” ما أغربك يا زمن! و ما أغرب أهلك! “
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
بسـم الله الرحمـن الرحيــــم
” ما أغربك يا زمن! و ما أغرب أهلك! “
بقلم: الأستاذ عبد الكريم فضلو العزام
إننا في #زمن #العجائب و الغرائب ؛ زمن لا تحكمه #قوانين ، ولا تحكمه ضوابط ، زمن لا مكان فيه إلّا للقوي، ولا صوت يعلو فوق صوت السلاح.
مقالات ذات صلة هل يشكل الإسلام تحدياً لأوروبا؟ 2024/02/11كلنا قرأنا التاريخ، تاريخ الشرق والغرب ، لكننا لم نقرأ سطراً واحداً في أسفار السابقين، مثل ما نراه اليوم و الذي سيسجله #التاريخ الحديث عن واقع الأمم بعامّة ، وواقع غزة و حربها بخاصة؛ هذا الواقع الذي نراه رؤيا العين، و نسمع أصوات مئات الآلاف من أطنان المتفجرات و هي تدوّي فوق بقعة أرض محدودة جداً يسكنها البشر كما لو كانوا في سجن يغص بساكنيه.
في كل كتب التاريخ لم نقرأ عن معركةٍ أحدُ أطرافها قويٌّ ظالمٌّ مُتجبر، يسانده أغلب أقوياء العالم، و طرفٌ ضعيفٌ محاصَر، يستغيث أهله جوعاً و عطشاً و مرضاً، لا حول له ولا قوّة، و كأن الأقوياء أصبحوا من الساديّة بمكان توحدهم مصارع الشعوب الضعيفة، و تُعطّر أنوفهم رائحة الدماء.
ما أغربك يا زمن! و ما أغرب أهلك!
هل أصبح العالم غابة تسكنها وحوش. المفترسون يلبسون ثياب الجلّادين، و أيديهم و أظافرهم تُمزق لحوم البشر، أمّا ألسنتهم فتقطُرُ عسلاً، لا تتحدّث إلّا عن حقوق الإنسان و احترامها، و لم تقف ألسنتهم عند هذا الحديث ، حتى تحدّثوا عن حقوق الزعران والمجرمين، واشتطُّوا إلى أكثر من ذلك، فتحدثوا عن حقوق الحيوان، حتى صرنا نسمع و نرى من تدمع عيناه على قطّة ولدت على كنبة مهجورة في حديقة، أو كلب ضُرب بحجر لأنّه طارد طفلاً أو امرأة تسير على الطريق.
يا للغرابة و العجب!
أن نرى اليوم أهل غزة يتضورون جوعاً و عطشاً، و يُقتلون بمجازر جماعية ، على أيدي اليهود و دُعاة الإنسانية، و لا نرى أحداً منهم يصحو ضميره ، و هو يرى أطفال غزة يبحثون عن شربة ماء أو لقمة خبز من أعلاف الحيوانات ، ولا حتى عندما يرى الجثث و الأشلاء تملأ الشوارع أو تُغطيها أكوام المباني والركام.
ما أغرب هذا الزمان وأهله!
منذُ متى نرى أغلب العالم لا يسمع إلّا صوتاً واحداً هو صوت القاتل، و منذ متى نراه مُنقاداً لجهةٍ واحدة يتعامى عن الحقيقة.
لعلّ الشاعر لخّص هذا الحال بقوله:
هذا زمان ليس يفهم أهله………..إلّا حديث النار أو لُغة الدمِ
هو فعلاً كذلك، بعد أن أسفر الظَّـلَـمةُ المتجبرون عن وجوههم ظانين أنّ حلاوة ألسنتهم و شعاراتهم تغطي عيون المظلومين و المُعذًّبين.
أمّا أنتِ يا غزة ؛
( لــكِ الله ورسوله ).
فيكفيكِ فخراً أنّ الله اصطفاكِ من أمة المليارين لتكوني شهيدةً على مذبحِ أعداءِ الله و رُسُلِه.
و يكفيكِ فخراً أنّ رسولنا محمد (ص) ذكركِ بالاسم (عسقلان) و ذكر جهادَكِ، و جهاد أهلك، و ذكر منزلتك يوم القيامة عندما يُنصَبُ الميزان فلا يُعرضُ الغزّيُّـون على النار، و يُغسلون من ذنوبهم بالثلج والبرد، و يدخلون الجنة بمنازلها المختلفة يتنقّلون فيها حيث يشاؤون.
و يكفيكِ فخراً في الدنيا أنكِ فعلتِ ما عجزت عنهُ أمم. خرجَ أهلكِ من بين ركام المنازل، و من قيد الجوع والحرمان والحصار ليعدّوا العدّة لمواجهة الظالمين الذين سرقوا الأرض، و قتلوا البشر، و دمّروا الشجر والحجر. خرجوا مُهلّلين مُكبرين موقنين أنّ النصر من عند الله.
بارككِ الله يا غزة، وبارك أهلكِ المجاهدين الصامدين الذين يصطلون بنيرانٍ كنيرانِ سيّدنا إبراهيم.
إذا كان سيدنا إبراهيم نبياً و خليلاً للرحمن فأنتم صدقتم العهد مع الله قولاً و عملاً، يقــول سبحانه و تعالـــى (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا).
