الانتخابات المحلية التركية.. كيف تراجعت تحالفات المعارضة لصالح أردوغان وشركائه؟
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
تُقبل تركيا على الانتخابات المحلية المقررة في نهاية آذار /مارس القادم في وقت تشهد فيه خارطتها السياسية تغييرات جذرية، حيث لا تزال تداعيات الانتخابات العامة 2023 التي انتهت بفوز الرئيس رجب طيب أردوغان وتحالفه، تحافظ على أثرها على المشهد السياسي.
وكان تحول تركيا عام 2017 من النظام البرلماني إلى الرئاسي، قد فتح الباب أمام سياسات التحالف، ما دفع الأحزاب السياسية إلى تطوير استراتيجيات تتماشى مع مفهوم التحركات التحالفية، لاسيما في الانتخابات العامة، إلا أن الهزيمة التي مُني بها تحالف المعارضة منتصف العام الماضي غيّر وجهة نظر تلك الأحزاب فيما يتعلق باستراتيجيات التحالف، وفقا للباحث والأكاديمي التركي متين أوزكان.
ومع انهيار خارطة التحالفات السياسية التي تشكلت قبيل الانتخابات العامة منتصف العام الماضي، تشهد الأوساط التركية حراكا سياسيا مكثفا من قبل الأحزاب كافة لإعادة رص صفوفها؛ من أجل الاستحقاق الانتخابي المقبل الذي يحظى بأهمية كبيرة في البلاد، كونها أولى درجات سلم الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما يرى مراقبون.
وشهدت الأشهر الأخيرة، انفراط عقد المعارضة وإعلانها تباعا نيتها دخول سباق الانتخابات المحلية المقبلة عبر تقديم مرشحيها الخاصين للمدن الكبرى والأقضية التركية دون الانضواء تحت مظلة أي تحالف.
في المقابل لا يزال "تحالف الجمهور" الذي يتزعمه الرئيس التركي ويضم أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومي" و"هدى بار"، محافظا على تماسكه إلى حد كبير مقارنة بالمعارضة، رغم إعلان زعيم حزب "الرفاه من جديد" فاتح أربكان انشقاقه ودخوله الانتخابات بمفرده.
تحولات جذرية
شدد الباحث التركي متين أوزكان، في مقال نشر في مجلة "كريتر" التركية، وترجمته "عربي21"، على أن مكونات تحالف الجمهور قدمت في انتخابات 2018 و2019 و2023 صورة "الوحدة" وتمكنت من الحفاظ على ثقلها السياسي، موضحا أن نقطة التحول الحقيقية فيما يتعلق بالمناقشات السياسية الحالية هي تغيير إدارتي أنقرة وإسطنبول في الانتخابات المحلية السابقة عام 2019، وهو ما قد تفسيره سابقا على أنه خسارة التحالف لأرضيته السياسية.
واستدرك أوزكان، قائلا إنه رغم ذلك، فإن فوز أردوغان الواضح في الانتخابات الرئاسية لعام 2023 واستعادة تحالف الجمهور للأغلبية في البرلمان في الانتخابات البرلمانية أظهر أن الأطروحة ذات الصلة غير مبررة.
وأضاف أن الانتخابات العامة لعام 2023، خلقت من حيث نتائجها، معنويات إيجابية أو سلبية للأحزاب أو التحالفات السياسية في الانتخابات المحلية المقبلة، مشيرا إلى أن اللافت في هذه المرحلة أن النتائج المعنية شهدت صدمة سياسية كبيرة في جناح المعارضة. لأن انتخابات 2023 تسببت في دخول مكونات "تحالف الأمة" المعارض في اضطراب سياسي.
ولفت إلى أنه في ظل مناقشات "التغيير" داخل حزب "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة، تم تحديد رئيس جديد وهو أوزغور أوزيل الذي حل مكان كمال كليتشدار أوغلو بعد 13 عاما شغل خلالها منصب رئاسة الحزب المعارض.
من جهته، أنهى "حزب الجيد" سياساته التحالفية وبدأ بالبحث عن طريقة ثالثة يمكنه من خلالها التصرف "بشكل مستقل"، فيما قامت أحزاب مثل المستقبل، والسعادة، والحزب الديمقراطي، وحزب الديمقراطية والتقدم التركي، التي تمكنت من دخول البرلمان عبر سياسة المساومة التي انتهجها حزب الشعب الجمهوري، بتعليق علاقاتها مع تحالف الأمة مباشرة بعد الانتخابات.
