أثير- مكتب أثير في دمشق

يتزايد الحديث عن هجوم برّي إسرائيلي محتمل على رفح خلال الفترة القادمة، حيث قالت صحيفة ايدعوت أحرنوت الإسرائيليّة بأن الجيش الإسرائيلي صادق على شنّ عملية عسكرية برّية واسعة عليها.
وللحديث أكثر عن هذه العملية المحتملة، وأهدافها ونتائجها، إضافة للمواقف الدوليّة منها، أجرت “أثير” حوارًا مع الخبير العسكري والإستراتيجي السوري اللواء المتقاعد إبراهيم العلي.

1- ما الأهداف والأسباب التي تدفع نتنياهو لشنّ هذا الهجوم على رفح، برغم عدم تحقيق عمليته في غزّة والتي انطلقت منذ عدة أشهر الأهداف التي وضعها هو وحكومته؟

قبل الحديث عن الأسباب والأهداف التي يسعى نتنياهو وأعضاء حكومته المتطرفة إلى تحقيقها، يجب أن ننطلق من قاعدة أساسية، ألا وهي أن العدوان الذي ما يزال مستمرًا على غزة لم يحقق أيّا من أهدافه المعلنة، كالقضاء على حماس أو تحرير الأسرى وما إلى ذلك، أما بالانتقال إلى العملية المزمع شنّها على رفح، والأسباب التي تدفع نتنياهو وأعضاء حكومته إلى القيام بها ففي المقام الأول يجب أنّ نعي أن وقف الحرب يعني نهايتهم السياسية، ومحاكمتهم على فشلهم في السابع من أكتوبر إضافة إلى قضايا الفساد التي كانت تلاحق نتنياهو، ولذلك فهو معني باستمرار الحرب وتصعيدها لكسب المزيد من الوقت، والرهان على تحقيق مكاسب عسكرية، قد يكون أهمها هو الهدف الذي أعلن منذ اليوم الأول للعملية العسكرية في غزة، إن كان على لسانه أو على لسان الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي ألا وهو ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء كهدف مركزي أولي، يليه المزيد من التحركات وضمنه أن العملية العسكرية في رفح هو استمرار لنهج القضاء على حماس، وهذا ما أكده ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي من خلال بيان أصدره وأكد فيه أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أوعز للجيش الإسرائيلي بإعداد خطة مزدوجة، تشمل إجلاء المدنيين من رفح، وسحق كتائب حماس الأربعة هناك”على حد زعمهم”. والسؤال الأساسي والجوهري هل فعلا سيقدم نتنياهو على هذه الخطوة أم هي ورقة ضغط جديدة لإجبار حماس على تخفيض سقف مطالبها والقبول بالشروط الإسرائيلية المغروضة لوقف العدوان.

2- ماذا عن جدوى المواقف وتأثيرها إن كان على الصعيد الداخلي الإسرائيلي والمظاهرات المناوئة لنتنياهو على خلفية ملفّ الأسرى الإسرائيليين، أو المواقف على الصعيد الدولي الرافضة لتهديدات نتنياهو باجتياح رفح برّيا؟

