القرقاوي: مهمّة القمّة العالمية للحكومات التركيز على الفرص والمساحات الشاسعة من النمو
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
أكد معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن القمة التي انطلقت أعمالها، مستلهمة الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، وبرعاية ومتابعة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، مهمّتها التركيز على الفرص والمساحات الشاسعة من النمو والتطور، فالحكومات تحتاج دائماً إلى وقفة لترتيب أولوياتها، والنظر بمنطقية أكثر للعالم من حولها، مشدداً على أن تركيزنا ووعينا هو الذي يحدد أين ستتوجه طاقاتنا، وبالتالي كيف سنصنع مستقبلنا.
وقال: "لسنا مفرطين في التفاؤل.. أو واهمين.. بل أرجلنا على الأرض.. واعين بمحيطنا.. حريصين على مواجهة التحديات حولنا".ورحب معاليه في كلمته، خلال افتتاح القمة العالمية للحكومات 2024، التي تعقد في دبي خلال الفترة من 12- 14 فبراير الجاري، بالمشاركين والحضور. وقال إن مهمّة القمّة العالمية للحكومات هي التركيز على الفرص، والمساحات الشاسعة من النمو والتطور".
وأكد: "نحن هنا لنرفع السقف.. ونوسّع مساحات الممكن".
- مجتمعات أكثر تفاؤلاً
ودعا معالي محمد القرقاوي المشاركين في القمة إلى عدم النظر فقط إلى الواقع الصعب الذي يعيشه العالم، وقال إن أعين الجميع لابد أن تظل على المستقبل الأفضل والأجمل الذي يمكن أن نتركه للأجيال القادمة، مؤكداً أن اختياراتنا هي التي تصنع قدرنا.وأضاف معاليه: "نحن هنا اليوم في قمة تجمع أهم 85 منظمة دولية، و120 حكومة، وأكثر من 25 رئيس دولة وحكومة، و700 من رؤساء كبرى الشركات العالمية، وأكثر من 4000 من المتخصصين والمسؤولين.. بإمكاننا رغم كل ما يدور حولنا من أحداث، أن نلعب دوراً مهماً في تغيير نظرة العالم للكثير من القضايا والتحديات.. بإمكاننا أن نركّز نظرتنا وطاقاتنا على ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.. بإمكاننا أن نلعب دوراً في صنع الأمل، وصنع مجتمعات أكثر تفاؤلاً.. وبإمكاننا تشجيع التواصل التجاري والحضاري بين الدول، بدل الانقسام والاستقطاب الاقتصادي العالمي.. وبإمكاننا أن نعمل معاً على تقليص مخاطر التكنولوجيا، وتعظيم فوائدها.. بإمكاننا أن نشجع السلام بدل الحرب.. والخير والتسامح بدل الكراهية.. بإمكاننا أن نحقق الكثير عبر هذا التجمع السنوي الكبير".
ورسم معالي محمد القرقاوي، من خلال كلمته أمام الحضور العالمي في القمة، خريطة تحفز على التفاؤل والعمل الجماعي لتحقيق الأفضل للجميع، مؤكداً أننا لو نظرنا عبر التاريخ لوجدنا، برغم بعض الظروف العالمية الصعبة، أننا نعيش في حقبة بشرية هي الأفضل والأكثر أمناً ورفاهاً وصحة وفرصاً، مشيراً إلى أن النظرة الإيجابية لا تعني غض النظر عن التحديات الموجودة، ولكن حتى تكون مرجعيتنا في حل هذه التحديات، هي التفاؤل بمستقبل أفضل.- مؤشرات إيجابية كبيرةواستعرض معاليه 4 مؤشرات على حجم الإيجابيات الكبيرة التي يعيشها عالمنا اليوم، وأولها تضاعف عمر الإنسان والصحة، حيث تضاعف عمر الإنسان في آخر 200 عام ، كما أننا نعيش في عصر يمكننا الحصول فيه على العلاج والاستشارة والدواء من أي مكان وخلال أيام، وتمكّن العالم من إيجاد علاجات مبتكرة لأمراض عانت البشرية منها لقرون، ومن الممكن اليوم من خلال فحص دم واحد الكشف عن 50 نوعا من السرطانات والأورام.وثاني هذه المؤشرات تراجع الفقر بشكل مستمر، فرغم التحليلات الاقتصادية المتشائمة التي نسمعها، تقلّص عدد الدول الفقيرة إلى النصف خلال 20 عاماً فقط، وتم تقليص معدلات الفقر بنسبة 50% في 25 دولة أخرى.وأشار معالي محمد القرقاوي إلى أن ثالث هذه المؤشرات أننا نعيش في عالم يشهد أكبر طفرة معرفية، حيث نشهد اليوم نشر 120 ألف كتاب جديد في العالم كل شهر، ونكتب 6 ملايين مقالة على المدونات يومياً، تم محو الأمية لدى 86% من البشر وسجل العالم 33 مليون براءة اختراع خلال عقد واحد من الزمن، وأصبح التعليم عابراً للقارات والأعمار والأزمان.وعن رابع هذه المؤشرات.
