مع تفاقم المشاكل الاقتصادية.. الصين تواجه أزمة سوق الأوراق المالية
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
قالت صحيفة إيكونوميست إن المستثمرين الأجانب الذين كانوا مفتونين بالأسهم الصينية ذات يوم أصبحوا يفرون الآن بشكل متزايد، مع مبيعات صافية بلغت ملياري دولار في يناير/كانون الثاني الماضي وحده.
وفي ظل مشهد اقتصادي مضطرب، تواجه سوق الأوراق المالية الصينية أزمة تثير مخاوف المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
يأتي هذا التطور بعد تبخر أكثر من 6 تريليونات دولار من القيمة السوقية للبورصات في الصين وهونغ كونغ على مدى السنوات الثلاث الماضية، مع وصول مؤشر شنغهاي المركب إلى أدنى مستوى له منذ 5 سنوات في الخامس من فبراير/شباط الجاري.
وتأتي إقالة هويمان كخطوة في مسار طويل من إقالات المسؤولين التنظيميين في الصين بعد فترات من هبوط أسعار الأسهم، بعد أن تمت إقالة سلفه، ليو شيو، في عام 2019 وتم التحقيق معه لاحقا بتهم الفساد، في حين تم التعامل مع شياو جانغ، الرئيس السابق للجنة الأوراق المالية والبورصات الصينية، ككبش فداء لانهيار السوق في عام 2015، وفقا لوصف إيكونوميست.
في حين تسلط تقارير صحفية الضوء على اتجاه مثير للقلق حيث تكثف الحكومة الصينية، وخاصة الدائرة الداخلية للرئيس الصيني شي جين بينغ، جهودها لقمع وجهات النظر السلبية بشأن الآفاق الاقتصادية للبلاد.
وأصدرت وزارة أمن الدولة تحذيرات من نشر روايات متشائمة، في إشارة إلى حملة قمع ضد الآراء المعارضة. وتؤكد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها سيتي غروب وإحياء "المادة 23" المثيرة للجدل في هونغ كونغ على الجهود التي تبذلها الحكومة للسيطرة على تدفق المعلومات.
وتشكل هذه التطورات وفقا للوكالة تحديات كبيرة أمام الاقتصاديين والمصرفيين الخاصين وشركات الأخبار الأجنبية العاملة في الصين.
انكماش يفرض ضغوطا على القيادة الصينيةوتستطرد الصحيفة أن الانحدار الحالي في سوق الأوراق المالية يتشابك مع التوقعات الاقتصادية القاتمة في الصين، ويرجع ذلك في المقام الأول -بحسب الصحيفة- إلى الحالة المتعثرة التي تعيشها سوق العقارات.
ومع انخفاض الأسعار والمبيعات لأكثر من عام، ناضل صناع السياسات لمنع التصحيح، وهو ما يزيد من التحديات الاقتصادية.
الانحدار الحالي في سوق الأوراق المالية يتشابك مع التوقعات الاقتصادية القاتمة في الصين (أسوشيتد برس)وتواجه بكين مخاوف متعددة ناجمة عن الأزمة، إذ يمتلك أكثر من 200 مليون مواطن صيني أسهما، مما يجعل المسؤولين عرضة للّوم العام عن اضطرابات السوق. فيما أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتعبير عن عدم الرضا، حتى إن بعض المنشورات تتكهن بتهديدات محتملة مثل القنابل أو السموم التي يتم البحث عنها في بورصة شنغهاي.
المستثمرون الأجانب يتراجعونوتقول الصحيفة إن البيانات التنظيمية الصادرة منذ أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، ومنها التزام "سنترال هويجين" وهي ذراع استثمار مملوكة للحكومة الصينية، بشراء الأسهم من أجل استقرار السوق، قد تركت مديري الصناديق الأجنبية يشعرون بعدم الارتياح. وأدت الحملة ضد البيع على المكشوف والتنفيذ المحتمل لتدابير ضد أدوات التحوط مثل البيع على المكشوف إلى زيادة المخاوف بين المستثمرين الأجانب.