هذا يعتمد على حجم الضغوط التي تمارس على نتنياهو وحكومته لردعه عن القيام بهكذا حماقة، ولنبدأ بالضغوط الداخلية التي تتعلق بالخسائر الاقتصادية التي بلغت ذروتها، ومدى قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على تحمل هكذا خسائر في حال استمرت الحرب لفترة أطول، إضافة إلى ضغوط تتعلق بالخسائر البشرية التي تتكبدها القوات الإسرائيلية وعدد القتلى والمصابين الكبير، والتي لم يخسرها في أيّ حرب من حروبه السابقة، مضافًا إليها نفاذ صبر عائلات الأسرى الذين صعّدوا من احتجاجاتهم وضغطهم على نتنياهو وحكومته لإيقاف الحرب، والدعوة إلى إتمام صفقة تبادل الأسرى عوضا عن تصعيد الجبهات. ولنكن واقعيّين وشفافين عند الحديث عن المحتلّ الإسرائيلي، الذي لا يشبه في كينونته أي محتلّ آخر مرّ على دولة من الدول، فإسرائيل مجتمع تغذى على العنصرية وعاش عقدة الضحيّة، وجعلها الفزاعة التي يرفعها في وجه أي صوت يعارض أفعاله على مدى عقود من الزمن، ومعزوفة تردّد في أيّ لحظة ترتفع الأصوات المعارضة لسياسات قادتها بالإبادة والتهجير والتنكيل. ونتنياهو استطاع استغلال هذه الفكرة لمواجهة الصّوت الأقوى الذي ارتفع ضده، وهو صوت أهالي الأسرى الذين اتهمهم بتقديم مصالحهم الشخصيّة على المصالح القوميّة الإسرائيليّة، وما تبعه من تجييش إعلامي، وتسويق لهذه الفكرة، لكن تبقى النقطة الأساسية والحاسمة لردعه عن القيام بهذه الخطوة هي المواقف والأصوات الدولية التي بدأت تتعالى، ولحد الآن لم تعطِ النتائج المتوقعة واقتصرت بغالبيتها على الشجب والتحذير والاستنكار لأيّ عمل عسكري تجاه رفح وماقد يخلفه من ضحايا.

3- ماذا عن الموقف الأمريكي الذي أعلن رفضه ومعارضته بكل وضوح لأيّ عملية عسكرية برّية في رفح؟

دعيني أعيد صياغة السؤال بطريقة أخرى ماذا لو توجهت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن واستصدرت قرارًا يلزم إسرائيل بوقف كل العمليات العسكرية وليس فقط الهجوم المحتمل على رفح، وأوقفت الجسر الجوي الذي يمدّ إسرائيل بكل ما يلزم من مال وعتاد وأسلحة متطورة ودعم عسكري وأمني واتخذت موقفا حازما تجاه إسرائيل وأمرتها بوقف الحرب؟
في هذه الحالة فقط أجزم أن الحرب ستتوقف خلال ساعات، لكن السبب الحقيقي الكامن وراء الغضب الأمريكي هو من عدم قدرة نتنياهو خلال كل الفترة السابقة من تحقيق أيّ من أهدافه التي أعلنها. وكل مانراه من الولايات المتحدة الأمريكية هو مجرد هرطقات إعلامية وذر الرماد في العيون، فالدعم الأمريكي ما يزال مستمرًا بالزخم نفسه، وحاليا يجري الحديث عن اتفاق يقضي بتزويد إسرائيل بما يقارب من 14 إلى17 مليار دولار.

4- برأيك كيف من الممكن إذًا لجم إسرائيل في حال عدم التعويل على الموقف الأمريكي، وماذا عن مصر المعنية بهذا الأمر بصورة مباشرة في ظل الحديث عن محاولة تهجيرهم قسريًا إلى سيناء؟
هناك أكثر من سيناريو قد يغير في المعادلات الحالية على الأرض:
• أن تخرج معادلة المقاومة عن سقفها الحالي، وتوقع في صفوف الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة تجعل نتنياهو وحكومته يوقفون العملية العسكرية بصورة كاملة..
• تغير جذري في المواقف الدولية وبخاصة الموقف الأمريكي وهذا صعب الحصول في ظل المعطيات الراهنة.
• الداخل الإسرائيلي وزيادة الضغط على نتنياهو لإيقاف الحرب واللجوء إلى صفقة التبادل.
• أما الموقف المصري فيعوّل عليه الكثير من جهة الاستمرار في رفض التهجير القسري للقاطنين في رفح والذين في أغلبيتهم الساحقة من المهجرين الذين لجأوا إليها هربا من آلة القتل الإسرائيلية، والموقف المصري مهم ومركزي وأساسي ويجب أن يُدعم بمواقف عربية ودولية، فمصر لحدّ الآن ترفض بصورة قاطعة هذا الطرح برغم كل الضغوط والتطمينات والوعود من قبل إسرائيل، وتعد هذا الطرح مساسا بأمنها القومي، وتدرك جيدًا أن سيناء في حال تنفيذ هذا المخطط ستتحول إلى ساحة مواجهة.
والموضوع كما يبدو معقد وخطير وهو في صلب العقيدة الصهيونية منذ إنشائها، والأيام القادمة حبلى بالأحداث والمفاجآت، وتبقى الكلمة الفصل هي للصمود الأسطوري والملاحم التي يسطّرها رجال المقاومة على أرض الميدان.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: الحدیث عن على رفح

