تقف مصر حتى الآن كعقبة أمام رغبة دولة الاحتلال الإسرائيلي اجتياح مدينة رفح الفلسطينية الملاذ الأخير لنحو مليون ونصف مليون نازح ومواطن في إطار حربها الشعواء على كامل قطاع غزة، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية.

وحذرت القاهرة، من "عواقب وخيمة" لأي هجوم عسكري محتمل على مدينة رفح جنوب قطاع غزة بالقرب من الحدود مع مصر في ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة.



وقالت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، في بيان، إنها طالبت بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف المدينة، واعتبرت أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلي في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.

وتواجه القاهرة انتقادات واسعة من قبل نشطاء سياسيين وحقوقيين طوال أكثر من 4 شهور منذ بدء العدوان على غزة بسبب ما قالوا إنه تقاعس مصري تجاه العدوان على قطاع غزة، وعدم الاستجابة للمناشدات الدولية بفتح معبر رفح بشكل دائم للمساعدات وخروج المصابين.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قال في مقطع مصور منشور على الحساب الرسمي للبيت الأبيض بمنصة إكس، "كما تعلمون مبدئيا الرئيس السيسي لم يرد فتح الأبواب للسماح بالمساعدات الإنسانية بالدخول، أنا تحدثت إليه وأقنعته بفتح البوابات"، وفق ما نقلته قناة "سي إن إن" الأمريكية.


لكن السلطات المصرية تؤكد أنها سوف تواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين، داعية القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود.

ويزعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن مدينة رفح هي المعقل الأخير لحركة حماس في غزة، على خلاف التصريحات السابقة بأن جنوب غزة مناطق آمنة، لكن مع استمرار إخفاق الاحتلال في حربه حول دفة الحرب نحو رفح ومحور صلاح الدين "فيلادلفيا" وهو ما ترفضه القاهرة حتى الآن.

مصر المترددة
قالت مصادر خاصة لـ"عربي21" إن المجلس العسكري في مصر يشهد خلافات تجاه طريقة الرد على تحركات دولة الاحتلال في محور صلاح الدين "فيلادلفيا"، على الحدود بين قطاع غزة ومصر.

بحسب المصادر، انقسمت الآراء إلى وجهتي نظر؛ إحداهما رأت أن التعامل مع التحرك الإسرائيلي يجب أن يكون سياسيا بحتا، دون التفكير بالخيارات الأمنية والعسكرية، منعا لتفاقم الوضع في الإقليم واتساع دائرة الصراع، وقد تبنى السيسي وزكي وكامل هذا الرأي.

والثانية، ترى ضرورة وجود تعامل عسكري حازم للدفاع عن الأمن القومي المصري، في حال نفذ الاحتلال حملة برية في رفح أو محور "صلاح الدين"، واعتبار ذلك نهاية اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1979. وقد دعم رئيس الأركان وعدد من المشاركين وجهة النظر هذه.

"تمسك مصر بحقها لا يعني اندلاع حرب"
في تقديره يعتقد وكيل لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى السابق، الدكتور ثروت نافع، أن "مصر تتمسك بحقها في وقف الاجتياح البري لمدينة رفح وهناك اتفاقية سلام برعاية الولايات المتحدة والغرب وهناك غضب واضح من النظام المصري تجاه النظام الإسرائيلي بسبب الحرب على قطاع غزة".

إسرائيل تنكر أنها تحاول صناعة نكبة إنسانية جديدة ودفع الفلسطينيين إلى أراضي سيناء لكن يبدو جليا أن هذه هو المخطط الذي تحاول إسرائيل تنفيذه لذلك هناك بالفعل توتر بين القاهرة وتل أبيب وغضب مصري".

مصر سوف تتمسك بحقها وكامل الحق في الدفاع عن أراضيها ولا يعني ذلك بالضرورة اندلاع حرب عسكرية بين البلدين لكن هناك حالة من التوتر وسوف تتدخل الدول الكبرى في حينها لأن ذلك قد يقلب الموازين ويغير خريطة الشرق الأوسط في حال تهور الجانب الإسرائيلي في القيام بمثل تلك العملية العسكرية".

 "حارس البوابة لإسرائيل"
قلل الباحث المصري في الشؤون الأمنية، أحمد مولانا، من أثر البيانات المصرية إزاء التهديدات الإسرائيلية باجتياح رفح، وقال: إن "البيانات المصرية الرسمية بهذا الخصوص هي أقل من المطلوب بكثير، حتى الآن مصر تسمح بإدخال المساعدات إلى غزة وفق التوجيهات الإسرائيلية، رغم انتشار الجوع في شمال غزة، وهي المناط بها تيسير إدخال المساعدات".