ووفقا للباحث التركي، تضع هذه التطورات الاستراتيجيات الحزبية للمرشحين والصورة العامة للتحالفات في قلب أجندة الانتخابات المحلية المقررة في 31 آذار /مارس المقبل.
صورة مجزأة في جناح المعارضة
قال الباحث التركي إن نتائج الانتخابات المحلية 2019 رفعت توقعات المعارضة بشأن الانتخابات العامة، لكن الانتخابات التي جرت في الفترة من 14 إلى 28 أيار /مايو الماضي انتهت بخيبة أمل كبيرة للمعارضة، الأمر الذي تسبب في خلق مآزق سياسية داخل جبهة المعارضة.
وكانت الانتخابات المحلية السابقة شكلت انتصارا كبير للمعارضة التركية التي تحاول الوصول إلى السلطة بعد أكثر من عقدين من حكم العدالة والتنمية المتواصل، حيث شهدت الانتخابات قبل 5 سنوات فوز حزب العدالة والتنمية بـ 15 مدينة من أصل 30 مدينة، فيما فاز حزب الشعب الجمهوري بـ 11، وفاز حزب الشعوب الديمقراطي بـ 3، وفاز حزب الحركة القومية بواحدة.
وحسب أوزكان، فقد كان من المفاجئ أن يسيطر حزب الشعب الجمهوري على بلديتي إسطنبول وأنقرة، وكذلك أضنة وأنطاليا، ويرجع أبر أسباب هذه النتيجة أحد أكبر إلى أن المعارضة تصرفت آنذاك ككتلة واحدة. إلا أن المشهد يبدو مختلفا تماما مع اقتراب الانتخابات المقبلة، حيث لم يتمكن جناح المعارضة من التغلب على مظهره المتشرذم.
وأشار الباحث التركي، إلى أن أكبر مشكلة تواجه بلديات حزب الشعب الجمهوري في الوقت الراهن، هي أن حزبي الجيد و"ديم" الكردي قررا الدخول في الانتخابات بشكل مستقل، موضحا أن حل تحالف الأمة سيجعل من الصعب إعادة انتخاب مرشحي حزب الشعب الجمهوري على أساس عددي. وفي واقع الأمر، فإن ترشيح حزب الجيد لمرشحين طموحين على المستوى المحلي في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة يغير المعادلة الحسابية لانتخابات 31 مارس.
ولفت الباحث إلى أن استراتيجية حزب الجيد الجديدة تعتمد على قرار جريء للغاية، فقد تمكن بطريقة أو بأخرى من وضع نفسه خارج سياسات المساومة المستمرة في جناح المعارضة.
وأشار إلى أن المناقشات رفيعة المستوى التي تمت ملاحظتها بشأن تحديد مرشحي المدن الكبرى، تسلط الضوء من ناحية على الفوضى داخل حزب الشعب الجمهوري، ومن ناحية أخرى تكشف بعض الجوانب عن التحالف بين "الشعب الجمهوري" وحزب المساواة الشعبية والديمقراطية الكردي "ديم"، موضحا أن النظر في إمكانية التصويت في ظل فهم سياسي يبتعد عن الحقائق الاجتماعية يعيق مرشحي حزب الشعب الجمهوري من تطوير رؤية فعالة للانتخابات المحلية المقبلة.
واعتبر أوزكان، أن حزب الشعب الجمهوري يدخل في عملية انتخابية صعبة ضد حزب العدالة والتنمية وشريكه في التحالف حزب الحركة القومية. وعلى أحد جانبي السباق، هناك التصورات التنموية والبصيرة للأطراف التي أثبتت نفسها في الخدمات البلدية، وعلى الجانب الآخر، أجندة الأطراف الفوضوية التي لا تستطيع تقديم وصفة لحل المشاكل المحلية.
رؤية تحالف الجمهور
لفت الباحث التركي إلى أن خسارة تحالف الجمهور لبلديات العديد من المدن الكبرى أدى في الواقع إلى إزالة الضغط الاجتماعي والنفسي عنه، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي للتحالف الآن هو احتلال الصدارة في الانتخابات المحلية المقررة في 31 آذار /مارس المقبل، خاصة في مدن إسطنبول وأنقرة وأضنة وأنطاليا ومرسين وإسكي شهير.