إقرأ أيضاً:

سري للغاية.. خطوات نتنياهو ودوافعه لاستئناف الحرب

نسفت إسرائيل اتفاق وقف النار الذي أبرمته قبل حوالي شهرين بعد أن دأبت على انتهاكه طوال الوقت وعادت لشن حربها البشعة على قطاع غزة وبدعم أميركي. وخلافا لبداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لا تحظى الحكومة لإسرائيلية بدعم داخلي واسع لهذه الحرب، بل إن الكثيرين في المعارضة وأهالي الأسرى يعلنون شكوكهم القوية في دوافعها. وثمة في إسرائيل من يرى أن استئناف الحرب وانتهاك الاتفاق قد يفضي إلى حرب طويلة، وأنها قرار بإعدام من بقوا على قيد الحياة من الأسرى الإسرائيليين بعد 16 شهرا على الحرب.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها قررت استئناف الحرب على غزة بعدما شعرت أن جولة المحادثات الأخيرة في القاهرة في وقت سابق من هذا الأسبوع كانت بمثابة الحلقة الأخيرة في المساعي الدبلوماسية المشتركة التي تبذلها إسرائيل والولايات المتحدة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وفق مقترح ويتكوف أو أي مقترح مشابه. وكان الخلاف شديدا بين ما اقترحه ويتكوف بإطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات كدفعة أولى ومواصلة التفاوض للتوصل بعدها لاتفاق وما عرضته حماس من إطلاق سراح الأسير الأميركي الحي و4 جثامين أخرى. وبعدها عرض ويتكوف الإفراج عن 10 أحياء من بين 22 أسيرا يعتقد أنهم على قيد الحياة، ثم نزل العدد إلى 8 وبعدها 5. وكانت كل هذه الاقتراحات تتجه نحو الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من دون ربطه، لا بإنهاء الحرب ولا بإعادة الإعمار، وفقط مقابل أيام هدنة ودخول مساعدات. وقد رفضت حماس كل هذه المقترحات وأصرت على الالتزام بالاتفاق المبرم والذي ضمنت أميركا في الأصل تنفيذه.

إعلان

وواضح أن إسرائيل بقرارها استئناف الحرب واصلت منطقها الذي بدأت فيه قبولها مرغمة هذا الاتفاق في آخر أيام إدارة بايدن. ولم تتعامل مع الاتفاق على أنه مقبول خصوصا أن مكونات هامة من حكومة نتنياهو رفضته، ليس فقط إيتمار بن غفير وحزبه ولا بتسلئيل سموتريتش وحزبه وإنما أيضا أجنحة في الليكود نفسه. ولم يكن نتنياهو ولا حكومته في وارد البحث عن مخرج يوقف الحرب ويمنع استمرار تدهور مكانة إسرائيل الدولية خصوصا بعد اتهام المحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو ووزير حربه السابق بارتكاب جرائم حرب وإصدار مذكرات اعتقال دولية لهما. ولم تكن الحكومة الإسرائيلية تنوي قط تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في الأسبوع الأخير من إدارة بايدن بشكل كامل، لكنها انتهكته بشكل أكبر مما كان متوقعا. فقد نصّ الاتفاق على أن يبدأ الطرفان، في اليوم الـ16 من وقف إطلاق النار، مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل الانتقال إلى إنهاء الحرب. رفضت إسرائيل ذلك، وعرقلت إجراء أي مفاوضات جادة بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق خلال الشهرين الماضيين. كما سعت إسرائيل لإقناع إدارة ترامب بالتخلي عن الخطوط العريضة للصفقة التي تم التوصل إليها من خلال وساطة إدارة بايدن رغم تباهي ترامب بأنه كان وراء هذا الاتفاق. وعمد نتنياهو لحث الأميركيين على تقديم مقترحات جديدة للتحايل على الالتزام المركزي في الاتفاق الأصلي بإدارة مفاوضات لإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة.