أخبار ذات صلة منتخب السيدات يكسب «التجربة العراقية» بثلاثية نهيان بن مبارك: التميز عنوان القمة العالمية للحكوماتوقال معاليه، "نحن نعيش في عالم أكثر ترابطاً وسهولة في العيش والتنقّل والسفر.. الجسور الاقتصادية بين الدول خفضت تكاليف المعيشة وأوجدت مئات الملايين من الوظائف الجديدة.. وربطت ملايين البشر ببعضهم البعض.. هناك حوالي 100,000 رحلة جوية يومياً.. تنقل الأفراد.. والبضائع والأفكار.. وبلغ حجم القطاع اللوجستي عالمياً حوالي 8 تريليونات دولار".- مستقبل العالم في 4 أرقامكما استشرف معالي محمد القرقاوي مستقبل العالم من خلال 4 أرقام تمثّل اتجاهات عالمية في الاقتصاد، والسياسة، والإعلام، والمجتمع وغيرها، حيث سيكون المستقبل مرهوناً بقرارات حكومات العالم حولها، وقال معاليه: "هذه الأرقام هي مؤشرات لتطورات عالمية، قد تشكّل تحديات لمستقبل العالم، أثرها على مستقبلنا سيكون مرهوناً بقراراتنا اليوم، كحكومات ومنظمات وشركات وقادة فكر، وحتّى الأفراد"، واضعاً معاليه الجميع أمام تساؤل مهم حول كيفية تحويل هذه التحديات إلى فرص.الرقم الأول الذي تحدث عنه معاليه هو17 تريليون دولار، والذي يمثل تكلفة النزاعات والصراعات والعنف حول العالم في عام واحد فقط مما يمثّل حوالي 6 دولارات يومياً عن كل شخص على هذا الكوكب، 6 دولارات لم تستثمر في البناء والتعليم والصحة، إنما في الحروب والتخريب والدمار .
