البرهان بين خيار الحرب والتفاوض
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
السؤال الذي يدور في مجالس الحوار و الوسائط الإعلامية، و الإعلام و الصحافة و المحللين السياسيين، بعد كل حديث و خطاب للفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش... هل سوف يقبل بدعوات التفاوض مع الميليشيا أم أنه يريد مواصلة الحرب حتى تكون البندقية هي القول الفصل في الحرب؟ و هل حسم الميليشيا و التفاوض معها هو تناقض في الخطاب أم هو الرأي و الحرب و المكيدة؟
أن الإجابة على السؤال تستشف من خطابات البرهان في منابر الحاميات العسكرية، و أيضا في المؤتمرات الصحفية التي يعقدها داخل السودان و خارجه، و من خلال مجمل الخطابات تتبين رؤية البرهان المركزية، باعتباره قائد الجيش و ليس البرهان رئيس مجلس السيادة، و كل واحدة من الوظيفتين تحتم عليه استخدام لغة تتناسب مع المقام.
تجد المسألة تختلف بعض الشيء عندما يقف البرهان مخاطبا الإعلام في المؤتمر الصحفي، و هو دون بزته العسكرية، فيخرج من الخطابات الحماسية باعتبار أن المنبر يتطلب لغة مغايرة، و يريدها أن تسوق ليس في إطار الدولة التي يزورها، و أنما لكل العالم، حينئذ يقدم خطابا فيه شيء من الين.. و يتوافق مع الحدث و المقام، و يقدم في حديثه التفاوض باعتباره أحد وسائل الحل المطلوبة، و يتلاءم مع المقام، لكن التفاوض نفسه مقرون بشروط إعلان المباديء.. أو تصور جديد للتفاوض... و يتضح من خطابات البرهان أن التفاوض ليس هو الغاية، و لكن يعتبر احد الآليات التي يمكن اللجوء إليها، و هنا تكمن قدرة البرهان على المناورة.. و تحدث ارتجاجا عند المستمعين للخطابين.. حيث تتصاعد الانفاس وسط الراغبين في مواصلة الحرب حتى النصر، و بين الراغبين في المفاوضات.. المجموعة الأولى تعتقد أن البرهان يريد أن يوقف الحرب حتى يجعل للميليشيا دورا أخر في العملية السياسية، و هذا الدور الأخر سوف يفتح الباب مرة أخرى لعودة قحت للساحة السياسية.. و يبدأ النقد و الهجوم على البرهان... المجموعة الثانية ترحب بحديث البرهان و تعتبره تحولا جديدا في سياسة البرهان.. و تبداتبني إستراتيجيتها على التفاوض و تخرج حملتها بهدف أن تخلق رأيا عاما مؤيدا للبرهان، حتى تفجأ مرة أخرى بخطاب ناري يعيدها للمربع الأول.
استطاع البرهان منذ اليوم الأول للحرب أن يستخدم هذه المناورة السياسية، دون أن يفقد مناصرة أغلبية الشعب له.. و يعود ذلك أن المناورة التي يطبقها البرهان ليست قاصرة عليه شخصيا.. أنما هي إستراتيجية متفق عليها في القيادة العسكرية.. و يبين ذلك وجود فراودة يساعدون البرهان على إنجاز هذه المهمة، و يتمثلوا في مساعد القائد العام الفريق أول ياسر العطا و أخيرا الفريق إبراهيم جابر و قيادات الفرق و المناطق و قيادات الحركات الواقفة مع الجيش.. كل هؤلاء الفراودة تتمثل مهمتهم في: الأول رفع الروح المعنوية للجيش.. الثاني احتفاظ العلاقة القوية بين الجيش و الشعب في كل مناطق السودان.. ثالثا الحرب النفسية ضد الميليشيا و اتباعها.. رابعا خلق حالة من الضبابية للقوى التي يعتقد إنها داعمة للميليشيا، و الحالة الضبابية تجعلها غير قادرة على وضع استراتيجية مضادة، لأنها غير متيقنة أي الرؤيتين سوف يتم التركيز عليها، و هذا التناقض يبدو ظاهرا في خطابها؛ مرة تتحدث عن ثورة شعبية أو تجمع مدني واسع لوقف الحرب، و مرة عن تدخل إقليمي أو دولي في السودان، و مرة تنادي بتطبيق البند السابع في ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي يوضح حالة الإرباك التي تعيشها ..الغريب أن هؤلاء يعلمون أن التدخل الدولي لن ينجح في ظل الصراع الاستراتيجي الدولي المستعر، و تدخل الدول فرادى ايضا لا يمكن في ظل الحروب الدائرة الآن في المنطقة و حرب روسيا و أوكرانيا و بحث الصين قاعدة لها في المحيط الاطلنطي. إلي جانب الاختلال الامني في البحر الأحمر.
