تحذيرات من اجتياح رفح… حكم بالإعدام على 1.4 مليون
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
القدس المحتلة-سانا
عشرات الغارات بالطيران الحربي والمسير شنها الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر اليوم أسفرت عن استشهاد 100 فلسطيني، وإصابة المئات في إمعان واضح بمواصلة حرب الإبادة الجماعية، رغم التحذيرات الدولية من تداعيات تصعيد العدوان واجتياح المدينة التي تشكل الملاذ الأخير لـ 1.4 مليون فلسطيني أجبرهم الاحتلال على النزوح من منازلهم في شتى أنحاء القطاع، ليتكدسوا في شوارع المدينة بلا مأوى مفتقرين إلى أبسط مقومات الحياة.
قصف عنيف تواصل لساعات استخدمه الاحتلال للتغطية على توغل قواته أقصى شمال غرب المدينة، مدمراً أكثر من 14 منزلاً على رؤوس ساكنيها، بينما لم تتمكن طواقم الإسعاف والإنقاذ من الوصول إلى المناطق المستهدفة إلا بعد ساعات بسبب القصف العنيف، وأكد المسعفون أن معظم الضحايا أطفال، وأن عمليات الإنقاذ تتم ببطء شديد بسبب غياب التجهيزات والدمار الكبير الذي لحق بالمناطق المنكوبة.
صهيب الهمص مدير أحد مستشفيات رفح أكد أن الاحتلال استخدم في غاراته على المدينة صواريخ حارقة ومحرمة دولياً، وأن معظم الإصابات بتر للأطراف وتهتك في الدماغ وحروق شديدة، منتقداً ازدواجية المعايير الدولية التي تمكن الاحتلال من مواصلة مجازره.
وزارة الصحة الفلسطينية أوضحت أن الواقع الطبي والإنساني في رفح كارثي للغاية، وأن أعداد ضحايا قصف الاحتلال على المدينة أكبر من طاقة المستشفيات، لافتة إلى أن الأطباء يفترشون الأرض لعلاج الجرحى بسبب ضعف البنية التحتية الصحية.
الهلال الأحمر الفلسطيني حذر من أن اجتياح الاحتلال للمدينة يعني حكماً بالإعدام على أهالي القطاع الذين لجأ معظمهم إليها، مبيناً أن رفح تعاني من فقدان الخدمات الصحية ومن انتشار عدد كبير من الأوبئة بين صفوف النازحين.
الرئاسة الفلسطينية طالبت المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بالتحرك العاجل لمنع الاحتلال من اجتياح رفح، لأن حدوث ذلك يعني سقوط آلاف الضحايا وإجباره على وقف حرب الإبادة الجماعية، موضحة أن حديث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عما يسمى “ممراً آمناً” محض ترهات وخداع للعالم، لأنه لم يعد هناك مكان آمن في القطاع، ولا يمكن عودة الأهالي إلى منازلهم في ظل القصف المتواصل على وسط وشمال القطاع، ومشددة على أن تهجير الأهالي قسرياً خارج القطاع أمر مرفوض.
وزارة الخارجية الفلسطينية أكدت أن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في رفح تؤكد صحة التحذيرات والتخوفات الدولية من النتائج الكارثية لتوسيع حرب الاحتلال وتعميقها في المدينة المكتظة بالنازحين، مشيرة إلى أن مجازر الاحتلال المتواصلة في القطاع تهدف إلى إجبار أهله على الهجرة قسرياً.
المقاومة الفلسطينية أوضحت أن عدوان جيش العدو الإرهابي على رفح إنما هو جريمة مركبة، وإمعان في حرب الإبادة الجماعية، وتوسيع لمساحة المجازر التي يرتكبها ضد الفلسطينيين، نظراً لتكدس أكثر من 1.4 مليون فلسطيني في المدينة جراء العدوان النازي المتواصل على القطاع، حيث تحولت شوارعها إلى مخيمات للنازحين يعيشون في ظروف غاية في الصعوبة والقسوة نتيجة افتقارهم لأدنى مقومات الحياة.
وأشارت المقاومة إلى أن الاحتلال يضرب عرض الحائط بقرارات محكمة العدل الدولية التي صدرت قبل أسبوعين، وأقرت تدابير عاجلة تتضمن وقف أي خطوات يمكن اعتبارها أعمال إبادة، محملة الإدارة الأمريكية كامل المسؤولية عن هذه المجزرة، لما توفره من دعم مفتوح بالمال والسلاح وغطاء سياسي لمواصلة حرب الإبادة، داعية المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى التحرك العاجل والجاد لوقف العدوان الصهيوني.