وأوضح أن تحالف الجمهور، الذي بدأ حملته الانتخابية للانتخابات المحلية مساء يوم 28 أيار /مايو الماضي، مباشرة بعد فوزه بالانتخابات العامة، أجرى دراسات شاملة في مجموعة واسعة من المجالات، بدءا من تحديد "المرشحين المناسبين" لإعداد الخدمات التي تحتاجها "مدن القرن التركي".
وبيّن أن أساس الرؤية المطورة من قبل تحالف الجمهور في الانتخابات المقبلة، هو مكافحة الإرهاب من المستوى المحلي والعام، وتعزيز سياسة الخدمات، بالإضافة إلى طرح شعارات "المدن ذات العلامات التجارية"، لافتا إلى أن كما إعلان الانتخابات المحلية لحزب العدالة والتنمية، الذي تم تقديمه في 30 كانون الثاني /يناير الماضي، يؤكد صحة هذه الرؤية، لأنه عندما يتم تقييم المبادرات الاستراتيجية المتعمقة التي تتراوح من الاقتصاد الحضري إلى المدن المرنة، ومن البلدية الاجتماعية إلى البلدية الثقافية، ومن الشفافية إلى الرقمنة في الإدارات المحلية، يصبح من الواضح أن مكونات التحالف مستعدة للغاية للانتخابات المقبلة، على حد قول الباحث التركي.
واختتم الباحث مقاله بالقول، إن مرشحي تحالف الجمهور الذين تم الإعلان عنهم بعد استطلاعات الرأي واستطلاعات الرأي العام والمقابلات الحزبية الداخلية يقدمون مؤشرات حول هذا الواقع.
وفي السياق، نوه أوزكان إلى أن تحالف الجمهور على الرغم من التطورات التي ستوفر دخولا مفيدا إلى الأجواء الانتخابية، يواجه عقبة صغيرة هي حزب "الرفاه من جديد"، موضحا أنه من غير الممكن تجاهل نسبة التصويت التي حصل عليها الحزب في انتخابات 2023.
وكان أربكان الذي انضم في الانتخابات العامة إلى "تحالف الجمهور" بقيادة أردوغان، أعلن الأسبوع الماضي انشقاقه عن التحالف، ورفضه التعاون مع "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية المقبلة.
ومن المتوقع أن يشكل ترشيح أربكان مرشحه الخاص لرئاسة بلدية إسطنبول، ضررا لمرشح تحالف الجمهور، حيث يرى الصحفي التركي روشان شاكر أن موقف "الرفاه من جديد" قد يؤدي إلى مرشح حزب الشعب الجمهوري، وهو ما قد يثير غضب أردوغان الذي يعمل على استعادة المدينة التي تحوز على أهمية بالغة في السياسة التركية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية تركيا أردوغان تركيا أردوغان اسطنبول الانتخابات التركية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الانتخابات المحلیة حزب الشعب الجمهوری الانتخابات العامة العدالة والتنمیة المحلیة المقبلة تحالف الجمهور موضحا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
يوم مشحون في تركيا.. المعارضة تدعو للمقاطعة والحكومة ترد باستنفار وزاري في الميدان
في ظل توتر سياسي متصاعد، تشهد تركيا اليوم الأربعاء مواجهة سياسية-اقتصادية غير تقليدية، بعدما دعت المعارضة التركية، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، إلى مقاطعة عامة للاستهلاك احتجاجًا على سجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو،
وردت الحكومة بتحركات ميدانية لعدد من الوزراء من أجل دعم المتاجر وحشد المواطنين للتسوق، بالإضافة إلى تصريحات حادة تتهم المعارضة بـ"استهداف الاقتصاد الوطني""، تزامنًا مع فتح تحقيق رسمي في دعوات المقاطعة.
وبدأت حملة المقاطعة بشكل جزئي بعد اعتقال إمام أوغلو على خلفية تهم تتعلق بالفساد، وهي الخطوة التي اعتبرتها المعارضة “مؤامرة سياسية”، ووصفتها بـ”انقلاب على إرادة الناخب".
وتضمنت قائمة الشركات التي دعا حزب الشعب الجمهوري إلى مقاطعتها، سلسلة مقاهي "إسبرس-لاب" والتلفزيون الحكومي "تي آر تي" وقناة "سي إن إن" النسخة التركية، بالإضافة إلى شركات أخرى في قطاعات صناعة الأثاث والبترول والغذاء.