أن الفريق أول ياسر العطا في حركته في أم درمان بهدف الإسراع أن تعلن أم درمان منطقة خالية من التمرد، و الإعلان سوف يعطي دفعة قوية لمناطق أخرى تسير بذات الكيفية و القوة لخروج عناصر الميليشيا من مناطقها.. الأمر الذي يؤكد أن الجيش يميل للحسم العسكري إما انتصارا ميدانيا أو استسلام الميليشيا و قبول شروط الجيش، و في أخر خطاب للبرهان في قيادة المنطقة 19 مشاة بالدبة في الشمالية قال ( لابد من إنهاء سرطان متمردي ميليشيا آل دقلو الإرهابية بدعم الشعب السوداني الذي التفه حول الدولة و الجيش) و عن وصول الإغاثة للميليشيا قال البرهان ( هذا لن يكون إلا بعد وقف هذه الحرب، و خروج الميليشيا من منازل المواطنين و المؤسسات الحكومية و الخدمية، و من كل المدن التي قاموا بنهبها و احتلالها في نيالا و الجنينة و مدني و الخرطوم، و إرجاع كل المنهوبات التي قاموا بسرقتها) و الملاحظ: كل ما تقدم الجيش يصعب على الميليشيا الشروط.. كانت في الأول الخروج من بيوت المواطنين و المؤسسات الحكومية و الخدمية.. أضيفت إليها الآن "إرجاع كل المنهوبات و هذا يعني محاسبة الذين قاموا بالنهب و السرقة".
أن خطابات البرهان رغم تباينها في مقامات مختلفة لكنها تنطلق من إستراتيجية واحدة، هي إنهاء الميليشيا و عدم قبول أي دور لها مستقبلا، إن كان عسكريا أو سياسيا، و لغة التفاوض هي مناورة تساعد على تهدئة العملية السياسية، و أيضا تهدئة حالة القلق التي تظهرها بعض الدول، و المنظمات الإقليمية و الدولية.. و كان البعض يراهن على الولايات المتحدة أن تمارس الضغط على قيادة الجيش، و لكن تصاعدة نبرات الانتخابات و الحروب في المنطقة تجعلها تقف في دور المناشدة. و توقف دور السفير الأمريكي من النشاط و انتظار مبعوث أمريكي سوف يعين كلها تؤكد أعطاء فترة زمنية للجيش لكي يحسم ألأمر. أما الدول الغربية تؤرقهم حرب أوكرانيا و ليس لديهم استعداد للدخول في أي حروب أخرى. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى الجيش الروسي إلى 727 ألفًا و250 جنديًا منذ بدء العملية العسكرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن الجيش الأوكراني، اليوم الخميس، ارتفاع عدد قتلى الجنود الروس إلى 727 ألفًا و250 جنديًا، وذلك منذ بدء العملية العسكرية الروسية.
وذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، أن الجيش الروسي خسر خلال الساعات الـ24 الماضية، 1510 جنود ما بين قتيل وجريح، حسبما ذكرت وكالة أنباء يوكرينفورم الأوكرانية.
وبحسب هيئة الأركان الأوكرانية، فقدت روسيا أيضا منذ بدء العملية العسكرية "9 آلاف و398 دبابة و19 ألفا و143 مركبة مدرعة و20 ألفا و731 من النظم المدفعية و1253 من أنظمة راجمات الصواريخ متعددة الإطلاق و1003 من أنظمة الدفاع الجوي و2756 من صواريخ كروز و369 طائرة مقاتلة و329 مروحية و28 سفينة حربية، فضلا عن 3 آلاف و674 من المعدات الخاصة وغواصة واحدة و29 ألفا و745 من المركبات وخزانات الوقود و19 ألفا و259 طائرة بدون طيار".