وأضاف لـ"عربي21"، أن "مصر حتى الآن ترفض دخول الصحفيين الأجانب إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، أو تنظيم أي مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، أو مسيرات تضامنية، أو قوافل إنسانية تضم شخصيات اعتبارية إلى قطاع غزة، فهي تعمل في إطار حارس البوابة لإسرائيل، وكان عليها أن تعلن بسط سيادتها على المعبر وتسمح بدخول كل شيء وخروج كل الجرحى وتعتبر المساعدات امتداد لسيطرتها وتضع إسرائيل عند مسؤولياتها ".

أما بخصوص إعلان مصر رفضها لأي عملية عسكرية أو تهديدها بتعليق اتفاقية السلام، اعتبرها مولانا أنها "لا تشكل رادع لإسرائيل ولا يضرها مثل هذه الخطوة لأنها تعلم أنه تعليق مؤقت وليس نقض للاتفاقية، الموقف المصري ضعيف للغاية وليس على مستوى الحدث ويساهم في صنع بيئة الحصار يدفع باتجاه التهجير أو النزوح المتكرر داخل قطاع غزة".

ورأى الباحث الأمني أن "التحفظ الأمريكي النسبي على اجتياح رفح ربما يكون الأكثر تأثيرا من البيانات المصرية التي تخلو من أي فعل حقيقي على الأرض".


في وقت سابق هددت القاهرة  تل أبيب بتعليق العمل بمعاهدة السلام الثنائية في حال قام جيشها بالتحرك عسكريا في منطقة رفح، جنوبي قطاع غزة، بحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، بعد إبلاغها بنية اجتياح رفح ومحور صلاح الدين.

وفي 26 آذار/ مارس 1979، وقعت مصر وسلطات الاحتلال في واشنطن معاهدة سلام بين البلدين، في أعقاب اتفاقية "كامب ديفيد" بين الجانبين عام 1978، وأبرز بنودها وقف حالة الحرب، وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء، وإبقاء المنطقة منزوعة السلاح.

تحذيرات إقليمية ودولية للاحتلال
تواجه دولة الاحتلال اتهامات بارتكاب "إبادة جماعية" أمام محكمة العدل الدولية، للمرة الأولى في تاريخها، ورغم ذلك تواصل عملياتها العسكرية الدموية في قطاع غزة والضفة الغربية في واحدة من أسوأ المجازر في تاريخ القطاع.

وفي وقت سابق حذّر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، من "كارثة ومجزرة عالمية" في حال اجتاحت إسرائيل محافظة رفح، تعقيبا على تقارير إعلامية إسرائيلية تتوقع ذلك.

كما حذّر مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الأحد، الاحتلال من أنّ أي عملية عسكرية قد تشنّها على مدينة رفح، ستؤدي إلى "نسف مفاوضات" التبادل بين الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وحول الدعوات التي أطلقتها العديد من الدول والمنظمات لإسرائيل كي لا تحتل رفح، اعتبر نتنياهو، أن "أولئك الذين يقولون إنّنا يجب ألّا ندخل رفح مُطلقا، يقولون لنا في الواقع إننا يجب أن نخسر الحرب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر الاحتلال رفح الفلسطينية غزة مصر فلسطين غزة الاحتلال رفح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلاح الدین اجتیاح رفح مدینة رفح قطاع غزة حتى الآن فی حال

إقرأ أيضاً:

«الأزهر» يستعرض انتهاكات إسرائيل في غزة خلال عام.. أبرزها استشهاد 17 ألف طفل

سلط مرصد الأزهر الضوء في تقرير له تزامنًا مع الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، والتي توافق السابع من أكتوبر 2023، إذ شنَّ الكيان الصهيوني حرب إبادة مكتملة الأركان، خلّفت أرقامًا مرعبة تبيّن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة نتيجة استخدام المحتل أسلحة محرمة دوليًا، وتعمُّده استهداف التجمعات السكانية ومراكز الإيواء وخيام النازحين والمدارس والمستشفيات ودور العبادة الإسلامية والمسيحية بأشد أنواع المتفجرات فتكًا.

جرائم الاحتلال الإسرائيلي خلال عام  

ولعل الأرقام التالية تبيّن حجم المأساة التي عاشها أهلنا في غزة طوال عام كامل في ظل صمت عالمي:

- ارتكاب الاحتلال أكثر من 3,654 مجزرة ضد المدنيين في القطاع.