والثلاثاء، صعد حزب "الشعب الجمهوري" وهو أكبر أحزاب المعارضة التركية، احتجاجاته ضد الحكومة، مطالبا بإعلان اليوم الأربعاء الموافق الثاني من نيسان /إبريل يوما لمقاطعة الاستهلاك في عموم البلاد، وهو ما لاقى انتقادات حادة من جانب الحكومة.
وقال زعيم حزب "الشعب الجمهوري" أوزغور أوزيل، في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس"، "أدعو الجميع إلى استخدام قوتهم التي تأتي من الاستهلاك من خلال المشاركة في هذه المقاطعة".
19 Mart Darbesine karşı en ön safta direnerek geleceklerine sahip çıkan üniversite öğrencilerinden 301’i hukuksuzca tutuklandı ve bayramı ailelerinden ayrı geçiriyorlar.
Öğrencilere, annelere, babalara, kardeşlere yapılan bu zulme karşı gençlerin başlattığı tüketim boykotunu… pic.twitter.com/AlqUJMgeSr — Özgür Özel (@eczozgurozel) April 1, 2025
وأشار أوزيل إلى اعتقال 301 من طلاب الجامعات الذين شاركوا في الاحتجاجات المناصرة لإمام أوغلو خلال الأيام الماضية، معتبرا أنه "تم اعتقالهم بشكل غير قانوني وهم يقضون العطلة منفصلين عن عائلاتهم".
وأضاف أن "حفنة من أعضاء المجلس العسكري الذين يحرضون الدولة ضد الشعب سوف يخسرون، والشعب سوف يفوز"، حسب تعبيره.
الرد الحكومي.. دعوات لحماية الاقتصاد
اعتبرت الحكومة التركية دعوات المقاطعة "محاولة منظمة للإضرار بالاقتصاد الوطني"، حيث قال وزير التجارة عمر بولات إن "اليوم هو يوم حماية الاقتصاد الوطني… حاولوا تدبير محاولات غير مقصودة للإضرار بالاقتصاد، ولكن شعبنا أدرك الخدعة".
وأضاف في تصريحات عبر قناة "تي آر تي خبر"، أن "حزب الشعب الجمهوري، بعد تورط مسؤوليه في تحقيقات فساد ضخمة، لجأ إلى المقاطعة كوسيلة للهجوم على الحكومة"، مؤكدا أن الشعب لم يستجب لدعوات المعارضة.
وأشار الوزير التركي إلى أن بعض وسائل الإعلام والمعارضة "ادعت أن مظاهراتهم جمعت مليوني شخص، في حين أثبتت الشرطة أن العدد لم يتجاوز 160 ألفا”، مضيفا أنهم "يستهدفون العاصمة الوطنية بالمقاطعة”.
استنفار "وزاري" في الميدان
في مواجهة دعوات المقاطعة العامة التي أطلقها حزب الشعب الجمهوري احتجاجًا على سجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، نفذ عدد من الوزراء الأتراك جولات ميدانية في الأسواق والمتاجر المحلية دعما للتجار والاقتصاد الوطني، في خطوة وُصفت بأنها تحد مباشر للمعارضة ورسالة تضامن مع الحرفيين.
واستهل وزير التجارة عمر بولات يوم الأربعاء بزيارة إلى حي كيشورين الشعبي في العاصمة أنقرة، حيث تناول وجبة الإفطار مع عدد من المواطنين، ثم توجه إلى أحد محلات الحلويات المحلية وشارك في التسوق، وسط حضور إعلامي.
وفي تصريحات صحفية من داخل المحل، قال بولات "أنتم اليوم في محل حلويات في أنقرة. إنه يعج بالزبائن، أشكر مواطنينا"، مضيفا أن "البعض يحاول عرقلة الاقتصاد التركي والإضرار به، لكننا في حكومة ضاعفنا حجم الاقتصاد 6.5 مرات خلال 22 عامًا، بالدولار.
وشدد على أن يوم المقاطعة الذي دعت إليه المقاطعة تحول إلى يوم للتضامن، مؤكدا أن "اليوم هو يوم تضامن مع الحرفيين، وحماية الاقتصاد الوطني، وتضامن الإنتاج والاستهلاك والتجارة والعمل والوظائف".
من جهته، شارك وزير الداخلية علي يرلي كايا في جولة تسوق بأحد محلات البيع بالتجزئة في أنقرة، حيث التقى بالمواطنين داخل المتجر وتبادل الحديث معهم، ونشر صورا من الزيارة على حساباته في وسائل التواصل.