و أنتم يا أهـلَ غـــزة أهــلُ العهدِ و الوعـــد الصـــادق و أهـــلُ الجنّةِ إن شاء الله.
الكاتــب: عبـدالكريـم فضلــو عقـاب العـزام
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: زمن العجائب قوانين التاريخ ما أغرب
إقرأ أيضاً:
ماذا لو كانت “إسرائيل” داخل أراضي الولايات المتحدة؟!
الولايات المتحدة – على مدى فترة طويلة من الزمن ظهرت العديد من المشاريع لإقامة وطن قومي لليهود في مناطق متعددة من العالم إحداها تبنتها ألمانيا النازية في 12 نوفمبر 1938، وكان مكانها جزيرة مدغشقر.
في ذلك اليوم خلال مؤتمر في برلين، أعلن أحد قادة ألمانيا النازية، هيرمان غورينغ أن زعيمه أدولف هتلر يفكر في خطة لهجرة اليهود إلى مدغشقر. فكرة إعادة توطين اليهود في هذه الجزيرة كانت ظهرت لأول مرة في بولندا عام 1926.
طرحت العديد من المشاريع لإقامة وطن قومي لليهود منذ القرن التاسع عشر، إلا أن مشاريع بناء مستوطنات يهودية وخاصة في العالم الجديد بدأت قبل ذلك بكثير، ويعود تاريخ بعضها إلى القرن السابع عشر. خطط بناء مثل هذه المستوطنات جرت في مناطق مختلفة مثل سورينام وبيرو وجمهورية الدومينيكان والبرازيل وغيانا وأوروغواي والأرجنتين.
يصف بعض الكتاب “إسرائيل” بأنه عمليا الولاية 51 للولايات المتحدة الأمريكية نتيجة للدعم المطلق الذي تقدمه واشنطن لها، فماذا كان سيحدث لو أقيم وطن قومي لليهود داخل الولايات المتحدة؟
هذا المشروع كان قائما في الفعل في القرن التاسع عشر ويوصف بأنه كان إحدى أولى المحاولات الرفيعة لإقامة دولة يهودية. المشروع كان فكرة لرجل يدعى مردخاي مانويل نوح. نوح كان وقتها متيقنا باستحالة إقامة دولة لليهود في فلسطين، ولذلك أراد توطين اليهود في جزيرة غراند بالقرب من نيويورك في دولة تسمى “أرارات”!
خطط مردخاي نوح الذي ولد في عام 1785 في فيلادلفيا لإقامة دولة يهودية منفصلة داخل الولايات المتحدة، أريد لها أن تكون دولة داخل دولة.
نوح الذي كان عين قنصلا للولايات المتحدة في تونس في عام 1813، اقترح أثناء افتتاح كنيس في نيويورك في عام 1818 بناء وطن جديد لليهود في أمريكا.
اختار الرجل جزيرة كبيرة على نهر نياغرا. وكان يفترض أن يقوم بشراء أرض بمساحة 70 كيلو مترا مربعا. في عام 1830 حصل نوح على إذن رسمي بشراء ثلث أراضي الجزيرة.
مردخاي قرر البدء ببناء مدينة واحدة هي أرارات، التي كان يفترض أن تصبح في المستقبل “عاصمة الدولة اليهودية الأبدية لبني إسرائيل”.
وجه مردخاي وقتها دعوة إلى اليهود في جميع أنحاء العالم للانتقال إلى أمريكا قائلا: “أنا مردخاي مانويل نوح، مواطن أمريكي، قنصل سابق للولايات في مدينة ومملكة تونس، بنعمة الله، حاكم وقاضي إسرائيل، أعرض ملجأ لليهود في جميع أنحاء العالم، حيث يمكنهم التمتع بالسلام والسعادة، التي حرموا منها في أماكن إقامتهم الحالية بسبب التعصب والقمع”.
في الإعلان ذاته، دعا نوح جميع المعابد اليهودية في العالم إلى إجراء تعداد للسكان اليهود وفرض ضريبة قدرها دولار إسباني واحد لصالح إنشاء وتطوير مدينة أرارات. أعلن نوح نفسه “قاضيا وحاكما” لمدة أربع سنوات، بشرط أن يكون هذا المنصب انتخابيا. كان لليهود من أي منطقة في العالم الحق في دخول المدينة.
وضع حجر الأساس لمدينة أرارات في احتفال رسمي حضرته جموع غفيرة إلى درجة تعذر نقل الجميع في قوارب إلى جزيرة غراند. تقرر حينها إقامة حفل حضره جميع المسؤولين في ولاية نيويورك في كنيس مدينة بوفالو. أمام المدخل وضعت لوحة حجرية نقش عليها باللغتين العبرية والإنجليزية عبارة “أرارات مدينة ملجأ لليهود، أسسها مردخاي مانويل نوح في سبتمبر عام 1825 في الذكرى 50 للاستقلال الأمريكي”.
في تلك المناسبة ألقى مردخاي خطابا أكد فيه أن مدينة “أرارات” هي ملجأ مؤقت لليهود، وأنه ستتم تهيئة الظروف من خلال الجهود المشتركة لإحياء الدولة اليهودية في إسرائيل. اختتم ذلك الحفل بتحية من المدفعية، وحين توفى مردخاي مانويل نوح، طوي المشروع برمته.
المصدر: RT