الجزيرة:
2025-01-05@08:54:56 GMT

المرابطون والمرجفون..(2)

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

المرابطون والمرجفون..(2)

أكتبُ هذه السطور وقد بدأ اليوم السابع والعشرون بعد المائة من معركة «طوفان الأقصى». ولا يزال القتال البطولي من جانب المرابطين الأبطال في المقاومة الفلسطينية مستمرًا في مقاومة العدوان الصهيوني: يقتلون ضبّاطهم وجنودهم، ويدمرون دباباتهم ومُصفحاتهم، ويُسقطون من الأجواء مُسيَّراتهم، بل ويطلقون على المدن المحتلة صواريخهم، فيُقتل من يُقتل، ويُصاب من يُصاب، ولا يُعلن العدو شيئًا عن ذلك كله، اللهم إلا إعلانه عن دَوِيِّ صافرات الإنذار، ودعوة الناس إلى النزول إلى المخابئ الحصينة؛ فزعًا من أن يصاب بعضهم أو يلقى حتفه.

وقد جدّ منذ السبت (29 رجب 1445 هـ = 10/2/2024م) أمر بالغ الخطورة، ينذر بعواقب وخيمة، لا على الطرفين المتقاتلين وحدهما، بل على المنطقة كلها، وفي القلب منها مصر.

أعني ما أعلنه رئيس وزراء العدو الصهيوني من أنه أصدر توجيهًا إلى جيش الاحتلال بإعداد خُطة لمهاجمة مدينة رفح، زاعمًا أن فيها أربع كتائب قسامية لابد من القضاء عليها قبل العودة إلى مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى الصهاينة في قطاع غزة، مع الأسرى الفلسطينيين المعتقلين لدى العدوّ.

ولم تمضِ عدة ساعات حتى أُعِلنَ أن الجيش قد أعد خُطة العدوان على رفح وصادق عليها، وأن هذا العدوان سوف يبدأ في غضون أسبوع أو أسبوعين على الأكثر.

الغدر طبيعة صهيونية

ورفح هي أقرب مدن القطاع إلى سيناء المصرية، وتبلغ مساحتها 151 كم2، ويقطنها نحو 300000 مواطن فلسطيني، بعضهم من سكانها الأصليين، وبعضهم ممن نزحوا إليها من أراضٍ فلسطينية أخرى عقب نكبة 1948، ثم عقب الهزيمة العربية النكراء في 1967.

وبعد عملية التهجير القسري الأخيرة، بعد بدء «طوفان الأقصى» يقدَّر المقيمون في رفح بنحو 1400000 إلى 1500000 فلسطيني، أغلبهم من سكان وسط وشمال غزة الذين أعلن العدو الصهيوني لهم أن جنوب القطاع (رفح) و(خان يونس) أماكن آمنة ليتركوا بيوتهم في الشمال ويبحثوا عن ملجأ في رفح أو خان يونس.

ولأن العدو الصهيوني لا عهد له، فقد شهد الأسبوعان الماضيان محاولات مستميتة من الجيش الصهيوني لاقتحام خان يونس، لكن المقاومة الفلسطينية الباسلة لا تزال تخوض ضد قوات العدوان حربًا ضروسًا تَحول بينه وبين تحقيق أهدافه العدوانية.

أما رفح فقد أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني أن تنفيذ خطة اقتحامها ستكون في مدى أسبوع إلى أسبوعين منذ يوم الجمعة 9/2/2024، ودعت الأبواق الصهيونية النازحين إلى رفح للعودة إلى شمال القطاع، الذي دمرته الطائرات والدبابات الصهيونية حتى لم يبقَ فيه مكان يصلح لأي نوع من سكنى البشر.

ولأن الغدر طبيعة راسخة في الصهاينة فقد فقد فوجئ العالم ببدء الأعمال العدوانية على مدينة رفح بقصفها بالطائرات منذ صباح يوم السبت 10/2/2024.

تسجيل موقف

لقد حذرت دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية (الأم الرؤوم للعدوّ الصهيوني) من القيام باقتحام رفح، وعُلل التحذير بأنه سيؤدي إلى كوارث إنسانية هائلة.

وروَّج المرجفون في العالم العربي أن هذه التحذيرات دليل على عدم التأييد (على بياض) للعدو الصهيوني، وأن لهذا التأييد حدودًا هي الدفاع عن النفس، وما فوق مقتضيات هذا الدفاع فإن العالم لا يقرّه.