تصريحات مسؤولي الاحتلال قبل أيام حول اجتياح رفح قوبلت برفض عربي ودولي واسع، حيث أكدت الجامعة العربية أن محاولات فرض واقع النزوح على مئات آلاف الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى المدينة مكشوفة ومرفوضة، وعلى العالم أن ينتبه لخطورة هذه المخططات التي تريد إفراغ القطاع من أهله وتنفيذ تطهير عرقي متكامل الأركان، ما يجعل التحرك الدولي في هذه المرحلة ضرورة للحيلولة دون وقوع كارثة تزيد من تصعيد الأوضاع.
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا حذر من أن أي تحرك من جانب “إسرائيل” لتوسيع حربها الشاملة لتشمل مدينة رفح المكتظة بمئات آلاف الفلسطينيين قد يؤدي إلى جرائم حرب، ويجب منع ذلك بكل السبل، بينما قال المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني: إن أي عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة على رفح ستجلب المزيد من الدمار والمآسي، مشيراً إلى أن هناك شعوراً بالقلق والذعر المتزايد في رفح، إذ ليس لدى الناس أي فكرة على الإطلاق عن المكان الذي سيذهبون إليه بعد رفح.
المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” كاثرين راسل جددت دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع لأسباب إنسانية من أجل توفير أفضل حماية للأطفال الذين أصبحت حياتهم ومستقبلهم على المحك، محذرة من أن خطط “إسرائيل” لاجتياح رفح التي تئن بالفعل، في ظل العدد الهائل من الأشخاص الذين نزحوا إليها من أجزاء أخرى من القطاع ستمثل تحولاً مدمراً آخر في الحرب التي أودت بحياة أكثر من 28 ألفاً معظمهم نساء وأطفال.
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال في منشور على منصة إكس: إن التقارير حول هجوم عسكري إسرائيلي على رفح مثيرة للقلق وستكون له عواقب كارثية، من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي وإلى تفاقم العدد الذي لا يطاق من الضحايا المدنيين، مشيراً إلى أنه في الوقت الحالي يواجه 1.4 مليون فلسطيني المجاعة في المدينة وليس لديهم مكان آمن يلجؤون إليه.
نحو 2500 مجزرة مكتشفة ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة منذ بدء عدوانه عليه في السابع من تشرين الأول الماضي، بضوء أخضر وشراكة كاملة من الإدارة الأمريكية والغرب الذي يمده بالسلاح والمال، ويوفر له الغطاء لضمان إفلاته المستمر من المساءلة والعقاب، ومن الالتزام بالقوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على حماية المدنيين ووجوب محاسبة مجرمي الحرب والتي حفظتها الشعوب عن ظهر قلب، لكنها تبقى مجرد كلام يردده المسؤولون الغربيون، حيث يشجبون ويستنكرون ويقلقون ويأسفون دون أن يقوموا بأي خطوة لتنفيذ هذه القوانين والقرارات لحماية الشعب الفلسطيني من آلة القتل الإسرائيلية المستمرة منذ 76 عاماً.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: حرب الإبادة اجتیاح رفح إلى أن
إقرأ أيضاً:
من هو الأسير المحرر الذي أشعل التواصل الاجتماعي؟.. تعرّف على زكريا الزبيدي
تفاعل رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، مع مشاهد الاحتفاء بالإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، بينهم أحد أبرز قيادات حركة "فتح" وقائد "كتائب شهداء الأقصى" التابعة للحركة بالضفة الغربية، زكريا الزبيدي، أحد أبرز الأسماء الفلسطينية ممّن قضوا سنوات من العمر داخل السجون الإسرائيلية.
وضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار على قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حركة "حماس"، تم الإفراج عن الزبيدي، إضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين، في مقابل أسيرتين إسرائيليتين هما: أربيل يهود وآجام بيرغر وأسير ثالث وهو غادي موزيس، وذلك بحسب متحدث "كتائب القسام" الجناح العسكري لـ"حماس" أبو عبيدة، مساء الأربعاء.