وقال يرلي كايا في تدوينة عبر منصة "إكس"، إن "دعوات المقاطعة التي تستهدف منتجاتنا المحلية والوطنية وحرفيينا هي خيانة صريحة لبلدنا ولعمال أمتنا"، مضيفا "سنمضي قدمًا نحو هدف تركيا العظيمة والقوية. سنواصل دعم إنتاجنا المحلي والوقوف إلى جانب حرفيينا".
بدوره، نشر وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو صورة له أثناء تسوقه من أحد المتاجر، لم يُحدد موقعه بدقة، لكنه بدا كمحل بيع تجزئة محلي.
وكتب أورال أوغلو أن "أولئك الذين يتجاهلون مقاطعة العلامات التجارية الداعمة لإسرائيل يهاجمون علاماتنا التجارية ومنتجاتنا الوطنية. لا عجب في ذلك"، مضيفا "نحن ندعم بعناد كل منتج وطني ومحلي".
في السياق ذاته، نشر وزير الشباب والرياضة عثمان أشكين باك صورا له أثناء التسوق من أحد المولات، وكتب معلقا "نحن ندعم كل من يُنتج ويعمل ويجتهد"، موضحا أن "تركيا تُدرك قيمة العمل والجهد".
من ناحيته، شن وزير التعليم يوسف تكين في بيان مكتوب نشره في حساباته على منصات التواصل، هجوما سياسيا مباشرا على حزب الشعب الجمهوري، متهما إياه "بالتورط مع الكيانات الموازية".
وقال تكين إن "الجميع يجد صعوبة في تفسير حالة الضياع الفكري التي غرق فيها حزب الشعب الجمهوري"، وربط الوزير الأزمة الحالية بما وصفه بـ"النفوذ المستمر لعناصر منظمة غولن" داخل الحزب المعارض، على حد قوله.
وكانت النيابة العامة في إسطنبول أعلنت فتح تحقيق رسمي في دعوات المقاطعة، تحت تهم "التحريض على الكراهية"، مؤكدة أن "التحقيق يشمل الأشخاص الذين دعوا للمقاطعة عبر الإعلام التقليدي والرقمي، بالإضافة إلى دمج التحقيق في الاعتداءات على أماكن عمل".
تفاعل الشارع.. روايتان متعارضتان
وعمل الإعلام التركي بشقيه الموالي والمعارض على رصد نبض الشارع على وقع تصاعد الاستقطاب بين الحكومة والمعارضة، والدعوة إلى المقاطعة الاستهلاكية العامة في عموم البلاد.
وشددت الوسائل الإعلامية المقربة من الحكومة على أن المقاطعة لم تلقَ استجابة، موضحة أن الأسواق ومراكز التسوق واصلت عملها بشكل طبيعي.
في المقابل، قالت صحيفة "سوزجو" المعارضة إن "مراكز التسوق دخلت في صمت المقاطعة"، مؤكدة أن "المقاطعة التي بدأت في الجامعات امتدت إلى الشارع، والأسواق باتت شبه خالية".
والأسبوع الماضي، علق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على دعوات المعارضة لمقاطعة الشركات المحلية، قائلا: "لن تسمح أمتنا لأي علامة تجارية محلية ووطنية تنتج وتوفر فرص عمل في هذا البلد بأن تقع فريسة للسياسات الفاشية لقلة من الطموحين".
يأتي ذلك بعد قرار القضاء التركي سجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو على خلفية الاتهامات المتعلقة بالفساد، في حين جرى رفض طلب النيابة العامة اعتقاله على ذمة قضية "الإرهاب".
كما أعلنت وزارة الداخلية إبعاد إمام أوغلو عن منصب رئيس البلدية، ما أدى إلى انتخابات داخل المجلس البلدي، فاز بها نوري أصلان المنتمي إلى حزب "الشعب الجمهوري" برئاسة البلدية بالوكالة.
وكان أردوغان شن في أكثر من مناسبة هجوما حادا على المعارضة، معتبرا أن ما شهدته بلاده خلال الأيام الماضية، "يؤكد مجددا أن تركيا، كدولة كبيرة، فيها حزب معارضة رئيسي يفتقر إلى البصيرة والرؤية والجودة، ويبدو صغيرا وضعيفا سياسيا".
في المقابل، انتقدت المعارضة حملة الاعتقالات التي طالت إمام أوغلو ومقربين منه على خلفية تهم متعلقة بـ"الفساد" و"الإرهاب"، معتبرة أن ذلك بمنزلة "انقلاب على الرئيس القادم".