وأدى عدم اليقين التنظيمي هذا إلى انسحاب كبير للمستثمرين الأجانب من الأسواق الصينية، مع مخاوف من احتمال احتجاز الموظفين واتهامات بارتكاب جرائم مالية.
وينتظر المستثمرون الأجانب والمحليون بفارغ الصبر إنشاء صندوق إنقاذ حكومي محتمل، والذي تشير الشائعات إلى أن قيمته تبلغ نحو تريليوني يوان (280 مليار دولار)، أي ما يعادل حوالي 3% من القيمة السوقية لسوق الأوراق المالية في الصين.
إصلاحات طويلة الأجلوبينما تتصارع الصين مع الأزمة الحالية، يجري النظر في إصلاحات طويلة الأجل لإعادة تشكيل ديناميكيات أسواق الأوراق المالية لديها. أحد الجوانب الرئيسية وفقا للإيكونوميست هو تحويل التركيز من جمع رأس المال إلى الحفاظ على ثروات المستثمرين، بهدف إنشاء سوق أكثر "توجها نحو المستثمرين". وهذا يستلزم عددا أقل من العروض العامة الأولية "آي بي أو إس" (IPOs) والمزيد من السيولة الموجهة نحو التداول الثانوي.
المستثمرون الأجانب الذين كانوا مفتونين بالأسهم الصينية أصبحوا يفرون من مبيعات صافية بلغت ملياري دولار في يناير وحده (شترستوك)وتتضمن خطة الحكومة أيضا رفع القيمة السوقية للشركات المملوكة للدولة، والتي تقدر قيمتها حاليا بنصف مستوى الشركات غير الحكومية. وتسعى الإصلاحات المقترحة إلى إنشاء "نظام تقييم بخصائص صينية" لتعزيز أسعار أسهم الشركات المملوكة للدولة من خلال تثقيف المستثمرين حول أدوارهم الاجتماعية الأوسع.
ويهدف صناع السياسات أيضا إلى جعل الشركات المملوكة للدولة أكثر جاذبية للمستثمرين من خلال تقديم مقاييس مثل العائد على الأسهم، والأرباح المنتظمة، وإعادة شراء الأسهم.
وتقول الصحيفة إنه رغم أن هذه الإصلاحات قد تشكل تحديا، نظرا للانكماش الاقتصادي الحالي، فإن الحكومة تدرسها بالتزامن مع خطط أوسع لجذب الاستثمار الأجنبي وجعل أسواق الأوراق المالية الصينية أكثر قدرة على المنافسة على الساحة العالمية.
ومع ذلك -وفي سياق شدة الأزمة الحالية- من المرجح أن يتطلب التحول الدائم في الأسواق اتخاذ تدابير شاملة وطموحة، تقول الصحيفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: سوق الأوراق المالیة فی الصین
إقرأ أيضاً:
مجلس "الشيوخ" يُحيل طلب بشأن تطوير قطاع التأمين ورقمنة المعاملات المالية للجنة الاقتصادية (تفاصيل)
أحال مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، خلال الجلسة العامة، اليوم الأحد، طلب المناقشة العامة بشأن استيضاح سياسية الحكومة حول سبل الارتقاء بكفاءة وتنافسية قطاع التأمين، ورقمنة المعاملات المالية غير المصرفية وتسريع التحول الرقمي لتحقيق الشمول المالي في القطاع المالي غير المصرفي، إلى لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، لبحثه وإعداد تقرير بشأنه.