- بلغت حصيلة الشهداء نحو 41,870 شهيدًا حتى تاريخه، وفقًا لسجلات وزارة الصحة الفلسطينية، غالبيتهم من النساء والأطفال.

- تسجيل 10,000 مفقود ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات.

- استشهاد 16 ألفا و927 طفلاً.

- استشهاد 171 رضيعًا في حرب الإبادة الجماعية.

- استشهاد 902 عائلة فلسطينية قُتل الاحتلال جميع أفرادها، فشُطبت من السجل المدني.

- استشهاد 63 طفلًا نتيجة المجاعة التي ضربت غزة بأكملها، والشمال على وجه الخصوص.

- استشهاد 11 ألفا و487 امرأة.

- استشهاد 986 فردًا من الطواقم الطبية.* استشهاد 85 فردًا من الدفاع المدني.

- استشهاد 175 صحفيًا.

- استشهاد 520 فردًا تم انتشالهم من سبع مقابر جماعية داخل المستشفيات.

- استهدف الاحتلال 187 مركزًا للإيواء؛ ما يعني أنه لا مكان آمن في غزة.

- 25 ألفا و973 طفلًا فلسطينيًا في غزة يعيشون دون الوالدين أو أحدهما.

- وصول 97 ألفا و166 مصابًا إلى مستشفيات وزارة الصحة.

- تعرُّض 3,500 طفل للموت بسبب سوء التغذية.

- وجود 12 ألف جريح بحاجة إلى السفر للعلاج خارج قطاع غزة.

- وجود 350 ألف مريض بأمراض مزمنة في خطر بسبب منع إدخال الأدوية.

- اعتقال 5,000 مواطن من قطاع غزة خلال عام من حرب الإبادة.

- وصول عدد المهجّرين داخل القطاع إلى مليوني نازح في عام، ولا يزال التهجير مستمرًا.

- حرمان 785 ألف طالب من التعليم.

- إلقاء الاحتلال 85 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة.

- تدمير أكثر من 85% من المنازل والمباني والبنى التحتية.

- تدمير 150 ألف وحدة سكنية تدميرًا كاملاً.

- إخراج 34 مستشفى عن الخدمة.

- إخراج 80 مركزًا صحيًا من الخدمة.

- تدمير الاحتلال 814 مسجدًا تدميرًا كليًا من أصل 1245 مسجدًا في القطاع.

- تدمير ثلاث كنائس.

- تدمير 206 مواقع أثرية وتراثية.

- وصول الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة على غزة إلى أكثر من 35 مليار دولار.

وعلى الرغم من الألم الذي يعتصر القلوب، فإن مرصد الأزهر يؤكد أن هذه الدماء الزكية الطاهرة لم تذهب سُدى، وأن طريق الحرية واسترجاع الحقوق المسلوبة لا بد له من ثمن، وأن الفلسطينيين لن يُهزموا لأنهم أصحاب حق صريح واضح، فمقاومة الاحتلال حق قانوني وإنساني وحضاري مكفول، وواجب ديني معلوم، بل إن صمودهم عامًا كاملًا أمام تلك الترسانة العسكرية الصهيونية المدعومة من العالم الغربي المنافق ليُعد معجزة بكل المقاييس.

مقالات مشابهة

  • هل ترسم انتصارات إسرائيل الأخيرة ملامح شرق أوسط جديد؟
  • «الأزهر» يستعرض انتهاكات إسرائيل في غزة خلال عام.. أبرزها استشهاد 17 ألف طفل
  • في ذكرى 7 أكتوبر...هل عززت إسرائيل أمنها أم زرعت بذور صراع جديد؟
  • برلماني: سيناء شهدت انطلاقة تنموية.. ومصر تتمتع بقدرات عالية لحماية أمنها القومي
  • السباق نحو البيت الأبيض.. مفاجآت اللحظة وقنص الفرصة الأخيرة
  • خبيران عسكريان: اجتياح شمال غزة لتطبيق خطة الجنرالات وإفراغ السكان
  • خبير عسكري: الاحتلال استخدم صواريخ محرمة دوليًا في اجتياح جنوب لبنان
  • جيش العدو الصهيوني يبدأ اجتياح جباليا شمال قطاع غزة مُجدداً
  • 30 شهيداً في اجتياح إسرائيلي جديد لشمال غزة هو الأعنف منذ مايو
  • سيناريوات مجنونة على الطاولة.. هل تستغل إسرائيل “الفرصة التاريخية” لضرب النووي الإيراني بعد الهجوم الصاروخي؟