حكومة نتنياهو قررت استئناف الحرب بعد تقييمها لجولة المباحثات الأخيرة في القاهرة وفق مقترح ويتكوف (رويترز)

وفي هذه الأثناء حاولت إدارة ترامب إجراء اتصالات مباشرة مع حماس لإطلاق سراح الرهائن الأميركيين الخمسة والتوصل إلى اتفاق سياسي أوسع ولكن اكتشاف إسرائيل لهذه الاتصالات قاد إلى إجهاضها. وبعد تراجع أميركا عن هذه الاتصالات، بلورت مع إسرائيل اقتراحات ربط تمديد وقف النار بإطلاق سراح أسرى إسرائيليين، وتم الانتقال إلى منهج إطلاق التهديدات والسعي لتنفيذها. وتقلب ترامب وإدارته بين إطلاق الوعود بإنهاء الحروب في العالم وفي المنطقة، وبين التهديد بـ"جحيم" و"جهنم" ليس أقل من تبني منطق نتنياهو في "الحرب الأبدية".

وفي نظر الكثيرين من الإسرائيليين وخصوصا الساسة السابقين وأغلب رجالات الجيش والأمن السابقين والحاليين كانت الحاجة ماسة لاتفاق وقف النار وإنهاء الحرب وإعادة الأسرى. ولم يكن هذا أبدا رأي نتنياهو وأنصاره فقد كانت الحرب، ولا تزال، جزءا من مخطط إبقاء الحكومة وحمية رئيسها وتنفيذ الانقلاب القانوني حتى لو كانت النتيجة هدم المعبد. وبقيت حكومة نتنياهو وأنصارها يدعون إلى "الحرب الأبدية" التي تحقق "النصر المطلق" و"أهداف الحرب". وكان عنوان ذلك هو استمرار الضغط العسكري وتصعيده رغم كل القرائن على أن هذا الضغط قاد في الجوهر إلى قتل الأسرى وليس إعادتهم أحياء وأن الأحياء عادوا فعلا بفضل اتفاقات سياسية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى جملة أسباب جعلت استئناف الحرب ضرورة لنتنياهو وحكومته. وبديهي أن بين أول هذه الأسباب الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل والإيمان بأن أهدافها في الحرب هي ذاتها أهداف أميركا وأن هذه الأهداف تقود تحقيق مطامح أميركا في الشرق الأوسط. وثاني هذه الأسباب الورطة الكبيرة التي وجدت حكومة نتنياهو نفسها فيها: أزمة وزارية حادة مع الحريديم بسبب قانون التجنيد وأزمة وزارية بسبب مواقف سموتريتش من وقف الحرب وأزمة حكومية بسبب العجز عن إقرار الميزانية وأزمة فقدان الثقة مع من يعرفون في إسرائيل بـ"حراس العتبة". وحراس العتبة هم في إسرائيل كبار المسؤولين المهنيين في الدولة وخصوصا في سلك الجيش والأمن والقضاء. وتقريبا تصادم نتنياهو وحكومته مع كل هؤلاء؛ وهذا أدى مؤخرا إلى إقالة وزير الحرب السابق يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وإعلان نية إقالة رئيس الشاباك رونين بار وبدء إجراءات إقالة المستشارة القانونية للحكومة جالي بهراب ميارا.

