يتداول في الأوساط الليبية شرقا وغربا الحديث عن مقترح مصري بتوافق تركي حول حل أزمة السلطة التنفيذية في ليبيا بدمج الحكومتين معا والإبقاء على الدبيبة وحماد وسط تساؤلات عن مدى قبول هذه الخطوة وواقعيتها ونجاحها.

وذكرت عدة مصادر متطابقة من مجلسي النواب والدولة أن المقترح المصري تم تداوله فعلا في أروقة المجلسين بشكل غير رسمي وغير معلن خاصة بعد زيارة وفد من جهاز المخابرات المصرية للعاصمة طرابلس ولقاء مسؤولين في حكومة الدبيبة وتقديم المقترح شفهيا.



"إشراف الرئاسي"
وتداولت معلومات أخرى أن القاهرة وبتوافق تركيا تريد أن يقوم المجلس الرئاسي بدور الإشراف على تطبيق هذه المبادرة كونه جسم ليس طرفا في الصراع ويتواصل مع الحكومتين، وأن الأمر تم عرضه رسميا خلال زيارة رئيس الرئاسي الليبي، محمد المنفي لمصر ولقاء السيسي في قصر الرئاسة في اجتماع مغلق.

ولم يصدر أي تعليق رسمي حتى الآن على هذه المبادرة أو آلية تطبيقها أو قبولها من قبل الأطراف السياسية والعسكرية المتصارعة والمتصدرة المشهد الآن، كما لم يتم أي تفاصيل أكثر عن رؤية القاهرة وأنقرة في مشكلة الوزارات السيادية التي هي محل النزاع من البداية مثل وزارات: الدفاع والمالية والخارجية.

وتواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي لكل من حكومة الدبيبة وحماد للتعليق على الأمر لكنها لم تتلق أي ردود بالنفي أو التأكيد.

كما تواصلت مع المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق للتعليق على تداول هذه المبادرة في أروقة رئاسة المجلس إلا أنه التزم الصمت دون تعليق.

فهل تنجح المبادرة المصرية التركية في حل أزمة الحكومة في ليبيا أم تقابل بالرفض؟ وهل تؤثر في مبادرة المبعوث الأممي "باتيلي"؟

"مقبولة بشرط واحد"
من جهتها قالت عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، ربيعة بوراس إن "هذه المبادرة تم تداولها أكثر من مرة مؤخرا لكنها مرفوضة لدى الكثير من أعضاء البرلمان، لكن ربما تكون مقبولة في حال خضعت الحكومة لرقابة وثقة السلطة التشريعية، وأي حلول تكون داعمة للاستقرار وتوفير حياة كريمة للمواطن مرحب بها".

وأوضحت في تصريحات لـ"عربي21" أنه "حال صحت كل بنود المبادرة المتداولة فإن مصر وتركيا يدعمان حكم العائلات واستمرارها في السلطة لأجل غير معروف سواء في شرق البلاد أو غربها، كون التعديل الوزاري لن يقدم شيئا للمشهد في ليبيا، ويبقى حلا مؤقتا يتآكل بعد أن تتضارب المصالح وتنتهي الفوائد ونعود لنقطة صفر ونبحث من جديد عن حلول لتجديد الشرعية وربما ندخل في صراعات أخرى".

وتابعت: "أما عن مبادرة "باتيلي" فقد أضاع الأخير على الليبيين فرصة الانتخابات عندما تجاوز التقدم الذي أحرزه ملتقى الحوار السياسي من خلال القاعدة الدستورية التي توقفت عند التصويت عليها وذهب لحلول أخرى أوهم الليبيين والمجتمع الدولي أنها حلول رفيعة المستوى، لكن حتى اليوم نجد دولا تتنافس على حياكة ثياب ممزقة جراء صراعات داخلية وخارجية".

"أزمة الدبيبة وحفتر"
في حين رأى عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أحمد همومة أن "مجلس الدولة يرحب جدا بمقترح دمج الحكومتين في حكومة واحدة لإيمانه بأن انقسام السلطة التنفيذية يهدد وحدة الدولة وكذلك يستنزف الإمكانيات المادية، لكن هذا الحل أمامه الكثير من العراقيل".

وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "أول هذه العراقيل هو مجلس النواب الذي يريد إزاحة الدبيبة عن هذه الحكومة وأي حكومة قادمة، وكذلك حفتر وأبنائه مشكلتهم في الدبيبة لأنهم يروا أنه منافس قوي على كرسي الرئاسة وبالتالي يريدون إقصاءه قبل أن يقصيهم عبر الانتخابات الرئاسية، وهذه العوامل تمنع نجاح مقترح مصر في تشكيل حكومة ناتجة عن دمج الحكومتين الحاليتين"، حسب تقديراته.

