الكتاب: "جوكوي يحقق أحلام أندونيسيا - التنمية القائمة على الأخلاق والقيم الإنسانية"
الكاتب: دارمان براسوجو
المحرر: ترياس كون جاهيونو
الترجمة إلى اللغة العربية: أحمد لقمان فهمي
الناشر: مكتبة الترمسي - إندونيسيا، ودار مسكيلياني للنشر والتوزيع - تونس


بعد انتصار الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية وبروزها كعملاق على الساحة الدولية عملت على تعزيز ربط آسيا بالعالم من خلال استقطابها دول جنوب شرق آسيا بهدف محاربة الاتحاد السوفييتي والمد الشيوعي في جنوب آسيا، حينما استفادت إندونيسيا من المساعدات المالية الأمريكية للمنطقة إبان الحرب الكورية، وحرب فيتنام .



كما لعبت اليابان دوراً رئيساً في تحويل جزء من استثماراتها إلى إندونيسيا للاستفادة من قرب المكان ورخص اليد العاملة، وكذلك التسهيلات التي وجدتها هناك بالمقارنة بالصعاب التي تواجهها في أوروبا والولايات المتحدة .

أما العوامل الداخلية، يمكن حصرها على النحو الآتي: استفادت إندونيسيا من اليد العاملة الرخيصة، التي كانت المحرك الرئيس في بناء اقتصاد إنتاجي تصديري برعاية أمريكية ويابانية، كما اعتمدت إندونيسيا في نموها بالدرجة الرئيسة على زيادة الصادرات في تحريك عجلة الاقتصاد.

على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضرب جاراتها ماليزيا وسنغافورة وتايلاند، فقد استخلصت إندونيسيا الدرس من تلك الأزمة، وها هي البلاد ليس فحسب أنها اجتازت الأزمة العالمية سنة 2008 بنجاح، بل إنها خرجت أقوى من ذي قبل. فمع وجود دين عام محدود بنسبة 31% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 120% في سنة 1998، فإن إندونيسيا تلقت شهادة جيدة من قبل وكالة فيتش (ب ب+) منذ إحدى عشرة سنة.

فالنهضة التي حققتها إندونيسيا ـ هذا البلد الإسلامي العملاق الذي يبلغ تعداد سكانه 237 مليون نسمة؟ تعتبر مثالية. إنها ليست نهضة اقتصادية فحسب، بل كذلك سياسية: فالديمقراطية توطدت في البلاد، والصحافة تتمتع بقدر كبير من الحرية، أفضل من أي مكان في دول المنطقة.

على الرغم من النجاح الاقتصادي الذي حققته إندونيسيا، فإن عدم المساواة لا يزال قائما، فهناك 18% من الإندونيسيين يعيشون في ظل الفقر المطلق، بأقل من دولار واحد في اليوم. ولا يصل الكهرباء سوى لنحو 60% من السكان.

وتعتبر إندونيسيا من أكثر البلدان الآسيوية فساداً، والفساد يعود إلى أن النظام السياسي السابق كله، أي في عهد سوهارتو كان يقوم على حكم الفرد المطلق، أي الاستبدادي بطبيعته، في ظل غياب كامل للمؤسسات، والمحاسبة، والقانون.

الفساد والرشوة والمحسوبية والسرقة، سمات رئيسية متأصلة في النظام السياسي الإندونيسي، وقد أسهمت الصحافة الخاصة المستقلة ، في التنديد بفضائح الفساد ، و تعرية هذا الجرح الوطني. يشهد على ذلك قضية "سونتري بنك" الذي أنقذته الدولة من الإفلاس في نهاية سنة 2008.

في هذا الكتاب الجديد، الذي يحمل العنوان التالي: "جوكوي يحقق أحلام أندونيسيا"، المتكون من مقدمة الرئيس الأندونيسي، وكلمة المؤلف، ومن ستة عشرة فصلآ، هي أشبه بمقالات توثيقية، وقائمة المصادر والمراجع، ويتضمن حوالي 580 صفحة من القطع الكبير، وقام بتأليف هذا الكتاب السيد دارماوان براسوجو الذي شغل منصب النائب الأول لرئيس الأركان الرئاسية، حيث كان مسؤولاً عن الشؤون المتعلقة بالطاقة والبنية التحتية والبرامج الاستراتيجية الوطنية، ومن خلال هذه المسؤولية، قام بالجهد للتأكد من الامتثال للوثائق واللوائح ولمراجعة السياسات المعتمدة وقام أيضاً بالتحقيق الميداني من تنفيذ البرامج المختلفة.