حكومة نتنياهو وأنصارها لم تتخل عن قناعتها بمواصلة الضغط العسكري (رويترز)

وليس مستبعدا أن بين أسباب استئناف الحرب على غزة إدراك حكومة نتنياهو لبعض التغييرات في الموقف الأميركي تجاه خطة إعادة الإعمار المصرية العربية والتي باتت تكتسب زخما دبلوماسيا. وهذا ينذر باحتمال ضياع الفرصة التي ألهبت خيال اليمين الصهيوني بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة وفق رؤية الرئيس ترامب.

إعلان

وثمة سبب آخر يتمثل في تعيين إيال زامير رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي وبهدف تحقيق أهداف الحرب؛ ما دعاه إلى تسهيل اختبار نفسه وقواته على وجه السرعة. وكان أعلن أنه يمكن هزيمة حماس في عملية برية مختلفة خلال شهرين خلافا لموقف سلفه الذي شن حربا لأكثر من عام وبضعة شهور ولم يحقق الأهداف التي حددتها حكومة نتنياهو. وخطة زامير تتجاهل الوضع المتأزم داخل قوات الخدمة الاحتياطية والانهاك الذي يعيشه جيش يخوض حربا منذ حوالي عام ونصف. ولا يمكن استثناء الظروف العامة والخاصة بنتنياهو ومنها محاكمته الجارية بتهم الفساد واستعداد الكثير من الهيئات الشعبية والنقابية والأكاديمية استئناف الاحتجاجات الشعبية سواء ضد الانقلاب القانوني أو من أجل إنهاء الحرب وتبادل الأسرى.

ويساعد في تعاظم هذه الاحتجاجات إيمان الكثيرين بأن دوافع استئناف الحرب شخصية وحزبية وأنها مسعى يهدف للالتفاف على الإرادة الشعبية وتمرير قرارات معادية للديمقراطية. ويرى هؤلاء في عودة بن غفير إلى صفوف الائتلاف ومقاعد الحكومة دليلا على العوار الكبير في دوافع استئناف الحرب خصوصا أن هذا كان بين اشتراطات بن غفير إضافة إلى إقالة كل من رئيس الشاباك والمستشارة القانونية للحكومة. وطبيعي أن يرى كل هؤلاء أن استئناف الحرب لا معنى له سوى التخلي تماما عن استعادة الأسرى بعد أن لم يعد هدفا قيميا ساميا.

إعادة بن غفير إلى الائتلاف الحاكم كان ضمن دوافع استئناف الحرب (الفرنسية)

واستبقت إسرائيل استئناف الحرب بإطلاق سلسلة من العمليات العسكرية والتضليل الإعلامي. وتقريبا حاولت في الأيام الأخيرة أن تلصق بكل عملية اغتيال نفذتها ضد مدنيين في شمال ووسط وجنوب غزة صفة إجهاض عمليات زرع ألغام وعبوات ضد قوات الاحتلال. وأشاعت أن حماس والمقاومة تستعد لشن هجوم بري واسع على المستوطنات في غلاف غزة. وكثير من مثل هذه الادعاءات وآخرها تجريم مشروع مأدبة إفطار في بيت لاهيا وقتل 6 مدنيين بينهم صحافيون بدعوى تسيير درون لاستهداف قوات إسرائيلية. وكانت كل هذه العمليات مجرد تسخين ميداني وبهدف إدارة مفاوضات تحت النيران وفق سياسة باتت معلنة على كل الجبهات تقريبا.

