك الصاخب في الشوارع بينما #رفح_تحت_القصف :
1. رسالة لأهل غزة: "نسيناكم، ملَلْنا منكم ومن حمل همكم".
2. رسالة للصهاينة: "استمروا في إجرامكم ولا تخافوا العواقب".
3. رسالة للغربيين ممن تظاهر لأجل غزة: "لا تُتعبوا أنفسكم ولا تضغطوا على حكوماتكم. فنحن… — د. إياد قنيبي (@Dr_EyadQun) February 12, 2024
صراع المترفين
وفي خضم المنافسة، وإقصاء بعض المنتخبات اشتعل الصراع في مواقع التواصل الاجتماعي بين الجماهير العربية، حيث تراوحت بين الانتقاد والشماتة.
وأخيرا خرجت عن إطار كرة القدم لتأخذ أبعادا سياسية وديموغرافية واجتماعية، لكنها خلت جميعها من الإشارة للعدوان أو حتى الموقف منه.
وربما لو اتجهت تلك الأصوات لممارسة ضغط شعبي متواصل، لتغير شيء من الموقف الرسمي العربي، ولدفع الحكومات لاتخاذ إجراءات قد تحد من سيل الدماء في غزة.
وحول ذلك يقول الكندوري، "ما نراه من تفاعل من بعض المغيَّبين مع البطولات الرياضية والانغماس في الحماسة لهذا الفريق أو ذلك، فيعود السبب في ذلك إلى أن هذا المجال هو المجال الوحيد الذي تسمح به الأنظمة لإبداء تفاعلها والتعبير عن رأيها، بل أن الموجهين في الإعلام والسوشيال ميديا المحسوبين على الأنظمة، يحاولون إذكاء العصبية القطرية، وشيوع البغضاء بين أنصار الفرق الوطنية بين الدول العربية حتى يلغوا مفهوم الأمة، وينسفوا حقيقة أن جميع هذه الأقطار ما هي إلا جزء من أمة كبيرة يجب أن تهتم بقضاياها المهمة".
كيف تحتفل بحضرة الدم وترقص على الجراح !
ترافقا مع شلال الدم في غزة لا يمكن القبول بمظاهر الاحتفال أو الترفيه المبالغ فيها بأي وجه من الوجوه في أي بلد مسلم
شكل المهرجانات الغنائية والاحتفالات الشعبية بالفنون أو الرياضة مشهد عربي لا يليق ولا علاقة له بعادات أو مبدأ إنساني أو ديني — خالد وليد الجهني (@KhaledEljuhani) February 11, 2024
رسالة اطمئنان لنتنياهو
كان اتساع الحرب أكبر هواجس الاحتلال بداية العدوان على غزة، ومع تبدد هذه المخاوف بالالتزام جميع الأطراف خارج غزة بقواعد الاشتباك، ظل هاجس الغضب الشعبي يطارد قادة الاحتلال.
وبالتزامن مع دخول الحرب شهرها الخامس، يمكن لنتنياهو الاطمئنان الآن، خصوصا أن مواقف الشعوب العربية لم ترق إلى مستوى المجازر بل حتى لم تجار مثيلاتها في العواصم الغربية التي تشهد تظاهرات مستمرة من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
الاميريكيون يتظاهرون لنصره غزه والعرب مشغولون بمباريات كره القدم . pic.twitter.com/rV8xyKfktF — Maha (@mahadzt) February 6, 2024
وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان، مقولة رئيسة وزراء الاحتلال السابقة غولدا مائير، عند حرق المسجد الأقصى في آب/أغسطس 1969, عندما قالت، "لم أنم ليلتها وأنا أتخيّل العرب سيدخلون إسرائيل أفواجاً من كُل صوب، لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شىء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أُمة نائمة".
وبالرغم من التشكيك بصحة هذه المقولة، لكن واقعيتها تفوق بدرجة كبيرة أهميتها سواءا كانت صحيحة أم لا، فإن لم تقلها مائير، فالأحداث ترويها بطريقة أوضح.