يتمتع هذا الكتاب بميزة فريدة عن باقي الكتب، فهو يناقش شخصية الرئيس الأندونيسي الحالي جوكو ويدودو  باني النهضة التنموية في أندونيسيا في عصر العولمة الليبرالية .

يقول الرئيس جوكو: فعادة ما تطرقت الكتب التي تم نشرها وانتشرت بين الناس إلى أحداث أيامي السابقة بشكل أكبر، "على الرغم من ذلك، طلب جارماوان براسوجو مني الإذن لكتابة عن سمات الشخصية التي تشكلت بواسطة ماضيي، ولا سيما على ضفاف كالي أنيار وأيضاً الشخصيات التي لونت حياتي، والتي تنحدر من أصول والدي... وأنا أثمن بشدة الرؤية العميقة والإصرار الذي يتحلى به دارماوان براسوجو في تفسير وفهم سمات شخصيتي من خلال البرامج المتميزة التي تقدمها الحكومة الحالية، تتضمن هذه البنية التحتية العناصر التالية: السياحة وصناديق القرى والإصلاح الزراعي والغابات الاجتماعية، بالإضافة إلى بطاقة إندونيسيا الذكية وبطاقة إندونيسيا الصحية وبطاقة الأسرة المزدهرة، وبعض هذه البرامج تخضع لإدارة ومراقبة وتسريع من قبل مكتب الأركان الرئاسي، بهدف التغلب على أي عوائق أو تحديات قد تواجهها، فما هي العلاقة بين الشخصية الفردية والقيم الإنسانية وسياسة التنمية؟ يعتبر دارماوان براسوجو برنامج توزيع بطاقات المساعدة في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية مبنياً على أساس أخلاقي قوي"(ص4 من المقدمة)..

جوكوي قائد التنمية في إندونيسيا

بدأ الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة في شهر أكتوبر 2019، وقال عنها أنَّها تهدف إلى القضاء على الفقر، وتحويل البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 260 مليون نسمة، إلى دولة متقدمة لتكون واحدة من أكبر خمسة اقتصادات في العالم بحلول عام 2045.

وقال: "أدعو الوزراء والمسؤولين الحكوميين والبيروقراطيين إلى أخذ هذه الأهداف على محمل الجد"، مضيفًا أنه سيتم إقالة المسؤولين غير الملتزمين بأهدافه.وكان الرئيس ويدودو رجل أعمال سابق يهوى موسيقى "الهيفي ميتال" من خارج النخبة السياسية والعسكرية، واعتبر عندما انتخب لأول مرة عام 2014 لقيادة ثالث أكبر ديموقراطية في العالم عدديا أنه مثيل للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

في بداية حكمه، واجه جوكوي طريقاً صعباً وشديد الانحدار، تأثرت الأوضاع الاقتصادية على الصعيدين المحلي والعالمي سلباً، مع انخفاض أسعار السلع التعدينية والزراعية. وفي الوقت ذاته، كان دعم الوقود غير فعال ومستهلك بشكل كبير بطبيعته، كل هذا أثقل كاهل البلاد، وأثرت الظروف المالية المحبطة بشكل كبير على أماني الناس في تحقيق الرخاء، في تلك الفترة، كانت إندونيسيا تعاني حقاً من حالة ضعف، وإذا استمر هذا الوضع، فقد يكون مستقبل هذا البلد محطماً بشكل متزايد.والسؤال هنا: من أين يستمد الرئيس الأندونيسي الأساس الأخلاقي القوي؟ وبحسب الكاتب لسيرته الذاتية من التحديات والصعوبات التي واجهها وعاشها في الماضي على شواطئ كالي أنيار، ذلك عندما وجد نفسه في حاجة إلى جمع الأموال لتلبية احتياجاته  في المدرسة أو للعلاج الطبي.

اهتم الرئيس الأندونيسي بتطوير قطاع الكهرباء. فتمكّن من شرح مشروعه السياسي المتعلق بالكهرباء بلباقة وفصاحة شديدة، وعندما شرح مشاكله وخياله وخططه، بدا وكأنه كان يعمل عليها لفترة طويلة بكامل التقدير والثقة.

في مناظر المرشح الرئاسي في 5 يوليو 2014 في فندق بيداكارا بجنوب جاكرتا، ففي سياق المناقشات المتلبدة والمعقدة حول إيجاد حلول في قطاع الطاقة، أوضح السيد جوكوي بوضوح فائق أنه قدم شرحاً سهل الفهم، وسلط الضوء على الاتجاه الذي نسعى إليه.

سجل التاريخ بعد ذلك أن السيد جوكوي قام أيضاً بإطلاق برنامج لتوليد الكهرباء بقدرة 35 ألف ميجاوات خلال فترة خمس سنوات من فترة حكومته، تم التركيز في هذا البرنامج على تنويع وتوازن مصادر الطاقة، فقد تم الاعتماد على مصادر الطاقة المتنوعة والمتجددة بجانب الفحم والغاز الطبيعي، مثل الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وبفضل هذه الجهود، سيتم حل مشكلة نقص الكهرباء وانخفاض تكاليف إنتاجه واستيراد مصادر الطاقة الكهربائية.

بفضل إرادة القدر، أصبح السيد جوكو ويدودو الرئيس السابع لجمهورية إندونيسيا في عام 2014، وبعد بضعة أشهر فقط من توليه الرئاسة، توليت بنفسي مسؤولية نائب في قطاع الطاقة والبنية التحتية في مكتب الأركان الرئاسي، وبجانبي هناك أربعة زملاء آخرين يشغلون مناصب نواب في مجالات مختلفة.

في بداية حكمه، واجه جوكوي طريقاً صعباً وشديد الانحدار، تأثرت الأوضاع الاقتصادية على الصعيدين المحلي والعالمي سلباً، مع انخفاض أسعار السلع التعدينية والزراعية. وفي الوقت ذاته، كان دعم الوقود غير فعال ومستهلك بشكل كبير بطبيعته، كل هذا أثقل كاهل البلاد، وأثرت الظروف المالية المحبطة بشكل كبير على أماني الناس في تحقيق الرخاء، في تلك الفترة، كانت إندونيسيا تعاني حقاً من حالة ضعف، وإذا استمر هذا الوضع، فقد يكون مستقبل هذا البلد محطماً بشكل متزايد.

هذه أمثلة محدودة من الأمور الكبيرة التي يتحدث فيها كاتب سيرة الرئيس جوكوي، وهناك العديد من التحديات المعقدة التي طالت هذه الأمة لفترة طويلة، والرئيس الجديد مطالب بتحمل عبء هذا الواقع العاطفي الثقيل. في تلك الفترة كانت إندونيسيا وكأنها محاصرة في لغز معقد من التحديات.

يقول الكاتب دارماوان براسوجو: "وأجد نفسي في حيرة تامة خلال تلك اللحظة. تطرح نفسي عدة تساؤلات، مثلاً: ما هي الحلول التي يمكن أن يبتكرها جوكوي لهذا الوضع؟ البلاد مليئة بالمشاريع الملتوية والمخططة، لكنها لم تر النور بعد. الجهود كانت مهملة لسنوات عديدة، والثروات المحتملة للبلاد كانت تذهب هباءً أو تنهيها دول أخرى، إن إندونيسيا تواجه تحديات كبيرة وتجتاز مرحلة صعبة، القوة والشجاعة تظهر من الخارج، ولكن هناك حاجة أيضاً إلى القوة والتوحيد من الداخل"(ص 10).

في خضم هذه الفوضى المستمرة، انتبه الرئيس جوكوي إلى الإمكانيات الكبيرة المتاحة داخل البلاد، ومن بين هذه الإمكانيات كانت صناعة السياحة، ومع ذلك، كان من الواضح في ذلك الوقت أن حالة السياحة في إندونيسيا كانت مثيرة للقلق، حيث كانت تعاني من التخبط والركود.

في هذه اللحظة، أبدى السيد جوكوي بوضوح قدرته على حل المشكلات بسرعة وفاعلية، قام بجولات ميدانية حيث تجول واستمع وشاهد مباشرة الأوضاع الفعلية في الميدان، وفي تواصل وثيق مع الناس، اتخذ قرارات سريعة.

وعندما زار شرق توسا تينجارا، على سبيل المثال، لاحظ السيد جوكوي فوراً الإمكانيات السياحية الواعدة التي كانت متاحة، ولماذا لا يمكن استغلال الإمكانيات الهائلة لجمال شرق لوسا تينجارا؟ ولماذا لا يمكن أن تكون مصدراً للرخاء لمواطنيها؟

هل يمكن أن يكون سبب ذلك هو عدم تكامل التخطيط والتنسيق بين الوزارات؟ وهل يمكن أن يكون هناك انغماس قطاعي داخل كل وزارة؟ هل هناك انقطاع في التواصل وعدم تنسيق بين الحكومة الوطنية والحكومات المحلية؟

عندما اكتشف السيد جوكوي أوضاع بعض المطارات، اتضح له أنها كانت تعاني من قصر مدارجها التي لا تستوعب إلا الطائرات الصغيرة، بالإضافة إلى وجود محطات متسخة وضيقة ومليئة بالغبار والحرارة، وكانت هناك مشكلات في رائحة الحمامات، وليس ذلك فقط، بل كانت حالة الطرق التي تربط مناطق الجذب السياحي ببعضها البعض متدهورة، فإذا لم تكن هذه الطرق ضيقة، فإنها كانت مجوفة بما يجعل المعاناة مزيجاً من الاثنين.

في استجابة سريعة، أصدر السيد جوكوي توجيهات فورية لتمديد المدرجات، وطلب توسيع المحطات وتجميلها، ولم يتوقف عند ذلك، بل طالب أيضاً بإصلاح أو توسيع الطرق التي تربط بين مناطق الجذب السياحي، بغرض تحسين التجهيزات وتحسين تجربة الزوار.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب كتاب اندونيسيا سياسة عرض تحولات كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الأندونیسی الرئیس جوکو بشکل کبیر یمکن أن

إقرأ أيضاً:

