يحتفظ الفلاح عبد الرحيم محافظ بقليل من الأمل في تساقط أمطار تنقذ ما يمكن إنقاذه من محصول الحبوب، في ظل جفاف “عنيف” للعام السادس تواليا، يهدد هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي.

على طول الطريق الرابطة بين الدارالبيضاء ومزرعته في ضواحي مدينة برشيد تبدو مساحات شاسعة من الحقول عارية، بعدما كانت تغطيها عادة في هذه الفترة من العام “سنابل حبوب تناهز 60 سنتيمترا”، كما يوضح محافظ.

لا يكاد يبرز أي نبات في مزرعته الممتدة على نحو 20 هكتارا، تماما كما هي الحال في حقل الفلاح حميد ناجم (52 عاما) الذي يعرب عن قلقه إزاء “موسم قاس لم يسبق أن شهدت مثله”.

ترتوي 88 بالمئة من مزارع هذه المنطقة الممتدة على 155 ألف هكتار بالأمطار مباشرة، وهي أحد أهم مصادر الحبوب في المملكة، وفق وزارة الزراعة.

أما المزارع المسموح سقيها بمياه السدود فتراجعت مساحتها من 750 ألفا إلى 400 ألف هكتار في مجموع مناطق البلاد، وفق ما أعلن وزير الفلاحة محمد صديقي قبل أسبوعين، بسبب “جفاف استثنائي وعنيف منذ ستة أعوام”.

وتفاقم هذا الوضع بسبب تبخر المياه المخزنة في السدود، في ضوء ارتفاع في معدل الحرارة بـ1,8 في المئة مقارنة مع متوسط الفترة بين العامين 1981 و2010.

وفي ظل مخاطر شح مياه الشرب قامت السلطات بإغلاق الحمامات العمومية ومحال غسل السيارات لثلاثة أيام في الأسبوع في عدة مدن، مع منع سقي الحدائق وملاعب الغولف بمياه الشرب.

لكن هذه الإجراءات الرامية لضمان مياه الشرب لا تغير شيئا من “الخطر الذي يهدد” مردود الموسم الزراعي الحالي، وفق تعبير الخبير في القطاع عبد الرحيم هندوف، علما أن الزراعة تستهلك حصة الأسد من موارد البلاد المائية.

ينبه هندوف إلى أن هذا الموسم انطلق أصلا بتضاؤل المساحة المخصصة لزراعة الحبوب إلى حوالى 2,3 مليون هكتار فقط، مقابل متوسط 4 إلى 5 ملايين هكتار في الأعوام الأخيرة، الامر الذي “سيكون له أثر وخيم على الاقتصاد” كون القطاع الزراعي يوظف نحو ثلث العاملين في المغرب، ويساهم بنحو 14 بالمئة من الصادرات.

بعد خمس سنوات عجاف كان عبد الرحيم محافظ (54 عاما) يأمل سماء أكثر سخاء هذا الموسم لعله يستدرك ما تراكم من خسائر، وخصوصا أنه اعتمد تقنية جديدة لزرع البذور بدون حرث أولي، ما يمكنه من الاستفادة من الرطوبة الطبيعية للتربة.

لكن “محصول هذا الموسم ضاع سلفا” كما يقول آسفا، بدون أن يفقد “الأمل في تساقط الأمطار خلال فبراير ومارس بما يوفر على الأقل علفا للماشية”.

يبدو الوضع أقل قسوة بالنسبة لكبار المزارعين، كما هو شأن حميد مشعل الذي يمكنه الاعتماد على المياه الجوفية لإنقاذ محصول 140 هكتارا من الحبوب والجزر والبطاطس، في ضواحي مدينة برشيد.

يستفيد مشعل من حصة محددة بخمسة آلاف طن من المياه يتم ضخها من باطن الأرض لكل هكتار “من أجل تدبير أفضل” لهذه المادة الحيوية كما يوضح، مع إقراره بأن هذه الزراعة تشكل ضغطا قويا على الثورة المائية المحلية.

بسبب الجفاف صار مضطرا إلى اللجوء للمياه الجوفية لسقي نحو 85 بالمئة من مزرعته، “بينما كانت تكميلية فقط في السنوات الماطرة”، على قوله.

مع تجدد الجفاف للعام السادس تواليا يطرح مجددا النقاش حول فاعلية السياسة الزراعية المعتمدة في المملكة منذ 15 عاما، والتي تستهدف بالأساس رفع الصادرات من خضروات وفواكه تستهلك حجما كبيرا من المياه، بينما تشهد الأخيرة “تراجعا مطلقا” كما ينبه الخبير الزراعي محمد طاهر سرايري.

تقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنويا، 87 بالمئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنويا خلال الأعوام الخمس الأخيرة.

تراهن المملكة على تحلية مياه البحر لمواجهة هذا العجز، وتخطط لبناء سبع محطات تحلية جديدة بنهاية 2027 بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنويا، فيما تتوافر حاليا 12 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 179,3 مليون متر مكعب سنويا، وفق معطيات رسمية.