والحق أن تلك التحذيرات ليست إلا «تسجيل موقف» لا تسمن ولا تغني من جوع. وتصرّف العدو الصهيوني منذ بدء عدوانه ردًا على «طوفان الأقصى» لم يُقِم أي وزن لأية نصيحة من أية جهة جاءته.

والولايات المتحدة تحذر من اقتحام رفح عسكريًا، في الوقت الذي يبحث فيه مجلسها التشريعي رفد الكيان الصهيوني بأربعة عشر مليار دولار، إعانة عاجلة لتمكينه من مواصلة الإبادة الجماعية، والهدم الوحشي للبشر والحجر على السواء.

ليست نزهة عسكرية

إن الحجة التي ساقها رئيس وزراء الكيان الصهيوني لاعتباره الهجوم على رفح "ضرورة" هي وجود أربع كتائب لحماس في مدينة رفح. وأحسب أن هذا التبرير الواهي لا ينطلي على عاقل.

وقد ذاق الجيش الصهيوني أكبر هزائمه على الإطلاق من جراء الخطط العسكرية الخائبة، والإخفاق في جمع المعلومات عن فصائل المقاومة الفلسطينية قبل بدء عملية "الطوفان".

فهل يظن العدو الصهيوني أن دخول رفح سيكون بمثابة نزهة عسكرية يقضي فيها على ما يزعم أنه موجود في رفح من قوى المقاومة؟

وهل يظن أن المقاومين في رفح -إن صح وجودهم كما يزعم- سيقفون مكتوفي الأيدي ويُسَلِّمُوا أنفسهم وعتادهم وسلاحهم للجيش الصهيوني المعتدي؟

وهل يظن أن أبطال المقاومة -بفصائلها كافة- سوف يُسلِمُون أهل رفح، والنازحين إليها، لقمة سائغة لجنود العدو؟

تفوُّق المقاومة

إن أي عاقل متابع للقضية لا يستطيع قبول هذه الظنون أو التعويل عليها. وقادة الجيش الصهيوني وجنوده قد رأوا رأي العين كيف تتفوق المقاومة الفلسطينية – وهي ما هي عددًا وعدة- على الآلاف المؤلفة من الصهاينة المحترفين والمجندين على السواء.

ورأوا رأي العين كيف واجه المقاومون الأبطال دباباتهم ومجنزراتهم وآلياتهم بل وطائراتهم المسيَّرة فنالوا من ذلك كل ما لم ينل جزءًا منه عدوُّهم وداعموه بالسلاح والعتاد والرجال.

إنني على شبه اليقين: أن الذي سيجده العدو الصهيوني في رفح لن يقل عما وجده في غزة وفي الضفة الغربية. وإن غدًا لناظره قريب، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ{4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{6}) [الروم :4-6].

وحديث المرجفين في مواجهة المرابطين موصول إن شاء الله.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة العدو الصهیونی فی رفح

إقرأ أيضاً:

السلطة الفلسطينية توقف عمل قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية  

 

 

القدس المحتلة - قررت السلطة الفلسطينية وقف بث قناة الجزيرة وتجميد مجمل نشاطاتها واتهمتها الخميس بـ"التحريض على التمرد"، فيما اعتبرت الشبكة التلفزيونية القطرية أن القرار "يتماهى" مع ممارسات إسرائيل بحقها.

وكانت إسرائيل قد حظرت في وقت سابق قناة الجزيرة بعد نزاع طويل الأمد مع حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

ودهمت في أيلول/سبتمبر قوات إسرائيلية مسلحة وملثمة مكتب الجزيرة في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، قائلة إنه "يستخدم للتحريض على الإرهاب".

وأصدر الجيش قرارا أوليا بإغلاق المكتب لمدة 45 يوما، وقد نددت وزارة الخارجية الفلسطينية في ذلك الوقت بـ"انتهاك صارخ" لحرية الصحافة.

الخميس، شددت السلطة الفلسطينية في بيان على أن إجراء التعليق الذي اتخذته بحق الجزيرة "موقت"، مضيفة أن قرارها جاء في أعقاب شكوى من نقابة الصحافيين الفلسطينيين بشأن تغطية الشبكة.

وقالت إن "هذه الإجراءات ستستمر حتى تختار الجزيرة العمل وفقا لأخلاقيات الإعلام الأساسية، ومن بينها واجبها في منع التضليل المتعمد، وحظر تمجيد العنف، وإنهاء التحريض على التمرد المسلح".

وكانت النقابة التي تمثل نحو ثلاثة آلاف صحافي فلسطيني قالت في بيان إن العديد من أعضائها تقدموا بشكاوى ضد قناة الجزيرة بسبب "تغطيات إعلامية غير موضوعية على منصاتها المختلفة، تضمنت مواد تحريضية وتقارير تتسم بالتضليل وإثارة الفتنة الداخلية".