4 أيام.. فالعدو لا يفهم إلا لغة القوة

بقلم/ ماجد حميد الكحلاني

حين ينطقُ القائدُ بكلمة، فإنها لا تسقطُ في الريح، بل تتحولُ إلى فعل، إلى موقفٍ، إلى زلزالٍ يضربُ أوكارَ الطغاة. لم يكن إعلان مهلة الأربعة أيام للعدو الصهيوني مجرد خطابٍ في زحمة البياناتِ العربية التي اعتادت أن تُولد ميتة، بل كان إنذاراً نارياً، رسم خطوطاً جديدةً على خارطة المواجهة، ورفع سقف الإرادة في وجه كيانٍ احترفَ الغدر والمكر والمجازر.
لأول مرة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، يتجرأُ قائدٌ عربيٌ على وضعِ حدٍ زمنيٍ مُحددٍ لإرغام الكيان الصهيوني على الانصياع، لا عبر التوسل، ولا عبر استجداء العواصم الغربية، بل عبر معادلة القوة التي فرضها اليمن بدماء أبطاله ومواقف قيادته.
في زمنِ الخنوع، حيثُ الزعماء العرب يتسابقون على موائد التطبيع، ويرتمون تحت أقدام الصهاينة، يأتي القائدُ القرآني، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ليعلن للعالم أجمع أن فلسطين ليست قضيةً ثانوية، ولا شعارًا للاستهلاك الإعلامي، بل هي جوهرُ الصراع، ومفتاحُ العزة، وميدانُ اختبارِ الإرادات.
لماذا أربعة أيام؟ لأن الصهاينة لا يفهمون إلا لغةَ التهديدِ المقرونِ بالفعل. لأن العدو الإسرائيلي، المدعومَ من أقوى قوى العالم، لم يعتد أن يسمعَ لغةَ الإنذار من طرفٍ عربي، خصوصاً في زمنِ الضعفِ والتخاذل.
أربعة أيامٍ، ليست فرصةً للعدو، بل هي فرصةٌ للوسطاء كي يُدركوا أن مرحلةَ الإملاءات قد انتهت، وأن الزمن الذي كانت فيه فلسطين تُباعُ في صفقاتِ العار قد ولى، وأن اليمن، برغم ما يواجهه من حصارٍ وعدوان، لا يزالُ أمينًا على قضايا الأمة، لا يخون، ولا يبيع، ولا يهادن.
“سنُقابلُ الحصارَ بالحصار”… بهذه الكلمات الحاسمة، اختصر السيد القائد – يحفظه الله- معادلةَ الردع الجديدة، وأكد أن اليمن لا يقفُ موقفَ المتفرج على جريمةِ تجويع غزة، بل يواجهُها بكل الوسائل. إن قرار استئناف العمليات البحرية لم يكن مجرد استعراضٍ للقوة، بل هو جزءٌ من التزامٍ دينيٍ وأخلاقي، تجاه شعبٍ يذبحه الصهاينة في وضح النهار، بينما يتواطأُ العالمُ بالصمتِ والتواطؤ.
في الوقت الذي يفرضُ فيه بعضُ الأنظمة العربية شروطاً مذلّةً على المقاومة مقابل دعمٍ سياسيٍ فارغ، كان موقفُ السيد القائد مختلفاً تماماً. فبدلاً من فرضِ الإملاءات، كان الدعمُ بلا قيود، وبدلاً من البحثِ عن المكاسب، كان الالتزامُ بالمبدأ، وبدلاً من المتاجرة بالقضية، كان الانخراطُ في المواجهة.
شتان بين قيادةٍ تستمد شرعيتها من القرآنِ والسنة، وبين قياداتٍ تستمد بقاؤها من حماية الغرب، شتان بين من يؤمن أن فلسطين جزءٌ من عقيدة الأمة، وبين من يراها عبئاً يجبُ التخلصُ منه في مؤتمراتِ التطبيع والخيانة.
منذ انطلاق العمليات اليمنية في البحر الأحمر، لم تعد الحربُ مقتصرةً على غزة وحدها، بل توسعت دائرة الاشتباك، واهتزت الحساباتُ الإسرائيلية، وتضاعفت المخاوفُ الغربية. لأول مرة، يجدُ العدو نفسه محاصرًا في البحر، مكشوفاً أمام صواريخ لم يكن يتوقعها.
لقد فرضت صنعاء -بعون الله وتوفيقه- قواعدَ جديدةً للصراع، ونجحت في إعادة فلسطين إلى صدارة المشهد، بعدما كادت أن تُمحى تحت ركام المؤامرات العربية والدولية.
دخلنا التاريخ، وفرضنا المعادلات
ليس شعاراً، بل حقيقةٌ تشهدُ عليها شواطئ البحر الأحمر، وأعماقُ المضائق، ومساحاتُ الرعب التي تضاعفت في قلوب الصهاينة. ليس يوتوبيا، بل واقعٌ تصنعه صواريخُ اليمن وطائراتُه المسيرة التي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة، في الوقت الذي لا تزال فيه بعضُ العواصم العربية تتوسلُ لقاءاتٍ مع الصهاينة.
القائد الذي إذا قال فعل
حين يقول السيد القائد شيئاً، فإنه ليس كلماتٍ للاستهلاك الإعلامي، ولا تصريحاتٍ دبلوماسية تُلقى ثم تُنسى. أربعة أيامٍ فقط، مهلةٌ صنعتها يدُ الثقة بالله، والعزمُ الراسخ، واليقينُ بالنصر.
اليمن اليوم ليس دولةً على الهامش، بل هو محورٌ رئيسٌ في معادلة الصراع، وهو القلعةُ التي تقفُ شامخةً بينما تسقطُ عروشُ العملاء. أما الأنظمةُ العربية التي تراهنُ على التوسلاتِ والبياناتِ الفارغة، فهي لن تُنتجَ إلا مزيدًا من الهزائم، بينما تصنع صنعاءُ الانتصاراتِ بأفعالها لا بأقوالها.
الكلمةُ عنده فعل، والوعدُ عنده عهدٌ لا يُنكث
هذا هو اليمن، وهذه قيادته، وهذه بوصلته التي لا تنحرف، وهذه رسالته إلى العالم: “نحنُ هنا… وسنبقى حتى تتحررَ فلسطين، ويُكسر قيدُ آخر أسير، ويُطهَّر المسجد الأقصى من دنس المحتلين”.

 

مقالات مشابهة

  • فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية
  • OPPO تدعم المواهب الكروية الصاعدة من خلال شراكة جديدة مع The Maker Football
  • الرئيس السيسي: شهداء مصر قدموا المثل والقدوة وتضحياتهم ترسم ملامح القوة للجمهورية الجديدة
  • الاحتلال وأمريكا أحبطا مشاركة البحرية الإيرانية بتمرين دولي في إندونيسيا
  • خالد الجندي يوضح الفرق بين التجويد والتشكيل في قراءة القرآن
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأمريكية التي فرضت على نظام الأسد، فلا نستطيع أن نقوم بضبط الأمن في البلد والعقوبات قائمة علينا
  • سلطة الهامش في كتاب «الوحشيات» لأبي تمّام
  • 4 أيام.. فالعدو لا يفهم إلا لغة القوة
  • هل يجوز للمرأة قراءة القرآن وهي كاشفة رأسها؟
  • الرئيس السيسي: نستكمل المسيرة لحماية الوطن ورفعة شأنه مهما كانت التحديات