زكريا الزبيدي حرا#نفق_الحرية pic.twitter.com/mIQeVMlMpU — Tamer Almisshal | تامر المسحال (@TamerMisshal) January 30, 2025 لحظة وصول الأسير "زكريا الزبيدي" أحد ستة أسرى التحرر من نفق جلبوع إلى رام الله ضمن قافلة الأسرى المحررين اليوم pic.twitter.com/fE7Frzgmab — الحرب العالمية الثالثة (@WWIIIAR) January 30, 2025
من يكون؟
ولد زكريا الزبيدي ذو 49 ربيعا، بمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وله 7 إخوة، تربى يتيم الأب، وفي 2002 استشهدت والدته سميرة وشقيقه طه، بقصف من الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عمر 13 عاما، أصيب زكريا، بالرصاصو خلال مشاركته في رجم قوات الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، حيث اعتقل للمرة الأولى بعمر 15 عاما، وسجن 6 أشهر. بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على قوات الاحتلال، وحكم بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.
وبات الزبيدي قائدا عسكريا لـ"كتائب شهداء الأقصى" آنذاك، في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005).
قاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام العبرية، إنه "الحاكم الفعلي لجنين"؛ وخلال عام 2002، وإبان إعادة جيش الاحتلال الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، شنّ معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.
إثر ذلك، انتخب الزبيدي عضوا للمجلس الثوري لحركة "فتح"، في دورته السابعة، وهو ما يعتبر ثاني أهم مؤسسات الحركة بعد اللجنة المركزية.
في خضمّ حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية؛ وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت الفلسطينية، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".
"التنين والصياد"
نجى الزبيدي من 4 محاولات اغتيال، أبرزها كانت في 2004، حيث استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.
وخلال العام نفسه، اقتحمت قوة خاصة للاحتلال الاسرائيلي، لمخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن زكريا من الفرار.
عام 2005، كُشف كمين لقوات خاصة للاحتلال قرب منزل تحصن فيه الزبيدي، وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقاله غير أنه فشل، حيق تمكن زكريا من الفرار.
خلال عام 2007 سلّم الزبيدي إضافة إلى مجموعة فلسطينيين سلاحه للسلطة الفلسطينية، وذلك بموجب اتفاق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحصل على "عفو إسرائيلي. عقب أن هدم الاحتلال منزله 3 مرات.
عقب ذلك عمل الزبيدي في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبخصوص ذلك قال الزبيدي خلال مقابلة تلفزيونية، آنذاك: "هم (الإسرائيليون) يعلمون أنني أوقفت العمل المسلح بناء على قرار لإعطاء فرصة للعمل السياسي لذلك حصلت على العفو".
وبعد 4 سنوات، أعلن الاحتلال الإسرائيلي، بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر/2011، عن إلغاء العفو عن الزبيدي، رغم تأكيده أنه لم ينتهك أيا من شروطه. ليظل الزبيدي، عقب ذلك بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وهي مقر القيادة الفلسطينية، حتى اعتقاله بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني 2019.
"التنين الذي يهزم الصياد"
فضّل تسمية نفسه بـ"التنين الذي يهزم الصياد"، خلال مناقشة أطروحته للماجستير؛ وتم اعتقاله في عام 2019؛ فيما وصفه الضابط السابق في "الشاباك" الإسرائيلي، يتسحاق إيلان بـ"قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة". وظل بالمعتقل دون أن يصدر بحكم أي حكم.
وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل: "زكريا كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه"، في إشارة إلى أنه قد تطرق في أطروحة الماجستير، إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.
وبتاريخ 6 أيلول/ سبتمبر 2021 ؛ كان قد نجح الفرار من زنزانته، من سجن جلبوع شديد التحصين عبر نفق حفروه، رفقة 5 من رفاقه في الأسر، غير أنه أعيد اعتقالهم بعد أيام، ووصف المراقبون، آنذاك، عملية الهروب بـ"الأسطوري".
جرّاء ذلك، صدر ضد الزبيدي حكم بالسجن 5 سنوات، بسبب هروبه عبر النفق، أما بقية التهم ومنها إطلاق نار على مواقع إسرائيلية لم يصدر أحكام ضده بشأنها.
وفي 15 مايو/ أيار الماضي، استشهد نجل زكريا، داوود في مستشفى "رمبام" في حيفا شمال الاحتلال الإسرائيلي، متأثرا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي في جنين. وفي سبتمبر/ أيلول 2024 استشهد محمد زكريا الزبيدي (نجل زكريا) مع عدد من الفلسطينيين في غارة جوية بمدينة طوباس شمال الضفة.