وقال معاليه إن هذه الحروب والنزاعات هي نتيجة مباشرة لفكر الكراهية، والمشاعر السلبية تجاه الآخر، تؤججها فوضى إعلامية، ويشعلها الخوف من المستقبل، وتوقع الأسوأ، مشيراً معاليه إلى أنه بالمقابل، يمكن أن يغطي نحو 6 % من هذا الرقم تكلفة أهم التحديات التي تواجهها الإنسانية في عام واحد.وشدد معالي محمد القرقاوي على أن "ما يجمعنا كبشرية أكثر بكثير مما يفرقنا، وما يمكن أن نحققه معاً كمكاسب، أكثر بكثير مما تحققه الحروب، وما يحتويه الكوكب من موارد يكفينا ويكفي الأجيال القادمة، لو أحسنا استثماره واستخدامه في خير البشرية".أما في ثاني الأرقام، فأشار معاليه إلى أن 50% من النمو العالمي يأتي من الصين والهند فقط؟، حيث ستشكّل هاتان الدولتان مستقبل النمو الاقتصادي العالمي، ما يؤشر على أن بوصلة الاقتصاد العالمية تتجه شرقاً، كما ستسهم بقية منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة تصل إلى 25 % من النمو العالمي، أي أن أكثر من 70% من النمو الاقتصادي العالمي سيأتي من الشرق، متسائلاً معاليه: "كيف يمكن أن تتعاون البشرية للاستفادة من هذا المحرّك الاقتصادي العالمي الجديد الصاعد، بدلاً من مواجهته ومحاولة عرقلته؟"- تضاعف قدرة الذكاء الاصطناعيوأضاف معاليه أن الرقم الثالث يتعلق بتضاعف قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلم 1,000 مرة خلال عام واحد فقط، ومجموع المعرفة البشرية كاملة، تم تحميلها في الفضاء الرقمي ونحتاج كبشر ملايين السنين للاطلاع على هذا الكم من المعلومات، ويمتلك نظام "بارد" سرعة معالجة تفوق الدماغ البشري أكثر من 100 ألف مرة، وعلى هذه الوتيرة تتنبأ الدراسات بأن الذكاء الاصطناعي سوف يتولى 70% من المهام في مختلف القطاعات، وستفوق إنتاجيتنا كجنس بشري كل ما كنا نتخيله باستخدام هذه التقنية، وبالرغم من ما يمكن أن يضيفه الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه التقنية.. هي سلاحٌ ذو حدّين، حيث سيكون "التضليل الإعلامي" وانتشار المعلومات المضللة والمغلوطة أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية.-تراجع العولمة.
وفيما يتعلق بالرقم الرابع تحدث معالي محمد القرقاوي عن التحولات الواضحة في التجارة الدولية وما تنذر به من تراجع للعولمة والقائمة الطويلة من التكاليف والمخاطر لهذا الأمر حيث يقدر صندوق النقد الدولي أن تصل هذه التكاليف إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، ويشمل ذلك ارتفاع معدلات التضخم ونقص العمالة وعودة قيود الحماية واضطراب سلاسل التوريد العالمية وتصدع النظام المالي العالمي.
وأضاف معاليه :" أننا نشهد اليوم موجة معاكسة تسعى للحمائية والانكفاء على الذات، وتفاقم حدة التفتيت الاقتصادي، فخلال العام 2022 وحده تم فرض حوالي 3,000 إجراء لتقييد التجارة حول العالم، أي ما يقرب ثلاثة أضعاف العدد الذي تم فرضه في العام 2019، ونشهد منافسة أكثر حدة في مجالات التكنولوجيا والابتكار والعملات والتركيز المتزايد على الداخل في ظل صعود الشعبوية".
وأكد معاليه :" أنه إذا نظرنا للعولمة كمهدد للمصالح الوطنية، والاقتصادات المحلية، فسيتم محاربتها، ومحاولة وضع العراقيل أمامها، وإذا نظرنا للعولمة كمحرّك رئيسي للتنمية، وصانع للقيمة الاقتصادية، ومصدر للفرص التجارية والتواصل الإنساني والحضاري فسيكون المستقبل أفضل للجميع".وفي ختام كلمته أعرب معالي محمد القرقاوي عن أمله بتحقيق نجاح استثنائي للقمة العالمية للحكومات في صناعة أولويات جديدة واختيارات جديدة للحكومات، وأن تعيد توجيه أنظار العالم نحو فرص جديدة وكبيرة تعود بالخير على الجميع.
المصدر: الاتحاد - أبوظبيالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد القرقاوي القمة العالمية للحكومات دبي ة العالمیة للحکومات الاقتصادی العالمی من النمو أکثر من نعیش فی یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
قمة المليار متابع: لفتة القرقاوي تُخلّد احترام المعرفة
في دبي، حيث الإبداع يُصاغ واقعًا والطموحات لا تعرف حدودًا، انطلقت النسخة الثالثة من "قمة المليار متابع"، الحدث الذي أثبت مرة أخرى أن الإمارات لا تكتفي بقيادة المستقبل، بل تصنعه. القمة التي حملت شعار "المحتوى الهادف"، لم تكن مجرد حدث عالمي جمع 15 ألف صانع محتوى و420 متحدثًا و125 رئيسًا تنفيذيًا، بل كانت ملحمة إعلامية جسّدت الرؤية الإماراتية في تحويل صناعة المحتوى إلى قوة مؤثرة في تشكيل مستقبل الإعلام والمجتمعات.
لم تكن هذه القمة مجرد تجمع للمؤثرين، بل كانت احتفاءً بالفكر والإبداع والابتكار. كيف لا، وهي التي وضعت القواعد الجديدة للعبة الإعلام الرقمي، وركزت على "أنسنة المحتوى"، لأن الإعلام لا يُقاس بأعداد المتابعين فقط، بل بالقيم التي ينقلها والرسائل التي يتركها في النفوس. من برنامج "الاستثمار مع صناع المحتوى" الذي وفر دعمًا ماليًا بقيمة 50 مليون درهم، إلى إطلاق أكبر جائزة في تاريخ الإعلام الرقمي بقيمة مليون دولار، كانت القمة منصة لإبراز الأثر الحقيقي الذي يمكن أن يحققه الإعلام في بناء عالم أفضل.
وسط هذا المشهد الإبداعي، كان البريطاني سايمون سكويب هو الفائز الأكبر. لم يكن فوزه بالجائزة الكبرى مجرد تكريم لجهوده في تقديم محتوى هادف، بل كان تكريمًا لفلسفة الإعلام الهادف ذاته. سايمون الذي قدم عبر منصته “HelpBnk” نصائح تجارية مجانية وأفكارًا إنسانية ملهمة، أثبت أن الإعلام يمكن أن يكون رسالة أمل وأداة تغيير في حياة الأفراد والمجتمعات. ولكن، ما جعل هذا الحدث أكثر تميزًا هو اللحظة التي جسدت فيها القمة جوهرها الإنساني والراقي.
في لحظة استلام الجائزة، وبينما كان سايمون يضع الكتاب الذي كان يحمله على الأرض لاستلام جائزته، برزت شخصية من طراز رفيع، معالي محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، الذي لاحظ هذا التصرف العابر. وبحركة عفوية، لكنها مليئة بالدلالات، التقط الكتاب وأعاده إلى سايمون بعد تسلمه الجائزة. هنا، نحن لا نتحدث عن مجرد تصرف بسيط، بل عن مشهد إنساني يتجاوز الحدث ذاته ليصبح درسًا في احترام الثقافة والمعرفة. القرقاوي، بهذه اللفتة البسيطة، أظهر لنا كيف يمكن لحركة صغيرة أن تعكس قيمًا عظيمة، وكيف أن احترام الكتاب هو احترام للفكر، واحترام الفكر هو احترام للإنسانية بأكملها.
محمد القرقاوي، الذي لا يُختصر ذكره بعبارة ولا تفي حقه الكلمات، كان في تلك اللحظة نموذجًا للقيادة الحكيمة والرؤية التي تؤمن أن الثقافة ليست رفاهية، بل هي الأساس الذي تبنى عليه الحضارات. كانت لفتته تلك بمثابة رسالة أن القمة لم تكن مجرد حدث إعلامي، بل هي انعكاس لرؤية الإمارات في احترام الإنسان وقيمه وفكره.
القمة، في نسختها الثالثة، لم تكن محطة عابرة في مسيرة الإعلام الرقمي، بل كانت لحظة تاريخية أعادت تعريف دور الإعلام في تشكيل المجتمعات. ومع الإعلان عن النسخة الرابعة في يناير 2026، بات واضحًا أن الإمارات لا تكتفي بصناعة النجاح، بل تستمر في استثماره ليصبح منهجًا عالميًا يُلهم الجميع.
هذه القمة لم تكن مجرد حدث إعلامي؛ بل كانت شهادة حية على أن المستقبل يصنعه أولئك الذين يؤمنون بأهمية الكلمة، وبقيمة الفكرة، وبقدرة الإعلام على تغيير العالم نحو الأفضل.