"حكومة جديدة وفقط"
عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة أكد من جانبه أنه "ليس لمجلس النواب وفق التعديل الدستوري إلا طريق واحدة توصل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وذلك وفق ما نصت عليه قوانين الانتخابات المتوافق عليها بين مجلسي النواب والدولة عبر لجنة 6+6 والتي تنص صراحة على تشكيل حكومة انتخابات موحدة تقوم بمهامها التي تتطلبها العملية الانتخابية".

وقال خلال حديثه لـ"عربي21" إن "حكومة على رأسها الدبيبة المسحوبة منه الثقة غير مؤهلة لذلك إلا إذا كان هدف من يسعى لذلك استمرار الوضع على ما هو عليه دون انتخابات".

"أزمة توافق ودسترة"
ورأى المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل الشريف أن "سيناريو دمج الحكومتين كان مطروحا منذ البداية، إلا أن صعوبات واجهت هذا المقترح تتمثل في كيفية التوافق على المناصب الأساسية، ثم كيفية تمريره عبر مجلسي النواب والدولة من أجل دسترة وتقنين التغيير الحكومي ليتناسب مع القوانين الانتخابية التي نصت على تشكيل حكومة موحدة وجديدة"، وفق تصريحه لـ"عربي21".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصري ليبيا الدبيبة تركيا حفتر ليبيا مصر تركيا حفتر الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه المبادرة مجلس النواب فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

ترقية أبناء حفتر.. هل يمهد المشير للتوريث في ليبيا؟

يثير صعود ثلاثة من أبناء المشير خليفة حفتر (81 عاما) الستة إلى مناصب قيادية بشرق ليبيا، تكهنات بشأن الخطط المستقبلية للمشير القوي، فبينما يرى مراقبون أن توسع نفوذ أبنائه يعكس رغبته في تأسيس حكم وراثي، يؤكد آخرون أنه يُجهز نفسه للتقاعد.

ففي الآونة الأخيرة، شهدت البلاد ترقيات عسكرية لافتة لأبناء حفتر، إذ تم تعيين ابنه الأصغر، صدام، رئيساً لقواته البرية المسيطرة على الشرق والجنوب، بينما منح نجله خالد، منصب رئاسة الوحدات الأمنية بصلاحيات واسعة داخل "الجيش الليبي". ويترأس ابنه الآخر، بلقاسم حفتر - المعين من قبل البرلمان في فبراير 2024 - صندوق إعادة إعمار ليبيا.

ويُفسر مراقبون ترقيات أبناء حفتر على أنها "خطوة مدروسة" من قبل المشير لتجهيزهم لخلافته، مُتوقعين حدوث سلسلة من إقالات تطال كبار قيادات الجيش التابع له، في حين يرى آخرون أن هذه الترقيات تُمثل "استمرارا لظاهرة توارث المناصب القيادية قبل التقاعد"، والتي تُلاحظ منذ تأسيس المملكة الليبية في الخمسينيات من القرن الماضي.

"توريث.. لا تقاعد"

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، إن "برنامج توريث القيادة العسكرية في الشرق الليبي جارٍ منذ فترة، مع ترجيح استمرار الجنرال حفتر في منصبه على المدى القصير، فعلى الرغم من تدهور صحته فإنه لا توجد مؤشرات على نيته التقاعد من الحياة السياسية". 

واشنطن "تأخذ التهديد بجدية"... تفاصيل خطة حفتر وبوتين في شرق ليبيا نشرت وكالة بلومبرغ تفاصيل اتفاق دفاعي تتم صياغته بين روسيا والقائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، يسمح بزيادة التواجد العسكري الروسي في ليبيا

ويُشدد المحلل الليبي، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، على أن "مستقبل الشرق الليبي مرهون بمدى سلاسة عملية انتقال القيادة العسكرية، ففي حال عدم حدوث عملية انتقال سلسة للسلطة، تلوح في الأفق مخاطر نشوب صراعات على السلطة".

وأردف: "لهذا يبرز اسم صدام حفتر، نجل القائد خليفة حفتر، كأقرب المرشحين لتولي القيادة العامة للجيش في المستقبل القريب". 

وأشار المتحدث إلى أن عملية توريث القيادة العسكرية "تتضمن ترتيبات واسعة خلف الستار، بما في ذلك حملة واسعة لإحالة كبار الضباط للتقاعد، ومن بين هؤلاء، الأمين العام للقيادة، ورئيس الأركان، ورئيس الأركان البرية، والمفتش العام للجيش".

وأعرب المحلل الليبي عن اعتقاده بأن "صدام حفتر يرغب في تعيين قادة شباب أصغر سنا في المناصب العليا، خصوصا أن معظم القيادات الحالية وصلت إلى سن التقاعد القانوني". 