تطوير قطاع التأمين
وكان قد استعرض النائب محمد المنزلاوى، عضو مجلس الشيوخ، طلب المناقشة العامة المُقدم منه، مؤكدًا أن قطاع التأمين أحد الركائز الأساسية للنظام المالي والاقتصادي، حيث يلعب دورا حيويا في إدارة المخاطر الاقتصادية، وحماية الأفراد والمؤسسات، وتعزيز الاستقرار المالي، كما يسهم في جذب الاستثمارات وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتوفير التغطية التأمينية للقطاعات الإنتاجية والخدمية، مما يجعله عنصرا رئيسيا في تحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح أن قطاع التأمين في مصر يشهد نقلة نوعية بعد صدور قانون التأمين الموحد بالقانون رقم (١٥٥) لسنة ٢٠٢٤، الذي جاء ليواكب التطورات التشريعية العالمية، ويعالج التحديات التي كانت تواجه السوق التأمينية، من خلال وضع إطار تنظيمي حديث يهدف إلى تحقيق الشفافية، وتعزيز كفاءة السوق، ورفع مستوى الحماية التأمينية للمؤمن عليهم والمستفيدين من الخدمات التأمينية، وبما أن قطاع التأمين يعد أحد الركائز الأساسية للنظام المالي والاقتصادي، فإن تطويره بعد خطوة حتمية لضمان رفع مستوى تنافسيته وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ودعمه لخطط الدولة التنموية، خاصة في ظل التوجه نحو توسيع قاعدة الشمول التأميني والاستفادة من أدوات التأمين الحديثة.
وأشار إلى أن رفع كفاءة قطاع التأمين يتطلب التعامل مع مجموعة من التحديات أبرزها ضمان التطبيق الفعلي الأحكام القانون الجديد، وتطوير البيئة التنظيمية الداعمة لنمو السوق، وتحفيز شركات التأمين على التوسع في تقديم خدمات أكثر مرونة وتلبية لاحتياجات مختلف الفئات وهو ما يتطلب تحديث نظم الحوكمة داخل شركات التأمين، ورفع كفاءة الكوادر العاملة في القطاع، فضلًا عن تحسين بيئة العمل الرقابية من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة بما يضمن الحماية الكاملة الحملة الوثائق.
الاستثمار في قطاع التأمين
ولفت إلى أن تحفيز الاستثمار في قطاع التأمين من المحاور الأساسية لرفع كفاءته، حيث يتطلب ذلك العمل على تيسير إجراءات تأسيس شركات التأمين وإعادة التأمين، وتحفيز جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق، وتعزيز تنافسية شركات التأمين الوطنية، ويتطلب ذلك تحسين آليات الرقابة المالية والمحاسبية.
وتابع، تطوير التكنولوجيا في قطاع التأمين أصبح ضرورة لتعزيز كفاءته وتحسين تجربة العملاء، إذ أن التحول الرقمي والتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة بات يتيح الشركات التأمين تقديم خدمات أكثر دقة ومرونة، مما يسهم في تحسين إدارة المخاطر، وتطوير نماذج تسعير أكثر كفاءة، مضيفًا: بالرغم من الجهود المبذولة لتطوير قطاع التأمين، فإن هناك بعض التحديات التي تحتاج إلى حلول أكثر فاعلية، مثل ضرورة زيادة الوعي التأميني لدى الأفراد والشركات، وتعزيز الثقافة التأمينية، وتحفيز استخدام منتجات التأمين في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وأردف قائلًا: من جانب آخر يشهد القطاع المالي العالمي تحولا جذريا نحو الرقمنة، مدفوعا بالتطورات التكنولوجية المتسارعة والمتغيرات الاقتصادية التي فرضت الحاجة إلى تبني حلول مالية أكثر كفاءة وشمولية، مؤكدًا إنه أصبحت رقمنة المعاملات المالية غير المصرفية ضرورة استراتيجية لتعزيز كفاءة الأسواق المالية، وتحقيق الشمول الماني ويُعد القطاع المالي غير المصرفي - بما يشمله من أنشطة التأمين، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتمويل العقاري، وغيرها أحد القطاعات المحورية التي يمكن أن تستفيد من تطبيقات الرقمنة، حيث تتيح التكنولوجيا المالية (FinTech) حلولا متطورة تمكن من تقديم خدمات مالية أكثر سرعة وشفافية، مما يعزز من كفاءة المعاملات ويحد من المخاطر التشغيلية، ومن هنا، فإن تسريع تطبيق الرقمنة في الخدمات المالية غير المصرفية بعد خطوة ضرورية لتوسيع نطاق الشمول المالي، وتحقيق رؤية الدولة في تعزيز الاستدامة المالية، ودعم مناخ الاستثمار.