وأكد الكندوري، "أن حالة الهدوء التي تسود الأجواء في شعوبنا العربية هي من دواعي سرور (النتن ياهو)، هذا الرجل الذي قال في يوم من الأيام تعليقًا على التطبيع مع الدول العربية، قال (إن الزعماء العرب ليسوا عائقا أمام توسيع علاقات إسرائيل مع جيرانها من الدول العربية)".
وأضاف في كلمة له ألقاها أمام الكنيست، "أن الحاجز الذي تصطدم فيه إسرائيل وتخشاه دائما هو الشعوب العربية والرأي العام العربي".
وبحسب الكندوري، فإن أكثر ما يخشاه نتنياهو وهو يرتكب المجازر في غزة، هو صحوة الشعوب العربية وتفجير غضبها ضد ما يحدث في غزة. لكنه مطمئن إلى أن الشعوب لن تثور ولن تتفجر غضبًا إلا إذا كان هناك قيادات شعبية تستطيع قيادة هذه الشعوب وتنظم صفوفها وتنظم عملها.
وتابع، "هذا الأمر جعلها تتعاون مع الأنظمة في اتخاذ أخبث الطرق البوليسية للسيطرة على الشعوب من خلال زج هؤلاء الناشطين والقياديين في غياهب السجون أو تصفيتهم جسديًا لتبقى الشعوب كالقطيع لا يجمعها أحد على هدف، واحد ومشروع واحد".
بين الموقفين الرسمي والشعبي
حول مدى تشابه الموقف الرسمي والشعبي أوضح الكندوري، "لا نستطيع القول إن الشعوب العربية تتواقف مواقفها مع مواقف الأنظمة العربية، وفي هذا الحكم اجحاف كبير بحق شعوبنا".
وأردف، "أن ما نراه في وسائل الاعلام أو السوشل ميديا من مظاهر وكأن الشعوب متناغمة مع التخاذل الرسمي العربي، بالتأكيد لا يمت بصلة للموقف الحقيقي لشعوبنا وأننا على علم بأن الأنظمة تحاول تزييف إرادة الشعب وتعطي فكرة للأخرين على أن شعوبنا موافقة على ما تفعل أنظمتها، من خلال أجهزتها الإعلامية وجيوشها الإلكترونية".
ويرى الكندوري، "أن هذه الحالة التي تعيشها شعوبنا العربية من تكميم للأفواه وعدم السماح لها بالتعبير عن تضامنها مع ما يحدث لغزة وأهلها أو أية بقعة في أمتنا، سيُعجل الحالة التي تؤدي للانفجار المتهور وبدون قيادة، ومثل هذا الانفجار لا بد وأن يكون مدمرًا ليس فقط للأنظمة، إنما مدمرًا للأوطان، وهذا ما حدث في بعض الدول".
وأشار إلى "أن الأنظمة العربية تعيش حالة من السعادة لأنها ترى شعوبها ساكتة، ولا تدري أن هذا السكوت سيعقبه انفجار غير منظم تكون مالاته وخيمة على الجميع، سواء الأنظمة أو الشعوب أو الأوطان، وهو أمر في غاية الخطورة لا تلتفت إليه الأنظمة العربية".
وختم، "أنا أعتقد أن هذه الأنظمة تلعب بالنار وهي تنتهج هذا الأسلوب من تزييف إرادة شعوبنا ولا بد أن يأتي اليوم الذي ستفلت هذه الشعوب من عقالها وتثور على أنظمتها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المجازر غزة كأس آسيا العدوان غزة كأس آسيا احتفالات العدوان كأس أفريقيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة العربیة الشعوب العربیة کرة القدم فی غزة
إقرأ أيضاً:
أول دولة تعقد صفقة ضخمة مع الاحتلال.. الأسلحة الأقوى في العالم
تتجه صربيا إلى شراء أنظمة مدفعية وطائرات مسيرة متقدمة من شركة "إلبِيت سيستمز" الإسرائيلية في صفقة سلاح ضخمة بقيمة 335 مليون دولار، ضمن مسعى التفوق في سباق التسلح مع جارتها البلقانية كرواتيا، العضو في الناتو والاتحاد الأوروبي.
وافتخر رئيس صربيا بأن الأنظمة الجديدة التي اشترتها بلاده "أفضل من الأنظمة الأمريكية التي اشترتها كرواتيا وستسمح بالرد على أي تحد وعلى أولئك الذين اعتقدوا أنهم يملكون تفوقاً علينا".