لكن مواجهة المعضلة “يتطلب مراجعة السياسة الزراعية في العمق”، كما يؤكد هندوف آسفا “لكون الحكومة تسير في اتجاه مخالف للواقع”.

(وكالات)

 

 

 

كلمات دلالية المغرب بيئة زراعة طقس فلاحة مناخ

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب بيئة زراعة طقس فلاحة مناخ متر مکعب سنویا بالمئة من

إقرأ أيضاً:

النقل الدولي واللوجستيات: استثمارات ضخمة للمنطقة بفضل الترويج والحوافز

أكد الدكتور عمرو السمدوني سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية، أن اقتصادية قناة السويس تغازل الاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث تعتبر محورًا يرتكز عليه الاقتصاد المصري، ولذلك فإن الحكومة تعمل على الترويج للاستثمار في المنطقة في مختلف الدول، مع التركيز على دول مثل الصين والهند وتركيا والاتحاد الأوروبي.

وأضاف السمدوني في تصريحات صحفية اليوم، أن هناك استثمارات ضخمة تتوقعها الحكومة خلال الفترة القادمة، وخاصة في مجالات الهيدروجين الأخضر والصناعة، موضحًا أن الاستثمارات تعتبر محركًا أساسيًا للتنمية الاقتصادية. وفي ظل فجوة المدخرات التي تعاني منها معظم الاقتصادات النامية والناشئة، بما فيها مصر، فإن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لسد هذه الفجوة هو ما تسعى إليه الحكومة لدفع عجلة التنمية.

إطلاق خدمة جديدة لشراء وتخزين الذهب والفضة عبر يلّا استثمارأسعار الذهب في الإمارات اليوم الاثنين 28-4-2025

وأوضح السمدوني، أن ما تملكه المنطقة الاقتصادية من مقومات متعددة من حيث موقعها الاستراتيجي والمناطق الصناعية ذات المواصفات العالمية، إضافة إلى الترويج والحوافز المقدمة للمستثمرين داخل المنطقة، يجعلها مقصدًا جاذبًا للاستثمارات.

وأكد أن البيانات الحكومية الحديثة تؤكد جهود الهيئة في جذب الاستثمارات في القطاعات الصناعية المستهدفة، حيث تم الإعلان عن أن إجمالي التعاقدات الفعلية للمشروعات الاستثمارية بين العام المالي 2022/2023 حتى مارس 2025 بلغ 8.301 مليار دولار لعدد 272 مشروعًا، منها 262 مشروعًا صناعيًا وخدميًا ولوجستيًا، مما يوفر 40 ألفًا و209 فرص عمل، بالإضافة إلى 10 مشروعات استثمارية بالموانئ البحرية.

وأشار إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تشمل 5 محافظات هي السويس، بورسعيد، شمال وجنوب سيناء، إضافة إلى مدن القناة، التي تمتاز بموارد مادية هائلة ووجود قناة السويس، الممر الملاحي الأكثر أهمية في العالم، وقد جذب ذلك العديد من الاستثمارات العالمية إلى المنطقة، مثل إنشاء المدينة الصناعية الصينية في العين السخنة، والمنطقة الروسية في بورسعيد، فضلاً عن التركيز على الصناعات التكنولوجية في منطقة الأنطرة.

وأضاف أن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر هدف أساسي تسعى الدولة إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة، كما تتعاون مختلف أجهزة الدولة لتحقيق هذا الهدف الذي يدعم الاقتصاد المصري في ظل التحديات الاقتصادية غير المسبوقة التي يتعرض لها.

يذكر أنه في إطار حرص الحكومة على تعزيز الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يوم الأحد، اجتماعًا مع وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لمتابعة آخر مستجدات العمل بالهيئة، وجهود جذب الاستثمارات، وكذلك الموقف التنفيذي للمشروعات الحالية في المنطقة.

طباعة شارك شعبة النقل الدولي غرفة القاهرة التجارية اقتصادية قناة السويس الاتحاد الأوروبي

مقالات مشابهة

  • انهيار مفاوضات البرازيل مع أنشيلوتي في الأمتار الأخيرة والسعودية تدخل بعرض خيالي
  • «صحافة الأبطال».. «واقعية» فرنسية و«آمال» إنجليزية!
  • “منصوري” العالمية تبرم شراكة مع “آمال” للانطلاق في عالم العقارات
  • قانون المحاماة.. بين آمال الإصلاح وتحديات التطبيق
  • تعثُّر السيب يُنعش آمال النهضة مع احتدام سباق "الدوري"
  • جيسوس يعلن نهاية موسم نجم الهلال السعودي رسميا
  • رباعي آسيا بعد آمال الكأس وصعوبة المواجهات
  • النقل الدولي واللوجستيات: استثمارات ضخمة للمنطقة بفضل الترويج والحوافز
  • في قلب المعرض الدولي للفلاحة بمكناس.. القرض الفلاحي يرسم مسار الإبتكار والتحول
  • غنى له.. سلوت يعترف بفضل كلوب بعد التتويج بالدوري الإنجليزي