وفي كل حال أرفقت إسرائيل استئنافها للحرب وهجومها الواسع على قطاع غزة بإعلان أنها لن تقبل بواقعٍ تشارك فيه حماس في مفاوضات للتبادل، في حين يُجهّز جناحها العسكري لهجومٍ على إسرائيل. وبحسب موقع "والا" فإن إسرائيل أبلغت حماس عبر الوسطاء المصريين أن قواعد اللعبة تغيرت وأنه لا وقف لإطلاق النار من دون التقدم في مسار إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. كما أن يديعوت أحرونوت نشرت أن إسرائيل رفضت طلبا مصريا لوقف إطلاق النار مشترطة قبول حماس التقدم في محادثات الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.

وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن استعدادات الجيش الإسرائيلي للهجوم المفاجئ على غزة صُنفت على أنها "سرية للغاية"، لدرجة أن قادة فرقة غزة والقيادة الجنوبية فوجئوا بها. وكتب المعلق العسكري لموقع والا أن هذا حقق المفاجأة التي أصابت قيادة حماس، بينما كانت وسائل التواصل الاجتماعي تستعد لاحتمال شن هجمات على إيران، كان الطيارون الإسرائيليون يستعدون لشن هجمات على قطاع غزة. واعتبر المعلقون الإسرائيليون أن عنصر المباغتة تحقق وأن نتيجته كانت استشهاد عدد كبير نسبيا من قادة حماس وفصائل مقاومة أخرى.

إعلان

وتهدد إسرائيل بأن خطة زامير العسكرية لسحق حماس في غزة، تتحدث عن تقدم القوات داخل القطاع، و"تطهير" منطقة معينة، ونقل السكان المدنيين منها إلى ما تسميه "مناطق إنسانية، مع تفعيل برنامج مساعدة الهجرة الطوعية من القطاع لجميع الراغبين. وتأمل إسرائيل هذه المرة أن تبقى القوات الإسرائيلية في المناطق التي تحتلها وأن تتولى بنفسها إدارة أمر توزيع المساعدات الإنسانية بما يقتضيه الأمر كذلك من إدارة لحياة السكان. وتعتقد أنها بذلك تخلق بديلا لحماس تختاره بنفسها ويضمن منع تراكم خطر يكرر ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

تضع إسرائيل في حساباتها تولي إدارة المناطق التي تحتلها والتحكم بتوزيع المساعدات الإنسانية (الفرنسية)

عموما كل ما يتطلع إليه نتنياهو اليوم هو ضمان تصويت بن غفير وحزبه إلى جانب الحكومة عند عرض الميزانية العامة على الكنيست قبل نهاية الشهر الجاري. فضمان هذا التصويت يوفر أنبوب أكسجين يطيل عمر حكومة نتنياهو في مواجهة التحديات الداخلية. ولكن أمام عواصف منتظرة ليس مؤكدا إن كانت مقامرة نتنياهو هذه ستنجح هذه المرة في إزالة العقبات والعوائق التي تعترض طريقه وتمنع انهيار حكومة اليمين.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: هذه أهداف إسرائيل من عمليتها البرية الجديدة بغزة
  • لماذا عاد نتنياهو لاستئناف العدوان على قطاع غزة؟.. خبير يجيب عربي21
  • هآرتس: نتنياهو يكذب وإسرائيل هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • سري للغاية.. خطوات نتنياهو ودوافعه لاستئناف الحرب
  • هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • خبير عسكري: ضربات الحوثيين تؤثر سياسيا على إسرائيل
  • «إسرائيل على صفيح ساخن»| احتجاجات عارمة ضد قرار نتنياهو باستئناف الحرب.. ومطالبات بإبرام صفقة للإفراج عن الرهائن
  • خبير عسكري: الهجوم الجديد على غزة مختلف وربما يمهد لاحتلال دائم
  • خبير عسكري: هجوم الحوثيين على إسرائيل قد يكون مقدمة لمواجهة أوسع
  • خبير عسكري: إسرائيل استهدفت تحقيق الصدمة والمقاومة استعدت للسيناريو الأسوأ