وجاء في مقال للمحلل الاستخباري الإسرائيلي يوسي ميلمان، نشرته صحيفة "هآرتس" أن شركة "إلبِيت" أعلنت عن الصفقة باعتبار أنها مع "دولة أوروبية" دون الكشف عن اسمها، إلا أن الرئيس الصربي، ألكسندر فيتشيتش، كشف عنها في خطابه للأمة في اليوم التالي.
وأوضح ميلمان أن هذه الصفقة تأتي في إطار تحسن العلاقات بين "إسرائيل" وصربيا، التي تشمل صفقات سلاح متبادلة، مضيفا أن "الشركة فازت بعقود بقيمة 335 مليون دولار لتوريد أنظمة إطلاق صواريخ مدفعية من نوع "بلس - PULS"، وطائرات مسيرة من طراز "هيرميس 900"، وأنه سيتم استكمال توريدها خلال ثلاث سنوات ونصف".
وذكر أن "PULS" هو قاذف متعدد الفوهات للصواريخ المدفعية الذي طورته شركة "تاعس" (الصناعات العسكرية)، وهي شركة مملوكة لشركة "إلبِيت"، يمكن للنظام إطلاق صواريخ من طراز "غراد"، "لار"، "رمح" وغيرها، إلى مسافات تصل إلى 300 كيلومتر، بينما "هيرميس 900" هو طائرة مسيرة متقدمة للاستخبارات والهجوم، مع قدرة تحمل عالية لعمليات طويلة، وقد تم بيعها بالفعل للهند وتايلاند وأذربيجان وغيرها.
على الرغم من أن "إلبِيت" لم تكشف عن الدولة المشترية، إلا أن رئيس صربيا فيتشيتش قد أشار إلى ذلك في خطابه، وقد رصدت وسائل الإعلام في صربيا وكرواتيا، الدولتان السابقتان في يوغوسلافيا، عن كثب سباق التسليح المتزايد وغطّت الصفقة مع "إلبِيت" بشكل موسع.
وقال الرئيس فيتشيتش: "أود أن أبلغكم أنه بعد مفاوضات صعبة، وقعنا صفقة لشراء أقوى أنظمة إطلاق الصواريخ المدفعية في العالم..
كما اشترينا بعضا من الطائرات المسيرة الأكثر تقدماً في العالم، وهذا هو النظام الأكثر تعقيدا في العالم، مع اتصال مباشر بين الطائرة المسيرة والصاروخ الذي يتم إطلاقه على الفور ويدمر كل شيء، بلا شك، هو نظام أقوى من HIMARS".
ونظام HIMARS هو نظام مدفعي متقدم من إنتاج الولايات المتحدة، تم توريده، من بين أمور أخرى، إلى أوكرانيا ويستخدم لصد القوات الروسية، مؤخراً، تم بيع النظام أيضاً لكرواتيا.
وتم نقل تصريحات الرئيس فيتشيتش بشكل موسع في مجلة الطيران الرائدة في صربيا "تانغو6"، وفي وسائل الإعلام الأخرى في منطقة البلقان، وعلى عكس كرواتيا، لا تعتبر صربيا عضوًا في حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
ولم ترد كل من "إلبِيت" ووزارة الحرب الإسرائيلية على سؤال صحيفة "هآرتس" حول ما إذا كان قد تم تقديم ضمانات معينة في إطار الصفقة، أو إذا كانت هناك قيود على استخدام الأسلحة، بحيث لا تستخدم صربيا الأنظمة الإسرائيلية ضد الدول الأعضاء في الناتو.
وصرحت "إلبِيت" بالآتي: "بشكل عام، تقوم شركة "إلبِيت" ببيع حلول دفاعية في العالم وفقًا للتراخيص المحددة التي تمنحها وزارة الدفاع لكل منتج وقدرة، أي أنه ليس كل منتج أو قدرة يتم بيعها وتوزيعها في جميع أنحاء العالم. شركة "إلبِيت" لا تقدم معلومات تفصيلية بشأن محتوى الصفقة مع العميل، ولكن نؤكد أن الشركة تلتزم بالعمل وفقًا للتراخيص"