معاناة قطاع التمريض في سوريا تدفع كوادره للهجرة
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
شمال سوريا- تستعد الممرضة السورية رهام الحلبي (اسم مستعار) للسفر بهدف العمل في العراق، براتب شهري يفوق ما تحصل عليه في إحدى المستشفيات الحكومية في سوريا بـ10 أضعاف، بعد أن أمضت نحو 8 سنوات من عملها في مهنة التمريض، التي تصفها بأنها قاسية وصعبة.
تقول الحلبي إن راتبها الشهري البالغ نحو 260 ألف ليرة سورية (18 دولارا أميركيا) بالكاد يكفي لتغطية تكلفة الطعام والشراب والمواصلات لأيام قليلة من الشهر، مقابل ظروف العمل الشاقة التي تتطلب منها العمل لأكثر 12 ساعة، حتى في أيام العطل الرسمية والأعياد.
وتضيف في حديثها للجزيرة نت أن الممرضين في سوريا لا يحصلون على أي بدائل نقدية أو حوافز مقابل الدوام الإضافي، في حين يتم تسليمهم مبلغ طبيعة عمل لا يتجاوز 5% من الأجر الشهري، على عكس باقي الكوادر الطبية من الأطباء وفنيي التخدير، الذين يحصلون على ما يقارب 100%.
وأكدت الممرضة أن معظم زملائها يفكرون بالهجرة من سوريا، وينتظرون الفرصة المناسبة للسفر خارج البلاد والعمل بظروف أفضل، مشيرة إلى أن ما يمنعهم هو عدم توفر تكاليف السفر، فضلا عن تضييق حكومة النظام ووزارة الصحة على من تبقى ومنعهم من الاستقالة.
ومنذ تحول الصراع بين المعارضة والنظام في سوريا إلى صراع مسلح، تشهد البلاد نزيفا حادا في الكوادر الطبية، تصاعد خلال السنوات الأخيرة، تزامنا مع تدني الأجور وسوء الأوضاع المعيشية في البلاد، على وقع انهيار الليرة السورية والأزمات الاقتصادية.
وبحسب صحيفة البعث الحكومية، فإن الآلاف من الممرضين السوريين استقالوا خلال السنوات الخمس الأخيرة، محذرة من أن هذا النقص الحاد أدى إلى تراجع جودة الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالالتهابات، وتراجع احتمالات النجاة للمرضى.
وأشارت الصحيفة إلى أن القطاع التمريضي في سوريا بات منهكا؛ حيث تُقدم ممرّضة واحدة الرعاية الصحية لكل 15 مريضا، ضمن مقياس غير طبيعي، حيث تقر القوانين الطبية بأن تقوم ممرضة واحدة بخدمة 5 مرضى بالأقسام العادية في المستشفيات.
ويعتقد طبيب الأطفال زيد الأسعد، أن فئة الممرضين تحملت أعباء إضافية خلال الحرب في سوريا، من بين باقي الكوادر الطبية، مقابل عدم ملاحظة الجهود التي يبذلونها، وتقاضيهم أجورا شهرية لا تسد الرمق.
وقال الأسعد في حديث للجزيرة نت إن "الهجرة وتسرب القطاع الطبي هو مسار طبيعي يحدث خلال الحروب والأزمات التي تواجه الدول"، مضيفا أن الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الأكبر "لفشلها في المحافظة على الكوادر الطبية، من خلال تحسين أجورهم وبدلات طبيعة العمل".
ويشير الأسعد إلى أن فرق الأجور ما بين سوريا والدول المجاورة لعب دورا كبيرا في حركة هجرة الممرضين والممرضات السوريات، عبر استقطابهم للعمل بظروف معيشية أفضل، مؤكدا أن الحلول الأمنية غير مجدية في المحافظة على من تبقى من كوادر طبية سورية.
ولفت الطبيب السوري إلى أن وزارة الصحة لم تقم حتى اليوم بتفعيل نقابة التمريض السورية، وفق ما نص عليه المرسوم رقم 38 لعام 2012، ولم يتم إقرار نظامها الداخلي والمالي، ولا حتى انتخاب نقيب للتمريض، ولا استحداث صندوق تقاعد للممرضين.
وفي محاولة من الحكومة لمنع الاستقالات وتسرب الممرضين، رفعت وزارة التعليم العالي الغرامة المفروضة على الممرضة الخريجة في حال عدم التحاقها بالعمل في المستشفيات العامة، إلى 7 ملايين ليرة سورية (نحو 500 دولار أميركي)، حيث اعتبرت أن الممرضة الخريجة غير الملتحقة بالمستشفى الموجهة إليه "لم تف بالتزاماتها"، وتتم مطالبتها ووليها بضعف "النفقات المصروفة عليها"، وملاحقتها قضائيا.
كما حدد القرار المتعلق برفع الغرامة شروطا لقبول استقالة الممرضة، أو نقلها قبل انتهاء التزامها بخدمة المستشفى، في وقت تحدث فيه الممرضون أن الاستقالة باتت أشبه بالأمر المستحيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الکوادر الطبیة فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
تصريحات صارمة للرئيس أردوغان بخصوص تقسيم الأراضي السورية
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ترغب في سوريا مستقرة تضم جميع أطياف المجتمع، مشدداً على رفض أي محاولات لتقسيمها كما حدث قبل قرن.
جاء ذلك خلال كلمته في برنامج “الإفطار مع السفراء” الذي عُقد في مركز مؤتمر حزب العدالة والتنمية، حيث قال: “أكبر أمانينا إنشاء سوريا مستقرة تضم جميع أطياف المجتمع، وسنكون إلى جانبها في كل الأحوال”.
“لا يمكن تحميل سوريا وحدها آثار الحرب”
وأشار أردوغان إلى أن تأجيج التوترات بين الأقليات والعرقيات المختلفة في سوريا لا يمكن أن يحقق الأمن لأي دولة، مضيفاً: “لا يمكن لأي دولة أن تصل إلى الأمن من خلال استثارة الأقليات والعرقيات المختلفة في سوريا”.
كما شدد الرئيس التركي على رفض بلاده لأي مشروع يهدف إلى تقسيم سوريا، قائلاً: “لن نسمح بتقسيم آخر لسوريا كما حصل قبل قرن”.
وأشار أردوغان إلى أن الأضرار التي لحقت بسوريا خلال السنوات الماضية لا يمكن أن تتحملها دولة واحدة بمفردها، مضيفاً: “لا يمكن لأي دولة وحدها دفع فاتورة الهدم الذي تعرضت له سوريا على مدى سنوات الحرب الطويلة”.