وتابع بلقاسم: "برنامج توريث القيادة في شرق ليبيا لن يواجه أية معارضة عسكرية أو اجتماعية، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن خليفة حفتر يحكم بقبضة قوية، إذ نجح في إزاحة العديد من معارضيه، مما أدى إلى إضعاف أية مقاومة محتملة لبرنامج التوريث".

حقيقة فيديو "عملية عسكرية لقوات حفتر" في جنوب ليبيا خلال الأيام الماضية تزامنا مع إعلان قوات المشير خليفة حفتر الأسبوع الماضي عن عملية "عسكرية وأمنية" واسعة النطاق في جنوب ليبيا لطرد مجموعات مسلحة تشادية معارضة، نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قالت إنه يوثق هذه العملية. لكن الادعاء خطأ، والفيديو منشور قبل خمس سنوات.

وأضاف أن "الرجل يمتلك أيضا نفوذا كبيرا بين القبائل، مما يمنحه ميزة كبيرة في فرض إرادته، كما أن عملية التخلص من الخصوم متواصلة، إذ لا يتردد في استخدام القوة لإزالة أية معارضة لمشروعه، وهذا يخلق جوا من الخوف يثني الكثيرين عن التعبير عن معارضتهم".

"ترتيبات مفهومة"

من جهة أخرى، اعتبر الإعلامي والمتخصص في الشؤون الليبية، إسماعيل السنوسي، أن "ليبيا في الوضع الحالي تواجه مشاكل أعمق من مجرد توريث المناصب، التي تعد ظاهرة معقدة ذات أبعاد تاريخية وسياسية واجتماعية، لكنها أيضا مفهومة في السياق الحالي".

وأضاف السنوسي، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن "مشاركة أبناء المسؤولين السياسيين والعسكريين في المؤسسات التي يديرها آباؤهم، أو في الحياة العامة الليبية، هو جزء لا يتجزأ من الواقع الليبي منذ تأسيس المملكة، ولا يبدو أن هناك إمكانية لتغيير هذا الواقع المتجذر".

واستطرد قائلاً: "لكن في ظل الوضع الخاص الذي تمر به ليبيا حالياً، وما تواجهه من تحديات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة تهدد وجود الدولة الليبية نفسها، يمكن تفهم جميع هذه الترتيبات التي يلاحظها المتابعون للشؤون العامة في ليبيا، مثل الترقيات الاستثنائية للضباط ذوي النفوذ أو المقربين من صناع القرار في الشرق والغرب". 

ورأى السنوسي أن التحليلات "ينبغي أن تركز على النتائج العملية لهذه الإجراءات ومدى إسهامها في الحفاظ على مستوى معقول من الاستقرار، بحيث يمكن تنفيذ عملية سياسية توحد مؤسسات الدولة الليبية تحت حكومة واحدة، تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المنشودة وفقاً للقوانين الانتخابية والتشريعات النافذة". 

وبرزت مسألة توريث الحكم في ليبيا خلال عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، حيث تناقلت تقارير غربية عام 2006 أنباء عن قيامه بإعداد أبنائه الثلاثة، سيف الإسلام ومعتصم وخميس، لتولي زمام الأمور في البلاد من بعده. 

ولم تكن هذه الظاهرة حصرية بنظام القذافي، بل سبق وأن شهدت المملكة الليبية نقاشات مماثلة حول توريث العرش خلال الخمسينيات، أي قبل انقلاب القذافي على الملكية عام 1969.

مقالات مشابهة

  • العرفي: اجتماع المغرب سيعقد على أساس الثوابت المتفق عليها في القاهرة لتشكيل حكومة جديدة
  • وزير الداخلية الليبي: مستعدون للعمل مع المنطقة الشرقية لتأمين الحدود
  • شتوان: هناك محاولات خسيسة للعب على الجانب الديني والثقافي
  • هل يؤسس حفتر لحكم وراثي بعد ترقية 3 من أبنائه في الشرق الليبي؟
  • العرب الأسبوعية: التونسيون يأنون تحت وطأة إغلاق حكومة الدبيبة لمعبر راس اجدير
  • محفوظ: دون الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة قوية لن تشهد ليبيا توحيداً لمؤسساتها العسكرية والأمنية
  • ترقية أبناء حفتر.. هل يمهد المشير للتوريث في ليبيا؟
  • ترقية أبناء حفتر.. هل يُمهد المشير للتوريث في ليبيا؟
  • الائتلاف الليبي يُؤكد ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة
  • ليبيا.. آمر قوة الإسناد بـ"عملية بركان الغضب" يدعو للانضمام لمشروع سيف الإسلام