ينص قرار السلطة الفلسطينية على "وقف بثّ وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة ومكتبها في فلسطين، وتجميد عمل كافة الصحافيين والعاملين معها والطواقم والقنوات التابعة لها"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

وبثت القناة صورا لعناصر من الأمن الفلسطيني يدخلون مكتب الشبكة في رام الله ويسلمون أوامر الإيقاف.

ونددت الشبكة بالخطوة واعتبرت في بيان أنها "متماهية مع ما مارسه الاحتلال ضد طواقمها".

كما اعتبرت أن القرار "محاولة لثني القناة عن تغطية الأحداث المتسارعة والمتصاعدة التي تشهدها الأراضي المحتلة".

وأضافت أنه يأتي "في أعقاب حملة مستمرة من التحريض والترهيب من قبل جهات ترعاها السلطة الفلسطينية ضد صحافيي ومراسلي شبكة الجزيرة الإعلامية".

جاء القرار في ظل اشتباكات متواصلة منذ أسابيع بين قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ومسلحين في جنين بشمال الضفة الغربية.

- توتر بشأن التغطية -

دانت حماس، المنافسة لحركة فتح التي تهيمن على السلطة الفلسطينية، قرار وقف عمل الشبكة الإعلامية القطرية.

وقالت الحركة في بيان إن "قرار السلطة الفلسطينية إغلاق مكتب قناة الجزيرة انتهاك صارخ لحرية الإعلام وسلوك قمعي يستهدف تكميم الأفواه. نرفض ونستنكر بشدة قرار السلطة الفلسطينية وقف بث قناة الجزيرة".

كما ندّدت بالقرار حركة الجهاد الإسلامي التي شاركت مع حماس في شنّ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل والذي أشعل فتيل الحرب المستمرة مذاك في قطاع غزة.

وقالت الجهاد الإسلامي في بيان "نستهجن إغلاق السلطة مكتب الجزيرة في وقت أحوج ما يكون فيه شعبنا لصوت مسموع يوصل معاناته للعالم".

تصاعدت حدة التوتر بين الشبكة وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأسابيع الأخيرة بعد تغطية القناة للاشتباكات في جنين.

وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر، استنكرت الجزيرة ما قالت إنها "حملة تحريضية" تقوم بها حركة فتح ضد الشبكة في بعض مناطق الضفة الغربية المحتلة.

وقالت في بيان إن "قناة الجزيرة كانت وستبقى منبرا للرأي والرأي الآخر ولتغطية الأحداث بمهنية ومصداقية، وقد حافظت الجزيرة على ذلك خلال تغطيتها للأحداث المؤسفة في جنين".

وتدور الاشتباكات في جنين بين الشرطة الفلسطينية وعناصر في كتيبة جنين، ينتمي معظمهم إلى حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.

ويتهم منافسو فتح قوات السلطة الفلسطينية بمساعدة إسرائيل.

تواصل الجزيرة عملها في غزة التي سيطرت عليها حماس عام 2007.

وأدت أعمال العنف في مخيم جنين للاجئين الذي يشكل معقلا للفصائل الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية ويشهد غارات عسكرية إسرائيلية متكررة، إلى مقتل 11 شخصا من بينهم أفراد في الأمن الفلسطيني ومسلحون ومدنيون.

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • المقاومة تستعيد عافيتها ووهمُ الحسم الصهيوني يتبخّر
  • المقاومة الفلسطينية تفجر عبوة ناسفة بقوات العدو في بلدة يعبد
  • تصعيد العدوان الصهيوني في قطاع غزة.. المقاومة الفلسطينية تصد وتثبت حضورها
  • من عقيدة “دايتون” إلى خطة “فنزول”.. “السلطة الفلسطينية” أداة بيد العدو الصهيوني
  • خلال إسبوع.. 44 عملًا مقاومًا ضد العدو الصهيوني بالضفة والقدس
  • حركة الجهاد: اقتربنا من الوصول إلى صفقة تبادل مع العدو الصهيوني
  • الدكتور الهندي: اقتربنا من الوصول إلى صفقة تبادل مع العدو الصهيوني
  • قائد الثورة: من المؤسف أن تصنف دول عربية المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وتتجاهل العدو الإسرائيلي وإجرامه الذي لا مثيل له
  • الأمم المتحدة تدعو السلطة الفلسطينية للتراجع عن وقف الجزيرة
  • السلطة الفلسطينية توقف عمل قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية